«رايحين على جهنم»، بهذه العبارة اختصر رئيس الجمهورية ميشال عون مستقبل البلاد « القاتم» اذا لم يتم التوافق على تاليف الحكومة، ودون ان يقدم اي حلول واقعية، وتماشيا مع سياسة « اجر بالبور واجر بالفلاحة» المعتمدة من قبل الرئاسة الاولى، والتيار الوطني الحر خوفا من العقوبات، تمايز عون في الموقف عن «الثنائي الشيعي» بالنسبة إلى حقيبة المال، وحاصر موقفهما «بالدستور»، إلا أنه لم يعف الرئيس المكلف مصطفى أديب ورؤساء الحكومات السابقين من المسؤولية، مقترحا الغاء التوزيع الطائفي للوزارات السيادية وجعلها متاحة لكل الطوائف، وهو ما سيفتح نقاشا سياسيا في الساعات المقبلة حول الهدف من حصر الغاء التوزيع الطائفي بالوزارات، وعدم شموله مراكز الفئة الاولى في الدولة..؟
وفيما يستمر « التخبط» في معالجة « جائحة» « كورونا التي تغزو البلاد، وتأجيل « التوصية» بالاقفال العام، يواصل بعض اللبنانيين « الرقص» على « انغام» جنون الرئيس الاميركي دونالد ترامب الانتخابية،بالرهان على اضعاف حزب الله على الساحة اللبنانية، في المقابل يرتفع منسوب « الاستياء» الفرنسي من تورط هؤلاء في نسف « مبادرتهم»، ووفقا لمعلومات « الديار» حصل اتصال خلال الساعات القليلة الماضية بين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ومسؤول الاستخبارات الخارجية الفرنسي بيرنار ايميه، ولم تكن نتائجه « مريحة» بعدما حمل الجانب الفرنسي تشدد نادي رؤساء الحكومة المسؤولية عن تعقيد « الولادة» الحكومية بفرض شروط لم تكن في « صلب» المبادرة الفرنسية، وكان الحريري صريحا بالطلب من ايميه حل المشكل مع الاميركيين.
ماذا تعرف باريس؟
ومع تصلب المواقف التي لا يبدو في الأفق أي حل قريب لها، وبانتظار المعجزة التي تحدث عنها رئيس الجمهورية، باتت فرنسا مقتنعة بان « الثنائي الشيعي» ليس الطرف المعرقل لمبادرتها،وهي تدرك جيدا انها تدفع ثمن موقفها من رفض قرار الرئيس دونالد ترامب الاحادي، وغير القانوني، لاعادة فرض عقوبات صارمة على ايران، وفي هذا السياق جاءت « التعليمة» من واشنطن لمواكبة العقوبات « المفاجئة» في توقيتها على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، بوضع شروط تعجيزية امام تشكيل حكومة « المهمة»، خصوصا ان مبادرة الرئيس ل يمانويل ماكرون « الواقعية»، لم تنص في متنها او عبر الايحاء على اقصاء اي مكون وابعاده عن المشاركة بشكل موارب او تسمية وزرائه في الحكومة..
الحريري « شفنا اللي مات»؟
ووفقا لاوساط دبلوماسية،لم تستطع باريس احداث اي خرق في « الجدار» الاميركي « السميك» الرافض لتحييد الساحة اللبنانية عن الضغوط المتصاعدة في « الكباش» المفتوح والمفتعل مع ايران، وفي هذا السياق تبدو « مونة» الادارة الفرنسية على حلفاء واشنطن اللبنانيين « صفر»، ووفقا للمعلومات، تلقى مسؤول الاستخبارات الخارجية الفرنسية بيرنار ايميه جوابا غريبا وصريحا من قبل رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري خلال تواصله معه لمحاولة تجاوز عقدة وزارة المال باعتبارها تصويبا مباشرا على المبادرة الفرنسية، فكان جواب الحريري بدعوة الدبلوماسي الفرنسي الى محاولة حل العقدة في مكان آخر، وعندما ظن ايميه ان المقصود في المعرقلين « الثنائي الشيعي»، استوقفه الحريري بالقول ان مشكلتكم خارج بيروت، تفاهموا مع واشنطن، لان ما تطلبوه منا يتجاوز قدراتنا، منهيا كلامه بتذكير ايميه بالتهديدات الاميركية بفرض عقوبات بدأت تطال شخصيات لبنانية رفيعة المستوى، وقال له ممازحا هناك « مثل لبناني شهير يقول « ما متت بس شفنا اللي ماتوا»..
