لم يصمد “التوافق” داخل كتل الاكثرية الحاكمة، ومعها كتلتا المستقبل واللقاء الديمقراطي، سوى ساعات قليلة، استغرقتها الجلسة الصباحية، فأقرت تعديلات على قانوني الإثراء غير المشروع والمحاكمات الجزائية، واقتراحات قوانين تتعلق بمتضرري مرفأ بيروت والدولار الطالبي، عبر إلزام المصارف بتحويل 10 آلاف دولار لكل طالب يدرس خارج لبنان، ليطاح بها، عند الساعة السادسة مساءً، على خلفية اعتراض كتلة نواب “لبنان القوي” التي يرأسها النائب جبران باسيل على صيغة قانون العفو لا سيما المادة 9 منه، فطار النصاب، واضطر الرئيس نبيه برّي إلى رفعها إلى 20 ت1 الجاري.
ولئن كانت الجلسة استهلت بالوقوف دقيقة صمت عن روح أمير دولة الكويت صباح الاحمد الجابر الصباح، وبرثاء من الرئيس برّي، وصف فيه الراحل بأنه “درة من درر العرب”، وأن لبنان فقد صديقاً عزيزاً وشقيقاً.
فإن الخلاصة التي بلغتها، لم تكن لمصلحة معالجة ملفٍ من أخطر الملفات المتفجرة، هو تفشي فايروس كورونا في سجن رومية وسجن زحلة وسجون أخرى، الامر الذي كان يفترض إقرار قانون العفو العام، وبأي صيغة حسب الرئيس برّي، الذي لم يخفِ امتعاضه من النتائج التي آلت إليها الجلسة، وبالتالي، من الممكن ان تترك تداعيات على معالجة جملة من الملفات العالقة في ما خص الحكومة، أو سائر الملفات الحياتية والتشريعية الاخرى.
والحال، فإن تيّار العهد (تكتل لبنان القوي) بعد مقاطعة كتلة القوات اللبنانية للجلسة، اسقط قانون العفو.. وبرز في بعبدا تشاؤم رئاسي من مسار التكليف والتأليف، في ظل غياب أي اتصال بعد، واستمرار التباعد بين المواقف الرئاسية والكتل النيابية، والاطراف المعنية بهذا الملف، وسط تمسك “الثنائي الشيعي” بمواقفه من مسار التكليف والتأليف، ورد رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، سعد الحريري، تمام سلام عليه لجهة ان “رواية الامين العام لحزب الله تعمدت افتعال اشتباك طائفي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، بزعم التعدّي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية لمصلحة رئاسة الحكومة وما تمثل، وهو الامر الذي لا أساس له من الصحة”، فضلاً عن ان “مطالعة الامين العام لحزب الله تنسف المبادرة الفرنسية بمحتواها الاقتصادي والمالي، من خلال المقاربات الخاصة بصندوق النقد الدولي والاصلاحات الاقتصادية والمالية”.
وتنظر الاوساط المقربة من بعبدا بتشاؤم إلى إمكانية تأليف حكومة، من دون “تدخل خارجي”، وهو ما اشارت إليه محطة “O.T.V” في معرض الكلام عن مرور 31 عاماً على اتفاق الطائف، الذي صار دستوراً، إذ ذكرت “أما اليوم، فمظهر إضافي من مظاهر الفشل المتآتي من الدستور المعدل قبل 31 عاماً، عبر استحالة تشكيل حكومة بمعزل عن تدخل خارجي”.
وفي السياق، افادت مصادر مطلعة لـ”اللواء” ان هناك تواصلا سيتم بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب لتقييم ملف الحكومة ووضع المبادرة الفرنسية بعد المؤتمر الصحافي للرئيس الفرنسي والاستعدادات لأنقاذها كمبادرة اقتصادية بغية تأليف حكومة مهمة لتنفيذ الاصلاحات وبعد استشراف المرحلة المقبلة يفترض ان تتم الدعوة للاستشارات النيابية ولا يفترض الانتقال من انتكاسة الى اخرى. واكدت ان الحوار يبدأ مع رئيس المجلس لاسيما ان التشاور بعد الاستشارات سيتم معه اما توقيت الاستشارات فيبقى رهن ارادة رئيس الجمهورية في ضوء المعطيات التي تتجمع لديه.
