يبدو ان انتقال السلطة في الولايات المتحدة من الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى الرئيس المنتخب جو بايدن لن يكون سهلاً، لان ترامب لن يقبل بتسليم الملفات الى فريق بايدن، التي من المفترض ان تجري خلال 8 اسابيع، مما جعل الرئيس المنتخب يعلن عن قلقه، لان الفريق الذي قام بتشكيله للتحضير لاستلام الملفات، سيصاب بالضرر ويعطّل انتقال السلطة ديموقراطياً وفق الدستور الاميركي، لأن الرئيس الجديد سيستلم مهامه في 20 كانون الثاني. ويقول الرئيس الاميركي ترامب انه حصل على 71 مليون صوت ويتهم بعض اعضاء الحزب الجمهوري بتأييد جو بايدن، ويشعر ترامب بأنه اكبر من الحزب الجمهوري وهو الذي حصل على هذا العدد الكبير الذي وصل الى 71 مليون صوت، ووصف رؤساء المدن الكبرى باللصوص، ويصر على القول ان الحزب الديموقراطي سرق منه الانتخابات الرئاسية بالتزوير وبالاصوات غير القانونية.
ووفق الدستور الاميركي، على مجالس الولايات التشريعية وحكام الولايات تسليم النتائج كلها في 26 تشرين الثاني، وكحد اقصى في 6 كانون الاول، كما ان العرف الاميركي يقضي ان يعترف الرئيس الذي خسر الانتخابات بهزيمته، ويستقبل الرئيس المنتخب، ويبدأ فريق الرئيس المنتخب بتسلّم الملفات بواسطة كبير موظفي البيت الابيض الذي يختاره الرئيس المنتخب يعاونه فريق يضمّ حوالى 35 موظفاً لتسلم الملفات كي يطلع عليها الرئيس المنتخب خلال 48 أسبوعاً، وعندما يقسم الرئيس المنتخب اليمين في 20 كانون الثاني ويتولى السلطة تكون الملفات كلها جاهزة، ويكون قد اطلع عليها ويستطيع من اليوم الاول في 20 كانون الثاني البدء باتخاذ القرارات.
والدستور الاميركي سمح للرئيس الخاسر وحكومته ان يتخذوا القرارات التي يريدونها حتى 20 كانون الثاني، وهنا يتخوف الرئيس المنتخب جو بايدن من ان يتخذ الرئيس ترامب مع حكومته قرارات تضر بخطته وتلزمه بهذه القرارات وتضع امامه صعوبات وعراقيل لالغائها، خاصة اذا كان مجلس الشيوخ قد سيطر عليه الجمهوريون لكن القرارات التي يتخذها ترامب قد لا تحتاج الى موافقة الكونغرس، وهذا ما يتخوف منه الرئيس المنتخب مع فريقه، وبالتالي يجعله طوال 6 اشهر الاولى من عهده في ازمة الغاء القرارات او الحفاظ عليها رغما عنه.
آخر الاخبار من واشنطن ان زوجة الرئيس ترامب ميلانيا نصحت زوجها الرئيس الاميركي بالاعتراف بخسارة الانتخابات كما ان صهره جاريد كوشنير كبير مستشاريه نصحه أيضاً بالاعتراف بخسارته، والاتصال بالرئيس المنتخب بايدن وتهنئته على الانتصار.
لكن الرئيس ترامب رفض كل هذه النصائح، والتي جاءت ايضا من اعضاء في الحزب الجمهوري، واصر على الذهاب الى القضاء والمحكمة العليا، اضافة الى المحاكم العليا في الولايات، مما قد يؤخر نتيجة الانتخابات النهائية اكثر من اسبوعين. ومما يعطل ايضاً انتقال السلطة بسلاسة. السيناتور الجمهوري ميت رومني قال لمحطة “ال سي. ن. ن” الاميركية في اطلنتا: “لا تتوقعوا من ترامب ان يرحل بهدوء”. وقال ان الرئيس ترامب “لن يوافق على النتيجة التي ادت الى انتخاب جو بايدن بل سيعاند حتى اللحظة الاخيرة”. ونصح السيناتور الجمهوري رومني الرئيس المنتخب جو بايدن ”بالتعاون مع الحزب الجمهوري”، وهذا ما قرره بايدن بالانفتاح على الجمهوريين والتعاون معهم واختيار شخصيات منهم من ضمن فريقه الوزاري او في مناصب أخرى.
الرئيس المنتخب جو بايدن تلقى تهاني من كل دول العالم، لكن الملاحظ ان رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو هنأه دون ان يذكر الرئيس المنتخب، وشكر في برقيته الرئيس الاميركي ترامب لما قدمه لـ “اسرائيل” وله شخصياً. اما المملكة العربية السعودية، وبعد مرور اكثر من 24 ساعة على اعلان فوز بايدن، هنأه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان. لكن اللافت أيضاً ان تركيا لم تهنىء بعد الرئيس المنتخب بايدن.
ويمكن الاشارة، الى ان جو بايدن، اعلن انه لن يساهم بعد انتخابه في حرب اليمن لا مالياً ولا عسكرياً الى جانب السعودية، كما انه اثناء حملته الانتخابية، قال : ان الرئيس التركي اردوغان “سيدفع ثمن ما فعله” دون ان يحدد ما هي التهمة الموجهة له.
العقوبات الاميركية على باسيل ترفع اسهم قائد الجيش العماد جوزف عون رغم ابتعاده عن السياسة
تدخل معركة رئاسة الجمهورية التي ستحصل بعد سنتين مراحلها الاولى منذ الان، وهنالك 3 مرشحين، الوزير سليمان فرنجية الذي حظي في المرة الماضية بتأييد الولايات المتحدة وفرنسا على ترشيحه وعلى تأييد كتل نيابية كبيرة، لكن الانتخابات ادت الى انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، كذلك هنالك الوزير جبران باسيل المرشح لرئاسة الجمهورية والذي يحصل على تأييد “تكتل لبنان القوي” وحلفائه وهم اكبر كتلة نيابية مسيحية تقريباً مع حلفاء من غير طوائف، لكن باسيل اصيب بضربة معنوية ومادية بعدما فرضت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات عليه بتهمة الفساد واستغلال السلطة ونفوذه لمصالح شخصية.
ويسعى الوزير جبران باسيل عبر تكليف محامين اميركيين في الولايات المتحدة لاقامة دعاوى امام المحاكم الاميركية لالغاء العقوبات بحقه، وقد تسقط العقوبات اما بحكم قضائي او بتسوية سياسية، وما لم ينجح الوزير باسيل بازالة العقوبات الاميركية، فان هنالك عقبات تقف في وجه وصوله للرئاسة الاولى.
هذه العقوبات على الوزير باسيل ادت الى رفع الاسهم الرئاسية لقائد الجيش العماد جوزف عون، رغم انه يبتعد عن السياسة، لكن انجازاته في قيادة الجيش وفي المحافظة على الديموقراطية وحرية التعبير عبر التظاهرات وعدم قمع الجيش المتظاهرين الا في حال الاقدام على تحطيم واحراق اماكن عامة والقيام بتجميدهم.
اضافة الى انه لدى تعيين العماد جوزف عون، كان حزب الله من الموافقين على الاسم، نتيجة علاقة ثقة بينهما منذ ان كان جوزف عون قائد فوج او لواء في جنوب لبنان، واللافت ان من يزور واشنطن يسمع كلام اشادة بقائد الجيش العماد جوزف عون ومناقبيته في قيادة الجيش اللبناني الذي يقترب عديده من 100 الف ضابط ورتيب وجندي، واذا كان البعض يعتقد ان العماد جوزف عون اميركي، فهو ليس كذلك، انما المساعدات الاميركية للجيش اللبناني التي بلغت قيمتها مليار ومئتا مليون دولار حتى الآن جعلت العلاقة بين قيادة الجيش والقيادة العسكرية الاميركية على تواصل، كما ان محاربة الارهاب، وهو موضوع ومشكلة دولية، الذي قام بها الجيش اللبناني بقيادته اعطت رصيداً كبيراً لقائد الجيش.
تغيرت العلاقات الدولية حالياً بعد انتخاب الرئيس جو بايدن، وستكون الولايات المتحدة على تفاهم وتحالف مع دول اوروبا، وبالتالي، فان المطبخ الاميركي – الفرنسي – الاوروبي، وعلاقاته بايران ودول الخليج ومصر وباحزاب الساحة اللبنانية، هو الذي سيقرر اسم رئيس الجمهورية القادم، خصوصاً في ظل ابتعاد الرئيس الاميركي ترامب الذي اختلف مع الدول الاوروبية والغى التنسيق معها، بينما الرئيس المنتخب بايدن قرر اعادة التحالف ضمن حلف الاطلسي مع دول اوروبا، وبالتالي فان واشنطن وباريس واي دولة من دول الخليج ومصر سيلعبون دوراً كبيراً في الرئاسة اللبنانية.
