الرئيسية / صحف ومقالات / النهار:الدولة تختفي مع تحقيقاتها في ذكرى الشهرين!
flag-big

النهار:الدولة تختفي مع تحقيقاتها في ذكرى الشهرين!

كان يمكن تبرير غياب حكومة تصريف الاعمال عن الاستجابة لمطلب اهالي شهداء الضحايا شهداء انفجار 4 اب في مرفأ بيروت بحضور اي مسؤول لابلاغهم بأخر تطورات التحقيقات الجارية في هذا الانفجار المزلزل الذي احدث في واقع لبنان المأزوم ما لم تحدثه اسوأ الحروب، لان هذه الحكومة باتت في حكم البقاء بقوة فراغ السياسة وانتظار ساسة لبنان ومسؤوليه من يرشدهم الى مسالك المسؤوليات المصيرية. ولكن مأساة اهالي الشهداء، كما مأساة جميع اللبنانيين، برزت ماثلة بقوة امس في ذكرى مرور شهرين على انفجار المرفأ في اختفاء كل الدولة برؤسائها ومسؤوليها وسلطاتها وسياسييها، فبدا مشهد احياء ذكرى شهرين على الانفجار اشبه باستذكار دراماتيكي لكارثة افتقاد لبنان لدولة ورجال دولة يقفون او يتجرأون على الحضور بين اهالي الشهداء اقله لتوضيح التبريرات لسبب تأخر التحقيق الرسمي في الانفجار الذي كانت هذه الدولة يوم حصوله طلبت انجازه في خمسة ايام، فاذا بشهرين يمران حتى الان ولا نتائج حاسمة في الانفجار واسبابه وظروفه وملابساته ولا من يحزنون. مشهد اختصر بواقعيته ورمزيته الفراغ المخيف والعجز الخيالي والقصور المتفاقم الذي تعيشه الدولة بكل مؤسساتها وسلطاتها والذي لم يكن ينقصه سوى الاطباق على المبادرة الفرنسية واجهاض مهمة الرئيس المكلف مصطفى اديب لكي يعم الشلل الرسمي والسياسي فيما تكابد البلاد اسوأ تداعيات الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يرزح تحتها لبنان والتي يتوجها منذ اسابيع انفجار الانتشار الوبائي لفيروس كورونا دافعا بلبنان الى مصاف الدول ذات المستويات القياسية في خطورة مواجهة الجائحة. وفي غياب اي توضيحات، جرى احياء الذكرى عصر امس في اعتصام رمزي لمجموعة من اهالي الضحايا الذين قطعوا لبعض الوقت اوتوستراد شارل حلو قرب تمثال المغترب بعدما طالبوا الرؤساء الثلاثة بالتواصل معهم وامهلوهم نصف ساعة لابلاغهم الرد حول مستجدات التحقيق في الانفجار. وبعد قطع الطريق لفترة قصيرة طير الاهالي بالونات بيضاء تحمل اسماء الشهداء وانهوا اعتصامهم.

