لا جديد جدّي حكومياً. لا أجواء توحي أن المعنيين بالأمر استدركوا عواقب الأمور. كل ما يحصل حتى الساعة جولة مشاورات نيابية وسياسية قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية. أما الكلام عن أن الاستشارات ستكون الاسبوع المقبل فلا يزال غير محسوم بعد.
المعطيات التي حصلت عليها “الأنباء” تفيد أن ما يجري هو عبارة عن تحريك للركود الحكومي، لكن بدون الإقدام على أي خطوة ما لم يكن هناك توافق واضح على التأليف والتكليف. بينما هناك من يعتبر أنه قد يجوز الاتفاق على التكليف وتبقى مسألة التأليف معلقة بانتظار تبلور الاجواء الدولية.
قبل أواخر الأسبوع لن تتضح حصيلة المشاورات والاتصالات السياسية، ولذلك لا تحديد بعد لموعد الاستشارات، خصوصاً وأن الحركة السياسية ضعيفة في الكواليس بانتظار ما سيعلنه امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله مساء اليوم، وما سيعلنه الرئيس سعد الحريري مساء الخميس.
بعض الاتصالات تعمل على خط تفعيل المبادرة الفرنسية وتعديلها بإدخال مرونة على شكل الحكومة، في الموازاة كل القوى السياسية تسعى لأن تكون في واجهة المسهّلة والساعية لإيجاد التوافق للخروج من دائرة الإتهام بالعرقلة او التعطيل. عدا عن ذلك لا شيء جدياً حتى الآن. وكل ما يجري ليس الا من باب رفع العتب وتمرير الرسائل، كالكلام عن تعويم حكومة تصريف الاعمال او تشكيل حكومة من لون واحد، وهو ما يدخل في اطار شد الحبال واستدراج القوى السياسية لبعضها البعض بهدف تقديم تنازلات وتسجيل نقاط. إذا لا كلام قبل الاسبوع المقبل.
وفي السياق، فإن عضو كتلة المستقبل النائب عثمان علم الدين رأى في إتصال مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أنه “لا حلول قريبة في المجال الوزاري بعد قرار حزب الله وحركة أمل تفشيل المبادرة الفرنسية، والتي تُعد الفرصة الأخيرة للبنان”، مستبعدا “إحتمالية دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الإستشارات النيابية الملزمة الأسبوع القادم”.
إلّا أن علم الدين اعتبر أن “الأمل الأخير المتبقي للبلاد هي مهلة الـ6 أسابيع التي أعطاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”.
وفي هذا الإطار، شدّد علم الدين على “ضرورة أن يعي المسؤولون موقع لبنان في قلب العاصفة ووصوله إلى الإنهيار، ما يتطلب حسّا بالمسؤولية من أجل الشروع بالإنقاذ”.
وحول موقف الكتلة من الإستشارات وإحتمال عودة طرح تسمية الرئيس سعد الحريري، أو أن يسمّي الأخير شخصا آخر لتولّي المهمّة، فضّل علم الدين إنتظار إطلالة الحريري الإعلامية المرتقبة يوم الخميس المقبل من أجل الإطلاع على الموقف بوضوح.
في المجال نفسه، توقّع عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى “رفع وتيرة التواصل والإتصالات في الأيام المقبلة، وتزخيم النشاط على هذا الخط من أجل الدعوة إلى الإستشارات النيابية الأسبوع المقبل”، مشيرًا إلى أن ”تواصل الرئيس نبيه بري لم ينقطع مع أي من الأطراف، كما أن الإتصالات بشكل عام موجود لكن في القنوات الداخلية”.
إلّا أن موسى لفت في حديث لـ”الأنباء” إلى أنه “لا تداول في أي إسم حالياً، فيما المطلوب شخص يقوم بالمهمة الصعبة في البلاد، وفق الظروف الإستثنائية التي نختبرها، والموضوع بحاجة إلى مشاورات أكثر”.
كما شدّد موسى على “وجوب أخذ مختلف الأطراف الوضع الحالي الصعب بعين الإعتبار، على أن يتم التسهيل من قبلهم من أجل إتمام المهمة، والرئيس بري من جهته لن يتوانى بقدر إستطاعته”، مؤكّداً “أهمية تشكيل حكومة في أقرب وقت، على أن لا تطول المهل، إذ أن الشعب اللبناني لا يحتمل”.
وعن الشروط المسبقة التي فرضها الثنائي حزب الله وحركة أمل، رأى موسى أن ‘الموضوع يتوقف عند الوضعية العامة للحكومة وهيكليتها”.
من جهته، فقد أشار عضو تكتّل “لبنان القوي” إدغار طرابلسي في إتصال مع “الأنباء” إلى “دعوة الكتلة من أجل تحريك العجلة الحكومية، لكن للأسف لم يتحرّك شيئًا، والوضع أشبه بالجمود التام، خصوصا بعد توقّف المبادرة الفرنسية وكلمة ماكرون الأخيرة حول لبنان”.
وفي هذه الصدد، نبّه طرابلسي من “إنتظار بعض القوى الإقليمية، وربما الداخلية، نتائج الإنتخابات الأميركية، إذ أن الشعب لم يعد بإستطاعته التحمّل، في ظل الإنهيار الإقتصادي وتراجع قيمة العملة وإنفجار المرفأ والعام التربوي وغيرها من الإستحقاقات التي تداهمنا، والتي تستوجب وجود حكومة”.
وعن إمكانية دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى إستشارات الأسبوع المقبل، نفى طرابلسي ذلك، لافتا إلى أن “لا شيء أكيد حتى اللحظة، إلّا أننا نتمنّى ذلك، ورئيس الجمهورية من جهته سيفعل كل شيء من أجل إنجاح أي تحرك على الصعيد الحكومي”.
وشدّد طرابلسي على “ضرورة تشكيل حكومة فاعلة منتجة تعالج الملفات بطريقة علمية وفي وقت قياسي، نظرا لحراجة الوضع، وتراجع إحتياطي مصرف لبنان، ما يهدد المواطن بصحته ولقمة عيشه ومواصلاته”.
على خط آخر، واصل عدّاد فيروس كورونا الإرتفاع، مع تسجيل 1261 إصابة جديدة يوم أمس، وهي وتيرة عالية إعتاد لبنان على تسجيلها في الآونة الأخيرة، ما يشكل خطرا حقيقيا على قدرة القطاع الإستشفائي على التحمّل. إلّا ان الجديد هو التهديدات التي برزت حول بلوغ لبنان مرحلة السيناريو الإيطالي.
في إتصال مع جريدة “الأنباء”، أكد أخصائي أمراض الرئة في الجامعة الأميركية الدكتور صلاح زين الدين أن ”الوضع دقيقٌ جدا، في ظل تراجع أعداد الأسرّة المخصصة لكورونا، خصوصا تلك التي ترعى المصابين ذات الحالة الخطرة في العناية الفائقة، وإرتفاع الأرقام بشكل كبير يوميًا، ما يهدد إمكانية منح الرعاية الطبية اللازمة مستقبلا للمصابين، إثر النقص الحاصل في المعدات والمستلزمات الطبية”.
وفيما كان الأجدى بالدولة ان تتحضّر لكل التفاصيل المتعلقة بمكافحة كورونا، ومن بينها الالتزام بتوصيات منظمة الصحة العالمية تحديدا لناحية تأمين لقاحات الانفلونزا الموسمية لكل السكان باكراً، وهو ما لم يحصل، الأمر الذي دفع الحزب التقدمي الإشتراكي الى إطلاق صرخة انتقاد لهذه القرارات الارتجالية، داعيا الى تأمين اللقاحات لكل المواطنين، وإطلاق حملة تلقيح ضد الانفلونزا على مساحة الوطن، تشمل كل الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات من الذين صنّفتهم في بيانها، لكي تسهم أكثر في الحد من تعرّضهم للمرض.