كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : فيما لم يُسجّل في المشهد السياسي نهار امس اي تطور بارز في شأن الاستشارات النيابية الملزمة المقرّرة غداً لتسمية رئيس الحكومة الجديدة، توقفت الاوساط السياسية والشعبية والرأي العام مساء أمس، عند اعلان القصر الجمهوري، أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيوجّه عند الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم، “رسالة الى اللبنانيين يتناول فيها الاوضاع الراهنة”، ما اطلق سيلاً من التكهنات المتناقضة عمّا ستتضمنه هذه الرسالة من مواقف رئاسية من مجمل التطورات عموماً ومن مصير الاستشارات خصوصاً.
وقالت مصادر مطلعة على موقف عون لـ”الجمهورية”، انّ رسالته ستكون “عالية النبرة”، وستتضمن هجوماً عنيفاً على “الطبقة السياسية الفاسدة”، وسيؤكّد فيها انّه “لن يقبل بلي الاذرع ولا بهزيمة سياسية”. وكذلك سيؤكّد انّه “لن يقبل بمحاولات البعض الهادفة الى انهاء عهده، الذي ما زال امام سنتين من ولايته”. واكّدت المصادر نفسها، انّ عون سيعلن انّه “لن يخضع لقواعد لعبة يحاول الآخرون ان يفرضوها عليه، وانّه سيرسم في رسالته خريطة الطريق لما سيكون عليه مصير التكليف والتأليف، تجنّباً لعدم الوقوع في ما مضى”.
وذهب بعض المطلعين الى القول لـ”الجمهورية”، انّ موضوع الاستشارات سيظهر غير ذي اهمية امام حجم المواقف التي ستتضمنها الرسالة الرئاسية.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية”، انّ عون قرّر منذ صباح امس التوجّه بهذه الرسالة الى اللبنانيين، من دون ان يبلغ اياً من مساعديه بما الذي ينوي الاعلان عنه فيها.
وفي الوقت الذي رفضت المصادر القريبة من عون الكشف عن مضمون الرسالة، لفتت مصادر مطلعة الى انّه سيسجّل موقفاً عشية الاستشارات النيابية الملزمة من قضايا متعددة، وعلى اكثر من مستوى سياسي وحكومي واقتصادي واجتماعي تعيشه البلاد منذ تولّيه المسؤولية، ويلامس التجرية الأخيرة في شأن الوضع الحكومي، بطريقة وصفت بأنّها قد تكون على شكل مصارحة لا بدّ منها وتصويباً لبعض الخطوات التي على الجميع القيام بها لإنقاذ الوضع.
وعمّا إذا كان عون سيقارب في رسالته مصير الاستشارات تأجيلاً لمرة جديدة، قالت المصادر، “انّ الاستشارات في موعدها، ولكن للكلام قبلها هذه المرة معنى وتفسيراً آخر، علماً انّ كلمته كان يمكن ان يقولها عشية بداية السنة الخامسة من ولايته التي تصادف نهاية الشهر الجاري.
تبريرات وتجارب
لكن مصادر أُخرى قالت لـ”الجمهورية”، انّ هناك احتمالاً ان يتجّه عون الى تأجيل الاستشارات “مقدّماً تبريرات يستند فيها الى تجارب سابقة، ليس آخرها ما حصل مع مصطفى اديب عندما كُلّف، ولكنه عجز عن التأليف بسبب غياب التفاهمات بين الكتل النيابية الكبرى. وسيطلب عون من جميع المعنيين الاتفاق على كل الخطوات كإطار عام وسلّة متكاملة، حتى لا يكون غداً الخميس محطة جديدة لاستنزاف الوقت، وحتى لا يكون البلد امام مصطفى اديب جديد، لأنّ لا شيء تغيّر على صعيد تذليل العقبات والعراقيل التي تحول حتى الآن دون انجاز الاستحقاق الحكومي”.
وفي المقابل، أكّدت مصادر متابعة للملف الحكومي، “انّ الاستشارات قائمة غدًا في موعدها، ولم يتبلّغ احد عن وجود نية لتأجيلها”. وتحدثت عن “مبادرة ما” للحل سيطلقها عون في رسالته اليوم.
سيناريوهات متناقضة
وكانت الصورة بدت غير واضحة أمس، في ظلّ تنوع السيناريوهات حول ما يمكن ان يكون عليه مصير هذه الاستشارات. وراوحت هذه السيناريوهات بين قائلة بتأجيل جديد، وأخرى تؤكّد حصولها، لأنّ التأجيل ليس وارداً نتيجة ضغوط داخلية وخارجية تُمارس على المعنيين، او بعضهم، لتمكين لبنان في ملاقاة عدد من المحطات الداخلية والدولية المتعلقة بإمكان حصوله على دعم للخروج من الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يعيشه.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّه في حال انجاز التكليف غداً، فإنّ الازمة ستنتقل حتماً الى مرحلة التأليف، حيث انّه الى جانب ما يمكن ان يحصل من تعقيدات حول التشكيلة الوزارية حجماً ومواصفات واسماء وتوزيع حقائب، هناك خلافات يُنتظر تفجّرها حول بعض مضامين الورقة الاصلاحية الفرنسية، خصوصاً لجهة الشروط التي يمكن صندوق النقد الدولي ان يطرحها في شأن مساعدة لبنان، فبعضها مقبول والبعض الآخر مرفوض لدى هذا الفريق السياسي او ذاك.
