مع دخول لبنان حالة الإقفال العام لمدة أسبوعين بدءاً من اليوم، في محاولة للحد من التفشي المخيف لجائحة كورونا، وبعد أن تجاوزت الإصابات كل السقوف، ودخلت البلاد في وضعية العدوى المجتمعية التي لا يمكن لأحد تقدير نتائجها، تتركز الأنظار هذه المرة حول جدية تنفيذ هذا القرار، لأن تجارب المرات السابقة لم تكن مشجعة، ولم تحُل دون زيادة أعداد المصابين التي لامست منذ قرابة الشهر، وبداية موسم البرد، كل الخطوط الحمر.
وقد تحدثت مصادر أمنية لجريدة “الأنباء” الإلكترونية عن “جدية التدابير التي اتخذتها وزارة الداخلية وجهوزية القوى الأمنية التي انتشرت منذ ليل أمس في كل المدن وفي المناطق كافة لتنفيذ مضمون قرار الاقفال، وهي لن تتساهل أبدا مع المخالفين”، متمنيةً على كل القوى السياسية والحزبية والاجتماعية، والبلديات والنقابات والجمعيات، والمواطنين كافة “الالتزام بقرار الإقفال والمكوث في منازلهم طيلة هذه الفترة، وعدم مغادرتها إلّا للضرورة القصوى، شرط التقيّد بوضع الكمامة وبالتعليمات”.
المصادر تحدثت عن، “إجراءات قاسية ستتخذ بحق المخالفين، فضلاً عن محضر الضبط الذي قد تصل غرامته إلى 500 ألف ليرة، فالعقوبة ستظهر أيضاً في السجل العدلي باعتبار أنّ ما قام به المواطن مخالفة للقانون. وفي حال ضُبط المخالف أثناء قيادته لسيارته فسيتم حجز السيارة استناداً إلى نوعية المخالفة”.
المصادر الأمنية أكدت أن، “المناطق البعيدة عن العاصمة والمدن ليست معفاة هذه المرة من التشدد بضبط المخالفات، وقوى الأمن الداخلي ستتولّى تسيير دوريات في كافة المناطق اللبنانية دون استثناء، كما ستعمد إلى اقامة حواجز متنقلة”.
كما شدّدت المصادر على أن، “ما تقوم به القوى الأمنية يصبّ بكل تأكيد في مصلحة المواطنين حفاظاً على سلامتهم، وسلامة عائلاتهم وأحبائهم، وعليه فالمطلوب من كافة المواطنين مساعدة أنفسهم أولاً في منع انتقال العدوى إليهم، والالتزام بالإقفال منعاً لتعرضهم للملاحقة القانونية”.
من جهته، اعتبر وزير الصحة السابق، محمد جواد خليفة، في حديثٍ لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أن، “الإقفال بعد هذه المرحلة القاسية التي تعرّض لها لبنان جراء الانتشار السريع لكورونا، وتزايد أعداد المصابين، كان ضرورياً جداً، لا بل ضرورة ملحة، وأحد الأسباب الضرورية هي المستشفيات التي لم تكن لديها جهوزية كافية. فالإقفال يمنحها بعض الوقت لإعادة تجهيز نفسها من جهة، كما يؤخر من تمدّد المرض ويحدّ من عدد الإصابات من جهة ثانية”.
خليفة تحدّث عن خصوصية لبنان بأنه، “ليس بلداً معافى، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وعليه فإن التحدي يكمن بالالتزام التام بالإجراءات المتخذة”.
واعتبر أن الإجراءات المتخذة اليوم كان يمكن اتخاذها قبل أشهر، لافتاً إلى أنه لو كان هناك التزام جدي منذ بداية تفشي كورونا لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
بدوره، رئيس قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، البروفيسور بيار أبي حنا، أشار في حديثٍ لجريدة الأنباء الإلكترونية إلى أن، “الإقفال يخفف من عدد الحالات، ويسمح للمستشفيات بأن تستعد أكثر لاستقبال المرضى، كما يخفف من عدد الحالات التي تكون بحاجة للاستشفاء، ويخفف من عدد الوفيات، ويتيح للطاقم الطبي أن يرتاح بعد الجهد الذي بذله طيلة الأشهر الماضية، ويساعد على التخفيف من عدد الإصابات بالتزامن مع موسم الانفلونزا”.
أبي حنا أعرب عن تخوّفه من زيادة الأعداد، لكنه متفائل بالإغلاق الذي قد يؤدي إلى السيطرة على الوباء، وخاصة بعد قرار وزير الصحة، حمد حسن، بالفتح التدريجي ضمن آلية معينة لأن الوضع غير محمول، وبحاجة الى ضوابط.
واعتبر أنه إذا نُفّذت إجراءات الوقاية بشكل جيد، “فهذا يؤدي إلى التخفيف من عدد الحالات، ويصبح هناك تطور إيجابي، فإذا اعتمدنا الفتح التدريجي ضمن استراتيجية معيّنة فقد نتوصل إلى الحد من الانتشار”.