كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: من يستمع إلى تصريحات وتسريبات الساعات الأخيرة، يُخيل إليه أنّ الثنائي الشيعي هو الفريق اللبناني الوحيد الذي يهتدي بهدي المبادرة الفرنسية ويعمل بوحيها ويبذل الغالي والنفيس لتذليل العقبات أمام إنجاحها وتطبيقها “بكل مندرجاتها”… أقله هذا ما قاله النائب علي حسن خليل من دار الفتوى أمس مؤكداً أنّ “الثنائي سيتابع جهده من أجل تسهيل ولادة الحكومة”! ألهذا القدر بلغ مستوى استهبال الناس واستغباء عقولها؟ عن أي مبادرة وعن أي حكومة وعن أي تسهيل يتحدث الثنائي؟ المبادرة الفرنسية التي يواصل سياسة “قضم” مندرجاتها وتجويف جوهرها؟ “حكومة المهمة” التي حوّل مهمتها من تخصصية مستقلة عن الأحزاب إلى تحاصصية طائفية بين الأحزاب؟ أوقف هذه المهزلة مصطفى أديب. إستأذن من الرئيس إيمانويل ماكرون وقدّم تشكيلتك ثم اعتذر.
كل المبادئ التي انطلقت منها وتأسست عليها المبادرة الفرنسية تتساقط تباعاً، إن لناحية تكريس المداورة بالحقائب أو لجهة نبذ المحاصصات والتسميات الحزبية والسياسية لصالح اختيار فريق عمل يسميه الرئيس المكلف من وزراء مستقلين ومتخصصين، ولا يزال الثنائي الشيعي يضع العصي في دواليب حكومة أديب حتى بعدما نال مراده بالإبقاء على التوقيع الشيعي الثالث في السلطة التنفيذية، وبالأمس لم يخرج لقاء الخليلين بالرئيس المكلف سوى بمزيد من الشروط والعرقلة على نية إصرار “حزب الله” وحركة “أمل” على تسمية كل الوزراء الشيعة في الحكومة. وفي هذا السياق نقلت مصادر سياسية رفيعة لـ”نداء الوطن” أنّ اللقاء تخلله استعراض للمراحل والمحطات التي مرت بها عملية التأليف، فكان تثبيت لمبدأ تنصيب شيعي في حقيبة المالية بالتوازي مع نقل الخليلين رسالة من قيادتيهما تؤكد تمسك الثنائي الشيعي بتسمية وزير المالية وسائر الوزراء الشيعة، كاشفةً أنّ الخليلين طرحا على أديب خلال اللقاء مجموعة أسماء مرشحة للتوزير لكي يختار من بينها مقابل إبداء رفضهما القاطع لتوليه شخصياً أو أي طرف آخر مهمة تسمية أي من الوزراء الشيعة.
وإثر لقاء الخليلين أجرى الرئيس المكلف اتصالاً هاتفياً برئيس الجمهورية ميشال عون واتفق معه على زيارة قصر بعبدا ظهر اليوم للتشاور في مستجدات مشاورات التأليف. وتوقعت أوساط مواكبة أن يسمع أديب من عون خلال الاجتماع كلاماً مفاده أنّ سقوط مبدأ المداورة في حقيبة المالية ينبغي أن ينسحب على كافة الحقائب، وأنّ تسمية الثنائي الشيعي لوزرائه يجب أن تقابله تسمية أفرقاء آخرين لوزرائهم أيضاً على قاعدة “وحدة المعايير” في التشكيل، مع التأكيد على ضرورة تسمية رئيس الجمهورية وزراءه المسيحيين في الحكومة.
وبهذا المعنى، شددت مصادر القصر الجمهوري لـ”نداء الوطن” على أنّ “الشراكة بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية في عملية التشكيل أمر دستوري وليس اجتهاداً، وبالتالي فإنّ الرئيس عون من حقه أن يبدي رأيه بكامل التشكيلة الحكومية من دون أن يعني ذلك دخوله في أي محاصصة”، لافتةً إلى أنّ “رئيس الجمهورية كان قد شدد على أنّ الأمد ليس مفتوحاً أمام الأفرقاء للتوصل إلى توافق في ما بينهم يتيح ولادة الحكومة، وعلى ما يبدو اليوم فإنّ هناك أجواء توحي بأنّ الأمور تتجه نحو الحلحلة لكن عملياً لم يستجد أي شيء ملموس حتى الساعة”.
وإذ ذكّرت بأنّ المبادرة التي تقدم بها عون مطلع الأسبوع “كانت تهدف إلى إيجاد حل للعقدة المستعصية في حقيبة المالية”، أردفت مصادر بعبدا بالقول: “إذا وجد حل آخر بالتفاهم مع جميع الاطراف يؤدي إلى تشكيل الحكومة، فرئيس الجمهورية حاضر للتسهيل مع الاحتفاظ طبعاً بصلاحياته المنصوص عنها في الدستور”، منوهةً بأنّ أديب لم يطرح على عون أي تشكيلة حكومية حتى الساعة “وعندما يفعل ذلك سيتم التناقش فيها وفي كل التفاصيل المتعلقة بها”.