من دون حل معضلة العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والمرشح الأوحد لرئاسة الحكومة الرئيس سعد الحريري، لا حكومة، سواء تم التكليف للحريري أم تم تأجيل الاستشارات مجدداً، فإذا العلاقة بين الحريري والتيار الوطني الحر التي تشكل موضوع أزمة يمكن تخطيها في محطة تكليف الحريري. فالعلاقة بين عون والحريري ستبقى موضوع أزمة غير قابلة للحل في محطة التأليف، هذه هي المعادلة التي رسمتها مصادر تتابع ملف الاتصالات الحكومية للقول إن الأمر لن يستقيم باتجاه حلحلة يريدها اللبنانيون، ولا يحققها انتهاء يوم الخميس بتسمية الحريري إن لم تتحقق تفاهمات تسيق التسمية وتضمن ولادة سلسة للحكومة الجديدة.
على خط بعبدا - الرابية من جهة، وبيت الوسط من جهة مقابلة، وصلت المساعي التي بذلها بعض الوسطاء الى طريق مسدود، لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري المتمسك بتسمية الحريري لم يشغل محركات وساطته بعد، وباريس لم تضع ثقلها لتذليل العقبات التي تنتج عن إصرار الحريري على تسميته قبل إنجاز تفاهم سياسي على حكومة يترأسها سياسي مهما كانت تسميتها، واستعداده لطمأنة فرقاء سياسيين من دون فرقاء آخرين الى مستقبل مشاركتهم في مسار التأليف، ما جعل التسمية تصطدم بحاجز بعبدا – الرابية.
مع مطلع الأسبوع تقول المصادر، تبدأ ثلاثة ايام فرنسية للاتصالات المكثفة، لإنجاح مسعى تشكيل حكومة تستوحي النسخة الأولى من المبادرة الفرنسية التي كان الحريري مرشحاً لرئاسة الحكومة مكتوباً بين سطورها، وتعدلت بنسختها الثانية كحكومة اختصاصيين برئاسة غير سياسي، مع تسمية السفير مصطفى أديب.
الخيارات المتاحة وفقاً للمصادر، مع تراجع فرص تأجيل جديد، أن تنجح الاتصالات الخارجية والداخلية بتذليل العقد، فتكون تسمية الحريري مدخلاً لإقلاع مسار التأليف، أو أن تبقى الأمور على حالها، فتنتقل الأزمة من التكليف إلى التأليف، حيث لا ولادة لحكومة لا يوقع مرسومها رئيس الجمهورية الذي كرّسه الدستور شريكاً كاملاً في تشكيل الحكومة من جهة، ومسؤولا عن تفحّص عدالة تمثيل الطوائف فيها وفقاً لمعيار واحد، انطلاقاً من مسؤوليته عن السهر على احترام الدستور، وقد ورد في المادة 95 نص صريح عن تمثيل الطوائف بصورة عادلة في الحكومة، ما يعني أنه إذا منحت كتل نيابية حق اختيار الوزراء المنتمين إلى طوائفها وحرمت كتل أخرى من فعل المثل، فهذا يعني سقوط عدالة التمثيل بين الطوائف، وبالتالي حجب رئيس الجمهورية لتوقيعه عن صيغة حكومة يجدها مخالفة للدستور وفقاً للنص الصريح.
المصادر تنتظر ما سيحمله المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى بيروت بعد زيارته واشنطن ومروره بباريس في طريق العودة، وما يبدو من مناخات تفاؤلية يحملها كما تقول تصريحاته من واشنطن، وما إذا كان سيحمل معه كلمة سر أميركية فرنسية للانتقال إلى حكومة تكنوسياسية تبدو نقطة التقاطع الممكنة للخروج من الأزمة.
يستمر المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في جولته في الولايات المتحدة الأميركية على أن ينتقل بعدها الى فرنسا للقاء عدد من المسؤولين الفرنسيين، ويعود الى بيروت قبل خميس الاستشارات الذي تؤكد مصادر قصر بعبدا لـ”البناء” أنها لن تؤجل وأنها في موعدها حتى الساعة، وألمحت المصادر الى ان الاتصالات لم تنجح في تذليل العقد على خط ميرنا الشالوحي - بيت الوسط حتى الساعة، مشيرة الى ان الاتصالات المحلية في عطلة الأسبوع كانت الى حد ما مجمّدة، لكنها ربما تعود اليوم مع مطلع هذا الاسبوع، معتبرة أن توجّه الحريري الراهن مرده عطفاً على التأييد الفرنسي له، عدم الممانعة السعودية والأميركية. ورأت المصادر ان التوجه الراهن نحو إجراء التكليف على ان يبنى على الشيء مقتضاه في ملف التأليف الذي يقع على الرئيس المكلف لجهة إجراء الاتصالات مع القوى السياسية لا سيما ان الامور بين الحريري والمكونات الأساسية ليست على ما يرام.
وأكّد اللواء إبراهيم، أن “وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل يؤيد تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، ويؤيد تقديم مساعدات إلى لبنان على أن تبقى مشروطة بالإصلاحات المطلوبة”، وصولاً الى المساعدات التي ستأتي الى لبنان بعد هذه الإصلاحات نتيجة “سيدر”. وقال إبراهيم في تصريح السبت: ”ما تطرقنا إليه هو تأكيد الإدارة الأميركية على أي رئيس حكومة أو حكومة قادرة أن تقوم بالإصلاحات المطلوبة، ولم ندخل بالأسماء وأنا لست بموقع مناقشة الأسماء مع الادارة الأميركية”. وحول الموقف الأميركي المعارض لمشاركة حزب الله في الحكومة، أكد أنه “لم يتم التناقش مع هيل في هذا الموضوع، وهذا الأمر سيادي وتقرّره السياسة اللبنانية”. وأشار إلى أن “الضمانة للاستقرار الأمني هو الاستقرار السياسي، وللأسف في لبنان هذا الاستقرار السياسي غير متوفر، والدليل عدم القدرة على تشكيل حكومة”.
