كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : وسط دوامة الانتظار والكلام المتكرر عن مناخ تقدم مزعوم في تأليف الحكومة لا يزال من دون أي ترجمة حتى الان، يترقب اللبنانيون ما ستسفر عنه الساعات المقبلة من نتائج للانتخابات الرئاسية الأميركية لكي يبدأ بعدها تظهير احتمالات انعكاسها على لبنان في ظل الرئيس الحالي دونالد ترامب ان فاز ثانية، او جو بايدن ان هزم منافسه. ولكن تطورات مسار تأليف الحكومة لم تتكشف عن جديد حاسم من شأنه ان يرفع منسوب التفاؤل في امكان ولادة الحكومة هذا الأسبوع كما كان يراهن على ذلك بعض الجهات المعنية بمشاورات التأليف في انتظار اثبات ما تردد عن انفراج حصل في اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. ومع ان المعلومات الرسمية عن لقاء الاثنين الماضي لم تفتح عمليا قنوات الانفراج الوشيك غير ان معطيات أخرى تحدثت امس ان ذلك اللقاء بدا بمثابة إعادة وضع أسس التأليف مجددا على بساط التداول وجرت إعادة طرح أفكار واقتراحات من الحريري على رئيس الجمهورية كان سبق بتها سابقا قبل ان يحصل التعطيل الذي جمد المشاورات لايام.
وفيما يتوقع ان يعقد اليوم اجتماع جديد بين عون والحريري لم تعكس بعض المواقف السياسية التي صدرت امس مناخات مريحة تشجع على ترقب اختراق سريع في مسار تأليف الحكومة العتيدة ولا سيما منها “تكتل لبنان القوي” الذي اتخذ مواقف سلبية اضافية من الحريري من دون ان يسميه. كما لوحظ ارتفاع حرارة بعض المواجهات السياسية على هامش تأليف الحكومة انعكس بدوره من خلال تحذير وجهه رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط الى الرئيس المكلف مما وصفه “غدر” بعض الجهات السياسية.
ولكن نفحة تفاؤلية برزت عبر معلومات تحدثت عن مجريات المشاورات لتأليف الحكومة انطلاقا من ان اللقاء الأخير بين عون والحريري وما واكبه من اتصالات ووساطات كتلك التي يتولاها رئيس مجلس النواب نبيه بري أدت الى إعادة تحريك مسار التأليف انطلاقا من قواعد وأسس تبدو اقرب الى إعادة اطلاق المسار من اوله أي بدءا من حجم الحكومة وعدد أعضائها وموضوع المداورة وتوزيع الحقائب. وذكر ان الحريري الذي يقوم بزيارة قصر بعبدا مجددا اليوم ربما سيحمل معه مسودة أولية لتشكيلة حكومية بعدما توافق مع الرئيس عون في اللقاء الأخير بينهما على إعادة تثبيت صيغة 18 وزيرا موزعة على الطوائف وليس الأحزاب من دون ان يعني ذلك ان طريق ولادة الحكومة باتت مسهلة او سريعة. ولكن اذا سارت الأمور في مسار إيجابي اليوم فان ذلك يعني انجاز توزيع الحقائب وبدء اسقاط الأسماء عليها بما قد يستتبع فتح الاحتمال امام تأليف الحكومة في نهاية الأسبوع الحالي. كما ان الرئيس بري يقوم باتصالات للمساهمة في تذليل العقد وهو اجتمع لهذه الغاية امس بالمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم.
وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اعلن موقفا حادا من خلال تغريدة له امس كتب فيها “من عجائب المسرح الوزاري ان الذين لم يسموا سعد الحريري باستثناء القوات اللبنانية هم اليوم الذين يتقاسمون المقاعد ويتحضرون للاستيلاء الكامل على السلطة بكل فروعها الأمنية والقضائية في مخطط الإلغاء والعزل والانتقام . لذا يا شيخ سعد ومن موقع الحرص على الطائف انتبه لغدرهم وحقدهم التاريخي”.
في المقابل دعا “تكتل لبنان القوي” برئاسة النائب جبران باسيل مجددا الى اعتماد “معايير ميثاقية ودستورية موحدة لتسهيل عملية تأليف الحكومة” وقال “لا الكيل بمكيالين ولا اعتماد سياسة التذاكي بتوزيع الوعود المضخمة والمتناقضة ولا تظهير النية بالتهميش واتهام الاخرين ومن بينهم رئيس التكتل بالعرقلة من شأنه التستر على المتسببين الحقيقيين”. واعتبر ان “هذا السلوك هو نوع من الترهيب الفكري لمنع التكتل من ابداء رأيه او ممارسة حقه”.
مأزق التدقيق الجنائي؟
وسط هذه المناخات، تقدم الى واجهة الاستحقاقات الملحة ملف التدقيق الجنائي في مصرف لبنان في ظل انتهاء مهلة تقديم الأوراق والمستندات المطلوبة من مصرف لبنان الى شركة “الفاريز اند مارسال ” وفق العقد الموقع بينها وبين الدولة اللبنانية. وإذ ينتظر ان يجتمع فريق من الشركة اليوم مع وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني للبحث في موضوع تنفيذ العقد بعدما اعتبرت الشركة ان المستندات التي استلمتها غير كافية، صدر موقف حاد لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بدا موجها ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من دون ان يوفر وزارة المال اذ حذر من محاولة اطاحة التدقيق الجنائي وكشف انه وجه كتابا الى وزير المال للطلب من مصرف لبنان العمل بموجب رأي هيئة التشريع والاستشارات لبدء شركة “الفاريز” عملها حيث ان المصرف لم يسلم الشركة سوى 42 في المئة من الملفات معللا ذلك بقانون السرية المصرفية. واعتبر دياب ان من واجب المعنيين المباشرة بتنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي باجراء التدقيق الجنائي مع حجب أسماء الزبائن عند الحاجة علما ان حسابات الدولة لا تخضع للسرية المصرفية. ومن المقرر ان يعقد المجلس المركزي لمصرف لبنان اجتماعا اليوم لمناقشة هذا الملف والطلبات التي وردت اليه.