الى ذلك رأت المصادر ان ما من تعويم لحكومة تصريف الاعمال برئاسة حسان دياب، وليس هناك من وارد في ذلك وهي تعمل كحكومة تصريف أعمال لا اكثر ولا اقل.
وسألت كيف يمكن تعويم حكومة تصريف الاعمال ولا امكانية لذلك بل هناك امكانية لتصريف الاعمال وهذا ما يجري اي موافقات استثنائية حول بعض المواضيع.
ولفتت الى هناك حكومات تصريف اعمال بقيت لفترة ولا يمكن في ظل الواقع الذي يعيشه المواطنون الانتظار، ولكن حرق المراحل لا يفيد قبل أجراء عملية التقييم واختيار الشخص المناسب القادر على التوفيق بين التناقضات والتجاذبات بفعل الضرورة الماسة قبل حلول فصل الشتاء لمعالجة بعض المواضيع الحساسة خصوصا اذا لا سمح الله تم رفع الدعم عن المواد الاساسية.
وكانت انشغلت البلاد بالجلسة التشريعية للمجلس النيابي والاحتجاجات الشعبية التي واكبت الجلسة للمطالبة بإقرار قانون العفو وتخللها قطع بعض الطرقات في الضاحية والشمال واحتجاج في سجن رومية هدد خلاله بعض السجناء بشنق انفسهم. وبتوسع انتشار فيروس كورونا،والملاحقات الامنية لشبكات الارهاب التي اعادت إحياء عملياتها، وتجدد ازمة المحروقات وكشف عمليات التهريب نهاراً جهاراً الى سوريا وبمعرفة السلطات الرسمية بمن يهرّب وكيف يُهرّب عبر شاشات التفلزة. فيما واصل الدولار تحليقه متخطيا عتبة 8 الاف و500 ليرة.
كما انشغلت البلاد بتقديم التعازي بامير الكويت الراحل الشيخ صباح الاحمد الصباح في السفارة الكويتية، وبالردود على مواقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعدما توقفت الاتصالات والتحركات المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة، بإنتظار انتهاء تقييم القوى السياسية للتجربة السابقة مع مصطفى اديب وتقرير اي خيار ستسلكه بالتوازي مع استمرار التمسك بالمبادرة الفرنسية التي يمكن ان يطرأ عليها تجديد ما. فيما رُصِد تحرك جديد للسفير المصري ياسر علوي، الذي زار رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه في دارته في بنشعي، وتطرق البحث بحسب بيان المكتب الاعلامي للمرده الى “مجمل الاوضاع والتطورات الراهنة، لاسيما ملف ترسيم الحدود البحرية بالإضافة الى ملف تشكيل الحكومة اللبنانية والاوضاع الإقليمية والدولية الراهنة”.
وكان السفير المصري قد قام خلال اسبوعين الماضيين قبل وبعد اعتذار اديب، بلقاءات علنية وغير علنية مع كبار المسؤولين وبعض اركان السياسة، بالتوازي مع التحرك الروسي الذي قام به الموفد الخاص للرئيس بوتين نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. لكن لم تعرف اي تفاصيل عنه، سوى ان بوغدانوف سيزور لبنان نهاية تشرين اول الحالي.
ويبدو انه بين مهلة الرئيس ماكرون الممتدة بين ثلاثة الى ستة اسابيع، وبين الزيارة المرتقبة لبوغدانوف بعد شهر، والزيارة التي جرى الحديث عنها لمساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر الى لبنان نهاية هذا الشهر ايضاً لإستئناف المفاوضات في شأن ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل، سينتظر اللبنانيون الكثيرمن الازمات والتردي المعيشي والاقتصادي، برغم ان الاتحادالاوروبي اكد امس في بيان مطول له استمرار دعم لبنان.