في هذا الوقت ترى مصادر مطلعة لـ”البناء” ان الامور لم تصل الى حد التفاهم على التأليف بعد، حيث الصراع هو على التأليف بين الحريري وباسيل، إذ يتهم الحريري باسيل بمحاولة وضع يده على التأليف مقابل اتهام باسيل للحريري بالمثل. الأمر الذي قد يؤخر التأليف إذا بقيت الأمور على هذا المنوال. مع الإشارة هنا الى ان مصادر تكتل لبنان القوي تشير لـ”البناء” إلى أن توجه تكتل لبنان القوي حسم بعدم تسمية الحريري في يوم الاستشارات الخميس، قائلة إن التكتل لن يكون مع الحريري في طروحاته الراهنة على الإطلاق والأمر محسوم لدينا، ملمّحة في الوقت عينه الى ان التكتل قد يمنح الثقة للحكومة عندما تتشكل.
وليس بعيداً اعتبرت مصادر متابعة لـ”البناء” ان الثنائي لا يزال من جهته متمسكاً بموقفه من تسمية الوزراء الشيعة وبحقيبة المال، لكن المصادر نفسها تشير الى ان حزب الله وحركة امل لم يقطعا التواصل والتشاور مع الحريري وهذا يشكل خرقاً في هذا الاطار، بخاصة أن النائب محمد رعد كان أبلغ النائب بهية الحريري التي زارته ما أبلغه حرفياً للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لجهة التمسك بـ 90 في المئة من المبادرة الفرنسية، بخاصة أن الاولوية اليوم هي لمعالجة الازمة الاقتصادية ما يتطلب التواصل من أجل التفاهم لإنقاذ البلد.
وأبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري لموقع “الانتشار” ”تفاؤلاً بأن يحمل الاسبوع الطالع ابتداءً من اليوم أخبارًا من شأنها أن تطمئن اللبنانيين على صعيد تأليف الحكومة”. في وقت شددت مصادر كتلة التحرير والتنمية لـ”البناء” على أن تأجيل الاستشارات لم يعد يجوز. فالوضع لا يحتمل التأجيل انما يستوجب من الجميع المسارعة في تأليف حكومة فاعلة تنقذ ما يمكن إنقاذه وتقارب حل الأزمات المعيشية والاقتصادية وتنفذ الإصلاحات المطلوبة، داعية الى الاحتكام الى الدستور.
وقال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قداس الأحد في الصرح البطريركي في بكركي: ”مَن منكم، أيّها المسؤولون والسياسيّون، يملِكُ تَرفَ الوقتِ لكي تؤخِّروا الاستشاراتِ النيابيّةَ وتأليف الحكومة؟ مَن منكم يَملِكُ صلاحيّةَ اللَعبِ بالدستورِ والميثاقِ ووثيقة الطائف والنظامِ وحياةِ الوطن والشعب؟ ارفَعوا أياديَكم عن الحكومةِ وافرِجوا عنها. فأنتم مسؤولون عن جُرم رمي البلاد في حالة الشلل الكامل، بالإضافة إلى ما يفعل وباء كورونا”.
وبينما تشهد مختلف المناطق والبلدات اللبنانية ارتفاعاً مقلقاً في عدد الإصابات، أصدر وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي تعميماً يتعلق باستمرار إقفال بعض القرى والبلدات بسبب ارتفاع اصابات كورونا فيها والتي انخفضت الى 79 بلدة أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي، “تسجيل 1002 حالة جديدة مُصابة بفيروس “كورونا” المستجد (كوفيد19) خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ 21 شباط الماضي إلى 61949 حالة”، مشيرةً إلى أنّه “تمّ تسجيل 3 حالات وفاة جديدة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات إلى 520”.
وأوضح مستشار وزير الصحة العامة ادمون عبود، إلى أن “اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد ذو أهمية قصوى، لأنه الحل للوصول للمناعة المجتمعية”، وأعلن عبود أننا “في الوزارة نستطيع تأمين اللقاح لـ20% من اللبنانيين وسيعطى الأولوية للمعرضين للإصابة بشكل أكبر من غيرهم”، مؤكداً أن الوزارة “تواصلت مع الشركة المصنعة للقاح ومع السفارة الروسية بهذا الصدد، والبنك الدولي أبدى موافقة مبدئية على تمويل اللقاحات فور تأكيد صحتها”.
أمنياً، أوقف الأمن العام شبكة تنشط بتهريب أشخاص لبنانيين وفلسطينيين الى أوروبا وتحديداً الى اسبانيا بحسب الوكالة الوطنية للإعلام. ويعمل أفراد من الشبكة في مراكز مختلفة في مطار بيروت، منهم وكيل إحدى الطائرات التي كانت تهرّبهم ومدير العمليات في إحدى شركات الخدمات الأرضيّة وموظف في مبنى الطيران الخاص. وفي أثناء التحقيق معهم، اعترفوا بقيامهم بعمليات التهريب، وأحيلوا على النيابة العامة، بناء على إشارة القضاء المختص.
الرئيسية / صحف ومقالات / البناء : ثلاثة أيّام فرنسيّة للاتصالات والعودة الى النسخة الأولى للمبادرة قبل استحقاق الخميس بعبدا ستتوقف بعد التكليف أمام تمثيل الطوائ ف بصورة عادلة في التأليف هل يحمل إبراهيم من واشنطن وباريس كلمة سرّ لحكومة تكنوسياسيّة؟