في خضم الازمة المالية الخطيرة وحالة اليأس التي وصل اليها جزء كبير من اللبنانيين حيث يموت البعض منهم في البحر هربا من الجوع والفقر، اكدت مصادر مطلعة للديار ان الرئيس المكلف مصطفى اديب اجتمع مع الخليلان اي الوزير علي حسن خليل المساعد السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، والحاج حسين خليل مساعد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، ولم يتوصلوا جميعاً الى حلحلة العقدة الحكومية بشأن تسمية الوزراء من الطائفة الشيعية لوزارة المالية وغيرها. كما وعلمت الديار ان الخطوط الهاتفية بين بيروت وباريس مفتوحة وناشطة، حيث ان خلية الازمة الفرنسية التي تتابع الوضع في لبنان، كانت على اتصال مع الرئيس المكلف أديب ومع غيره على الساحة اللبنانية. هذا ولا يمكن التكهن بالاعتذار حتماً من قبل الرئيس المكلف و لا يمكن نفي هذا الامر لان الطرفان رفضا تقديم اسماء لبعضهما البعض، وعلى كل حال سينجلي الامر بوضوح اليوم عند الساعة الحادية عشرة لدى زيارة اديب لرئيس الجمهورية العماد عون، الا اذا تكرر تأجيل الموعد مرةً ثانية كما حصل أمس الى الساعة الخامسة افساحاً في المجال لمزيد من المحادثات.
وكان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي قال ان الرئيس المكلف يميل للإعتذار إذا لم تصل المباحثات امس مع الثنائي الشيعي الى نتيجة.
في غضون ذلك طالما ان الرئيس المكلف مصطفى اديب اكتفى بنقل اجواء الاستشارات والاتصالات التي حصلت امس وتم تقييمها من قبل الطرفين ولكن دون تقديم اديب لعون اي تشكيلة حكومية رغم ان رئيس الجمهورية شريك في تاليف الحكومة فهذا دليل ان الامور معقدة ولا تتجه نحو الحلحة. وتقول المعلومات ان رئيس الجمهورية لا يمكن ان يبصم على وزراء لا يعرفهم يُسقطهم عليه رئيسُ الحكومة، في وقت تكثر الاسئلة عن مصير مبدأ «المداورة» الذي قد ترى بعض القوى انه من غير المنطقي ان تنطبق على وزارات وتُستثنى منها أخرى.
من ناحية الرئيس المكلف يجتمع اليوم عند الساعة الحادية عشرة صباحا مجددا مع رئيس الجمهورية في قصر بعبدا بعد لقائه امس. فهل هذه الزيارة هي لاعلان اديب اعتذاره عن التكليف نظرا لتمسكه بحكومة اختصاصيين في حين معظم الاطراف تعرقل مساره؟ ام لتعزيز المشاورات مع رئيس الجمهورية حول مسار تأليف الحكومة؟
مصادر مقربة من الوطني الحر: نخشى ان تكون وزارة المالية ليست العقدة الوحيدة
وفي هذا السياق، اعربت مصادر مقربة من التيار الوطني الحر عن خشيتها من ان تكون زيارة اديب اليوم الى قصر بعبدا هي لاعلان اعتذاره عن التكليف. وتابعت هذه المصادر ان الوطني الحر يتفهم توجس حزب الله من احتمال مرور مشروع خارجي ضده على ظهر المبادرة الفرنسية الا ان التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية يتمايزان عن موقف الحزب في هذه المرحلة. واشارت المصادر الى ان الوقت الان ليس لحسابات ثانوية نسبة للانهيار المالي الحاصل وخطورة الاوضاع الاقتصادية وبالتالي يجب على الجميع تسهيل تشكيل حكومة مهمة لوقت معين كي تقوم باللازم.
وكشفت المصادر القربة من التيار الوطني الحر عن ارتيابها من ان وزارة المالية قد لا تكون العقدة الوحيدة وفي الوقت ذاته ابدت هذه المصادر تحفظها على سلوك سعد الحريري ورؤساء الحكومات السابقين الذين يتصرفون على قاعدة انهم الطرف الوحيد المخول لتشكيل الحكومة.
