كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : عشية الموعد الثاني لاجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة في قصر بعبدا غدا، بدا من المستبعد تماما ان تطرأ في الساعات المقبلة تطورات مفاجئة من شأنها ان ترحل الاستشارات الى موعد ثالث. اذ ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مضى في تثبيت الاستشارات في موعدها الثاني بعدما بدا واضحا ان صورة التكليف اكتملت ولن تخضع للتبديلات بعدما توافرت أكثرية مرجحة واضحة لخروج الاستشارات بما يوازي مبدئيا 70 نائبا سيصوّتون لمصلحة تكليف الرئيس سعد الحريري. وإذ صار مؤكدا ان الحريري سيخرج غدا رئيسا مكلفا تشكيل “حكومة المهمات المحددة” كما صار مصطلحا على تسميتها وفق المبادرة الفرنسية، فان هذا سيعني في المقابل انطلاق المرحلة التالية الشاقة المتصلة بتأليف الحكومة بالسرعة المتوخاة وسط تدهور الأحوال والأوضاع في البلاد على نحو بالغ الخطورة لا تحتمل معه اخضاع استحقاق التأليف لترف التمادي في استهلاك الوقت تحت وطأة مبارزات طرح الشروط والشروط المضادة واستنزاف بقايا صمود البلاد التي ترزح تحت الانهيارات في شتى القطاعات كما ينذر التفشي الوبائي لكورونا فيها بكارثة صحية واستشفائية.
وشكل الموقف الذي اعلنه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بالمشاركة في الاستشارات النيابية ولو ان الكتلة القواتية لن تسمي الحريري او أي مرشح آخر دحضاً لموضوع الميثاقية من داخل البيت المسيحي والذي تم التذرع به من اجل تأجيل الاستشارات الاسبوع الماضي. وهذا الموقف يمكن عطفه على المعلومات التي نتجت عن زيارة المدير العام للامن العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لواشنطن والدفع الاميركي في اتجاه تأليف الحكومة برئاسة الحريري وفقا للدفع الذي قدمه وزير الخارجية مايك بومبيو ومساعده ديفيد شينكر والاتصال الذي اجراه بومبيو برئيس الجمهورية ميشال عون اول من امس. وحول الكلام عن ان التكليف قد يكون محسوما ولكن ليس التأليف وفق تسريبات اعلامية ومواقف تصب في هذا الاطار، لاحظت مصادر سياسية انه يتم تكبير حجر العقبات المسبقة في طريق التأليف من اجل اجبار الحريري على تقديم تنازلات علما انه يستمر متمسكا بشروطه على قاعدة مضمون المبادرة الفرنسية تحت طائل احتمال خسارة كل الدعم الخارجي للحكومة علما ان هناك عقبات كثيرة تنتظره ليس اقلها الى المطالب العونية نسبة العشرة في المئة التي تحفظ عنها ” حزب الله” في المبادرة الفرنسية. وهذه النسبة لا تنحصر في رفض الانتخابات النيابية المبكرة وهي يمكن ان تكون مطاطة لتبلغ نسبة 90 في المئة. وتقول هذه المصادر ان نقطة القوة في يد الحريري ان حكومته ستكون لمرحلة زمنية محددة ولمهمة محددة وربما ينام على قطبة مخفية تقضي باعتذاره واعلان المعرقلين اذا ظهرت عرقلة له لتأليف الحكومة لان تأخير التأليف يجهض جهوده ويفقد رئاسته للحكومة زخمها. وهذه قد تكون ورقة رابحة له في نهاية الامر على رغم رهانات بعض الافرقاء على ان الحريري ليس محصنا ليرفض تاليف الحكومة على غرار ما فعل السفير مصطفى اديب. ويتعلق الامر بمدى استمرار الضغط الخارجي الذي يحتاج اليه الحريري في المرحلة المقبلة اكان الضغط فرنسيا او اميركيا لان انهيار الوضع الاقتصادي والمالي لم يشكل طيلة الاشهر الماضية سببا كافيا لردع اهل السلطة عن اعلاء مصالحهم على مصالح البلد.
الرسالة المفاجئة
في أي حال ستتجه الأنظار الى ما سيعلنه اليوم الرئيس عون اذ أعلنت بعبدا فجأة مساء امس ان عون سيوجه رسالة الى اللبنانيين في الثانية عشرة ظهر اليوم يتناول فيها الأوضاع الراهنة. وبدا لافتا ان مضمون الرسالة وما سيعلنه الرئيس عون اليوم من مواقف قد احيطت بكتمان شديد من المعنيين في رئاسة الجمهورية . ولكن مصادر معنية اكتفت بالقول لـ”النهار” ان الكلمة الرئاسية ستكون غير مألوفة ومهمة جدا في كل عبارة سترد فيها ولفتت الى ان الكلمة لا تطيح التكليف بل تحصنه بمواقف معينة وتركز على بعض النقاط في معرض التكليف.
ومع ان موقف “القوات” المتمايز في امتناعه عن تسمية الحريري عن موقف “التيار الوطني الحر”، فان ذلك لم يحل دون إظهار جعجع امس وقبيل الاستشارات الاختلاف القائم بينه وبين الحريري اذ قال ان قرار”القوات” بعدم تسمية الحريري هو “لعدم الدخول في أي مبادرة مشتركة مع الثلاثي الحاكم حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة امل”. وتساءل “أي إصلاحات ستجري في ظل وجود هذا الثلاثي في الحكومة ؟” وقال ان “الحريري حر في المخاطرة والرهان ولكن نحن لا نريد تجرع السم او الانتحار مجددا من اجل مسألة لن تؤدي الى مكان”.
ولكن نائب رئيس “القوات” النائب جورج عدوان ابرز ان تكليف الحريري من جانب الأكثرية هو نتيجة تمتعه بالغطاء السني لافتا الى ان الميثاقية تلعب دورها في التأليف . وشدد على انه “لا يحق لاي طائفة ان تختار لطوائف أخرى ولا يحق لمكونات او افرقاء ان يختاروا عن الآخرين وهنا تلعب الميثاقية دورها”.
الجلسة النيابية
وسط هذه الأجواء انعقدت الجلسة الخاطفة لمجلس النواب الذي جدد مطبخه التشريعي فانتخب الأعضاء البدلاء للنواب المستقيلين في هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية وفي المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء فيما طار نصاب الجلسة على ايدي نواب كتلة الجمهورية القوية لدى افتتاح رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة تشريعية لاقرارمجموعة مشاريع واقتراحات قوانين ابرزها قانون العفو. ولكن مراجع سياسية انتقدت خطوة المجلس بانتخاب أعضاء اللجان النيابية بدلا من النواب الذين استقالوا فيما سمح او غض الطرف مخالفة المادة 41 من الدستور وعدم اجراء انتخابات فرعية لملء شغور النواب المستقيلين او لاقرار انتخابات نيابية مبكرة . واعتبرت المراجع ان مجلس النواب كان يفترض ان يحاسب الحكومة لارجائها الانتخابات الفرعية من دون سبب قاهر منطقي وقانوني ودستوري حاسم اذ لا أساس لما اثير حول الكورونا كسبب لإطاحة الانتخابات الفرعية والا يجدر بالمجلس ان يعقد جلسة لتفسير السبب الدستوري القاهر لإطاحة الانتخابات الفرعية .
في السفارة الفرنسية
الى ذلك وفيما كان بعض الأوساط السياسية والديبلوماسية يتوقع ان تبدأ السفيرة الفرنسية الجديدة آن غريو تحركا في شأن تنفيذ المبادرة الفرنسية عقب تقديمها أوراق اعتمادها الى الرئيس عون تبين امس انها تتعافى من الإصابة بفيروس كورونا. وقد أصدرت السفارة الفرنسية في بيروت بيانا أفادت فيه ان إصابات عدة بكورونا سجلت في صفوف السفارة الفرنسية في بيروت، سرعان ما اتخذت الإجراءات اللازمة في إشراف الأطباء الأختصاصيين حفاظا على سلامة جميع موظفي السفارة . ان السفيرة بصحة جيدة ويعتبر الأطباء انها تعافت وستخضع في الأيام المقبلة لفحص جديد وتتابع في هذه الأثناء عملها من قصر الصنوبر مع احترام كامل إرشادات الأطباء “.