هدوء نهاراً
وقد ساد الهدوء قصر بعبدا طوال نهار امس، ولم يُسجّل اي حراك له علاقة بالملف الحكومي، في وقت تردّد انّ الاستشارات النيابية الملزمة ما زالت حتى لحظة امس في موعدها غدًا الخميس، وانّ دوائر بعبدا تراقب عن كثب مجموعة المواقف التي تشعبت وانطلقت من بعض المواقع، دون التعبير عن اي رد فعل يُذكر.
وقالت مصادر معنية لـ”الجمهورية”، انّه رغم وجود اكثر من احتمال ما زال وارداً ولو بنسبة ضئيلة، فإنّ كل ما يجري يوحي ان ليس هناك اي توجّه لتأجيل الإستشارات مرة جديدة، وانّ ما كُتب قد كُتب، وانّ التكليف سيحصل برقم مقبول. ولفتت الى انّ ما يسبق عملية التكليف من مواقف متشنجة لن تؤثر في الاستشارات، وانّ ما شابها من ظواهر غير مألوفة حتى اليوم يمكن معالجتها في المرحلة التالية، فالاستحقاق على الأبواب ولم تظهر اي جهة نيتها بتسمية احد او الايحاء بوجود اي مرشح آخر غير الحريري على الساحة السنّية. ورأت المصادر انّ هذه الظاهرة طبيعية، بعد الفشل الذي مُنيت به مهمة الرئيس حسان دياب، الذي بقي معزولًا وما زال عن محيطه.
ابراهيم اتصل بعون
وفي غضون ذلك، علمت “الجمهورية”، انّ عون تلقّى امس اتصالاً من المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الموجود في بوسطن، في انتظار ان يتعافى نهائياً من وباء كورونا الذي اصيب به هناك. وافيد انّ ابراهيم ابلغه انّ صحته جيدة ولم يتعرّض لأي عوارض غير عادية، وانّه في حال بقي وضعه على هذه الحال سيعود الى لبنان غداً او بعد غد على ابعد تقدير.
وقد اطلع ابراهيم رئيس الجمهورية على حصيلة لقاءاته مع المسؤولين الاميركيين، والمعطيات التي توافرت لديه حول الملفات التي تناولها بالبحث معهم، من دون اي اشارة الى الملف الحكومي ”الذي لم يكن مطروحاً في الزيارة” حسب تأكيد المصادر.
”بيت الوسط”
وفي “بيت الوسط”، ظلّ الصمت مخيّماً وغابت الحركة والإجتماعات خارج الفريق الاستشاري للحريري، الذي إنكبّ على تقويم بعض المواقف التي تتردّد من وقت لآخر من هذا الطرف او ذاك.
وتوقفت مصادر “بيت الوسط” عند بعض السيناريوهات التي تحدثت عن لقاءات محتملة بين الحريري وبعض القيادات السياسية والحزبية، فلفتت الى انّها من نسج الخيال، ولن يكون للحريري اي لقاء معلن او في السرّ، في انتظار استشارات التكليف التي ستشكّل محطة فاصلة بين مرحلة واخرى، يمكن الافادة منها لتصويب الأداء السياسي بما يخدم الاسراع في تشكيل الحكومة القادرة على تطبيق خريطة الطريق التي رسمتها المبادرة الفرنسية، والتي تأخّرت بعض محطاتها، ولا بدّ من الاسراع فيها لضمان استعادة الثقة بالنقد الوطني ومعالجة الازمة الناجمة التي باتت تهدّد كل وجوه الحياة في لبنان.
لافروف يؤجّل زيارته
وفيما توافرت لـ”الجمهورية” معلومات من مصادرعدة تفيد انّ وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أرجأ زيارته للبنان المقرّرة نهاية الشهر الجاري، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان مساء امس، أنّ الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال افريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف استقبل امس الممثل الخاص للحريري السيد جورج شعبان، “وتناول البحث قضايا الساعة في لبنان، في ضوء مستجدات الأزمة الداخلية في المجالات السياسية والاقتصادية- الاجتماعية. وقد شدّد الجانب الروسي على التزام موسكو وتأكيدها على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. كما شدّد خصوصاً على ضرورة الإسراع بتأليف حكومة قادرة، بما يشكّل المنطلق المهم لحلّ القضايا الماثلة أمام المجتمع اللبناني والضمانة للتطور اللاحق في لبنان”.