مساران فرنسيان
ووفقا لتلك الاوساط لم يكن الدبلوماسي الفرنسي مرتاحا لاجوبة الحريري الذي اظهر في كلامه « استهتارا» بكل الجهود الفرنسية، وثمة اتجاهان الان في الادارة الفرنسية، الاول يؤيده ماكرون باعطاء المزيد من الوقت للمبادرة وعدم اعلان نعيها، ومنح اسبوع جديد للاتصالات قبل اتخاذ القرار المناسب، والثاني يؤيده ايمييه والخارجية ويقوم على اعلان الفشل مع تحميل القوى المعطلة مسؤولية مباشرة، مقرونة بعقوبات اوروبية..
لماذا التآمر؟
وفي هذا السياق، تتحدث اوساط « الثنائي الشيعي» عن مغامرة محفوفة بالمخاطر يتبناها رؤساء الحكومات السابقين مع مجموعة سياسية واعلامية لبنانية، وذلك من خلال مواكبة الانتخابات الاميركية،حيث يدير الرئيس الاميركي دونالد ترامب، عرضاً انتخابياً هستيرياً يسعى من خلاله بعد هندسة التطبيع الاماراتي البحريني مع اسرائيل الى ضم ملف اضعاف حزب الله الى انجازاته بموازات رفع سقف الضغوط على ايران، كدليل على موهبته الخارقة في إدارة السياسة الخارجية..وتتساءل لماذا التآمر على مكون لبناني؟
اسرائيل قلقة من ترامب؟
وتحيل تلك الاوساط كل المراهنين في لبنان على الادارة الاميركية، او الخائفين منها الى الموقف الاوروبي الجامع المعارض لجنون ترامب، وتنصحهم بقراءة متمعنة لما كتبته صحيفة « هارتس» الصهيونية بالامس حيث تحدثت عن مخاوف اسرائيل من « تخبط» ترامب في سياسته الخارجية، وقالت ان روسيا والصين لن تسيرا وراء اخطاء ترامب، في الوقت الذي تبدو فيه الولايات المتحدة آخذة في التلاشي من الشرق الأوسط.. وختمت مقالها متهكمة بالقول «من الصعوبة أن نفهم كيف يوفق ترامب بين إعلانه في مراسيم التوقيع على اتفاقات السلام بين إسرائيل ودول الخليج، فيما يقول إنه إذا انتخب مرة أخرى فسيمنح إيران صفقة ممتازة، ثم يحدثنا عن نيته فرض عقوبات جديدة»..
مواكبة «جنون» ترامب
وتخلص «هآرتس» الى التأكيد بان التجربة تعلّم بأن كل جهد يبذل لإيجاد منطق في سياسة ترامب الخارجية، سوف تكون نهايته خيبة الأمل واستسلام شديد. يغرد زعيم الدولة الأقوى في العالم في طريقه نحو تشرين الثاني وهو يلقي عبوات ناسفة جانبية في كل اتجاه. الآن وهو يفتح جبهة أمام حلفائه في أوروبا وأمام دول معادية قوية مثل روسيا والصين، ويحول إيران إلى شخص مستضعف يحتاج إلى حمايتهما من جنونه»..
وفي هذا السياق، تنصح اوساط « الثنائي» جميع المتوهمين الى عدم التورط « بلعبة» الاميركيين على الساحة الداخلية،وعدم مواكبة الضغوط الاميركية لاضعاف مكون رئيسي في البلاد خدمة لاسرائيل التي تخشى « جنون» ترامب، فكيف يمكن للبعض في لبنان مواكبة « جنونه»..
