تراوح المشاورات الحكومية مكانها من دون أن يسجَّل أي تقدم على خط الاتصالات التي دخل عليها بشكل مباشر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث أعلنت الرئاسة اللبنانية عن اتفاقه مع رئيس الجمهورية ميشال عون، على الاستمرار ببذل المساعي لولادة الحكومة.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان إن عون تلقى اتصالاً هاتفياً من ماكرون، وعرض معه الملف الحكومي في ضوء التطورات الأخيرة، واتفق الرئيسان على “ضرورة الاستمرار في بذل المساعي على مختلف المستويات لتأمين ولادة الحكومة العتيدة ضمن أجل محدود”.
وتمنى الرئيس الفرنسي على الرئيس عون، حسب البيان، “بذل أقصى الجهود للوصول إلى نتيجة إيجابية”، مشيراً إلى أنه سيُجري بدوره اتصالات لهذه الغاية. وأجمعت الأطراف المعنية على عدم تسجيل أي تقدم أمس، على خط المشاورات التي لا تزال عالقة عند العُقدة الشيعية نتيجة مطالبة الثنائي الشيعي (“حزب الله”، وحركة “أمل”) بوزارة المال، وهو ما يعدّه البعض محاولة من هذا الثنائي لتكريس “المثالثة”، معتبرين أن مطلب رئيس البرلمان نبيه بري (رئيس حركة “أمل”) التمسك بوزارة المال يتناقض مع دعوته إلى الدولة المدنية. وهذا الأمر ردّت عليه مصادر بري بالقول: “كل ما في لبنان ثابت لا يتحرك منذ عشرات السنين فإما أن يتحرك الجميع عبر الدولة المدنية وإما أن يبقى كل شيء على وضعه، وهذا ما لا نتمناه… فتفضلوا إلى الدولة المدنية”.
وتضيف المصادر: “لمن يقولون هذه مثالثة، نقول إذا كانت هذه مثالثة فما المرابعة؟ هل هي وزارة الطاقة؟”.
وفي الإطار نفسه ردّ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة، محذراً من “لعبة الفوضى وأخذ البلد إلى حرب أهلية”. وقال: “نحن مع أي جهد يصبّ في مصلحة البلد، من أي جهة أتى، ولكن لن نقبل بحصان طروادة، سواء كان بلباس فرنسي أو بسواه، فعهد الوصايات قد ولّى إلى غير رجعة، وزمن العطايا المجانية قد انتهى، وقصة المداورة في ظل نظام طائفي بامتياز هي كذبة موصوفة، فإما أن تكون في كل المناصب والمواقع في إطار دولة مدنية، دولة مواطن، وإلا فمَن له حصة فليأخذها، ما دام بقي هذا النظام المهترئ قائماً، وإلا هلّموا إلى تغييره”.
في المقابل، استمرت أمس، المواقف الداعية إلى الاستفادة من المبادرة الفرنسية وانتقاد تمسك الثنائي الشيعي بوزارة المال.
وطالب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، بتشكيل حكومة وفق المبادرة الفرنسية، معتبراً أن “بقاء وزارة المالية مع الثنائي الشيعي سيعطل الإصلاحات، وتسمية كل فريق وزراءه ستعيدنا إلى الدوامة نفسها”.
وقال جعجع في مؤتمر صحافي إن “فرنسا هنا لا لحل الأزمة اللبنانية إنما لتخفيف الأعباء عن الشعب اللبناني، ولا يمكن لدولة إيجاد الحلول، إنما على الشعب اللبناني القيام بذلك”. وأضاف: “المطلوب حكومة مختلفة عن السابق تقوم ببعض الإصلاحات لتتمكن فرنسا من دعوة أصدقاء لبنان إلى مؤتمر لجمع الأموال”، معتبراً أن “ماكرون شدد باستمرار على ضرورة جلوس الطبقة السياسية جانباً وتشكيل (حكومة مهمة) إنقاذية”.
وقال: “لقد اتفق الجميع على رئيس حكومة وهو مصطفى أديب، و(القوات) مع المبادرة الفرنسية وهي مبادرة مواصفات لا أشخاص”. واعتبر أن “المطالبة بوزارة المال ورفض تسمية أحد الوزراء يضر بالمبادرة الفرنسية ويضربها بالصميم”. وأضاف جعجع: “إذا سقطت المبادرة الفرنسية مزيد من الانهيار، ومن دون إصلاحات لا مساعدات”.