بالرغم من الاتّصالات التي أجراها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بالرؤساء ميشال عون، وسعد الحريري، ونبيه بري، لحثّهم على العمل لإخراج تشكيل الحكومة العالق في عنق زجاجة المداورة، ومن نعي المداورة بلسان المفتي الجعفري الممتاز، أحمد قبلان، فإن المواقف على حالها رغم الاتّصالات التي باتت تهدف إلى إنقاذ المبادرة الفرنسية أولاً وتشكيل الحكومة ثانياً، فيما لا يبدو أن كل أطراف الكباش الحكومي مدركة لمدى جدية الخطورة التي بلغها الواقع اللبناني، وهو ما نبّه إليه بشكل صريح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، بقوله: “أخشى أن أقول رحمة الله على لبنان الكبير”.
مصادر متابِعة رأت في حديثٍ مع “الأنباء” في الموقف الفرنسي تراجعاً ملحوظاً في حمأة الشروط العالية السقف من قِبل مختلف الأطراف التي تبلّ يدها بالوحل الحكومي، وسألت “هل بات الجانب الفرنسي أسير المبادرة التي أطلقها رئيسه من بيروت؟ وماذا سيكون مصير الإصلاحات التي طالب ماكرون بتنفيذها في حال إعطاء حقيبة المال للثنائي، والطاقة للتيار الوطني الحر، والاتصالات لتيار المستقبل، في حين أن معظم القوى السياسية أكّدت أنها مع المداورة، بمن فيهم فريق العهد؟”
فهل عادت الأمور إلى المربع الأول، أم ثمة حلحلة بعد إيحاءات صدرت بالاستجابة لشروط الثنائي الشيعي بإعطائه حقيبة المال؟
مصادر سياسية أشارت عبر “الأنباء” إلى “معارضة شديدة” من جانب رؤساء الحكومات السابقين بالرضوخ إلى شروط الثنائي الشيعي، “وبناءً عليه ليس هناك من موعدٍ قريب للرئيس المكلّف، مصطفى أديب، لزيارة القصر الجمهوري في نهاية هذا الأسبوع. وإذا لم يطرأ أي جديد في اليومين المقبلين فإن موضوع الحكومة لن يُبت قبل منتصف الأسبوع المقبل”.
مصادر عين التينة أوضحت عبر “الأنباء” أن الاتّصال الذي أجراه ماكرون ببري، “كان مفيداً جداً، وبري سلّط الضوء على أمورٍ كثيرة كان ماكرون لا يعرفها، ومن ضمنها أن حقيبة المال كانت مقرّرة للطائفة الشيعية منذ اتّفاق الطائف لأسباب ميثاقية، وليس تحدياً لأحد، وهي خارج نطاق المداورة التي يتحدثون عنها، وأن ماكرون كان متفهماً للموقف الذي شرحه بري، وهو لا يمانع ذلك”.
المصادر رأت أن، “حلّ عقدة المالية سيساعد على تشكيل الحكومة في غضون الأيام المقبلة، وأن الأمور متجهة إلى الحل”.
وعن تمسّك القوى الأخرى بحقائب وزارية أخرى، وضعت مصادر عين التينة هذا الأمر بعهدة الرئيس المكلّف، “الذي عليه أن يطالبها بموقفها الذي عبّرت عنه في الاستشارات النيابية، والمشاورات الجارية لتشكيل الحكومة”.
من جهتها، مصادر بيت الوسط أكّدت عبر “الأنباء” على، “ثبات الموقف المتعلّق بالمداورة في كل الحقائب بما فيها الداخلية، والخارجية، والاتصالات، والطاقة، والمالية، وهي ضد تطويب حقائب معيّنة لطوائف معيّنة”.
المصادر نقلت عن الرئيس الحريري أنه، “أبلغ ماكرون بموقف رؤساء الحكومات السابقين والمتشدّد بهذا الموضوع، وأن ماكرون طلب منه المساعدة. وقد ردّ الحريري شارحاً للرئيس الفرنسي ما قدّمه من تنازلات، وعلى الفريق الذي يضع الشروط أن يقوم بما يجب عليه القيام به لتسهيل ولادة الحكومة”.
مصادر بيت الوسط نقلت عن رؤساء الحكومات السابقين اعتبارهم أن، “أسلوب الابتزاز قديمٌ جداً، وأن فريق 8 آذار يتقنه جيداً”، واضعة بالتالي موعد تشكيل الحكومة “في عهدة الثنائي الشيعي”.
عضو تكتل “الجمهورية القوية”، النائب أنيس نصار، اعتبر في حديثٍ مع “الأنباء” أن، “الفريق الذي يعرقل تشكيل الحكومة هو الفريق المرتاح على وضعه في هذه الأوقات الصعبة”، مضيفاً: “نحن كلبنانيين في وضعٍ صعبٍ جداً، لا بل خطير. والشعب اللبناني جائع، في حين أن الدولار بلغ 8,000 ليرة، واقتصادنا منهار، والأزمة المعيشية تضرب لبنان بشكلٍ غير مسبوق، ناهيكَ عن أزمة كورونا التي بدأت تنذر بمخاطر جسيمة، ومع ذلك هناك يدٌ امتدت لإنقاذ الوضع ومساعدة اللبنانيين، وتُرجمت بزيارتين للرئيس ماكرون، فماذا فعلنا؟ هل الوقت مناسب لوضع الشروط؟ نحن في مصيبةٍ كبيرة جداً”.
في المقابل، أشارت مصادر تكتل “لبنان القوي” عبر “الأنباء” إلى أن، “عون وعد ماكرون خلال الاتصال الذي جرى بينهما بأنه سيبذل أقصى ما يمكن لولادة الحكومة، وأن الأمور أصبحت في طريقها إلى الحل”. المصادر توقعت أن، “تُشكّل الحكومة في غضون 72 ساعة القادمة، وهي ستكون من 18 وزيراً معظمهم من أهل الاختصاص والكفاءة”.