الرئيسية / صحف ومقالات / الأخبار : واشنطن تمنع تأليف الحكومة
الاخبار

الأخبار : واشنطن تمنع تأليف الحكومة

الإدارة الأميركية تعرقل تأليف الحكومة. ببساطة، هذا هو المسبب الرئيسي ‏لتوقف المفاوضات ولانعدام الحلول الداخلية. إزاء ذلك، يقف رئيس ‏الحكومة المكلف سعد الحريري مكبّلاً وغير قادر على الاعتذار أو التأليف. ‏في غضون ذلك، رفع رئيس التيار الوطني الحر سقف التحدّي في وجه ‏الإدارة الأميركية، مؤكداً مرة أخرى تحالفه الوثيق مع حزب الله

زار رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، رئيس الجمهورية ميشال عون ظهر أمس للتباحث بشأن الموضوع ‏الحكومي. لكن منذ مدة، لم تعد هذه الزيارات ذات جدوى نتيجة الدوّامة التي أدخل الحريري نفسه طوعاً فيها. فبات ‏كمن يفتش عن نشاطات يملأ بها وقته، ومنها زيارة قصر بعبدا كل يومين ولو أنه لا يحمل أي حلول أو تسهيلات. ‏فيما نصيحة الرئيس عون الدائمة له تقتصر على ضرورة لقائه كل الكتل النيابية قبيل الاتفاق الأخير معه، الأمر الذي ‏يرفضه الرئيس المكلف حتى الساعة.

لذلك، كل الإشارات والمعلومات تشير الى أن فرص تأليف الحكومة منعدمة، ‏وهو ما أدركه الحريري شخصياً بعد لقائه السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، التي أبلغته رفض بلادها تمثيل ‏حزب الله في الحكومة، مباشرة أو عبر ما يسمى بالاختصاصيين. فيما كان الحريري حتى موعد اللقاء يعوّل على ‏‏”غض طرف” أميركي عن هذه المسألة. هذا الشرط “التعجيزي”، معطوفاً على فرض الفرنسيين اسمَي وزيرَي ‏المالية والطاقة، كبّل رئيس الحكومة الذي كان يملك ترف تأليف الحكومة في الأسبوع الأول عبر اتفاق داخلي، لكنه ‏فضّل رفع سقف طلباته وتصفية حساباته الشخصية، فشرّع باب الانهيار على وسعه.

وسط ذلك، كان رهانه لا يزال ‏قائماً حتى يوم أمس على بيان أميركي فرنسي شديد اللهجة يجبر الأطراف على تقديم تنازلات له، لكن رهانه خاب ‏مجدداً. واليوم، بات الحريري أسير “فرمانات” الإدارة الأميركية، ولا سيما أنه لا يملك شجاعة تجاهلها لتأليف حكومة ‏يراها خدمة لـ”لبنان أولاً” ومحاولة للنهوض من الانهيار الاقتصادي الذي تسبّب به النموذج الذي لا يزال، مع قوى ‏سياسية حليفة وشريكة له، متمسكاً به. وهنا، خلافاً لما يروّج له وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن “جهود ‏أميركية لإقامة حكومة مستقرة تركز على الإصلاحات في لبنان”، فإن الولايات المتحدة هي المعرقل الأول لما تحدّث ‏عنه الأخير، وشروطها تحول دون تأليف حكومة وطنية تتمثل فيها الكتل النيابية بما فيها حزب الله. بمعنى آخر، منذ ‏نحو أسبوعين تغيّر المناخ الأميركي الذي كان يُظهر “قلة اكتراث” تجاه الوضع اللبناني، لتحلّ مكانه أجواء متشددة ‏ترفض دخول حزب الله الى الحكومة. ليس الأمر مخفياً، بل عبّر عنه بومبيو أمس خلال لقاء مع وزير الخارجية ‏الفرنسي جان إيف لو دريان، لافتاً الى “ضرورة محاربة تطرّف حزب الله العنيف”. الأهم في هذا كله، أن الأجندة ‏الأميركية التي تحمل بنداً واحداً يتمثل بعرقلة تأليف الحكومة وإقرار الإصلاحات، وجدت في لبنان من يخضع لها ‏وينفذ “عقوباتها” بحرفيّة تامة. لذلك، يبدو الحريري مرتبكاً، لا هو قادر على التأليف ولا بوسعه الاعتذار لينضمّ الى ‏قافلة الذين سمّاهم وأسقطهم بنفسه. الحل الأفضل له حتى اليوم هو شراء المزيد من الوقت، ومضاعفة رهاناته ‏الخارجية‎.