اوساط مقربة من حزب الله: الثنائي الشيعي من يسمي وزير المالية
بموازاة ذلك، قالت اوساط مقربة من حزب الله ان الخطوة الايجابية التي حصلت هو قبول رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بما وافق عليه الفرنسيين باعطاء منذ عشرة ايام وزارة المالية للشيعة كما كان جاريا. وتابعت ان اللقاء الذي حصل بين الرئيس المكلف مصطفى اديب والوزير السابق علي حسن خليل ومستشار الامين العام لحزب الله حسين خليل، ايضا وافق اديب على ان تكون وزارة المالية للطائفة الشيعية الا انه رفض ان يسمي الثنائي الشيعي الوزير مشيرا الى انه شخصيا من سيختار الوزير الشيعي للمالية. واوضحت الاوساط ان اللقاء انتهى عند هذه النقطة بعد ان رفض الثنائي الشيعي ان يسمي اديب الوزير نيابة عنهم مشيرة الى ان ذلك يعتبر انقلابا على نتائج الانتخابات النيابية بما ان الثنائي الشيعي وحده حصل على 27 وزيرا من اصل 128. فمن اي منطلق يقول الرئيس المكلف انه سيختار الوزير الشيعي ؟ وعلى ماذا يستند سعد الحريري صاحب اقلية نيابية ليقول انه يوافق على اعطاء وزارة المالية للشيعة ولمرة واحدة؟
الا ان الاوساط المقربة من حزب الله كشفت انه ستحصل لقاءات اخرى مع الرئيس المكلف والخليلين لمواصلة التفاوض حول وزارة المالية.
اما عن سلاح حزب الله فقد شددت اوساط مقربة من المقاومة ان سلاح حزب الله موجود للدفاع عن لبنان ولا يرمي احد مشاكله على لبنان وعلى سلاح المقاومة ليحول الانظار عن الحرب الذي هو غارق فيها في اليمن. وكان العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز دعا الى نزع سلاح حزب الله لتحقيق الامن في لبنان.
وفي سياق متصل قالت اوساط سياسية للديار ان الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله لا يمكن ان يتراجع عن وزارة المالية وتسمية وزيرها بيد ان الحزب يعتبر ان هذا التنازل سيفرض عليه تنازلات اخرى في المستقبل وهو ما لا يرضى به. كما اضافت هذه الاوساط ان الثنائي الشيعي يرجح ان حكومة اديب ستكون حكومة انتقالية وعمرها قصير وعليه يرفض الثنائي الشيعي كلام الحريري بان وزارة المالية للشيعة لمرة واحدة.
وانطلاقا من هذه القناعة لدى الثنائي الشيعي اصبح الاخير متمسكا بوزارة المالية او بمعنى اخر بالتوقيع الثالث في الدولة مهما هوّل البعض بان الدولار سيصل الى العشرين الف ليرة لبنانية ومهما زادت الضغوطات الداخلية والخارجية. والحال ان الثنائي الشيعي يعتبر ان المسألة ابعد من «وزارة المالية» وان حقيقة ما يجري هو توجه اميركي وسعودي لاخراج حزب الله من الحكم. فهل يمكن ان يسلم رأسه في هذه المرحلة ويتخلى عن المالية؟
هل تبتعد الحكومة المرتقبة عن المعيار الذي وضعته المبادرة الفرنسية؟
بات معلوما ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شدد ان اختيار الوزراء يجب ان يرتكز على الكفاءة وليس على الولاء السياسي. ولكن اليوم ترى اوساط ديبلوماسية ان مطالبة الاحزاب اللبنانية بحصص لها في تشكلية مصطفى اديب تشوه صورة حكومة المهمة وتدفع بها الى الانحراف عن المسار السليم الذي وضعه الفرنسيون لاطر تشكيل الحكومة.
وعلى سبيل المثال يصر النائب طلال ارسلان ان يكون الوزير من حصته وان يحمل حقيبة وازنة او خدماتية بعد ان كان طالب ارسلان بحقيبة سيادية للدروز.
وتقول الاوساط الديبلوماسية ان حل عقدة «الثنائي»، اذا ما تمّ، لا يعني اقتراب موعد ولادة الحكومة. فغداة اعلان رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، انه لا يوافق على ان يختار الرئيس المكلف مَن يمثّل المردة في الحكومة من دون استشارته، خاصة ان كتلته سمّت أديب، ليستشيرها لا ليتجاوزها… غرد رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان عبر حسابه على «تويتر»، «اكثر من مشكلة ستواجه الحكومة ورئيسها اذا لم يتم احترام الكتل النيابية بالمواصفات المطلوبة». من جهتها، تبدي اوساط الطاشناق ايضا تشددا حيال اختيار الوزراء الارمن في الحكومة العتيدة.
مصادر مقربة من قصر بعبدا: مراسم الحكومة تصدر بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة
الى ذلك, وعن مطالبة البعض رئيس الجمهورية باتخاذ قرار بالتوقيع على التشكيلة الحكومية ردت هذه المصادر ان هذه المطالبة لا تتماشى مع الواقع ذلك ان الرئيس المكلف لم يعرض اي تشكيلة حكومية على الرئيس عون والاخير لا يمكنه ان يفرض على اديب ان يقدم له تشكيلة حكومية بل مراسيم الحكومة وفقا للدستور تصدر بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
الرئيس المكلف: انا من يختار وزراء الحكومة
من جهة اخرى، علمت الديار ان الرئيس المكلف مصطفى اديب لا يزال مصرا على 14 وزير وان يختار الوزراء وان يكونوا من الاختصاصيين وتسمية الوزير الشيعي ان تكون من قبله شخصيا. وعندما تحدث الخليلان عن اللائحة المؤلفة من عشرة اسماء للمرشحين الشيعة لوزارة المالية اكد اديب ان لديه الاسم وبالتالي لم يستلم اللائحة.
ما لم يقله رئيس حزب القوات اللبنانية
من جهته انتقد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الاكثرية الحاكمة معتبرا ان لا امل في انقاذ لبنان طالما هي موجودة في السلطة. وجاء كلام جعجع ردا على ظروف عملية التأليف وانه لا يمكن الوصول الى حل حقيقي الا عندما يتم كف يد هذا الفريق وخير دليل على ذلك ان لبنان يمر باسوأ مرحلة من تاريخه ومع ذلك يتعامل هذا الفريق بعدم مبالاة لمعاناة الشعب اللبناني وبعدم اكتراث بمصير لبنان في حال لم تتشكل الحكومة وفقا لمصادر قواتية. وقالت هذه المصادر للديار ان هنالك فريقا مصرا على المحاصصة وتسمية الوزراء والتشبث بحقائب وزارية معينة وعلى هذا المنوال بات ايضا هناك افرقاء اخرون يطالبون ايضا بحصة لهم بما ان فريقا معينا يقارب تأليف الحكومة من منطلق المحاصصة والاحتفاظ بالمكاسب. وما لم يقله جعجع وفقا لمصادر قواتية انه على رغم من فداحة الازمة المالية وعلى رغم من خطورة الوضع المعيشي وما يمكن ان يؤول اليه لبنان اذا لم تولد الحكومة المرتقبة وعلى رغم التحذيرات الداخلية من الانزلاق الى جهنم ومن مصير اسود يتعامل فريق معين وكأن شيئا لا يحصل في لبنان وكأن الامور بالف خير. ورأت المصادر القواتية ان اداء هذا الفريق السياسي المعين يوحي بانه غير مهتم بمصلحة الناس ام انه يعيش في كوكب اخر بعيدا عن هواجس المواطنين وعما يحصل على ارض الواقع.
الخبير الاقتصادي نادر: نسبة الفقر في لبنان تخطت ال 50%
على صعيد الازمة الاقتصادية قال الخبير الاقتصادي سامي نادر للديار انه في حال لم تتشكل حكومة اصلاحية تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان فمن الطبيعي ان يحلق الدولار صعودا وستكون الدولة امام مخاطر اقتصادية جمة حيث ان نسبة الفقر تخطت 50% من الشعب اللبناني واصبح 30% من اللبنانيين تحت خط الفقر المدقع. وتابع ان عبارات الموت التي تنطلق من الشواطئ اللبنانية والبؤس الذي يعيشه اللبنانيون من كل المناطق خير دليل على انسداد الافق وتردي الاوضاع المعيشية والمالية والاقتصادية بشكل مخيف. وللاسف لا يرى الخبير نادر اي مؤشر في لبنان يدل الى ان الامور ذاهبة بالاتجاه الصحيح كما يخشى ان تكون عملية استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي صعبة اذا لم تشكل حكومة قادرة على تطبيق الاصلاحات. وكشف ان كل يوم يمر نرى اننا نبتعد عن المعايير التي وضعتها فرنسا لتشكيل الحكومة المرتقبة حيث عادت المحاصصة وتدخل الاحزاب في تشكيل الحكومات رغم ان الوضع الاقتصادي يتحول من سيىء الى اسوأ.
ولفت الخبير الاقتصادي سامي نادر للديار ان اول مؤشرات رفع الدعم عن المواد الاساسية من قبل مصرف لبنان بدأت تظهر تداعياتها حيث ارتفع سعر البنزين بنسبة طفيفة الى الان انما نشهد ازمة ادوية ذلك ان استيراد الادوية لم يعد كما كان في السابق. حذر نادر انه عندما يرفع الدعم بشكل كامل عن المواد الاساسية منها المحروقات والادوية والقمح عندها ستنهار الليرة بشكل كبير.