اعلن الرئيس نبيه بري عبر حديث لموقع «الانتشار»، انه متفائل بشأن التكليف وتأليف الحكومة، وان المحركات ستدور قبل يوم الخميس موعد الاستشارات الملزمة، الذي دعا اليها رئىس الجمهورية العماد ميشال عون في 22 تشرين الاول 2020، وان الاجواء العامة تشير الى التفاؤل وتكليف الحريري على الارجح.
وكما ان الرئيس بري يرشح الحريري، فان حزب الله يجاريه، لكن مع بعض الشروط التي يتشارك فيها مع بري بشأن تسمية الوزراء الخبراء، خاصة في وزارة المالية. وفيما يبدو ان حركة امل وحزب الله سيسميان الحريري للتكليف، فإن هناك احتمال ضعيف بتأجيل الاستشارات كما يُروّج له البعض، واذا حصل، فسيكون هناك ازمة بين الرئيس بري ورئىس الجمهورية العماد ميشال عون.
وفي المعلومات، ان مساعد وزير الخارجية الاميركي دايفيد شينكر الذي التقى الحريري، ابلغه ان واشنطن مرتاحة لترشيحه، رغم ان الادارة الاميركية لا تتعاطى مباشرة بتفاصيل تأليف الحكومة اللبنانية، لان باريس تتواصل مباشرة ويومياً مع المعنيين في الملف الحكومي، وتعمل على ازالة كل العقبات والصعوبات من امام الحريري لتأليف الحكومة، ويبدو ذلك من خلال اتصال الرئىس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالوزير وليد جنبلاط وبالحريري اللذان تواصلا هاتفياً، ويبدو ان جنبلاط سيقوم بتسمية الحريري بعدما كان ممتنعا، لكن تدخل الرئىس ماكرون اعطى نتيجة، حيث حصل تفاهم بين الحريري وجنبلاط على ان يؤيد «اللقاء الديموقراطي» والحزب التقدمي الاشتراكي الحريري لتأليف الحكومة الجديدة.
جلالة وزارة الطاقة والشعبوية…
يواجه الرئيس الحريري حزبان مسيحيان رئيسيان، هما التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية اللذان لن يسمياه، وبذلك تكون الاكثرية النيابية المسيحية لن تعطيه اصواتها، باستثناء الوزير سليمان فرنجية والارمن المؤيّدين لتكليف الحريري.
اما بالنسبة للتيار الوطني الحر الذي تولى وزارة الطاقة لمدة 10 سنوات يعتبر انه ساهم في تخفيف فترة التقنين في الكهرباء ونجح بذلك من خلال استئجار بواخر تركية بما ادى الى اعطاء الطاقة الكهربائية للمواطنين. ويملك التيار الوطني الحر خطة للكهرباء، ولديه خبراء واختصاصيين يستطيعون تولي وزارة الطاقة وادارة الكهرباء، اضافة الى ملف الغاز والنفط والسدود المائية، لكن التركيز هو على الكهرباء.
والتيار الوطني الحر الذي قام عبر وزارة الطاقة بتلزيم مشروع دير عمار بـ 675 مليون دولار بالتراضي، يعتبر ان معمل دير عمار سيزيد من طاقة اعطاء الكهرباء للمواطنين اللبنانيين، كما ان لديه مخطط لاقامة معمل كهرباء كبير في سلعاتا في شمال لبنان على اطراف محافظة جبل لبنان، وهذا المعمل سيكون الحل النهائي للكهرباء في لبنان، وبالتالي، لا يريد التيار الوطني الحر التخلي عن وزارة الطاقة، لانه علم ان الحريري سيسمي خبيراً واخصائياً بالكهرباء، والتيار لن يقبل بذلك. ومن هنا قرر التيار الوطني الحر عدم تسمية الحريري لاسباب اخرى كما يقول المقرّبون منه، الاّ ان كل المعلومات تؤكد ان السبب لعدم تسمية الحريري هو وزارة الطاقة.