في موازاة انصياع الحريري لأميركا، رفع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل التحدّي مجدداً يوم أمس في ‏وجه الولايات المتحدة، معلناً استعداده لترك الحياة السياسية إذا ثبتت عليه أي تهمة فساد، سائلاً كيف لدولة كبيرة ‏مثل أميركا “التي تمسك بكل حوالة مال في العالم، ألا تستطيع أن تكشف كل شيء؟ علماً بأني أول من كشف ‏حساباته للرأي العام اللبناني”. ولفت باسيل خلال مقابلة على قناة “العربية ــــ الحدث” السعودية أنه كان “محتاطاً ‏لاحتمال نشر محاضر اللقاءات بينه وبين الأميركيين، وكلما كان يتكلم كان يفكر بويكيليكس”. واعتبر قول ‏السفيرة الأميركية أنه وعد بفك التحالف مع حزب الله بشروط، “محاولة فاشلة لدق اسفين… فإذا أردنا فك ‏التحالف نفعل ذلك بإرادتنا ووفق المصلحة اللبنانية وليس بإرادة خارجية تكون نتيجتها العبث بالسلم الأهلي. وعلى ‏افتراض أننا نريد فك التحالف، نخبر صاحب العلاقة ونبحث معه قبل ذلك معالجة الموضوع، وعندما نيأس من ‏ذلك نقوم بالأمر… أما ما هو معتاد لدى البعض من خيانة وغدر ومسّ بثوابت وطنية خدمة لأغراض لا نعرفها، ‏فهذا غير مقبول عندنا”. وأكد أن لبنان استفاد من العلاقة بين التيار الوطني وحزب الله، مشيراً الى أن “التاريخ ‏علّمنا أن عزل أي طائفة يؤدي الى انفجار، وهنا نتحدث عن مكوّن بكامله وليس فقط حزب الله”. ورداً على ‏طروحات فك التحالف مع الحزب قال: “أقول للأميركي بصوت عال، أعطني ما يحفظ أمن لبنان واستقراره ‏وقوته وعدم الاعتداء عليه، فأذهب على رأس السطح وليس عالسكت وأقول لحزب الله ذلك بالمباشر، ثم أخبر ‏اللبنانيين أن هذا ما يأتي للبنان ثمناً لقطع العلاقة. أعطونا التزاماً أميركياً ودولياً بتقوية لبنان وإعادة أرضه وإعادة ‏النازحين، وأن يصبح لدينا دولة قادرة ــــ بالتوازن العسكري الاستراتيجي ــــ أن تواجِه، فهذا أمر أضعه على ‏طاولة التفاوض مع حزب الله والداخل اللبناني… أي برنامج فعلي وليس فقط وعود‎”.‎

