كتبت صحيفة ” الأنباء ” الالكترونية تقول : في وقت عادت فيه مظاهر قمع الحريات وملاحقة الناشطين ومحاولات ترهيبهم بالاستدعاءات والتوقيفات وسياسة كمّ الأفواه من الحكم الغافل عن مصالح اللبنانيين الغارق في دوّامة من التعطيل والمماطلة وترك البلاد تغرق أكثر فأكثر في أتون الانهيار، قرّر رئيس الجمهورية ميشال عون أن يخرج قبل يوم من الموعد المفترض لاستحقاق الاستشارات النيابية الملزمة، ليتحدث في كلمة يعلن فيها “موقفاً حاسماً” من التطورات الراهنة، بحسب ما عممت مصادر بعبدا، مشيرة الى أن “عون سيطلق مواقف سياسية تصعيدية تضع الأمور في نصابها وفق ما يعتبر، ويحمّل كل القوى السياسية مسؤولياتها. وسيتضمن الموقف جردة حساب طويلة على مدى سنوات عهده، وربما سيكشف بعض الخبايا”.
الهدف من هذا الموقف هو “إحراج الجميع”، وفق مصادر القصر الجمهوري، والقول إنه “لا يمكن تجاوز رئيس الجمهورية في عملية تشكيل الحكومة. وفي حال سيُفرض تكليف سعد الحريري فإن عملية التأليف لن تكون سهلة”، فيما تفيد مصادر متابعة لـ”الأنباء” أن “محاولات القوى السياسية لتليين موقف عون، وإبقاء الاستشارات في موعدها، وتمرير تكليف الحريري، كانت بالغة الصعوبة بحيث لا يزال عون يرفض أن يعود الحريري كما يحلو له لتشكيل حكومةٍ يقول إنها حكومة اختصاصيين، فيما مبدأ الاختصاص لا ينطبق عليه”. وبالتالي فإن عون المحرج في عدم تأجيل الاستشارات لمرة جديدة إنما يسعى عبر كلمته اليوم الى البحث عن مخرج له.
ولذلك سيعيد عون في موقعه “تكوين صورة عامة حول عملية التكليف وربطها بعملية التأليف عبر تطويق الحريري وتكبيله بالشروط، والتأكيد له بأنه لن يكون قادراً على تشكيل حكومة على هواه وكما يريدها ويستبعد الآخرين منها”.
وإذ استبعدت المصادر أن يؤجل عون الاستشارات في خطابه، لكنها لم تنفِ أنه قد يفعل في حال حصل تطورٍ معيّنٍ ما بعد الخطاب، وإذا أدّت التداعيات السياسية للموقف إلى فتح خطوط تواصل جديدة تفرض تأجيلاً جديداً لهذه الاستشارات بانتظار حصول التوافق. وإذا ما حصل ذلك يكون عون قد نجح في إعادة فرض تصورٍ معيّن في عملية تشكيل الحكومة، ولم يقدم التنازل الذي كان مفروضاً عليه وفق ما يعتبر بتكليف الحريري، على الرغم من عدم تغيّر الظروف السياسية والموضوعية عما كان عليه الحال الأسبوع الماضي عندما أجّلَ الاستشارات.
في السياق نفسه، أعلن عضو تكتّل لبنان القوي، النائب فريد البستاني، في اتصالٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن ”التكتل ستمتنع عن التسمية في الاستشارات يوم الخميس”، نافياً علمه بأي اتّصالات سياسية تجري على خط التكليف أو التأليف في هذا الوقت.
كما أشار البستاني إلى احتمال تشكيل حكومة سياسية، لافتاً إلى أن “التيار الوطني الحر” يصرّ على شرطٍ أساسيٍ يتمثّل بالإلتزام بالمبادرة الفرنسية، وعندها لا مانع لديه بالحكومة. أما في ما خصّ المشاركة، “فالتيار لم يحسم أمره بعد في هذا الخصوص، لأن الموضوع ليس فقط المشاركة، بل هو موقفٌ مرتبطٌ بالمبادئ”.
وفي حال كانت حكومة تكنوقراط، فيذكّر البستاني بأن “التيّار يُصر في هذه الحالة على أن تكون الحكومة بكاملها تكنوقراط، والحريري ليس كذلك”، معتبراً أن “كتلة لبنان القوي هي الأكبر في المجلس، ولا يمكن تخطّيها”.
من جانبه، أكّد عضو كتلة المستقبل النائب عاصم عراجي، في اتصالٍ مع “الأنباء” أن “الاستشارات قائمة، وليس من بوادر تأجيل حتى اللحظة”.