هذا الجو يعطي حظوظاً هامة لقائد الجيش العماد جوزف عون، لان شعار المرحلة المقبلة هي محاربة الارهاب، واعطاء شخصية ذات مصداقية على الارض قادرة على محاربة الارهاب، كما قام بها الجيش اللبناني في الجرود الشرقية وفي العاصمة وفي شمال لبنان الى جانب شعبة المعلومات من قوى الامن الداخلي، تعطي قائد الجيش رصيداً كبيراً في قضية مكافحة الارهاب، وحاجة له، اضافة الى ترسيم الحدود بين لبنان والكيان الصهيوني، واهمية دور قيادة الجيش في هذا الموضوع.
المعركة الرئاسية ستكون بين ثلاثة مرشحين حتى الآن، وربما تظهر مفاجآت، والوزير سليمان فرنجية مرشح قوي والوزير جبران باسيل له حظوظ، لكن العقوبات الاميركية اثرت عليه، والعماد جوزف عون قائد الجيش له حظوظ كبيرة، لانه لم يرتكب اي خطأ وليس عليه اي علامات فساد او استغلال سلطة في قيادة الجيش، لأن كل ما احتاجه الجيش جرى خلال مناقصات واضحة، حتى ان الهبات التي جاءت من الخارج اثر انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الرهيب، تم تسليمها الى الجيش، رغم ان الدول قررت عدم تسليمها للدولة اللبنانية بل الى المنظمات المدنية، وانتهى الامر بتسليم الهبات الى الجيش اللبناني، وهذا دليل ثقة بالجيش بقيادة العماد جوزف عون.
فقدان مصداقية تأليف الحكومة
تمر الاسابيع ولا تتألف الحكومة المطلوبة من الشعب اللبناني اولاً، والمطلوبة من كامل المجتمع العربي والدولي، والحكومة المنشودة هي حكومة انقاذية قبل الغرق في الانهيار الرهيب، وقد تم الاتفاق على ان تكون الحكومة من 18 وزيراً هذا من الناحية المبدئية، لانه دائماً يحصل تغيير، وكان متفق ان يتسلم رئيس الجمهورية حصته من تشكيل الحكومة، وهي وزارتي الدفاع والداخلية، وان تكون وزارة الخارجية من حصة الحريري، الا ان الفريق السني ضغط على الحريري كي لا يتسلم العماد عون وزارة الداخلية، وقد تراجع الحريري وطالب بوزارة الداخلية، فيما يصر رئيس الجمهورية على حصول التيار الوطني الحر على وزارة الطاقة، وهي اهم وزارة في الاصلاحات، حيث بلغت خسائرها 47 مليار دولار على مدى عقود وخصوصاً في العشر سنوات الاخيرة التي تولى فيها التيار الوطني الحر هذه الوزارة.
ويتخوف التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية من ان يأتي وزير لـ “الطاقة” من خارج التيار الوطني الحر، وينجح في حل مشكلة الكهرباء، وعندها سيظهر ان التيار الوطني الحر طوال اكثر من 10 سنوات لم يستطع حل المشكلة، رغم الوعود التي اعطاها للشعب اللبناني، ويـكون الفوز لصالح الوزير الذي جاء من غير التيار، وتلتف الشعبية والناس حوله، ولذلك اصر التيار الوطــني الحر على الحصول على وزارة الطاقة ورئيس الجمهورية يريد وزارة العدل ووزارة الدفاع، اما وزارة الداخلية فمتروكة للنقاش بين الرئيسين. وهنالك وزارات اخرى يريدها التيار الوطني الحر وحلفاؤه حيث يريد ان يكون له 6 وزراء على الاقل مع رئيس الجمهورية من داخل الحكومة. وقد يصل الرقم الى اكثر من 6 وزراء اذا اخذنا بعين الاعتبار تحالف حزب الله مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وبالتالي يكون الثلث المعطل بيد الرئيس عون وحزب الله والتيار الوطني الحر.
مصداقية تأليف الحكومة بدأت تسقط، والمسؤول عن ذلك رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الذي اناط بهما الدستور التوقيع على مرسوم التشكيل، ونحن لا نعرف تفاصيل النقاش بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، الا صدور بيان عن بعبدا بأن الاجواء ايجابية، لكن ما نفع الاجواء الايجابية اذا كانت لا تؤدي الى تأليف الحكومة، وكل يوم يمر يصاب الشعب اللبناني بالقلق، وهو شعب معذب ومسكين وبيوته في بيروت مهدمة على مدى نصف العاصمة، وفي كامل الاراضي اللبنانية اصبح تحت خط الفقر بنسبة 80 بالمئة والناتج القومي هبط من 52 مليار دولار الى 18 فاصلة خمس مليار دولار، وهذا ما اصاب الاقتصاد اللبناني بأكبر كارثة واصاب الشعب اللبناني بالجوع والتفتيش عن لقمة العيش.
وكل يوم يمر ولا تتألف الحكومة يكون المسؤول عن ذلك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.