وخرج رئيس الجمهورية ميشال عون بكلامه أمس ليزيد طين عهده بلة، فتحدث وكأنه في خطاب القسم يوم تسلّمه مهامه، لوّح وسأل ولام وتلوّم وعاتَب وتهرّب من المسؤولية، لكنه نسي أو تناسى انه في سدة الرئاسة منذ 4 سنوات، وفي السلطة منذ 15 سنة، بكتلة نيابية وازنة ومشاركة حكومية أساسية في حقائب مفصلية من الطاقة الى الاتصالات الى الخارجية الى الاقتصاد، وفي كل هذه الملفات حال البلاد بأسوأ ما يكون. خرج عون بالأمس ليعلن مجددا تمسكه بمسار التعطيل، قالها بالفم الملآن “أنا شريك في التكليف والتأليف”، مع ما يحمله هذا الكلام من دلالات واضحة على ما سيكون عليه مسار التأليف الذي سينطلق بعد انتهاء الاستشارات النيابية الملزمة اليوم والتي من المفترض أن تفضي الى تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة.
فُهم من اطلالة عون، التي زخرت بالأسئلة وخلت من أي أجوبة ينتظرها اللبنانيون ممن هو على رأس الدولة أن يعطيهم اياها حول مصيرهم ومستقبل أبنائهم.
مصادر بعبدا ردت عبر “الأنباء” بالقول إن “ما أراد عون أن يوصله الى اللبنانيين هو أن يعرفوا من هي الجهة التي تعرقل، والجهة التي تعمل للصالح العام”، معتبرة انه “بعد اليوم من غير المسموح لأحد عرقلة الاصلاحات مهما علا شأنه، وكلام عون برسم الجميع وهو غير موجّه لشخص معين”.
مصادر بيت الوسط قالت في المقابل عبر “الأنباء” بأنها تفضّل الصمت في هذه الظروف، وتترك الكلام الى ما بعد التكليف لأنها لن تعلّق على كلام الرئيس عون وهو حر أن يقول ما يراه مناسباً. ولفتت المصادر إلى أنه “في حال تم تكليف الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، فمن المتوقع أن يكون له كلمة بعد التكليف”.
مصادر عين التينة علّقت على كلام رئيس الجمهورية عبر “الأنباء” بالقول إن “الكل مسؤول، ولا يجوز تحميل المسؤولية لجهة معينة، فالكل مشارك في السلطة، لكن المسؤولية تتفاوت بين وزير وآخر وبين وزارة وأخرى”.
المصادر رأت أن “ما ذكره عون معروف من الجميع، وربما أراد من خلاله الاشارة الى هذه الأمور قبل الاستشارات لحث النواب والرئيس المكلف لتحمّل المسؤولية، فالوضع في البلد أصبح حرجاً ولا يحتمل التأخير في تنفيذ الاصلاحات”.
وحول خارطة توزيع اصوات الكتل النيابية في الاستشارات، أفادت مصادر مراقبة للأنباء أن “الكتل التي ستسمي الحريري هي كتل المستقبل والتنمية والتحرير واللقاء الديمقراطي والمردة والأرمن، أما كتلة الوفاء للمقاومة فلن تسمي أحدا، في موقف مشابه لكتلة نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي واللقاء التشاوري، وكذلك لتكتل لبنان القوي والجمهورية القوية اللذين سبق وأعلنا موقفيهما”، ورجحت المصادر ان ينال الحريري ما بين 55 و62 صوتاً، معتبرة ان تمنع بعض الكتل عن تسمية الحريري مقصود، لإظهار ان التكليف بالحد الأدنى بما يعني عدم منحه الزخم القوي في التأليف.
المصادر تحدثت عن مفاجآت يمكن حصولها خلال الاستشارات، كما حصل مع النائب جان طالوزيان، او في الموقف الذي يمكن أن يعلنه النائب جهاد الصمد.
وعما اذا يمكن ان يصطدم الحريري بعراقيل في التأليف، رأت المصادر ان “مسيرة التأليف بالطبع ستكون صعبة ومعقدة ودونها مطبات، ولكن في النهاية لا بد من تشكيل حكومة مهما بلغت العقد، والحريري مصرّ على تشكيل حكومة مهمة من الاختصاصيين والمستقلين وفق ما تنص عليه المبادرة الفرنسية، وهو يحظى بدعم كامل من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي وعد بعقد مؤتمر اقتصادي لدعم لبنان منتصف الشهر المقبل”.
وأملت المصادر ان “تُشكَّل الحكومة قبل هذا الموعد، وماكرون عازم على اعادة تحريك اموال سيدر في حال سارت الأمور وفق ما هو مرسوم لها”.