استحوذ قرار العقوبات الأميركية على الوزيرين السابقين يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل على صدارة المشهد السياسي اللبناني، متقدماً على الاهتمام العام بموضوع تشكيل الحكومة، التي باتت بالتأكيد تحت وطأة القرار الأميركي، بعد أن كان اول ردود الفعل اعلان كتلة التنمية والتحرير تمسكها بوزارة المال رداً على العقوبات.
وفيما سارعت حركة أمل ورئيس تيار المردة الى الرد ببيانين على القرار الأميركي سياسي، تقاطعت المعلومات من أكثر من جهة على أن القرار ستتبعه لائحة عقوبات جديدة على أسماء صادمة أكثر من صدمة إدراج خليل وفنيانوس.
مصادر عين التينة رأت أن إدراج اسم خليل، الشخصية الأكثر قربا من الرئيس نبيه بري، “هو وسام رفيع يعلق على صدر خليل وحركة أمل وكتلة التنمية والتحرير”، وقالت لـ “الأنباء”: “إذا كان التعاون مع حزب الله تهمة، فبإمكان وزارة الخزانة الأميركية أن تعاقب كل السياسيين اللبنانيين لأنهم بمعظمهم على علاقة مع الحزب بشكل أو بآخر. وإذا كان الأمر يتعلق بالضغط على لبنان لترسيم الحدود البحرية من وجهة النظر الإسرائيلية فذلك غير مقبول، خاصة وأن موضوع الترسيم متفق عليه منذ زيارة ديفيد شينكر الأولى الى لبنان. أما إذا كان في الأمر محاولة للضغط على الرئيس بري للتخلي عن وزارة المال في الحكومة الجديدة، فهذا الأمر يعرفه القاصي والداني لأن الثنائي الشيعي متمسك بوزارة المال أكثر من أي وقت. وأما إذا كان الهدف منها عرقلة تشكيل الحكومة فمن الأفضل لهم أن يخيطوا بغير هذه المسلة، لأن الحكومة ستشكل قريبا، و”الخليلان” ناقشا هذا الموضوع مع الرئيس المكلف بعيدا عن الإعلام ونقلا اليه تصور عين التينة وحارة حريك بموضوع التشكيلة، اما مسلسل العقوبات الأميركية لن يقدم ولن يؤخر ولن يضعف الثنائي الشيعي أو يثنيه عن موقفه الداعم لتشكيل الحكومة وإنقاذ البلد من أزماته”.
مصادر “المردة” قالت بدورها لجريدة “الأنباء” إنها “على تحالف متين مع حزب الله”، وإن “العقوبات لن تقدم ولن تؤخر في المسار، فالمردة وحزب الله ينتميان الى الخط الممانع ولا حخجل بذلك”، وتساءل المصادر عما اذا كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير خارجيته “على اطلاع على هذه العقوبات، وما إذا كان الهدف منها عرقلة تشكيل الحكومة ودفع الرئيس المكلف للإعتذار”، واعتبرت المصادر ان “العقوبات سياسية”، مؤكدة أن “الوزير فنيانوس لا يملك أصولا وفروعا في الولايات المتحدة الأميركية”.
واعتبرت مصادر المردة أن العقوبات “سبب لتأخير ولادة الحكومة”. غير أن هذا الرأي خالفته مصادر “التيار الوطني الحر”، التي قللت من احتمال تأثير العقوبات على مسار تشكيل الحكومة التي قد تتشكل مطلع الأسبوع المقبل كما قالت لـ”الأنباء”، لكنها سألت عن “أهداف هذه العقوبات في هذا الوقت، إلا إذا كان الهدف منها تعطيل مسار إنقاذ البلد”. وأكدت المصادر ارتياحها لأجواء الاتصالات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. ولفتت الى ان الاتصالات بين عون والمسؤولين الفرنسيين “لم تنقطع، وكلها تصب في حلحلة العقد من امام التشكيلة الحكومية”.
مصادر “تيار المستقبل” اعتبرت في حديثها لـ “الأنباء” أن “لبنان أصبح تحت المجهر الدولي، وأن قرار الوزيرين فنيانوس وخليل ما هو الا إختبار بسيط عما هو منتظر في الأسابيع والأشهر المقبلة”، وأضافت: “من الأساس كان توجهنا ودعواتنا للإصلاح، فأداروا الظهر لنا وأصبحت الحملات تشن علينا كل يوم الى أن وقعت الكارثة”، واعتبرت المصادر ان “البعض لا يريد تغيير سياساته وكأن هذا البعض يريد البلد مزرعة، فيما الفرص بدأت تتضاءل وسياسة التخبيص لم تعد تنفع، فإما أن تشكل الحكومة وتبدأ بالإصلاحات أو أن أمام لبنان أيام أصعب من التي مرّت”.
في غضون ذلك بقي موضوع رفع الدعم عن السلع الأساسية محور اهتمام وقلق، وذلك حديث وزيري الزراعة والاقتصاد عن تخفيض الأسعار، وقد اعتبر الخبير المالي نسيب غبريل ان التصاريح التي تصدر عن الوزراء وخاصة وزيري الزراعة والاقتصاد بخصوص التدابير التي ستعتمد لتخفيض الأسعار “قد تساهم في الهدر وتخفيض احتياط المصرف المركزي، فهذه الآلية مكلفة جدا والمواطن لم يشعر بانخفاض جذري للأسعار، وهذا يؤدي الى تهريب السلع المدعومة الى خارج البلد، كما حصل في الفترة السابقة”، ورأى غبريل ان “الاستمرار في هذا النمط لا يفيد، بل الأفضل الإعتماد على البطاقة التموينية للطبقات الفقيرة التي تخفف الضغط عن مصرف لبنان الذي ليست وظيفته دعم السلع الذي يجب ان يأتي من الخزينة”.