تسيطر أجواء ضبابية على تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة الرئيس المكلف مصطفى اديب، وهي أجواء تقع بين التشاؤم والتفاؤل، حتى أنه تمّ تسريب معلومات عن أن الرئيس المكلف سيحمل ورقتين معه الى قصر بعبدا، الورقة الأولى تتضمّن لائحة من 14 وزيراً انتقاهم أديب، وإذا رفضها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيُقدّم له الرئيس المكلف الورقة الثانية والتي تتضمّن بيان الاعتذار عن تأليف الحكومة. وما يدعم هذه المعلومات، رفض الرئيس المكلف الاجتماع بأيّ كتلة نيابية أثناء تشكيله الحكومة، ما أثار حفيظة أحزاب رئيسية التي اعترضت لدى الفرنسيين على النهج الذي يتبعه أديب. وما صبّ الزيت على النار قول الرئيس مصطفى أديب أن اجتـماعه بالنـائب علي حسـن خليــل والحاج حسين خليل وهما المساعدان للرئيس نبيه بري ولسماحة السيد حسن نصر الله جاء بناء على طلبهما.
مهمّة اللواء عباس إبراهيم في باريس
هذا وكان الرئيس ميشال عون قد أوفد اللواء عباس إبراهيم، مدير عام الامن العام، الى العاصمة الفرنسية لنقل وجهات نظر الرئيس ميشال عون، وهي تتلخص بعدة نقاط، أهمّها أن على الرئيس المكلف أن يتشاور مع كافة الكتل النيابية حتى ينال دعم هذه الكتل لدى مثول الحكومة أمام المجلس النيابي لنيل الثقة، في حين يأخذ رئيس الجمهورية على أديب أنه لم يجتمع بعد تكليفه تشكيل الحكومة الا مرةً واحدة بالكتل النيابية، وبعدها ابتعد عن كافة هذه الكتل، وقرّر وضع الأسماء وحده، وأن أديب يتشاور مع الرئيس نجيب ميقاتي مباشرة ومع الرئيس سعد الحريري بصورة غير مباشرة. وهذا ما يجعل بقية الكتل وخاصة التيار الوطني الحر الذي يترأسه النائب جبران باسيل يعيش انزعاجاً من الرئيس المكلف، كونه رئيس أكبر كتلة نيابية.
بالاضافة الى ذلك، يسعى رئيس الجمهورية في حال المداورة في الحقائب، الى الحصول على وزارة المالية ووزارة الداخلية، وفي حال تمّ رفض المداورة سيتمسّك التيار الوطني الحر بوزاراته الحالية، وبالاخص وزارة الطاقة، لذلك يجب على أديب، وفق رأي الرئيس عون، أن يتشاور مصطفى أديب مع هذه الكتل بشأن تأليف الحكومة، وأن يتمّ تمديد مهلة التأليف. من هنا، فإن زيارة اللواء عباس إبراهيم لم تكن سهلة النتائج، بل حققت بعض التقدّم، وقد أبدى الفرنسيون استعدادهم لإرسال رئيس المخابرات الخارجية الى بيروت للمساهمة بتذليل العقبات حتى لو اضطره الأمر للبقاء يومين في بيروت، على عكس زيارته السابقة التي كانت لمدة 24 ساعة فقط.
موقف الثنائي الشيعي والتمسك بـ «المالية»
بعد العقوبات الأميركية على النائب علي حسن خليل المساعد السياسي للرئيس نبيه بري، تشدّد الثنائي الشيعي للحصول على وزارة المالية، لأنها تشكل التوقيع الثالث، وبالتالي تؤمّن الميثاقية، كما نصّ دستور الطائف على الاخذ بعين الاعتبار الميثاق الوطني للبنان، وأن بري بدعم من حزب الله لا يُريد عضواً حزبياً في «حركة أمل» وزيراً لـ «المالية»، بل يُريد أن يكون الوزير من الطائفة الشيعية ومن المقربين للثنائي الشيعي، والا سيكون موقفه معارضاً للحكومة بكل الاشكال.