ورد رؤساء الحكومة السابقون في بيان لهم امس، على كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وقالوا: من المؤسف أن يجتنب السيد نصر الله الحقيقة إلى هذه الدرجة، في الرواية التي ساقها بشأن المساعي التي قام بها الرئيس مصطفى أديب في محاولة تشكيل حكومة إنقاذية والاسباب التي ادت إلى فشلها.
اضاف الرؤساء: إنّ السيد نصر الله في معظم مداخلته أمس كان يستعرض الشروط التي وضعها لتشكيل الحكومة العتيدة. وباختصار، فإن الامين العام لحزب الله يريد حكومة يتمثل فيها حزبه، وتسمي فيها الاحزاب ممثليها للوزارات المختلفة. وهذه الوصفة هي التي تنطبق تماماً على ما جرى عند تأليف الحكومة المستقيلة، والتي أدّت إلى النتائج الواضحة والجلية، والتي رآها ويراها اللبنانيون كل يوم بأعينهم، والتي استدعت أساسا مبادرة مشكورة للرئيس ماكرون في محاولة أخيرة لوقف الانهيار.
الجلسة.. الميثاقية
نيابياً، كادت الميثاقية أن تطيح بالجلسة التشريعية في قصر “الاونيسكو” أمس لولا استدراك الرئيس نبيه برّي الموقف والاسراع في ارجاء البحث بقانون العفو بعد ان كان تكتل “لبنان القوي” وضعه شرطاً لحضور هذه الجلسة، وقد حصل ذلك بعد مروحة من الاتصالات التي أثمرت الاتفاق على تأليف لجنة برئاسة نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي لإيجاد صيغة توافقية لهذا الموضوع، غير ان فشل هذه اللجنة بالوصول إلى تفاهم أدى إلى تطيير الجلسة المسائية بفعل عدم اكتمال النصاب وهو ما أدى إلى ترحيل القانون إلى الثلاثاء الاوّل الذي يلي الخامس عشر من تشرين الاوّل موعد بدء العقد العادي للمجلس. لكن هذا الترحيل لم يدعه الرئيس برّي يمر مرور الكرام حيث “أسف للمنحى الذي نسير به جميعاً، ونخشى ان نصل إلى مكان نقول فيه للسجناء نحن لا نستطيع أن نطببكم”، هذا الكلام للرئيس بري كان سبقه موقف لافت له في بداية الجلسة حيث قال: طالما هناك طائفة وطوائف فلبنان لن يتقدّم ولن يتطور.
وقد بدا على الرئيس برّي الاستياء العارم من تهديد “لبنان القوي” بمقاطعة الجلسة فيما لو ابقى على قانون العفو، وتجنباً للوقوع في فخ ارجاء الجلسة وما يعنيه ذلك من ارتدادات سلبية على الواقع السياسي كان القبول بسحب البند عن جدول أعمال الجلسة، غير ان نواب “لبنان القوي” عادوا واحتفظوا بحق الانسحاب في حال إعادة طرح المشروع، وبين هذا التوجه وذلك طار نصاب الجلسة المسائية وطار معها قانون العفو الذي كما هو معلوم كان يؤيده “الثنائي الشيعي” والحزب التقدمي الاشتراكي.
وإلى هذا فإن إقرار أحد مواد قانون الإثراء غير المشروع اثار لغطاً لجهة التفسير، وهو ما استلزم نقاشاً واسعاً سجل في خلاله انقساماً نيابياً انتهى إلى اقراره باعتبار الإثراء غير المشروع جريمة عادية تخضع للقضاء العادي، بعد ان كانت كتلة “المستقبل” طلبت استبدال رفع الحصانة عن رئيس مجلس الوزراء والوزراء بعبارة “يخضع جرم الإثراء غير المشروع لاختصاص القضاء العدلي”.
كما أقرّ المجلس اقتراح قانون يرمي إلى تعديل مادة في قانون أصول المحاكمات الجزائية لجهة تكريس حق الموقوف بالاستعانة بمحام أثناء التحقيقات، كما تمّ أيضاً إقرار قانون الدولار الطالبي بمادة وحيدة: عشرة آلاف دولار في السنة على سعر 1515 للطلاب الذين يدرسون في الخارج.
