كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : على رغم الحالة المأسوية التي تحكم بظروفها القاسية والكارثية على اللبنانيين، سيكون لبنان اليوم، اسوة بمعظم البلدان في سائر انحاء العالم، مشدودا الى الحدث الأميركي المتمثل بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة باعتبار ان تأثير هذا الحدث لن يوفر لبنان أيا يكن الفائز غدا في الانتخابات الرئيس الحالي دونالد ترامب اومنافسه الديموقراطي جو بايدن. ومع ان معالم التبدلات الأميركية الخارجية غالبا ما لا تنطبق كثيرا على لبنان بحيث تتقاطع الى حدود بعيدة سياسات الجمهوريين والديموقراطيين حيال واقعه، فان لبنان يبقى معنيا برصد نتائج الانتخابات الرئاسية بدقة باعتبار ان اختلاف المقاربات بين المرشحين لا بد من ان ينسحب على مسائل حساسة في العلاقات اللبنانية الأميركية ولا سيما لجهة الدعم الأميركي للجيش اللبناني وملف العقوبات الأميركية على “حزب الله” ناهيك عن ملفات أخرى أساسية منها رعاية واشنطن لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل.
مع ذلك لم تطرأ متغيرات بارزة على استحقاق تأليف الحكومة الجديدة المصاب بتعثر حال دون الولادة الحكومية في مطلع الأسبوع الحالي كأنه رحل تلقائيا او ربما عمدا الى ما بعد صباح غد الأربعاء بعد ان يكون قد عرف اسم الرئيس الأميركي للاربع سنوات المقبلة. واذا كان انعقاد اللقاء الرابع بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعد ظهر امس بدد بعض الشيء الأجواء التشاؤمية التي سادت مناخ مسار التأليف منذ أيام، فان سياسة التكتم والتخفي عن النتائج، لم تعد تقنع الكثيرين بان الأمور تسير بمسالك مسهلة بعدما انكشفت في الأيام الأخيرة التدخلات والإملاءات التي أدت الى تأخير استكمال التأليف وتاليا اعلان الحكومة الجديدة. وتبعا لذلك ترصد الأوساط السياسية الساعات الثماني والأربعين المقبلة باعتبارها ستشكل محكا لجدية الجوانب الإيجابية الجديدة التي حكي عنها والتي لم يظهر شيء بعد يثبتها. وهي جوانب قيل انها تتعلق بتذليل عقبات حجم الحكومة وعدد أعضائها وبدء التداول المتجدد في توزيع الحقائب الوزارية وكذلك أسماء وزراء مقترحين.
وافيد ان ثمة ثلاث عقد ما زال يجري العمل على حلحلتها بالاتصالات واللقاءات المعلن منها والبعيد من الضوء. وتحدثت معلومات عن ان الرئيس نبيه بري قد يدخل على الخط بالاتصال بكل من “حزب الله” وسليمان فرنجية في محاولة لتذليل عقدتيهما. وعلم ان التشكيلة رست على 18 وزيراً والبحث عالق على كيفية توزيع حقائب الصحة والاشغال والطاقة وان كلاً منها متصلة بالأخرى فاذا تم حل الواحدة تحل الثانية والثالثة.
واشارت المعلومات الى ان الحريري يرفض ابقاء القديم على قدمه في توزيع هذه الحقائب الاساسية، فيما “حزب الله” يطالب بإبقاء وزارة الصحة معه وفرنجيه بالاشغال كما يطالب النائب جبران باسيل بالطاقة وهذا ما سيبقي حقيبة الاتصالات مع الحريري. وبما ان الحكومة من 18 وزيراً فسيكون للدروز حقيبة واحدة تعطى للاشتراكي والارجح انها ستكون التربية في حال بقي القديم على قدمه في توزيع الحقائب الخدماتية الاساسية.
وفِي الحقائب السيادية، اشارت اخر المعطيات الى ان حقيبة المال باقية مع الطائفة الشيعية وحركة “أمل”، و ستؤول الدفاع الى ارثوذكسي والداخلية لماروني والخارجية لسني .
وذكر ان اللقاء الجديد بين عون والحريري كان متفقا على انعقاده أساسا قبل ظهر غد الأربعاء ولكن ثمة ما حصل ودفع الرئيس الحريري الى القيام بزيارة قصر بعبدا عصر امس بعيدا من الاعلام وسادت توقعات ان يزور الحريري بعبدا مجددا اليوم او غدا. وأفاد مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية في بيانه عن اللقاء ان عون تابع مع الحريري درس ملف تشكيل الحكومة الجديدة في جو من التعاون والتقدم الإيجابي”.
وربطت أوساط سياسية مطلعة استئناف اللقاءات بين عون والحريري بعد التأزم الواسع الذي طرأ في الأيام السابقة على مسار تأليف الحكومة بجملة أسباب ولكن ابرزها يتعلق بانكشاف عدم قدرة العهد ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على المضي طويلا في تحمل التبعات المتفجرة والشديدة الخطورة لعرقلة ولادة الحكومة سريعا وسط تسارع اخطار الانهيارات الداخلية ولا سيما منها حاليا التفشي الوبائي الواسع وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وبرز ذلك ضمنا مع مسارعة كل من رئاسة الجمهورية والنائب باسيل امس الى اصدار ردين حملا تكذيبا للمعلومات الصحافية والإعلامية التي كشفت دور باسيل في عرقلة التأليف. وعكس البيانان ضمنا تخوفا واضحا من الترددات السلبية الواسعة لعرقلة التأليف وتحميل باسيل المسؤولية، اذ ان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية رد على المعلومات الصحافية والإعلامية وتحدث عن ان “التشاور في شأن تشكيل الحكومة يتم حصرا ووفقا للدستور بين الرئيسين عون والحريري ولا يوجد أي طرف ثالث في المشاورات ولا سيما النائب جبران باسيل”. ثم اصدر المكتب الإعلامي للنائب باسيل بيانا مماثلا حمل فيه على “كل ما يتم فبركته وتداوله في الاعلام حول تدخل النائب باسيل في عملية تشكيل الحكومة ” ووصفه بأنه “عار عن الصحة ويهدف الى تحميل باسيل مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة لتغطية المعرقلين الفعليين”. ولفت ما جاء في البيان من ان “الاستمرار في سياسة الكذب في الاعلام يشوه الحقائق كما ان التذاكي في عملية تأليف الحكومة يعرقلان ويؤخران تأليفها”.
يشار في هذا السياق الى موقف لاذع لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع سجل امس اذ غرد جعجع قائلا “هل رأيتم الآن لماذا أحجمت القوات اللبنانية في مسألة الحكومة ؟ طالما ان الثلاثي الحاكم حاكم لا أمل باي خلاص. سنكمل من دون هوادة في إعادة تشكيل السلطة”.