لم يكن مفاجئا ان تتريث القوى السياسية في اعلان مواقفها حيال امكان عودة الرئيس سعد الحريري الى تولي رئاسة الحكومة الجديدة غداة المقابلة التلفزيونية المثيرة للجدل الواسع التي اطلق من خلالها كما كثيفا غير معهود لديه من المواقف التي اتسم معظمها بتشدد حيال معظم هذه القوى بما فيها قدامى الحلفاء. ذلك ان الردود الموضعية لـ”القوات اللبنانية ” والحزب التقدمي الاشتراكي اللذين انفردا تقريبا في إصدارها تناولت ما طاولهما من كلام الحريري في شأن وقائع معينة، ولكن رصد المواقف والتعليقات من مسألة عودة الحريري الى السلطة على أساس الشروط التي طرحها وفي مقدمها التزام المبادرة الفرنسية اظهر كأن موقف الحريري جاء اشبه بحجر ثقيل رمي في ركود الجمود السياسي ولا يزال رصد وقعه يحتاج الى بعض الوقت. واذا كان ثمة من يتوقع ان تتبلور المواقف المبدئية لمختلف القوى والكتل النيابية من عودة الحريري المطروحة الى رئاسة الحكومة بدءا من الاحد او الاثنين المقبلين استباقا لموعد الاستشارات النيابية الملزمة الخميس، فان ذلك يعني ان مصير الاتجاهات الحاسمة التي سيتخذها الاستحقاق الحكومي قد يكون امام أسبوع مفصلي فعلا من شأنه اما ان يدفع البلاد نحو مفترق انفراجي ان جرى التوافق على تكليف الحريري او على مخرج آخر، واما سيتخذ المأزق طابعا خطيرا اذا برزت تباينات وانقسامات عميقة لن تسمح بإتمام التكليف الخميس المقبل وربما الاضطرار الى ارجاء الاستشارات.
السفيرة الأميركية
ولكن أهمية التطورات المتعلقة بالاستحقاق الحكومي لم تحجب الأهمية الموازية للتطور المتعلق بالاستعدادات لانطلاق المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية والبرية برعاية الأمم المتحدة وبوساطة الولايات المتحدة والتي يفترض ان تنطلق الأربعاء المقبل من الناقورة. وفي هذا السياق خصت السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا بعد عودتها من إجازة في الولايات المتحدة “النهار” بحديث قبل ايام من انطلاق المفاوضات فأعلنت ان الاتفاق الإطار للمفاوضات “استحوذ على اهتمام كبار المسؤولين صانعي السياسة في واشنطن. فهناك امكانات هائلة هناك. ونحن متحمسون من اجله وواقع ان واشنطن استثمرت كل هذا الوقت من اجل الوصول اليه معبر جدا عن هذه الامكانات” مؤكدة ” ان الولايات المتحدة تتطلع الى الانتقال الى المستوى التالي من حيث اجراء محادثات فعلية. وستسمعون قريبا عن ذلك من جانبنا. ولكن ما استطيع قوله هو اننا نرى امكانات كبيرة وان السياسة الاميركية موجودة من اجل دعم الفريقين لكن سيكون عليهما فعلا القيام بما يستطيعان القيام به انطلاقا من اتفاق الاطار وترجمته الى نتائج ملموسة”. وأضافت السفيرة الأميركية “كلنا يعلم مدى الحوافز الموجودة في المتوسط ونحن نود ان ندعم الفريقين من اجل استكشاف ذلك. نحن نود ان نمنح املا في ما خص الوضع الاقتصادي وعلى نحو اوسع هناك امر يمكن البناء عليه”. وتقول” اعلان اتفاق الاطار كان بصيص امل مهم اذ استثمرنا جميعا الكثير من الجهد والوقت خصوصا خلال الاعوام الاخيرة. لقد سررنا جدا بهذا الاتفاق وتمهيد الطريق لمحادثات فعلية بين الطرفين”. وتقول” اننا قمنا بالعصف الفكري حول كيفية استخدامنا لكل الادوات في مجموعة الادوات الخاصة بنا للعب دور نأمل ان يدعم ارادة الشعب اللبناني التي سمعناها بصوت عال وواضح اثناء زيارة كل من وكيل وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل والسفير شينكر”.
وأوضحت السفيرة شيا في سياق آخر ان المساعدة الاميركية للبنان لمواجهة وباء الكورونا بلغت 41,6 مليون دولار وشملت مساعدات انسانية للاكثر حاجة كما للمستشفيات الخاصة وهي مستشفيات موثوقة بان هذه المساعدات ستوظف في الامكنة المناسبة. وقسم من المساعدة تم تحويله من ضمن برامج المساعدات الاميركية القائمة ما سمح بتقديمها للقطاع الخاص من اجل تحويل صناعاته نحو الكمامات او معدات السلامة الشخصية والمطهرات او الى تدريب عاملين صحيين في ظل توقع الحاجة اليهم مع استمرار تفشي الكورونا.