التفاهم الرباعي والشعبوية المسيحية مقابله
ظهر على خارطة التحالفات السياسية او التفاهمات السياسية، ان تيار المستقبل تفاهم مع حركة امل وحزب الله ووليد جنبلاط وشكلوا تفاهماً رباعياً جعل المسيحيين يلتحقون بهذا التفاهم بدل ان يكونوا طرفاً رئيسياً فيه، واذا كانت شعبية الاحزاب المسيحية الكبرى قد خفت نتيجة ثورة 17 تشرين وانتشرت فئة مستقلة جداً، فان معارضة التفاهم الرباعي، الذي هو من الفئة الاسلامية، اي تيار المستقبل السني وحركة امل وحزب الله الشيعيان واللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي من طائفة الموحدين الدروز، فان مواجهة هذا التفاهم يتطلّب موقفاً مسيحياً قوياً، يكون بحجم التفاهم الرباعي داخل الحكومة، وبذلك يعطيهم شعبية مسيحية كبيرة.
ولاول مرة في اوساط الرأي المسيحي تظهر فئة مسيحية جديدة تؤيد موقف التيار الوطني الحر وموقف حزب القوات اللبنانية لعدم تسمية الرئىس سعد الحريري من خلال مواجهة الحزبان التفاهم الرباعي الذي يُحكى عنه، ويبدو ان ذلك سيعطيهم شعبية اكبر في المرحلة المقبلة، وحتى لو طلب شينكر من بعض القيادات المسيحية تأييد الحريري او تدخلت فرنسا مع بعض القيادات اللبنانية المسيحية لتأييده، فيبدو
ان التيار الوطني الحر وحزب القوات لن يعطوا اصواتهم للحريري من اجل تكليف تشكيل الحكومة الجديدة.
تحرك فرنسي في الايام المقبلة
مقابل هذا الوضع الذي يجعل الحكومة دون ميثاقية مسيحية هامة مع ان الاصوات المسيحية و«التفاهم الرباعي» يعطون الحريري الاكثرية لتشكيل الحكومة، لان كتلة المستقبل مع الكتلتين النيابيتين الكبيرتين ايّ «كتلة التنمية والتحرير» و«كتلة الوفاء للمقاومة» يضاف اليهما كتلة «اللقاء الديموقراطي التي تتشكل من 11 نائباً، اضافة الى كتلة فرنجية، وقد ينضمّ اليهم نواب «اللقاء التشاوري» لان المعلومات تشير الى ان «اللقاء» قد يسمي الحريري، كل هذه الكتل قد يصل عدد نوابها الى 70 نائباً قد يسمّون الحريري لتشكيل الحكومة.
لكن الحريري سينقصه التأييد المسيحي الهام من القوات والتيار الوطني الحر، وبالتالي، سيعطي ذلك انطباعاً بان الميثاقية غير محترمة، لان الاكثرية المسيحية لن تعطي اصواتها، لكن الجهود الفرنسية ستنصب على الدكتور سمير جعجع كي يسمي سعد الحريري، مع ان هنالك صعوبة في ان يقوم بتغيير رأيه لان جعجع يطالب بانتخابات نيابية مبكرة ويقول انه في ظل هذا العهد «فالج لا تعالج».
اما الوزير جبران باسيل فاعلن بشكل واضح انه لن يسمي الحريري، لكن التيار الوطني الحر لم يقل انه لن يعطي الحريري الثقة اذا ظهر ان الحكومة التزمت خطة اصلاحية وجاءت باختصاصيين وخبراء، وعندها قد يعطي التيار الثقة للحريري، وستسعى فرنسا مع باسيل لمنح اصوات التيار الوطني الحر للحريري لكن باسيل والوطني الحر يؤكدان انه مهما جرى من اتصالات او مهما كانت المواقف، فالتيار الوطني الحر لن يسمي الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة.
ولكن السؤال المطروح، اذا اتصل الرئيس ماكرون بباسيل والرئىس العماد ميشال عون وتمنى عليهما تأييد الحريري، فهل يبقى التيار على رفضه بعدم منح الحريري اصواته ام يحصل تغيير؟
الوزير جبران باسيل قال انه مهما جرى من اتصالات، فان التيار الوطني الحر لن يقوم بتغيير موقفه ولن يمنح اصواته لتكليف الحريري تشكيل الحكومة.