قبل ساعات من انطلاق الجولة الأولى لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، شدد رئيس الجمهورية ميشال عون، أمام الوفد المفاوض على أن المفاوضات تقنية وأن البحث يجب أن ينحصر في هذه المسألة تحديداً، فيما لم يكن الخلاف على “صورة الاجتماع” قد حُسم في ظل رفض “حزب الله” التقاط صورة تذكارية، وهو الأمر الذي سيُحسم اليوم.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الشرق الأوسط”: “لا قرار نهائياً بشأن الصورة بانتظار التشاور مع الأمم المتحدة والوفد الأميركي”، مشيرةً في الوقت عينه إلى أن “الطرف اللبناني ليس متحمساً لها”، ولفتت إلى أن الفكرة التي طُرحت هو أن يتم التقاطها خلال جلوس أعضاء الوفد جميعهم على الطاولة وليس وقوفاً بعضهم إلى جانب بعض.
وكان الرئيس عون قد تابع التحضيرات الجارية للمفاوضات التي ستُعقد غداً في مقر قيادة القوة الدولية العاملة في الجنوب “يونيفيل” في الناقورة. واجتمع أمس، مع المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش، واستعرض معه الأوضاع العامة وموقف لبنان من المفاوضات، فيما أعرب الأخير عن “ترحيب الأمم المتحدة باستضافة الجلسات وهي ستمارس دورها ورعايتها وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاحها”.
كذلك ترأس عون اجتماعاً، ضمّ نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرة الدفاع زينة عكر، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وأعضاء فريق التفاوض: رئيس الوفد العميد الركن الطيار بسام ياسين، والأعضاء: العقيد الركن البحري مازن بصبوص، وعضو إدارة قطاع البترول المهندس وسام شباط، والخبير الدكتور نجيب مسيحي.
وخلال الاجتماع أعطى رئيس الجمهورية توجيهاته لأعضاء الوفد المفاوض، مشدداً على أن “هذه المفاوضات تقنية ومحددة بترسيم الحدود البحرية، وأن البحث يجب أن ينحصر في هذه المسألة تحديداً”، لافتاً إلى “أن جلسات التفاوض ترعاها وتستضيفها الأمم المتحدة، وأن وجود الجانب الأميركي في الاجتماعات هو كوسيط مسهِّل لعملية التفاوض”. وأوصى رئيس الجمهورية أعضاء الفريق بـ”التمسك بالحقوق اللبنانية المعترف بها دولياً والدفاع عنها”، متمنياً لهم التوفيق في مهمتهم.
ولفت بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، إلى أن الرئيس أعطى توجيهاته للوفد التقني المكلف بالتفاوض غير المباشر، استناداً إلى اتفاق الإطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية، “على أن تبدأ المفاوضات على أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً والتي نصّت عليها اتفاقية (بوليه نيوكومب) عام 1923 والممتد بحراً، استناداً إلى تقنية خط الوسط من دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة، وفقاً لدراسة أعدتها قيادة الجيش اللبناني على أساس القانون الدولي، آملاً أن يتم التوصل إلى حل منصف يحمي الحقوق السيادية للشعب اللبناني”.
من جهة أخرى، أعاد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة إثارة صلاحيات رئاسة الجمهورية في تكليف الوفد المفاوض، بعدما كانت رئاسة الحكومة قد وجّهت أمس كتاباً لرئاسة الجمهورية معتبرةً أن عون خرق الدستور عبر تفرده بتشكيل الوفد، وذكّر السنيورة رئاسة الجمهورية بالمادة 52 التي تنص على أن يتولى رئيس الجمهورية المفاوضات في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء”.
وفيما رفضت مصادر رئاسة الجمهورية الرد على اتهامات السنيورة، قالت مصادر مقربة من الرئاسة لـ”الشرق الأوسط”: “المفاوضات لم تبدأ حتى يتشاور عون مع رئيس الحكومة، وقيادة الجيش هي التي شكّلت الوفد ووافق عليه الرئيس، أما التوجيهات فهي معروفة، ورئيس الحكومة مطّلع على أجوائها”، مشيرةً إلى أن المادة 52 تتحدث عن المفاوضات التي سيتم إطلاع دياب عليها عند انطلاقها.
وفي بيانه رأى السنيورة أن “رئيس الجمهورية ميشال عون ومنذ انتخابه رئيساً للجمهورية، ارتكب أكثر من خرق للدستور”، مشيراً إلى “أن العهد حاول ابتداع سابقة التأليف قبل التكليف. وهو ما يحاوله اليوم مع وجود حكومة تصريف الأعمال، من تجاهل لوجود وزراء ما زالوا يصرِّفون الأعمال ورئيس مجلس الوزراء في موضوع تشكيل الوفد للتفاوض غير المباشر مع وفد العدو الإسرائيلي برعاية الوفد الأميركي وحضور مندوب الأمم المتحدة، وهو بذلك يخالف المواد الدستورية ذات الصلة تحديداً المواد 52 و54 و60”.
وقال السنيورة: “كان على فخامة الرئيس عون وقبل تشكيل الوفد وقبل انعقاد المؤتمرات أن يلتزم بأحكام الدستور الذي عليه أن يحترمه ويصونه وبالتالي أن يقوم بالتشاور مع رئيس الحكومة حسب الدستور والأصول لكي يستبعد التأثير السلبي على محاولات الإنقاذ الوطني التي من الواجب أن يتضامن الجميع من أجل تحقيقها في هذه الظروف الصعبة والخطيرة”.