الحريري ورصد الردود
وبالعودة الى الاستحقاق الحكومي ستتركز الاهتمامات اعتبارا من نهاية هذا الأسبوع على رصد طبيعة الحركة السياسية الاستثنائية التي ستنطلق مجددا لاستمزاج مواقف المراجع المعنية والقوى السياسية من الموقف الذي اعلنه الحريري والذي شكل خرقا فعليا للازمة، علما ان الحريري نفسه كان لمح الى اجراء جولة اتصالات خلال الـ 72 ساعة المقبلة . وقالت مصادر “المستقبل” عبر “النهار” أنّ الرئيس الحريري لم يرشّح نفسه لرئاسة الحكومة، بل اعتبر أنّه مرشّح طبيعيّ لسدّة الرئاسة الثالثة، وهذا تصريح منطقيّ باعتباره رئيس كتلة نيابية وازنة ورئيساً سابقاً للحكومة، ويتمحور جوهر كلامه في هذه المرحلة حول إعادة تعويم المبادرة الفرنسية التي قد تكون الفرصة الأخيرة لضمان استمرار لبنان. ويعمل الحريري على هدف محدّد قائم على وقف الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي في البلاد وإعادة إعمار مرفأ بيروت، وسط واقع صعب لا يمكن تخطّيه إلا من طريق إعادة تعويم المبادرة الفرنسية ووضعها على جدول الأعمال. وتلفت الى أن الموضوع لا يتعلق برغبة في العودة الى رئاسة الحكومة، لكنّ الحريري استعدّ لتحمّل المسؤولية وقال إن باب الأمل سيفتح مجدّداً وسط وضع اقتصادي لم يعد يحتمل في البلاد. وتترقب المصادر ردود الفعل، وترى أن الهدوء السياسي يخيّم على المواقف العامّة حتى اللحظة، والسؤال الذي يوجّهه “المستقبل” اليوم، يتمحور حول ما اذا كان لا يزال هناك التزام من القوى السياسية ببنود المبادرة الفرنسية أم لا؟
وتفيد معلومات “النهار” بأنّ جدول الرئيس الحريري مبنيّ على بلورة مشاورات داخل البيت السياسي مع رؤساء الحكومة السابقين في الثماني والأربعين ساعة المقبلة، على أن تعمل محرّكات الاتصالات مع الأحزاب والقوى السياسية انطلاقاً من نهاية الاسبوع.
وفي المقابل لا تبدو بعبدا كانها تقابل الحريري بسلبية بل تقول أوساطها ان إبدائه الرغبة في الإنقاذ امر إيجابي رغم المآخذ العديدة على ما ورد في كلامه. وتشير مصادر الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر الى انها تعطي الحريري المجال خلال الأيام الثلاثة المقبلة للاتصال بالقوى المعنية في شأن ترشيحه وبعد التواصل يبنى على الشيء مقتضاه.
دياب وتحذير المركزي
وسط هذه الأجواء برزت خطوة مفاجئة لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الذي ألقى من السرايا كلمة للمرة الأولى منذ استقالة حكومته هاجم فيها مصرف لبنان وحذره من رفع الدعم عن الدواء والطحين والمحروقات. وقال دياب ان “توجه مصرف لبنان لرفع الدعم غير مقبول في هذه الأحوال واي خطوة من مصرف لبنان لرفع الدعم يتحمل هو مسؤوليتها مع كل الذين يغطون هذا القرار”. وإذ اعتبر ان الخسائر في استمرار الدعم اقل من خسائر رفعه قال مهاجما مصرف لبنان “حبذا لو أوقف مصرف لبنان تمويل سياسات الهدر من أموال المودعين، واذا لم يستطع مقاومة الضغوط السياسية سابقا ليس مفهوما الاستقواء على الناس اليوم”.
انفجار في الطريق الجديدة
وليلا دوى انفجار في منطقة الطريق الجديدة اثار هلعا ما بين الاهالي ليتبين لاحقا انه انفجار خزان مازوت في طريق الجديدة، محلة الرفاعي – ساحة أبو شاكر، وقد اندلعت النيران في المكان، واذ
هرعت سيارات الإطفاء إلى المكان، عمل عناصر الدفاع المدني على اخراج الاهالي من المبنى عبر الشرفات بعدما تعرض عدد منهم للاختناق.
ولاحقا افاد الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة انه “تم نقل 4 جثث وعدد من الجرحى إلى مستشفى المقاصد من جراء انفجار خزان المازوت الذي اشتعلت فيه النيران”. وسادت حال من الهرج والمرج أمام مستشفى المقاصد بعد نقل المصابين إليه.