وفي اتّصالٍ مع “الأنباء”، شدّد عراجي على “وجوب تشكيل حكومة في أسرع وقتٍ ممكن، إذ أن لبنان ينهار، والقطاع الطبي بالأخص يعاني، ولا نملك ترف الوقت، فمن الضروري أن يتحلّى الجميع بالمسؤولية، والحسّ الوطني، لأن لبنان بأمسّ الحاجة لحكومة قريباً جداً”.
تحذير عراجي من الوضع الطبّي، في محله، اذ يعاني القطاع من تخبّط القرارات العشوائية والأزمات المالية. وجديد القرارات إلزام المستشفيات الدفع نقداً لمستورِدي المستلزمات الطبّية، وذلك بناءً على قرار المصرف المركزي الأخير رفض التحويلات المصرفية، واعتماد الدفع النقدي، في محاولة للتخفيف من الكتلة النقدية المحلية الموجودة في السوق.
وفي اتّصالٍ مع “الأنباء”، أوضحت نقيبة مستوردي المستلزمات الطبية، سلمى عاصي، القرار الجديد “الذي يقضي بدفع المستشفيات الحكومية (العسكرية والمدنية) والخاصة 85% من الفاتورة بالليرة اللبنانية، و15% بالدولار، نقداً، من أجل إرسال هذه المبالغ إلى مصرف لبنان، للإستفادة من الدولار المدعوم، واستيراد المستلزمات”.
واعتبرت عاصي أن “تعميم مصرف لبنان غير مدروس، ولم يأخذ بعين الاعتبار العواقب التي سيخلّفها”، لافتةً إلى أن ”النقابة حاولت مفاوضته من أجل عدم السير في القرار، لكن دون نتيجة”.
وكشفت عاصي أن “المخزون الحالي للشركات يتراوح ما بين الأسبوعين والأربعة أشهر كحدٍ أقصى”، مشيرةً إلى أن ”بعض الشركات دأبت على مرّ الأشهر السابقة على جمع الأموال في الحسابات المصرفية من أجل استيراد المستلزمات الطبية، إلّا أن الجهود راحت سدىً بعد رفض المصرف المركزي الموافقة على الاستيفاء عبر التحويلات، كما أن المصارف لا تؤمّن سحوبات نقدية بسقوف عالية”.
وللمفارقة، تشير عاصي إلى أن، “الدولة تريد تحصيل مستحقاتها نقداً، لكنها في الوقت نفسه لا تدفع متوجباتها للمستشفيات. فمن أين ستدفع هذه المستشفيات المبالغ المتوجّبة عليها للمستوردين؟”
كما أعلنت عاصي عن “اجتماعٍ سيُعقد يوم غد مع وزير الصحة، حمد حسن، من أجل البحث في الموضوع، إلّا أن لا حلول مطروحة حتى الساعة”، مؤكّدة أن النقابة، “لا تضخّم الصورة، بل توضح حقيقة الواقع بالنسبة للمواطنين”.
من جهته، أسف نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون، للواقع الذي وصل إليه القطاع الطبي، مؤكّداً أن “القرار الأخير سيؤدي إلى توقّف عمليات الاستشفاء، بسبب شحّ المستلزمات”.
وأوضح هارون في اتّصالٍ مع “الأنباء” أن “المستشفيات لا تملك مبالغ نقدية، إذ جميع المتوجبات يتم دفعها مصرفياً عبر التحويلات، وهي حتى لا تتقاضى مدخولاً بسبب الأزمة الاقتصادية، كما أنها تحتاج إلى مسلزمات يومياً، إذ أنّ بعض الأدوات لا يمكن تخزينها، بل يتم شرائها عند حاجتها، أو تُفقد لكثرة استعمالها، وبالتالي القرار خطير جداً، وسيوقع القطاع بمأزقٍ يتمثّل بالتوقف عن تقديم الخدمات، ونحن سبق لنا أن حذّرنا مصرف لبنان من تبعات هذا القرار”.
ونبّه هارون من أن “أزمة فقدان الأسرّة المخصّصة لاستقبال مرضى الكورونا ما زالت موجودة، رغم تدنّي الأرقام نسبياً في الفترة الأخيرة، كما أن المستشفيات غير قادرة على تجهيز أسرّة جديدة”. وهو أمرٌ شاطره به عراجي، لافتاً إلى أن “عدداً كبيرا من المرضى لا يجدون أسرّة لاستقبالهم”.
وفي السياق، أعلن النائب عاصم عراجي، بصفته رئيساً للجنة الصحة النيابية، “عن اتّصالاتٍ يقوم بها مع كافة المعنيين، بمن فيهم مصرف لبنان “وهناك احتمال عقد لقاء مع الحاكم، من أجل الوصول إلى حلول في المدى القريب، إذ أنّ الوضع لا يحتمل”.