وبعد سنة إلا أسبوع على استقالته كٌلّف سعد الحريري تأليف الحكومة. خرج دخان التكليف الأبيض من قصر بعبدا بعد طول تأخير، ليبدأ مطبخ التأليف مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، رغم أن ما هو غير معلوم المدة التي قد تستغرقها طبخة التأليف.
وفيما يضج الوسط السياسي بأسئلة وتساؤلات حول مدى قدرة الرئيس الحريري على تدوير الزوايا خاصة مع التيار الوطني الحر، فإن كلامه بأعقاب التكليف بأنه “إذا كانت مصلحة البلد تتطلب تفاهماً مع الجميع فمن المفترض تغليب مصلحة البلد”، كان إشارة إلى عزمه تدوير الزوايا بغية تأمين توافق يسرّع في ولادة الحكومة، فيما كان كلام النائب جبران باسيل أمس أقل حدّة من كلامه منذ أسبوع فاتحاً الباب أمام تفاهمٍ ما، وهي أجواء أدت إليها حركة بارزة من حزب الله تمثّلت بعدم تسمية الرئيس الحريري في الاستشارات، وذلك لوضعه أمام خيار الحديث مع القوى التي لم تسمّه، وحزب الله على رأسها وصولاً إلى الوطني الحر. وقد أعقب ذلك كلام واضح من رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن جو تفاؤلي وأمله في أن ينسحب ذلك على علاقة تيار المستقبل والتيار الوطني الحر.
مصادر بيت الوسط أشارت لـ “الأنباء” إلى أن كل التساؤلات المطروحة بقدر ما هي مشروعة ويجب التوقف عندها، لكن “من غير الضروري إثارتها وخلق مشكلة بسببها، لأن الوقت هو للعمل، والمطلوب إراحة البلد بعد سنة كاملة من الإحباطات والإخفاقات والأزمات المالية والإقتصادية والصحية”.
وشددت المصادر على أنه “علينا التطلع إلى الأمام أي إلى تشكيل حكومة تستطيع أن تضع برنامجاً محددًا لانتشال البلد من أزماته وتشرع بإعادة إعمار ما تهدم وتؤمن المساعدات المطلوبة من صندوق النقد الدولي ومن البنك الدولي، لأن البلد على شفير الإنهيار، وكل كلام غير ذلك هو مضيعة للوقت”. وأملت المصادر تشكيل حكومة في وقت قياسي.
عضو كتلة المستقبل، رئيس لجنة الأشغال النيابية، النائب نزيه نجم تحدث لـ “الأنباء” عن “الوضع المأساوي الذي يعيشه أصحاب البيوت المدمرة” بعد انفجار المرفأ، داعيا الى تشكيل حكومة إختصاصيين بأقصى سرعة لإعادة الإعمار وعودة الناس لبيوتهم قبل حلول الشتاء. وتوقع نجم “إنفراجا على الصعيدين الاقتصادي والمعيشي بعد الإنخفاض التدريجي لسعر صرف الدولار الذي قد يصل الى حدود ستة آلاف ليرة”، بحسب توقع نجم وهو : ما سينعكس إيجاباً على أسعار المواد الغذائية والإستهلاكية”، متوقعا انعقاد مؤتمر دعم لبنان بعد تشكيل الحكومة.
كما أمل نجم ان “تسير الأمور في المنحى الإيجابي مع كل الأطراف السياسية، فالرئيس الحريري منفتح على الجميع وبالأخص القوى التي ايدته لتشكيل الحكومة”.
عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون أكد لـ “الأنباء” على ضرورة تحسن العلاقة بين الرئيس الحريري والنائب جبران باسيل “لأن تشكيل حكومة مع إستمرار الخلافات يحولها الى حكومة غير منتجة وتكون عرضة للإهتزازات، وبالأخص في حال عدم وجود تفاهم بين رئيس الحكومة ورئيس أكبر كتلة نيابية حتى ولو تشكلت الحكومة من إختصاصيين أو حكومة تكنوسياسية”.
واعتبر عون انه “لا بد من عقد لقاء بين الحريري وباسيل”، متوقعا أن يقوم الرئيس نبيه بري بمبادرة لتقريب وجهات النظر، لأن “الجميع محكوم بتوافقات وأسلوب المواجهة لن يوصل الى شيء”.
النائب عون أكد أن “الرئيس ميشال عون لن يهادن في السنتين الأخيرتين من عهده حول المواضع الإصلاحية، ومحاولة عرقلة التحقيق الجنائي، وأي عملية يقوم بها”، وقال: “نحن أمام صفحة جديدة، وهذا يتوقف على موقف الرئيس الحريري من الأفرقاء السياسيين الآخرين الذين هم شركاء في القرار”.
الخبير المالي والاقتصادي أنطوان فرح تحدث لـ “الأنباء” عن أجواء الإرتياح الذي عكسه التكليف على سعر صرف الدولار الذي إنخفض الى ما دون السبعة آلاف ليرة. وبالنسبة للتأليف، قال فرح: “علينا أن لا نتفاءل أكثر بانخفاض الدولار لأن الوضع الاقتصادي لا يسمح بالتفاؤل اكثر من ذلك”، معتبراً انه “اذا تأزمت الأمور سنكون أمام مشهد آخر قد يتجاوز معه الدولار كل التوقعات”.
صحياً ومع محافظة أرقام الإصابات بكورونا على وتيرتها، ناشدت مصادر طبية وزير الصحة حمد حسن وخلية الأزمة ورئيس لجنة الصحة النيابية للتدخل لحسم الجدل القائم بين نقابة مستوردي المستلزمات الطبية ونقابة أصحاب المستشفيات الخاصة التي تطالب بتوزيع المستلزمات على المستشفيات بالنظر الى الحاجة الماسة اليها. وتمنت عدم التأخير في البت بهذا الموضوع حفاظا على سلامة المرضى.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء: مصاعب تنتظر قطار التأليف… وحراكٌ على خطّ التيارين لفتح “صفحة جديدة”