المراوحة الطويلة؟

وسط هذه الاجواء بدا في حكم المؤكد ان المراوحة في ازمة تشكيل الحكومة الجديدة بعد اطاحة تكليف مصطفى اديب والتسبب بنكسة كبيرة وجسيمة للمبادرة الفرنسية مرشحة للاستمرار طويلا بما يتجاوز الموعد الافتراضي المتصل بالانتخابات الرئاسية الاميركية بعد شهر، اذ تبدو تعقيدات الواقع اللبناني العامل الاكثر تأثيرا على اطالة امد الازمة ولا شيء يضمن ابدا ان تشهد الازمة حلحلة في المدى المنظور. واذا كانت الساعات الاخيرة شهدت حملة ترويج معطيات موجهة من جانب “حزب الله” استهدفت توزيع مزاعم عن تفهم فرنسا للموقف الذي اتخذه الثنائي الشيعي، فان المعلومات المتوافرة من جهات معنية بهذا الملف تشير الى ان اي شيء جديد لم يبرز بعد لدى الجانب الفرنسي الذي يترك للبنانيين حاليا امر مواجهة الاستحقاق الحكومي تكليفا وتأليفا ضمن مهلة الستة اسابيع التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. وفي هذا السياق اكدت مصادر مطلعة لـ”النهار” ان اي شيء جدي لم يبرز بعد في افق استحقاق تكليف شخصية بتشكيل الحكومة الجديدة ولا صحة تاليا لكل ما اطلق من بالونات اختبار او معطيات غير جدية حول ترشيح اسماء مطروحة او ستطرح لتولي رئاسة الحكومة الجديدة . وتؤكد هذه المصادر ان مسار تداول اسماء المرشحين لتولي رئاسة الحكومة لم يفتح بعد والاستحقاق لا يزال يراوح وسط شلل سياسي واسع وجمود كبير يطبع مجمل الوضع الداخلي . ولكن الاوساط المتصلة ببعبدا تشير الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يعتزم البدء بتحريك المشاورات والاتصالات لتحريك الاستحقاق الحكومي بدءا من اللقاء الذي سيجمعه اليوم في الطائرة الى الكويت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب لتقديم التعازي بامير الكويت الراحل الشيخ صباح الاحمد الصباح. ومع ان اي موعد لا يبدو واضحا بعد لاجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف فان الجهات المعنية بالاتصالات لا تبدي تفاؤلا بموعد قريب ما دامت تعقيدات التكليف غير مرشحة للتذليل قريبا بدليل انقطاع كل جسور الاتصالات الداخلية في هذه المرحلة وحالة الانتظار الذي تطبع مجمل الواقع الداخلي والتي زادها تعقيدا الاتجاه الى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل اذ تبدو قوى سياسية عدة في حالة رصد لخلفيات توقيت لهذه الخطوة بعدما شابتها شكوك وتساؤلات اظهرت واقع التشرذم الذي تعاني منه الدولة .

وفيما زار الرئيس سعد الحريري الكويت امس مقدما التعازي الى اميرها الجديد اكدت مصادر تيار “المستقبل” لـ”النهار” في الشأن الحكومي ان الحريري لا يزال متمسكا ببنود المبادرة الفرنسية من دون تعديل يؤدي الى نسف جوهرها بعدما ثبتت مسؤولية ايران عن تعطيل ولادة الحكومة من طريق “حزب الله” في انتظار نتائج الانتخابات الاميركية .

ولعل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عبر عن مقلبي الازمة امس اذ حمل بشدة من جهة على اهمال المسؤولين ولكنه اشاد في المقابل بالاتجاه الى مفاوضات ترسيم الحدود . وقال انه تلقى “بامل اعلان الدولة اللبنانية توصلها الى اتفاق اطاري لترسيم الحدود البحرية والبرية مع اسرائيل بما يسمح للبنان بان يستعيد خط حدوده الدولية جنوبا ويسهل له استخراج ثرواته البحرية وينهي مسلسل الاعتداءات والحروب بين لبنان واسرائيل بموجب القرار 1701 “.

تجربة العزل

وسط هذه الاجواء تصدر اتساع الانتشار الوبائي لفيروس كورونا الالويات نظرا الى اشتداد خطر القصور الاستشفائي الناجم عن عجز المستشفيات عن استقبال الاعداد التكاثرة للمصابين بكورونا وبلوغ قدراتها الاستيعابية الذروة . وفي هذا السياق اتجهت الانظار امس الى رصد تجربة اقفال وعزل 111 بلدة وقرية في مختلف المحافظات اللبنانية والتي يمكن ان تشكل نموذجا لاختبار قدرة الدولة على فرض الاجراءات الالزامية للحماية من جهة وتخفيض مستويات الاصابات وتخفيف الضغط على المستشفيات من جهة اخرى .وقد شهدت التجربة في يومها الاول تفاوتا واسعا في التزام المواطنين تدابير العزل والحجر في المنازل كما في التزام البلديات القرار الرسمي. ولكن وزارة الصحة اطلقت عبر فرقها الطبية احدى اوسع واضخم الحملات لاجراء الفحوص السريعة والعادية في البلدات والقرى المشمولة بقرار الاقفال بما يعني اجراء الفحوصات لعشرات الوف المواطنين. وفي هذه الاثناء حافظ عداد الكورونا على مستوياته المرتفعة القياسية اذ سجلت وزارة الصحة امس 1002 اصابتين مما رفع مجمل العدد التراكمي للاصابات في لبنان منذ شباط الماضي الى 44482 كما سجل ثماني حالات وفاة رفعت العدد الى 406.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *