أقيم في مقر السفارة اللبنانية في الكويت وبرعايتها، لقاء وفاء للأمير الراحل لدولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بدعوة من مجلس الأعمال اللبناني، تقديرا لجهوده في تعزيز أواصر العلاقة المميزة بين دولة الكويت والجمهورية اللبنانية على الصعيدين الرسمي والشعبي.
وقد اقتصر الحضور على عدد من رجال الدين وأعضاء مجلس أمناء مجلس الأعمال اللبناني، بالإضافة الى مجلس السيدات اللبنانيات في الكويت، بسبب الظروف الصحية الراهنة.
وقد توزعت الكلمات بين كل من القائم بأعمال السفارة اللبنانية بالوكالة باسل عويدات، ورئيس مجلس الأعمال اللبناني علي خليل، مستشار الأمانة العامة لمجلس الوزراء الكويتي وأحد وجوه الجالية اللبنانية في الكويت الدكتور بلال عقل الصنديد.
بعد النشيدين الكويتي واللبناني ودقيقة صمت ودعاء للراحل الكبير، ألقى الدكتور الصنديد قصيدة أوجز فيها مآثر المغفور له الفقيد الراحل خاتما اياها بالقول :
” لبنان كم أبكيته فرحا
وكم أجزلت عطاء لإخواني
وكم يبكيك يا أميري حزنا
فبعدك من يرفق بلبنان”.
وركز على “أبرز ملامح شخصية الراحل العامة والخاصة، وسمات المغفور له كحاكم وإنسان”، مؤكدا أن “الشيخ الراحل هو الانساني حقا، لا تمنينا ولا رياء، هو العربي أصلا، لا شعارا ولا ادعاء، كما أنه الخليجي حبا، لا تزلفا بالانتماء وهو الوطني حتما، لا خيانة ولا اختباء، وهو الحنون كبرا، أبو التواضع والإباء، وهو الرفيع شأنا، من ألفه الى الياء. ومن ثم حدد الصنديد الخطوط العريضة لمسيرة الراحل العطرة باستذكار ثلاثة ألقاب كرسته حكيم الأمة، قائد العمل الانساني، وشيخ الدبلوماسية، حيث كان لسماته الشخصية ببشاشة الوجه، التواضع الأصيل، والرعاية الأبوية البصمة الواضحة على دوره الإنساني والاجتماعي، وحيث كان لهدوء فكره وحضور حنكته وحزمه وعزمه أبرز الأثر في تعظيم انجازاته في الشأن العام والسياسة والحكم”.
عويدات
وسلط عويدات الضوء على “الدور المحوري للراحل والعالم ولبنان منذ بداياته في العمل السياسي والديبلوماسي لحين توليه الإمارة وسلط الضوء على أبرز محطاته في المجال السياسي والديبلوماسي”، واصفا إياه بـ”القائد العربي الحكيم والرصين والموفق بين الأشقاء الساعي الدائم إلى اللحمة العربية، وشد أوصال الأشقاء العرب وتكريس مبدأ التضامن والوفاق العربيين، والذي يمثل بالنسبة للدبلوماسيين مدرسة في الدبلوماسية، بكل ما تعنيه الكلمة من معان”، مستشهدا بقول وزير الخارجية اللبناني الراحل فؤاد بطرس في مذكراته “بأنه يتمتع بقدرة فائقة على المناورة”، فكان متمكنا وقارئا ملما ودقيقا للسياسات الدولية والإقليمية مهما كانت شائكة أو معقدة، وتأكيدا على ذلك عدد كثيرا من المحطات الدولية والإقليمية التي كان له دور مباشر فيها”.
وأكد أنه “برحيل الشيخ الكبير، يفقد وطن الأرز صديقا كبيرا حيث كان عن حق مبلسما للجراح اللبنانية، وكان له النصيب الأكبر في الرعاية والاحتضان إبان الحرب الأهلية، حيث ترأس اللجنة السداسية في العام 1988 التي شكلتها جامعة الدول العربية، والتي اختصرت فيما بعد باللجنة الثلاثة سنة 1989 بناء لتقرير أعده المغفور له، والتي مهدت لاتفاق الطائف وإنهاء الحرب في لبنان. ومن ثم نوه عويدات بالدور الكبير للمغفور له وبصمات الخير التي تركها في مرحلة إعادة إعمار لبنان بعد خروجه من الحرب العبثية المذكورة، ودوره في توجيه الصناديق الإنمائية لتنفيذ المشاريع، والوقوف إلى جانب لبنان ودعمه سياسيا ودوليا وماديا إبان الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، ولعل آخرها حرب تموز 2006، وإدانته لأي عمل عدائي أو إرهابي يستهدف لبنان ويهدد كيانه، فضلا عن الدعم الكبير للتخفيف من عبء النزوح السوري على الاقتصاد اللبناني. كما كان للمغفور له أدوار اساسية في المؤتمرات الداعمة والمانحة للبنان”.
وختم:” إن دولة الكويت الشقيقة قيادة وحكومة وشعبا، ستتخطى ومعها لبنان والعالمين العربي والإسلامي والإنسانية جمعاء هذا المصاب الجلل، ونهج ومسيرة خير سلف المغفور له الأمير الراحل صباح الأحمد الجابر الصباح ستستمر مع خير خلف حضرة صاحب السمو أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي أعطى تعليماته وتوصياته منذ اللحظات الأولى لانفجار مرفأ بيروت، فكان تواصل كل من الوزراء في الحكومة الكويتية مع نظرائهم اللبنانيين، وبدأ على الفور جسر جوي وبشكل يومي من المساعدات الطبية والغذائية واللوجستية لمساعدة لبنان على النهوض من نكبته الأخيرة، فضلا عن الدعم المادي خلال مؤتمر الدول المانحة في التاسع من آب 2020″.
خليل
واستذكر خليل “صفحات تاريخ الراحل الحافل بالإنجازات التي لم يغب عنها يوما دعمه الكبير للبنان بأقوال وافعال لخصها في كلماته “سنعمل من أجل انقاذ لبنان ووحدته”
ومن ثم استعرض “أبرز القيم الإنسانية النبيلة التي آمن بها والتي أمنت استدامة الدولة ونموها وازدهارها وانطلقت من قناعة وايمان ثابت بأن الحكم ليس الا وسيلة لقيادة شعب في طريق النماء”،. منتقلا الى “الإضاءة على أبرز المحطات التي كان فيها للكويت، أميرا وحكومة وشعبا، أثر طيب ومشكور في حياة لبنان واللبنانيين، والتي كانت آخرها الفزعة الكويتية للملمة الجرح الذي أدمى بيروت في انفجار مرفأها اذ بقيت “ديرة الخير” على عهدها من الوفاء “لست الدنيا” التي فاضت احاسيسها تجاه من واساها في مأساتها”.
وأكد أن “أبناء الجالية اللبنانية في دولة الكويت يبادلون العطاء بالوفاء”، لافتا إلى أن “أيادي الكويت التي قامت ببناء اهراءات القمح في مرفأ بيروت عام 1968 هي التي حمت وأنقذت قسما كبيرا من منازل بيروت من الدمار في العام 2020″. وعاد بالذاكرة الى السادس عشر من سبتمبر 1968، يوم امتدت يد الصباح لتضع اساس العلاقة الأخوية على يدي المرحومين الشيخ صباح السالم الصباح والرئيس شارل حلو عندما وضعا الحجر الاساس لصوامع الغلال على شاطئ بحر بيروت وخلق حالة من التماسك البشري”. واستذكر “وصول أول المهاجرين اللبنانيين عام 1915 الى أرض الكويت لتكون محطته النهائية، الأمر الذي اسس لسلسة متعاقبة من العلاقة الشعبية والرسمية بين البلدين تجلّت بجموع الخبرات اللبنانية التي وفدت الى الكويت لتشارك في ورشة الاعمار في دولة تخطو نحو الاستقلال ومن ثم الى النماء والازدهار. وقد بودلت المحبة بالمحبة، حيث قامت الكويت الدولة العربية الفتية في مطلع الستينات الى منح لبنان أول قرض لها عبر الصندوق الكويتي عام 1966 لإنشاء محطة كهرباء مدينة “جونية”، ومن ثم توالت مواقف الدعم للبنان في كافة المحافل الإقليمية والدولية والمحلية”.
واعتبر أن “من عاصر الامير الراحل ورافق مسيرته، يدرك أنه أمير السلام والحكيم الذي يتمتع برؤية واسعة منحته القدرة على الامساك بالملفات الصعبة والمعقدة محليا ودوليا. وقد كان همه ألا يفقد لبنان مكانته وسط التفرقة الطاحنة بين أبنائه وكان بمثابة الاب والقائد الى ان استطاع ان يضع لبنان على طريق الوفاق والسلام الداخلي. وقد بقيت كلمته الخالدة خلال زيارة الرئيس ميشال عون الى الكويت عام 2018 “الكويت لن تخذل لبنان ومحبة الكويتيين للبنان واللبنانيين كبيرة والتواصل بين الشعبين لم يتوقف يوما”.