تكرر النسق التعطيلي نفسه. لقاءات، تعميم اجواء، مزيد من اللقاءات والاستمهال، والمحصّلة لا حكومة بعد، والثمن يكبر بشكل مطّرد، والمواطن وحده يسدد فواتير الأثمان المتراكمة هذه. هذا فيما فيروس الكورونا يسرح في طول البلاد وعرضها، والاستهتار الشعبي يفتح له ابواب الانتشار والشلل الرسمي يقدم لها مسارات التفشي، وعدّاد الاصابات ينافس نفسه في الارتفاع.
كل المعلومات المتداولة بعد الزيارة التي قام بها أمس الرئيس المكلف مصطفى أديب الى القصر الجمهوري وإجتماعه برئيس الجمهورية ميشال عون على مدى 40 دقيقة فقط، لا تبشر بالخير سواء إذا قدّم أديب لعون مسودة تشكيلة الحكومة أم لم يقدم، لأن أجواء اللقاء لا توحي أن ثمة حلولاً بدأت تلوح في الأفق، وهو ما عكسه المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان في خطبة يوم الجمعة التي جدد فيها رفض الثنائي الشيعي تسمية الوزراء من قبل الرئيس المكلف “لأن البلد بخطر”، على حد قوله، متسائلاً: “عن أي حياد يتحدث البعض بينما يجري تشكيل الحكومة في كواليس ما وراء البحار؟”.
هذا الكلام الذي يأتي مخالفاً في النص والمضمون لما صرح به من دار الفتوى المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل أول من أمس عن الأجواء الإيجابية، يؤشر الى أن الأمور لا تسير بالإتجاه السليم، وذلك مع بروز أكثر من عقدة في طريق الرئيس المكلف، ولو أن الأمور تتعلق فقط بعقدة وزارة المال لكانت أجواء لقاء عون – أديب أفضل بكثير مما يجري توصيفه.
وفي المعلومات المسربة من بعبدا أن أديب قدّم لعون تصوراً عن حكومة من 14 وزيراً، لكن دوائر القصر الجمهوري نفت ذلك نفياً قاطعاً، وعمّمت مقابل ذلك أن الرئيس المكلّف لم يقدّم لرئيس الجمهورية أية تشكيلة حكومية بإستثناء الإتفاق على عقد إجتماع ثانٍ عند الساعة الحادية عشر من قبل ظهر اليوم.
وقد اكتفت مصادر بعبدا في إتصالٍ مع جريدة الأنباء “الإلكترونية” بتكرار مضمون البيان الذي صدر عقب لقاء عون – أديب وأن الرئيسين لم يتطرقا الى أسماء الوزراء المقترحين للحكومة، وعزت ذلك لضيق الوقت، على أن تستكمل الإتصالات في لقاء اليوم، الذي وبحسب المصادر سيكون مفصلياً بالنسبة لتشكيل الحكومة بإعتبار أن الأمور غير واضحة حتى الساعة.
توازياً، أشارت مصادر متابعة للإتصالات التي يجريها أديب بعد مبادرة الرئيس سعد الحريري أن “الأخير خرج من لقائه مع الخليلين غير مرتاح بسبب إصرارهما على تقديم لائحة من 10 أسماء، وعليه أن يختار الأسماء التي تناسبه لتوزيرهم في الحكومة من حصة الثنائي الشيعي التي قد تكون ثلاثة وزراء مع حق التحفظ أو الرفض إذا لم تلقى هذه الأسماء قبولاً منه، لأن في جعبة الخليلين الكثير من الأسماء التي تصلح للتوزير”،
ونقلت المصادر عن أديب “إنزعاجه من هذا الشرط، لأنه يصر على تسمية الوزراء، ولن يقبل بإسقاطهم على التشكيلة الحكومية بـ”البراشوت”، وأن قبوله إعطاء المال للشيعة لا يعني تسليم أمر التوزير إليهم”.
المصادر رأت أن “أديب أمام خيار من إثنين، إما أن يسمي كل الوزراء في حكومته بمن فيهم وزير المال الشيعي أو الإعتذار عن التكليف، ولهذا السبب فإن إجتماع بعبدا اليوم سيكون مختلفاً عن اللقاءات الخمس التي عقدها مع عون، وهو في كل الأحوال سيعرض على رئيس الجمهورية تشكيلة وزارية من 14 وزيراً، فإما أن يقبل بها أو يوقعها، وإلا فإنه قد يعتذر، إلا في حال جرى تدخل فرنسي من أجل التريث لمهلة جديدة من أجل المزيد من التشاور قبل الإعتذار النهائي الذي أصبح شبه حتمي بالنسبة إليه”.
مصادر عين التينة لفتت عبر “الأنباء” الى أن “أجواء لقاء الخليلين بالرئيس المكلف أول من أمس كانت إيجابية، لكن موضوع الأسماء لم يحسم بعد، فالخليلان إقترحا على أديب لائحة من 10 أسماء لكي يختار منها من يعجبه وله الحق بالإعتراض والمطالبة بإستبدالها إذا لم ترق له، فلدى الثنائي العشرات من الأسماء التي تصلح لموقع الوزير”.
وعن تمسك أديب بتولي التسمية بنفسه، رأت مصادر عين التينة أن “هذا الموضوع لم يحسم بعد، وأن المشاورات لم تتوقف بشأنه”. المصادر اعتبرت أن عين التينة “تلقفت مبادرة الحريري وأن النائب علي حسن خليل إتصل بالرئيس المكلف لتحديد موعد اللقاء معه ما يعني أن عين التينة تقابل الإيجابية بالمثل وعلى هذا الأساس يؤمل أن تسير الأمور بالإتجاه الإيجابي.
توازيا، أشارت مصادر بيت الوسط عبر “الأنباء” الى ان الاتصالات لحلحلة العقد لم تتوقف وان رؤساء الحكومات السابقين لن يقبلوا بأقل مما قدمه الحريري للثنائي الشيعي وهم بالتالي يرفضون رفضا قاطعا ان يسمي الثنائي الوزراء الشيعة لان ذلك من شأنه ان يلغي دور رئيس الحكومة ويضعفه وسابقة غير مقبولة.