موقف جنبلاط
الوزير وليد جنبلاط يقول إنه لا يُريد شيئاً من الحكومة، وأن الطائفة الدرزية غنية بالعناصر البشرية صاحبة الاختصاص والخبرة، و يُريد تسهيل المبادرة الفرنسية، لان فشلها سيكون كارثة على لبنان وسيُؤدي الى فوضى وفقر لم يشهدها البلد في تاريخه.
موقف التيار الوطني الحرّ
في حال لم تحصل المداورة وتمسك الثنائي الشيعي وحصل على وزارة المالية، فإن الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر يُريدان التمسّك بوزارات «الطاقة» و«العدل» و«الخارجية» طالما أن المداورة لم تحصل، وطالما أن الرئيس المكلف لم يجتمع مع الوزير السابق جبران باسيل للتشاور معه بشأن تأليف الحكومة. ومن هنا، فإن موقف رئيس الجمهورية ميشال عون سيكون رافضاً لوزارة من 14 وزيراً، ويُصرّ على أن يكون عدد الوزراء 20 وزيراً لتمثيل أوسع كي تحصل الحكومة على ثقة وازنة في المجلس النيابي. وهنا يتساءل المراقبون، هل يبقى رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون بعيداً عن تأليف الحكومة وداعماً بشكل مطلق للرئيس مصطفى أديب، لأنه يعتبره جزءاً من الإدارة الفرنسية ؟ خصوصاً أن مصطفى أديب تشبّع من الروح الأوروبية من خلال وجوده سفيراً للبنان في ألمانيا مدة سبع سنوات.
موقف صندوق النقد الدولي
على صعيد آخر، صرّح المتحدث الرسمي باسم صندوق النقد الدولي السيد جيري رايس أن الصندوق مُستعدّ لدعم لبنان بشكل كبير للخروج من أزمته الاجتماعية والاقتصادية إذا تمّ الإسراع في تأليف حكومة جديدة تحارب الفساد وتقوم بالإصلاحات. أضاف رايس من واشنطن، حيث مقر صندوق النقد الدولي، بأن الصندوق لن يبخل على لبنان بالدعم اذا أجرى الإصلاحات وحارب الفساد وأن صندوق النقد الدولي يُؤيّد التدقيق المالي في كل إدارات الدولة اللبنانية كي يتمّ تحديد الأرقام وكيفية صرفها وحجم الخسائر المالية في لبنان وأسبابها.
تيننتي: اليونيفيل تتابع موضوع الطائرة المسيرة
على صعيد آخر، قال المتحدث باسم قوات اليونيفيل أندريا تيننتي في بيان «أبلغتنا القوات المسلحة اللبنانية، أنها أسقطت طائرة مسيرة آتية من «إسرائيل» انتهكت الخط الأزرق في منطقة عيتا الشعب في جنوب لبنان. وزار فريق من اليونيفيل الموقع وتفحص الطائرة المسيرة التي قال الجيش اللبناني انه أسقطها». وأضاف «تتابع اليونيفيل الموضوع مع «الجيش الإسرائيلي» للتأكد من هوية الطائرة المسيرة وقد فتحت تحقيقا في الحادث».
وأشار : «تشكل الانتهاكات المستمرة للأجواء اللبنانية من قبل الطائرات الإسرائيلية انتهاكا للقرار 1701 وللسيادة اللبنانية، وهي تؤدي إلى تصعيد التوترات، كما يمكن أن تؤدي إلى حوادث تهدّد وقف الأعمال العدائية بين لبنان و«إسرائيل»، فهي تتعارض مع أهدافنا وجهودنا للحد من التوتر وتهيئة بيئة أمنية مستقرة في جنوب لبنان».
وذكر البيان بأن «الأمين العام للأمم المتحدة كان قد دان في مناسبات عديدة، جميع الانتهاكات للسيادة اللبنانية»، ودعا «إسرائيل» الى وقف انتهاكاتها للأجواء اللبنانية وفقاً للقرار 1701» .