كتبت صحيفة “الشرق الأوسط” تقول: نجحت الوساطة الأميركية في بلورة “اتفاق إطار” بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية، وأعلن الاتفاق رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أمس، مشيراً إلى أنه “يرسم الطريق للمفاوض اللبناني وهو الجيش، برعاية رئيس الجمهورية والحكومة العتيدة”، بعد 10 سنوات من المفاوضات التي تولاها بري للتوصل إلى هذا الاتفاق، معلناً أن مهمته تنتهي هنا ليستأنفها الجيش بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي.
ورحبت الخارجية الأميركية بقرار بدء محادثات لبنانية إسرائيلية حول الحدود، معتبرة أنها “تمهد للاستقرار والأمن والازدهار”. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو إن الخطوة “تخدم حماية مصالح لبنان وإسرائيل والمنطقة”، لافتاً إلى أن الاتفاق على المفاوضات “هو نتيجة 3 سنوات من المساعي”.
ومن المتوقع أن تنطلق الجولة الأولى من المفاوضات في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بحسب ما تفيد معلومات حصلت عليها “الشرق الأوسط”. وستُعقد المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين في مركز الأمم المتحدة في رأس الناقورة في أقصى جنوب غربي لبنان، وفق الآلية نفسها التي تجري فيها اجتماعات اللجنة الثلاثية المؤلفة من الجيشين اللبناني والإسرائيلي وقوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب (يونيفيل)، تحت “علم الأمم المتحدة وبرعايتها”، وبحضور مندوب أميركي هو “وسيط ومسهل” في تلك المفاوضات.
ورحب الرئيس ميشال عون بالإعلان الذي صدر عن وزير الخارجية الأميركي بومبيو عن التوصل إلى “اتفاق إطار” للتفاوض على ترسيم الحدود وأعلن أنه سيتولى المفاوضات في هذا الشأن.
وأضاف بيان رئاسة الجمهورية أن عون سوف يتولى “التفاوض… بدءا من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض، آملاً من الطرف الأميركي أن يستمر في وساطته النزيهة”.
وبدأت مهمة بري في العام 2010. “إثر التأكد من وجود نفط في حدودنا” وذلك بمطالبة الأمم المتحدة لترسيم الحدود البحرية ورسم خط أبيض في البحر المتوسط. وقال بري في مؤتمر صحافي عقده أمس: “إثر تردد الأمم المتحدة وطلبها مساعدة الولايات المتحدة بادرت شخصياً لطلب المساعدة” مشيرا إلى أن زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى لبنان ولقاءه معه أعاد ملف ترسيم الحدود إلى طاولة البحث.
وأضاف بري: “الولايات المتحدة تدرك أن حكومتي لبنان وإسرائيل مستعدتان لترسيم حدودهما البحرية بالاستناد إلى تجربة الآلية الثلاثية الموجودة منذ تفاهمات نيسان 1996 وحاليا بموجب القرار 1701”. وأضاف: “طلب من الولايات المتحدة أن تعمل كوسيط لترسيم الحدود البحرية وهي جاهزة لذلك، وحين يتم التوافق على الترسيم في نهاية المطاف سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الأمم المتحدة عملا بالقانون الدولي والمعاهدات ذات الصلة”.
وأشار بري إلى أن الولايات المتحدة “تعتزم بذل قصارى جهودها من أجل إدارة المفاوضات واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن”، مضيفاً: “إذا نجح الترسيم، فهناك مجال كبير جدا، خصوصا بالنسبة للبلوكين رقم 8 و9. أن يكون أحد أسباب سداد ديوننا”.
وكشف بري أن “الاتفاق حصل في 9 يوليو (تموز) الفائت، موضحاً أن الاتفاق اليوم “هو اتفاق إطار وليس نهائياً يرسم الطريق إلى المفاوض اللبناني” في إشارة إلى الجيش اللبناني، و”سيتم عقد اجتماعات بطريقة مستمرة في مقر الأمم المتحدة في الناقورة وبرعايتها وتحت علم الأمم المتحدة”، مشدداً على “تلازم المسارين برا وبحرا”. وقال أن مهمته اليوم تنتهي هنا.
ولا يزال لبنان وإسرائيل في حالة حرب رسمياً، ويتنازعان على حدودهما البرية والبحرية منذ عقود بما في ذلك منطقة بالقرب من ثلاث مناطق امتياز لبنانية للطاقة (هي البلوكات البحرية رقم 8 و9 و10). وتبلغ مساحة المنطقة المتنازع عليها في البلوك رقم 9 في جنوب لبنان، نحو 860 كيلومتراً مربعاً، وتقول إسرائيل إنها عائدة لها، بينما يصر لبنان على أنها تقع داخل منطقته الاقتصادية. وحال هذا النزاع دون انطلاق كونسورتيوم شركات “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية و”نوفاتيك” الروسية التي حصلت على ترخيص التنقيب قبل عامين من الحكومة اللبنانية، برحلة الاستكشاف في الرقعة.
وقال بري إنه “حصل تأخير حتى بعد التلزيم الذي كان من المفترض أن يحصل في السنة الماضية”، لافتاً إلى أن “عدم الاتفاق كان أحد أسباب تأخير بدء توتال بالتنقيب قبل نهاية العام الحالي”. وقال: “تمنيت على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يتفاوض مع توتال لئلا يحصل تأخير إضافي”، لافتاً إلى أنه من المفترض أن تبدأ رحلة الاستكشاف قبل نهاية العام الجاري.
وقال بري إن الولايات المتحدة ستضغط من أجل التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن، وأكد أنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن إطار العمل قبل تحرك واشنطن لفرض عقوبات على معاونه السياسي النائب علي حسن خليل في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
ورحبت القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) بإعلان اتفاق الإطار لإطلاق مفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
واعتبر متحدث باسم “اليونيفيل” في لبنان أن الاتفاق “خطوة كبيرة”، مؤكداً في تصريحات لـ”الشرق الأوسط” أن الاتفاق “من شأنه أن يخفف التوتر” في المنطقة الحدودية الجنوبية، مشيراً إلى أن الترتيبات ستُعلن لاحقاً.
وأكدت “اليونيفيل”، في بيان، أنها على استعداد لتقديم كل الدعم الممكن للأطراف وتسهيل الجهود لحل هذه المسألة”، مشيرة إلى أنها وفي إطار قرار مجلس الأمن الدولي 1701. تدعم أي اتفاق بين البلدين (لبنان وإسرائيل) بما يعزز الثقة ويحفز الأطراف على الالتزام مجدداً باحترام الخط الأزرق وعملية ترسيم الحدود الأوسع.