ومن الاقتراحات المهمة التي اقرها المجلس ايضاً اقتراح قانون حماية المناطق المتضررة جرّاء انفجار مرفأ بيروت وتعويض الابنية المتضررة.
واقر المجلس مشروع قانون طلب الموافقة للحكومة على ابرام البروتوكول الملحق باتفاقية الشراكة المتوسطية بين الجمهورية اللبنانية والاتحاد الاوروبي، وكذلك الإجازة لمؤسسات التعليم الخاص بتنسيب تلامذة صف الفرشمن في العام الجامعي 2020 – 2021 وإن كانوا لم ينجحوا بعد في امتحاني الكفاءة والتحصيل.
وفي المقابل ردّ المجلس اقتراح القانون الرامي إلى اعتماد التدريب الرقمي عن بعد في التعليم الجامعي للجان.
وكانت قضية العفو حضرت في تحرك أهالي السجناء، في وقت هدّد فيه هؤلاء بالانتحار شنقاً في حال عدم إقرار قانون العفو.
الوضع المالي
على الصعيد المالي، دعا رئيس جمعية المصارف في لبنان سليم صفير الى تشكيل حكومة جديدة تضم أصحاب الخبرة العملية، واعتبر في حديث لوكالة “رويترز”، أن “استعادة الثقة هي العامل الاهم للخروج من الازمة، كما تشكيل حكومة جديدة قائمة على الخبرات”.
وعن تعميم مصرف لبنان الاخير، أوضح صفير أنه “يهدف الى استعادة ما بين 4 وحتى 5 مليارات دولار للتصدي للشحّ الكبير في سيولة المصارف”.
وشدد صفير على أن “المصارف تعارض اي اقتطاع من الودائع “Haircut” فالمساس بأموال المودعين هو اسهل الطرق لتغطية الخسائر، ولكن ذلك سيخلق الكثير من المشاكل الاجتماعية”.
أضاف: في المقابل اقترحت جمعية المصارف انشاء صندوق سيادي تبقى فيه الاصول ملكاً للدولة بقيمة 40 مليار دولار لضمان الودائع أولاً، واستعادة الثقة سريعاً، وذلك للحدّ من التشكيك القائم في إمكانية دفع الودائع.
وأوضح في هذا الاطار، ان “أصول الدولة ستبقى ملكاً للدولة وإنما عوائد الصندوق هي التي ستخلق السيولة اللازمة”.
تعديل تعرفة المستشفيات
وفي سياق طبي، أعلن المركز الطبي في الجامعة الاميركية في بيروت انه ابتداءً من اليوم سيسعر على أساس 3900 ليرة للدولار، وليس على أساس 1500 ليرة..
وأعلن وزير الصحة الاسبق محمّد جواد خليفة ان المستشفيات ستسعر على أساس 3950 ليرة للدولار الواحد.
تحويلات إلى سويسرا
واستمرت المناوشات بين وزيري الطاقة السابقين ندى البستاني وسيزار أبي خليل (وكلاهما من التيار الوطني الحر) لجهة تحويل أموال إلى الخارج.
فقد كشف رئيس المرصد اللبناني لمكافحة الفساد شارل سابا (M.T.V) أن بستاني أجرت تحويلين من مصرفين لبنانيين أوائل كانون الثاني 2020 إلى بنك سويسري، على أساس ان في التحويلين يظهر رقم الحساب وتاريخ التحويل.
وأكد سابا ان من حولوا الاموال إلى الخارج ليس فقط سيزار أبي خليل أو ندى بستاني أو غيرهما من أعضاء التكتل أو المتعهدين بل من معظم القوى النافذة من سياسيين ومصرفيين وإعلاميين وهذا باعتراف حاكم مصرف لبنان بالتعميم رقم 154.
39620 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي تسجيل 1257 إصابة بالكورونا و6 حالات وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد إلى 39620 حالة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط.