مئة يوم على انفجار المرفأ المشؤوم. مئة يوم على مناشدات اهالي الـ 190 ضحية والـ6000 جريح كثر منهم ما زالت ارواحهم معلقة بين الارض والسماء. مئة يوم لم تهز ضمائر المتربعين على عرش وطن نهبوه الى حد الافلاس وحاكوا على حساب ابنائه صفقاتهم المشبوهة فانفجر اهمالهم للحد الادنى من واجباتهم في وجه الشعب. الكلام”اللامسؤول” الذي اطلقوه في اعقاب الانفجار واعدين اللبنانيين بخمسة ايام لكشف نتائج التحقيقات، يشبه تماما وعودا قطعوها للبنانيين بالانقاذ ولرؤساء الدول الساعية الى فرملة اندفاع الوطن الصديق نحو الزوال. “Parole- parole- parole” ولا من يهتم منهم لمصير الوطن والشعب ولا حتى للتحذيرات التي ينقلها موفدو وسفراء الدول اليهم وترقى الى مستوى عال من الخطورة.
فرنسا تتحرك
في محاولة لتحريك الجمود الحكومي القاتل، وبعد انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في اعقاب اعتذار السفير مصطفى اديب عن تشكيل الحكومة، اوفد مستشاره باتريك دوريل الى بيروت. الديبلوماسي الذي جال على القيادات، حاضا اياهم على الاسراع في التأليف لمنع سقوط لبنان معيشيا واقتصاديا وماليا في المحظور، ولتحصين ساحته امنيا وعسكريا في ظل التقلبات الدولية، من غير المعروف ما اذا كان سيلقى نداؤه الآذان الصاغية في الداخل، علما ان تأكيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امامه امس وجوب اجراء تشاور وطني عريض كي يأتي التأليف منسجما مع ورقة المبادرة الفرنسية، لا يدل الى ان الولادة الحكومية ستكون قريبة. وقد أفيد ان دوريل شدد على ضرورة ابعاد الحقائب الدسمة الاساسية ومنها الطاقة وسواها، عن نفوذ القوى السياسية وتجييرها لاختصاصيين مستقلين ينكبون على الاصلاح.
دوريل
من جانبه، نقل دوريل الى الرئيس عون تحيات الرئيس ماكرون واهتمامه بالأوضاع في لبنان، مؤكدا “متانة العلاقات بين البلدين”، لافتا الى “دقة الازمة الاقتصادية وخطورتها وضرورة الإسراع في تشكيل حكومة كفوءة ومقبولة من جميع الأطراف كي تباشر بالإصلاحات المطلوبة واستعادة ثقة المجتمع الدولي”. وأشار دوريل الى ان “فرنسا ستواصل تقديم مساعدات عاجلة في مجالات عدة، لا سيما منها المجال التربوي”، مذكرا بأن “وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه لبنان مرتبط بتحقيق الإصلاحات”.
عقوبات سياسية
من جهتها، اشارت اوساط ديبلوماسية ان دوريل لا يحمل مبادرة او خطة انما رسالة تحذيرواضحة وشديدة اللهجة.هل تريدون المبادرة الفرنسية ام لا؟ هل تراجعتم عن التزاماتكم وتعهداتكم التي قطعتموها للرئيس ماكرون في السفارة؟وافادت ان دوريل سيعلن في نهاية زيارته النتائج، اما ان يتم تشكيل حكومة سريعا وفق المعاييرالفرنسية من اختصاصيين قادرين على تنيفذ الاصلاحات والورقة الفرنسية، واما سيكون لباريس موقف متشدد، وستتعرض الطبقة السياسية الى عقوبات قاسية. بيد ان ذلك لا يعني ترك الشعب بل ستمضي فرنسا في تقديم المساعدات عبر المنظمات غير الحكومية..
المدخل للخلاص
بعدها، انتقل دوريل، الذي سيزور القيادات السياسية كلّها، الى عين التينة حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وصف اللقاء مع مستشار الرئيس الفرنسي بـ”الجيد”. وشكر بري الرئيس ايمانويل ماكرون الذي يحمل همّ لبنان، مؤكدًا على “الموقف لجهة المبادرة الفرنسية وضرورة تطبيق الاصلاحات لا سيما في مجال الكهرباء ومحاربة الفساد”، معتبرًا ان “المدخل والمخرج الوحيد لخلاص لبنان هو انجاز حكومة اليوم قبل الغد، يكون وزراؤها إختصاصيين يحظون بالثقة التي ينتظرها المجلس النيابي بفارغ الصبر من أجل العبور بلبنان الى بر الامان امام الموجات العاتية داخليا وخارجيا”.
بري – جنبلاط
وغداة زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جبلاط عين التينة، اكد عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي أبو الحسن “أن المشهد حتى اللحظة غير مريح وغير مطمئن في ظل التكتم بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري” لافتاً الى “أن التواصل مع الرئيس المكلف محدود ولم نسمع اي كلام جديد”. ورأى ان “المطلوب عدم الوقوع في الشروط المسبقة وما يجري في موضوع الحكومة يشبه ما كان يجري في كل السنوات الماضية”.
منجزة ام غير جاهزة؟
في المقابل، اكد نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي ان عملية تشكيل الحكومة العتيدة باتت شبه منجزة بعدما تم الاتفاق بين رئيسي الجمهورية والمكلف على توزيع الحقائب الوزارية على المكونات الطائفية والحزبية ووصلت الى حد اسقاط الاسماء على ما يقول التسلسل المنطقي للامور، مستبعدا تأثر عملية التشكيل بالعقوبات الاميركية خصوصا اذا ما صفت النيات وبقيت الامور في سياقها المرسوم. غير ان عضو كتلة المستقبل النيابية النائب سمير الجسر افاد، ان التركيبة الوزارية لاتزال غير سوية حتى الان. صحيح انه لابد من حكومة في نهاية الامر ولكن لا يمكن القول ان العقد التي اصطدم بها التشكيل ستجد طريقها الى الحل هذا الاسبوع او عما قريب.
100 يوم
على صعيد آخر، وبعد مرور 100 على انفجار مرفأ بيروت، نفذ عدد من الناشطين اعتصاماً امام قصر العدل في بيروت، تحت عنوان “لن نستكين”. ورفع المشاركون اللافتات مطالبين بالاسراع في التحقيقات. ودعوا المحقق العدلي القاضي فادي صوان الى الكشف عن التحقيقات. وفي وقت زار ذوو ضحايا الانفجار متروبوليت بيروت المطران الياس عودة، أعلنت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان، أن “الاتحاد الأوروبي خصص 7 ملايين يورو كتمويل إضافي للمفوضية من أجل توفير الدعم السكني لآلاف الأشخاص المتضررين جراء تفجيرات 4 آب في بيروت. وستساعد هذه المساهمة الإنسانية المقدمة من الاتحاد الأوروبي أكثر من 10,500 شخص من المجتمعات الأكثر تضررا على إعادة تأهيل منازلهم من خلال عمليات تصليح طفيفة وأعمال ترميم بسيطة”.