حاول “لبنان الرسمي” امتصاصَ مفاعيل العاصفة الاميركية التي هبّت عليه ، ولملمةَ الاضرار الكبيرة التي خلّفتها في واجهته. فإدراج رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على لائحة العقوبات الاميركية- اليد اليمنى لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لا بل “رئيس الظل” في البلاد، كما يحلو لكثيرين توصيفه- هذا الادراج ليس إجراء بسيطا، يُهضم بسهولة، بل يفترض – طبعا اذا كنا في دولة لا تريد الخروج من المنظومة الدولية العالمية – ان تعقبه ”جردة حساب” واسعة، يراجع خلالها العهد نفسه وقراراته، فتكون اولى نتائجها الاسراع في تشكيل حكومة “بتبيّض الوجّ” كما يقال في العامية، تعيد الى حد ما، تلميع صورة لبنان الرسمي، أمام عيون العالم.
هذا ما يسعى اليه الرئيس سعد الحريري من خلال جهده الذي تابعه فكام آخر لقاء مع رئيس الجمهورية لتذليل العقد التي لا تزال تعترض ولادة الحكومة، وأبرزها متعلّق – رغم العقوبات – باعتماد المداورة في حقيبة الطاقة. وتبقى معرفة ما اذا كان الاتصال الذي حصل بين عون ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم الجمعة حيث حث الاليزيه بيروت على الاسراع في تأليف حكومة قادرة على نيل ثقة المجتمع الدولي فيلاقيَها بالمساعدات الملحة- سيفعل فعله، في بلد حذّرت منظمة الأغذية العالمية (الفاو) اليوم، من انه بات من البلدان المهددة بشدة بالجوع الحاد.
الا ان هذه المساعي لم ترق لبعض الجهات خصوصا للقوات اللبنانية التي روجت وتروج الاجواء السلبية منذ اسابيع ، وامس كرر رئيسها سمير جعجع خطاب النعي والحداد فقال ان الامور ذاهبة إلى مزيد من التدهور، وتباعا سيرفع مصرف لبنان الدعم عن المواد الأساسية الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات والمنتجات القمحية والدواء وعندها ستصبح رواتب من يتقاضون أجورهم بالعملة الوطنية من دون قدرة شرائية تذكر ولن يتمكنوا من سد حاجاتهم الشهرية”.
من جهته أشار الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري في تغريدة على حسابه عبر “تويتر” الى أن “نواب ووزراء سابقون في القوات اللبنانية ينشطون على خط التهجم ضد الرئيس الحريري في حملة يتم ادارتها من معراب”.
وقال: “من الحاصباني الى قيومجيان الى الصديقة مي (شدياق) الى موقع مين قدا الى كل الاصوات التي تراهن على الفراغ للوصول الى كرسي بعبدا نقول: نحن قدا في كل زمان ومكان والاخبار الكاذبة، لن تبدل من الحقيقة في شيء”.
وشدد على أن ” سمير جعجع يستطيع أن يحلم بالرئاسة وأن يطلب المستحيل سبيلاً للوصول لكنه لن يحلم بتوقيعنا على جدول اعمال معراب السياسي وغير السياسي، وسنكون بالمرصاد لاي مشروع يقود لبنان الى التحلل والتقسيم والخراب”.
وبعد سلسلة ردود قواتية أضاف الحريري: “كيف يمكن للقوات ان تفسر حملة نوابها بشأن تشكيل الحكومة والاصرار على ان الرئيس الحريري يقوم بتشكيل حكومة محاصصة، وصولاً الى القول بان الاعتذار عن التشكيل افضل من تأليف الحكومة”.
وقال: “لقد صرح الرئيس الحريري غير مرة انه يعمل لحكومة اختصاصيين غير حزبيين وأنتم تصرون على رميه يومياً بسهام المحاصصة وتفترضون ان تعطيل تشكيل الحكومة سيفتح الطريق امام انتخابات مبكرة”.
تصعيد باسيل
وفي هذا الاطار صعد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل موقفه بما خص تشكيل الحكومة فامد خلال رده على فرض العقوبات الاميركية عليه ان القول بالمداورة لكل الحقائب ما عدا المال، هو اعتراف بتثبيت حقيبة المال الى الطائفة الشيعية وانه يجب ابقاء بعض الحقائب دون مداورة ولا اعني اي واحدة بالتحديد… والا المداورة للجميع كما هو موقفنا، أو مداورة جزئية لعدم الاعتراف بالتثبيت.
اضاف: يجب اعتماد آلية واحدة لتسمية الوزراء، من اختصاصيين طبعاً. ولكن لا احد يحتكر وحده تسمية الاختصاصيين وكأنّه وحده يعرفهم او يملكهم. ويجب على طرف ان يسمّي وزرائه ويوافق عليهم رئيس الجمهورية والحكومة وهذا هو المنطق؛ أو أي آلية أخرى يجب ان تكون واحدة على الجميع.
وبخصوص العقوبات قال باسيل: “تبلّغت من رئيس الجمهورية أنّ مسؤولا اميركيا كبيرا اتصل فيه وطلب منه ضرورة فك علاقة التيار الوطني الحرّ بحزب الله فوراً، وطلب منه أن يبلّغني بعجالة الأمر، وفي اليوم التالي تبلّغت مباشرة بضرورة تلبية 4 مطالب فوراً وإلاّ ستفرض عليّ عقوبات أميركية بعد 4 أيّام”.
مطالبة بمستندات
وفي السياق نفسه بدت لافتة مسارعة رئيس الجمهورية الى التحرك اميركيا مستفسرا اسباب “معاقبة” باسيل، بعد اقل من 24 ساعة على صدور العقوبات. فقد طلب من وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه، إجراء الاتصالات اللازمة مع السفارة الاميركية في بيروت والسفارة اللبنانية في واشنطن، للحصول على الادلة والمستندات التي دفعت بوزارة الخزانة الاميركية الى توجيه اتهامات وفرض عقوبات في حق رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق النائب جبران باسيل”، مشددا على “تسليم هذه الاثباتات الى القضاء اللبناني لكي يتخذ الاجراءات القانونية اللازمة بذلك”، لافتا الى أنه “سيتابع هذه القضية مباشرة وصولا الى إجراء المحاكمات اللازمة في حال توافر أي معطيات حول هذه الاتهامات”.
نحو الاقفال؟
صحيا، عدّاد كورونا يحلق ولا معالجات رسمية، فيما تتسع دائرة المعنيين بالوباء صحيا واستشفائيا، المطالبين بالاقفال العام، فهل تصح المعطيات التي تشير الى ان الدولة ستتجه نحو هذا الخيار هذا الاسبوع؟
ويعقد المجلس الاعلى للدفاع غدا الثلاثاء اجتماعا استثنائيا بدعوة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للبحث في الوضع الصحي في البلاد، في ضوء تطورات انتشار وباء كورونا والإجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة هذا الوضع
الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق : الحريري يتابع مساعيه.. “القوات” تشوش وباسيل يصعّد محكمة أميركية تستدعي باسيل وقياديين في “التيار”