عون لا يملك حلولا
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون استعرض العقد الحكومية ولم يقدم اي حلول عملية لان اقتراحه إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات « السيادية»، وعدم تخصيصها لطوائف محددة، جاءت في التوقيت الخاطى لان حل الازمة الحالية كما اعترف بنفسه لا يقوم على خسارة طرف وانتصار الآخر، وهذا يعني ان الثنائي الشيعي» لن يقبل بتسوية على حسابه. ولفت عون الى انه مع تصلّب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب لأن كل الحلول المطروحة تشكل غالباً ومغلوباً». وفي تعبير عن مخاوفه قال « إذا لم تُشكّل الحكومة « رايحين على جهنّم»، لافتاً الى أننا « طرحنا حلولاً منطقية ووسطية لتشكيل الحكومة ولكن لم يتم القبول بها من الفريقين، وتبقى العودة الى النصوص الدستورية واحترامها هي الحل الذي ليس فيها لا غالب ولا مغلوب»، لافتا الى ان « 4 زيارات لرئيس الحكومة المكلف ولم يستطع أن يقدم لنا أي تصور أو تشكيلة أو توزيع للحقائب أو الأسماء، ولم تتحلحل العقد»…كما رأى ان « لا يجوز استبعاد الكتل النيابية عن عملية تأليف الحكومة لأن هذه الكتل هي من سيمنح الثقة أو يحجبها في المجلس النيابي، وإن كان التأليف محصوراً بالتوقيع بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية. كما لا يجوز فرض وزراء وحقائب من فريق على الآخرين خصوصاً وأنه لا يملك الأكثرية النيابية».
«الثنائي» والغاء الطائفية
من جهتها اكدت اوساط مقربة من « الثنائي الشيعي»، ان طرح الرئيس ليس جديدا وهو موقف قاله سابقا وعبر عنه التيار الوطني الحر، لكن اذا كانت النوايا سليمة فعلينا الذهاب الى الغاء الطائفية السياسية وحتى يتم ذلك يجب ان يكون الجميع سواسية وتوقيع وزير المال هو ضمانة للشيعة كما يملك الاخرين ضمانات..
«المستقبل» يرحب ولكن..؟
من جهتها رحبت مصادر تيارالمستقبل بكلام الرئيس عون بالنسبة للمداورة، وقالت انه يتلاقى مع موقفها،لكنها اعتبرت انه جاء متأخرا، في المقابل قالت ان تحميل مسؤولية التعطيل للتيار « الازرق» ليس في مكانه لان الرئيس الحريري لا يتدخل، وموقفه هو تشكيل حكومة من اختصاصيين، لا يتدخل في تشكيلها احد..
اديب وجعجع والمبادرة الفرنسية
من جهته حاول الرئيس المكلف مصطفى اديب الايحاء بحرصه على انجاح المبادرة الفرنسية داعيا الجميع في بيان الى العمل على انجاحها فوراً ومن دون إبطاء لانها تفتح أمام لبنان طريق الإنقاذ، وأكد أديب أنه لن يألو جهداً لـ «تحقيق هذا الهدف بالتعاون مع رئيس الجمهورية».
وفي موقف يتناقض مع مواقفه السابقة من المبادرة الفرنسية التي رفض السير فيها من خلال رفضه تسمية الرئيس مصطفى اديب، دخل رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع على خط دعم المبادرة الفرنسية، من زاوية عدم منح الثنائي الشيعي حقيبة المال، رافضا مقولة استهداف الشيعة وقال « جاءت المبادرة الفرنسية لتقدم طرحا إنقاذيا مختلفا..
جنبلاط يوزع المسؤوليات؟
من جهته حمل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ايران واميركا مسؤولية التعطيل في لبنان وقال انه « لا يحقّ للرئيس ميشال عون أن يقول إننا ذاهبون الى جهنّم، واشار الى انه من أنصار التسوية وعندما تهبّ العاصفة يجيب أن نميل..وكشف جنبلاط انه اتصل بالحريري من باريس ولم يكن الاتصال إيجابيّاً،ووفقا للمعلومات، رفض الحريري ابداء اي تجاوب مع طلب جنبلاط حلحلة ملف وزارة المال، وفهم جنبلاط ان « الرجل»لا يملك قراره، والامور باتت « اكبر منه»..
في المقابل نقل جنبلاط عن الرئيس نبيه بري قوله إنّ هناك ضغطاً عليه بالنسبة لإبقاء وزارة الماليّة مع الطائفة الشيعيّة،وأضاف: « لا أميركا ولا إيران تريدان حكومة والعقوبات الأميركيّة لم تضعف حزب الله بل لبنان وأقول للشيخ قبلان « مش وقتها» أن يطالب بتغيير الطائف وأقول الأمر نفسه للبطريرك الراعي واعتبر جنبلاط ان « المبادرة الفرنسيّة هي الفرصة الأخيرة والرأي العام الدرزي ضدّ المشاركة في الحكومة، وعلى أديب أن يتواصل مع الفرقاء ولكن يبدو أنّ هناك من يقول له « ما تحكي مع حدا»وختم جنبلاط بالقول: أقول لإيران وممثّليها إنّكم تعطّلون آخر فرصة لإنقاذ البلد..
سجال «التيار» «امل»؟
وفي توقيت « مريب» اختار النائب زياد اسود فتح مواجهة سياسية عبر تويتر مع حركة امل ورئيس مجلس النواب نبيه بري،وقال « وزارة المالية الامس واليوم نموذج فاقع عن حالات فساد تبدأ من أصغر معاملة إلى أكبرها ولا يمر شيء دون حصة، ونموذج آخر يوم كانت لجنة المال والموازنة من نصيب مسيحي في كنف الرئيس بري، وكنا نمشي بلا موازنة وأرقام وتلاعب بحساب وحصص وهي نفذت مهمة ما وصلنا اليه اليوم من افلاس».هذه التغريدة استدعت ردا عنيفا على تويترمن النائب علي حسن خليل قال فيها «عهدكم الاسود هو النموذج الذي لم يسبقه احد بالفساد من أعلى المقامات الى أدنى متوتر يكذب نفسه والناس…
تجاهل توصيات «الصحة»
وعلى وقع ارتفاع الاصابات بفيروس « كورونا» التي سجلت بالامس 684اصابة،وعشر وفيات،وفيما الخلاف لا يزال قائما بين وزارة الصحة ووزارة الداخلية وسط تقاذف المسؤوليات، وفي دليل على التخبط الحكومي في مواجهة « الوباء»، تجاهلت لجنة متابعة ملف كورونا توصيات وزير الصحة حمد حسن بإقفال البلد، واوصت بإقفال البلدات حيث هناك انتشار كثيف للفيروس، ومن اليوم سيتم التشدد بتسطير محاضر ضبط بحق الافراد غير الملتزمين بارتداء الكمامة والمؤسسات غير الملتزمة بالشروط الوقائية المفروضة..
وكان وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أعلن رفع توصية للجنة كورونا الحكومية بالاقفال التام لمدة اسبوعين للتمكّن من التقصي عن الحالات ولتتمكن المستشفيات من التقاط أنفاسها، لكن توصيته سقطت في ظل تساؤلات حول نجاح هذا الاقفال الذي لم ينجح سابقا،وقد خلصت اللجنة الى نتيجة مفادها ان التجربة مع التعبئة العامة في المرحلة الماضية كانت فاشلة في ظل عدم الالتزام بالتوصيات.
..الى الكارثة؟
ووفقا للمعلومات فان اللجنة اكدت ان البلاد تتجه إلى كارثة اذا استمرت الاصابات مرتفعة جداً، في ظل تلكؤ من المواطنين في عدم الإلتزام بالتوصيات والتدابير الوقائية، وعليه، ويبقى الامل الوحيد هو التزام اللبنانيين بالإجراءات الوقائية لان التعايش مع الفيروس سيستمر نحو سنة إلى حين إيجاد لقاح أو علاج فاعل له..
أجراءات في السجون
وفي السياق، اتخذت لجنة الطوارىء لرفع حالة التأهب في السجون اللبنانية – المشكلة بمبادرة من وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي توصية بتفعيل الاجراءات الوقائية في السجون،وفي هذا الإطار، بلغت حصيلة الاختبارات الصحية العائدة لفيروس كورونا في سجن رومية896 اختبارا، تبين من خلالها 325 إصابة إيجابية، و9 حالات أدخلت الى المستشفى لتلقي العلاج اللازم وضعهم مستقر، وحالة شفاء، مع العلم أن المبنيين « د» و « الأحداث» خاليان من الوباء حتى الان..