مواقف
وفي المواقف السياسية، شدّد الرئيس نجيب ميقاتي على إجراء استشارات التكليف في موعدها غداً “لأنّ لا مبرر وطنياً ودستورياً لتأجيلها خصوصاً في ظلّ التحدّيات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الخطيرة التي يمرّ بها الوطن”. وقال: “الاولوية هي لتسمية رئيس الحكومة العتيد والاسراع في تشكيل حكومة تنفذ البرنامج الاصلاحي المطلوب، والذي باتت بنوده واضحة، وأي تأخير أو تسويف في هذا الموضوع يشكّل جريمة موصوفة في حق الوطن واللبنانيين”.
جعجع
ومن جهته، كشف رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، سبب القرار “القواتي” بعدم تسمية الحريري في الإستشارات غدا، فقال: ”لن نسمّي الحريري لثقتنا بأنّه لا يمكن ان نصل إلى أي نتيجة وسط وجود الثلاثي الحاكم “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” وحركة ”أمل””. وأكّد أنّ “الحريري حرّ في خياراته، وما إذا كان يريد ترؤس الحكومة، لكن نحن لا نريد ان نتجرّع السمّ او ننتحر مجدداً، لأننا نعلم أنّ من المستحيل الوصول إلى نتيجة حالياً بسبب الثلاثي الحاكم”.
”اللقاء التشاوري”
واعلن “اللقاء التشاوري” انّه لن يسمّي الحريري في الاستشارات غداً. ورأى انّ “في كل ما يحصل إهدار للوقت ولفرص الانقاذ، وان كانت الظروف الدولية تحديداً ستؤدي إلى تمرير التكليف يوم الخميس المقبل، فإنّ التأليف دونه عقبات وأزمات تؤكّد اننا ذاهبون إلى جدال عقيم يفاقم من إهدار الوقت والفرص”. وأكّد أنّه “لن يكون شريكاً في هذا العبث السياسي، ولن نتوجّه إلى القصر الجمهوري يوم الخميس إلاّ حفاظاً على بقيّة باقية من الدستور المنتهك، وحتماً لن نسمّي المرشّح الوحيد الذي كلّف نفسه بنفسه للمضي في السياسات المتبعة دون توضيح سياسته المالية والنقدية والاقتصادية لمعالجة الازمات المعيشية والمالية والاقتصادية الذي يشكّل اساساً لكل اصلاح مرتجى”.
”التقدمي”
وهاجمت مفوضية الإعلام في “الحزب التقدمي الإشتراكي” في بيان ”العهد القوي” غير قادر على تحمّل رأياً آخر، في ظل أسوأ أوضاع يمكن أن يعيشها المواطن اللبناني”، وذكّره “بضرورة الاستفادة من المبادرة الفرنسية والتركيز على تنفيذها بدل تضييع الوقت في التعطيل من جهة وقمع الحريات من جهة ثانية”.
المجلس النيابي
من جهة ثانية، انعقد المجلس النيابي في جلسة اول من العقد التشريعي العادي الثاني في قصر الاونيسكو برئاسة الرئيس نبيه بري، وانتخب رؤساء وأعضاء اللجان النيابية وأعضاء هيئة مكتب المجلس واعضاء المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، واستغرقت الجلسة 55 دقيقة. ولم تُعقد جلسة لمناقشة قانون العفو العام والبنود المتبقية على جدول اعمال الجلسة السابقة لعدم اكتمال النصاب.
وقد رفع بري الجلسة حوالى الثانية عشرة ظهراً، وتلي المحضر وصدّق.
وبعد ان افتتح جلسة تشريعية لمناقشة قانون العفو العام وما تبقى من اقتراحات قوانين كانت مدرجة على جدول اعمال الجلسة الاخيرة، تبيّن له فقدان النصاب. فرفع الجلسة.
وسأل الرئيس بري: “من هي الكتل التي انسحبت من الجلسة”، فأُجيب بأنّها كتلة “القوات اللبنانية”. فردّ قائلاً: “قال بدن انتخابات نيابية مبكرة ..أهلا”.
كورونا
من جهة ثانية، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي حول مستجدات فيروس كورونا أمس “تسجيل 1392 إصابة جديدة بكورونا (1312 محلية و80 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 64336”. ولفتت إلى تسجيل “5 حالات وفاة جديدة”.
دياب
على صعيد قضية انفجار مرفأ بيروت، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أمس، إنّ لبنان لا يزال ينتظر من فرنسا وإيطاليا تزويده صوراً التقطت بواسطة الأقمار الاصطناعية لهذا الانفجار. وأوضح دياب، انّه طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صوراً ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية للمرفأ “قبل الانفجار وخلاله وبعده”. وأنّه أرسل طلباً مماثلاً إلى إيطاليا كذلك.