على صهوة تفشي الوباء وتقهقر جهود التأليف، استعاد حسان دياب مجده الحكومي الضائع، فعاد إلى لغة توبيخ اللبنانيين على قلة مسؤوليتهم مهدداً بمعاقبتهم بتمديد الإقفال العام ما لم ينصاعوا لقرارات السلطة، وذكّرهم بإنجازاته الغابرة التي تآمر عليها انفجار 4 آب بعد أن تسبب بفقدان سيطرة حكومته على انتشار الكورونا… أما من تسبّب بالانفجار نفسه فهذا تفصيل لا يملك ترف الإجابة عليه! المهم أنّ لبنان بدءاً من السبت المقبل سيدخل في إقفال شامل يستثني المطار وبعض القطاعات الحيوية حتى نهاية الشهر، على أن يترأس دياب اليوم اجتماعاً أمنياً في السراي للبحث في كيفية تطبيق “فرمان” المجلس الأعلى للدفاع المدجج بالتعليمات “من دون خطط علمية وعملية” لمكافحة الوباء خارج إطار سياسة الزجر وحبس الأنفاس، حسبما رأت مصادر معنية بالملف، متسائلةً عبر “نداء الوطن”: “ماذا عن رفع مستويات الفحوص وتجهيز المستشفيات وزيادة الأسرّة وإقرار التعرفة الاستشفائية؟”.
وقالت المصادر: “ليس بالإقفال وحده يمكن التصدي للوباء، ففي حال استمر كباش التوصيات على حاله بين اللجان الوزارية والصحية المختصة فإنّ ما بعد الإقفال سيكون أسوأ مما بعده”، مضيئةً في هذا المجال على التضارب الحاصل في التوجهات والتوصيات بين اللجنة الوزارية لكورونا واللجنة العلمية الصحية التي “أصدرت توصيات مهمة منذ 6 أشهر ولو أُخذ بها لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه”، لافتةً إلى أنّ “التوصية الأساس التي أصرّت عليها اللجنة الصحية هي أن يُصار الى اتفاق تعرفة بين الهيئات الضامنة والقطاع الصحي الخاص ووزارة الصحة، تقوم بموجبه المستشفيات الخاصة بفتح أبوابها وتجهيز غرف عناية لاستقبال مرضى كورونا”.
وبحسب المعلومات فإنّ لجنة كورونا الصحية قدّرت قيمة هذه التعرفة بمليونين ونصف المليون ليرة في الليلة “وهو رقم مطابق لتقديرات منظمة الصحة العالمية بسبب الكلفة العالية التي تتكبدها المستشفيات الخاصة وطواقمها ومعداتها، إلا أنّ وزير الصحة رفض الموضوع ما استدعى رفضاً مقابلاً من المستشفيات الخاصة لتشغيل أقسام خاصة فيها لمعالجة المصابين بالكورونا”. وهذا الكباش على التعرفة الاستشفائية، بحسب المصادر، “ساهم في تأجيج مستوى الأزمة الوبائية في ظل تناقص القدرة الاستيعابية في المستشفيات لاحتوائها”، آخذةً على وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أنه “لم يحسن استخدام المبالغ المالية المتوافرة من البنك الدولي والتي تقدر بحوالى 50 مليون دولار لمكافحة تفشي الوباء”.
وإذ لفتت الانتباه إلى أنّ أعداد فحوصات الـ”PCR” التي تجريها وزارة الصحة انفخضت بنسبة 3% خلال الشهر الأخير من دون معرفة الأسباب، ختمت: “فلتصرف وزارة الصحة من المبالغ الكبيرة التي تأمنت لديها لزيادة عدد الفحوصات وتعزيز القدرات الاستشفائية والطبية بدل الاتكال على سياسة قمع المواطنين والتهويل بإجراءات تنفيذية صارمة وغرامات مالية خلال فترة الإقفال التام، لكي لا تكون النتيجة هلاكاً صحياً واقتصادياً في آن معاً”.
حكومياً، مزيد من الأجواء السوداوية و”الأمور تدور في حلقة مفرغة”، وفق تعبير مصدر مواكب لملف التأليف، كاشفاً لـ”نداء الوطن” أنّ “أسلوب التفاوض بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يوحي بأن لا ارادة في انتاج حكومة جديدة راهناً”، وأوضح أنّ “التعاطي مع عملية التأليف على قاعدة الاتفاق على كل حقيبة بمفردها سيجعل العملية تطول، بينما المطلوب عرض مسودة التشكيلة الكاملة على طاولة النقاش على قاعدة “السلة الواحدة” لبحثها والاتفاق عليها بأكملها”.
وأسف المصدر لكون “الأخذ والرد لا يزال يدور حول حقيبتي الدفاع والداخلية بالتوازي مع إصرار الحريري على أن تكون له الكلمة في تسمية الوزراء المسيحيين”، ليخلص إلى التأكيد على أنّ “الجميع بات يمارس سياسة تقطيع الوقت بانتظار وصول موفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باتريك دوريل (مساء اليوم) لعله يحمل معه مبادرة ما لتحريك الجمود الحكومي، مع العلم أنّ أي تحرك خارجي داعم للتأليف سيبقى محكوماً بالفشل إذا لم تتوفر له إرادة داخلية بالحل”.
وبينما تتقاطع المصادر المتابعة عند إبداء القناعة بكون العقوبات الأميركية على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أفضت إلى “كربجة” التأليف وزادت من تصلّب رئيس الجمهورية في موقفه الحكومي، تتجه الأنظار اليوم إلى إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لرصد نظرته إلى مفاعيل هذه العقوبات على ملف الحكومة في ظل تأكيد أوساط الحزب عزمه الوقوف “على خاطر” باسيل في مقاربة معايير عملية التأليف بعد إدراجه على قائمة عقوبات “ماغنيتسكي”.
في المقابل، وغداة الفضيحة التي كشفت عنها السفيرة الأميركية دوروثي شيا، تلقى باسيل أمس صفعة أميركية جديدة من واشنطن على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو شدد فيها على أنّ “العقوبات على جبران باسيل المرتبط بمنظمة حزب الله الإرهابية ستوفّر نتيجة جيدة للشعب اللبناني في التصدي للقادة الفاسدين” في لبنان.