من جهة أخرى، تحدث باسيل عن نجاح الحصار “اقتصادياً ومالياً، فبات الوضع سيئاً. لكن لم نصل الى الفتنة ‏والانفجار”، مضيفاً: “هل من الصدفة التزامن بين صفقة القرن والحصار الاقتصادي والمالي على لبنان؟ أم هو ‏تقاطع مقصود؟”. ولفت الى أنه “مع مفهوم الدولة، ووثيقة التفاهم مع حزب الله لا تتحدث إلا عن هذا الأمر. ‏وعبارة “استراتيجية دفاعية” أول ما وردت فيها، فالوثيقة لا تتحدث إلا عن الدولة وسياسة الدولة. وأنا لا أدافع ‏عن وضع قائم غير مقتنع به. أما كيفية الخروج منه فتكون بالعمل السياسي”. وأضاف: “نحن كتيار، وأنا كوزير ‏خارجية، لم نوافق على ذلك (تدخل حزب الله في الخارج). لكن نحن نفرّق بين الدفاع عن المنزل الذي يستوجب ‏أحياناً أن تتجاوز السور قبل أن يصل الخطر إليه، وبين أن تذهب إلى خلف البحار. ولماذا مسموح لرئيس ‏الحكومة المكلف سعد الحريري أن يقول إن سلاح حزب الله مسألة إقليمية تحلّ في هذا الإطار، بينما لا يسمح لنا ‏ذلك؟”. وأعاد باسيل التركيز على أنه لا يريد إلا الدولة، “وهذا ما بدأه العماد عون عام 1988 وأيّده الناس، ‏والتيار ليس في محور إلا المحور اللبناني. نحن مع العلاقة الطيبة مع الجميع، وبالنسبة إلينا الوحدة الوطنية تأتي ‏قبل أي دولة في الخارج، وأنا مع الدول العربية قبل أي دولة غير عربية، لكن هناك امتدادات لبعض الدول في ‏لبنان يجب التعاطي معها بما يحفظ لبنان”. وكان صارماً بتأكيده عدم تأييده تدخّل أي دولة في شؤون أي دولة ‏عربية، كما لا يؤيد أي “تدخل لبناني في الخارج. فنحن نعاني من التدخلات الخارجية بشؤوننا، وأرخص شيء ‏هو العقوبات إذا كان السبب رفض التوطين والمطالبة بعودة النازحين‎”.‎

في سياق آخر، كشف باسيل خلال حديثه عن معارك تحرير الجرود، أنه “بما يعنينا على الأرض اللبنانية وعند ‏الجار السوري، قمنا بمعركة كلبنانيين عندما لم يقم الجيش باللازم، بقرار سياسي كان مقصراً، خلال حكومة تمام ‏سلام. وعندما اتخذ القرار السياسي في عهد العماد ميشال عون حررنا الأرض وهُزم الإرهابيون‎”.

في مسألة 17 تشرين، رأى باسيل أن الشعارات التي رُفعت ضده من المتظاهرين تتماهى مع الخارج، مشيراً الى ‏أن المتظاهرين في “17 تشرين” حاولوا اغتياله سياسياً. أما في الموضوع الحكومي، فقد أشار الى أن اتهامه ‏بعرقلة تأليف الحكومة “نغمة قديمة، ونحن حتى الساعة لم نضع شرطاً ولا مطلباً، وطالبنا فقط بوحدة المعايير في ‏التأليف”.
وكشف بأن هناك “وعوداً حكومية معطاة للداخل لا تتناسب مع المعطاة للخارج، وعند جمعهما بهذا ‏الشكل لا يركب “البازل”، وإذا احترمت الوعود تتألف الحكومة في 24 ساعة”. وأكد من جهة أخرى أن لا مانع ‏لديه بألّا يتمثّل أحد من القوى السياسية في الحكومة، “لكن لا أحد يستطيع الاستقواء علينا عبر الخارج، ونحن ‏نأخذ قرار أن لا نكون في الحكومة، ولا يمكن فرض ذلك علينا”. من جهة أخرى، قال باسيل: “ليس هناك زعيم ‏مسيحي أوحد في لبنان، وأنا لا أتشبّه بأحد. وطالما أن الوكالة الشعبية معي من التيار والناس أمارسها، وإلّا أذهب ‏الى بيتي‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *