فيما الملف الحكومي يتسمّر على طاولة اللقاءات البعيدة عن الإعلام، حيث لا تقدم بأي اتجاه مع استمرار السقوف المتصلبة في الشروط التعجيزية، شهد قصر الإليزيه اجتماعاً بين الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ووزير خارجيته، جان ايف لودريان، مع وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو. وقد كان ملف لبنان في صلب النقاش، على خلفية إمعان الأطراف المعنية بتعطيل الجهود الفرنسية.
مصادر مواكبة لاجتماع باريس أشارت لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى، “عدم التطابق في نظرة الدولتين إلى حقيقة ما يجري في لبنان، وتحديداً بالنسبة لحزب الله، الذي أصرّ المسؤول الأميركي على التعامل معه بوصفه جزءاً من المحور الذي ترعاه إيران في المنطقة وتمده بالمال والسلاح، وقد مكّنته من السيطرة على كل المفاصل السياسية المحلية اللبنانية، وعلى عمل جميع المؤسسات الرسمية، ما جعله يحول دون تشكيل الحكومة، وهو بتحالفه مع فريق العهد ساهم بتعطيل كل شيء وبالأخص المبادرة الفرنسية، والجهود التي تبذلها فرنسا في هذا الصدد”.
ولفتت المصادر إلى أن، “الموقف الفرنسي تمثّل بما كشفه ماكرون لبومبيو بأن تشكيل الحكومة اللبنانية كان ينطلق بخطى مدروسة، وأن الرئيس المكلّف، سعد الحريري، كان على قاب قوسين من إعلان تشكيلته الحكومية قبل عشرة أيام، لكن العقوبات الأميركية ضد جبران باسيل فرملت كل الجهود التي كانت تبذل في هذا الملف”.
وأشارت المصادر إلى أن، “ماكرون تطرق كذلك إلى حزب الله الذي كرّر وصفه بأنه يمثل شريحة واسعة من اللبنانيين، ويشارك في الحياة السياسية منذ بداية التسعينيات، ولديه ممثلين في البرلمان اللبناني، وقد شارك في كل الحكومات التي تشكلت منذ العام 2005 وحتى اليوم، وعلى هذا الأساس يتم التعامل معه، وليس على أساس ارتباطه بإيران. وطالما أنه يتمثل بكتلة نيابية وازنة، ولديه حلفاء يشكلون الأكثرية اليوم، فمن المستحيل تجاهله وتشكيل حكومة دون مشاركته، أوالتنسيق معه”.
من جهة ثانية، ذكرت المصادر أن ماكرون، وبعد اطّلاعه من موفده إلى لبنان، باتريك دوريل، على أجواء لقاءاته مع القوى السياسية، لم يلمس أي تجاوب يجعله يعتقد أن الحكومة قد تُشكّل في وقت قريب، وهو يدرس خياراته في شأن مؤتمر الدعم الذي كان ينوي عقده أواخر هذا الشهر من دون أن تُشكّل حكومة جديدة، لأن الدول التي كانت مرشحة للمشاركة في هذا المؤتمر ومساعدة لبنان غير متحمّسة لتقديم الدعم في ظل العجز عن تشكيل حكومة، وعليه فإن خيارات ماكرون تتجه إلى عقد مؤتمر إنساني لدعم الشعب اللبناني من دون أن يكون للقوى الرسمية والسياسية أي دور فيه، وإنه أعطى تعليماته للسفيرة الفرنسية في بيروت لإجراء الاتصالات، وإعداد دراسة مفصّلة حول طبيعة هذه المساعدات، والجهات التي ستتولى توزيعها على العائلات الفقيرة، وبالأخص في المجال التربوي على صعيد المدارس والجامعات.
ورغم هذا التباين في مقاربة الشأن اللبناني بين باريس وواشنطن، فإن المصادر نفسها رأت أن استمرار التعنّت المحلي في معالجة عُقد التأليف، وبالتالي إفشال المبادرة الفرنسية، سوف يدفع ماكرون إلى الاقتراب أكثر من وجهة النظر الأميركية.
محلياً، استغربت مصادر متابعة في اتّصال مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية ما يتم تداوله منذ فترة من قِبل أوساط بعض القوى المعنية بالتأليف بأن التشكيلة الحكومية قد تتأخر إلى ما بعد رحيل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن البيت الأبيض وتسلّم الرئيس المنتخب، جو بايدن، سلطاته رسمياً في العشرين من كانون الثاني من العام المقبل، واتّضاح موقفه من المفاوضات مع إيران. المصادر قالت: “عجيب أمر هؤلاء، فعندما كان الرئيس الحريري يستعجل تشكيل الحكومة عقب تكليفه بأيام قليلة، ذكرت الجهات نفسها أن لا تشكيل حكومة قبل الانتخابات الأميركية، واليوم وبعد مضي نصف شهر على إجراء هذه الانتخابات، ربطوا تشكيل الحكومة بتسلّم بايدن لمسؤولياته”.
وسألت المصادر: “لمصلحة مَن تمديد هذه المواعيد، وإبقاء البلد دون حكومة، وهل العهد مرتاح لعدم وجود حكومة، وأصبح مقتنعاً بتعويم حكومة تصريف الأعمال؟ ولماذا لم يصارح الرئيس عون اللبنانيين عون بذلك؟”
المصادر سألت أيضاً عن الأسباب التي تحول دون تقديم الرئيس الحريري مسودّة تشكيلة الحكومة التي أعدّها؟ وماذا ينتظر للخروج من هذه المهزلة؟
أوساط التيار الوطني الحر أبلغت جريدة “الأنباء” الالكترونية أنّها، “تستعجل تشكيل الحكومة أكثر من الرئيس المكلّف، وهي لم تفرض أية شروط على الحريري، لكنها في المقابل تطالبه بوحدة المعايير، وعدم تسمية الوزراء المسيحيين، وأن يكون لكل وزير حقيبة، لا أكثر ولا أقل”.
بدورها، مصادر عين التينة طالبت بتشكيل حكومة اليوم قبل الغد، لأن الوضع خطير، والبلد على شفير الانهيار، ورأت أن وزير المال غازي وزني، دق جرس الإنذار محملاً الذين يعرقلون تشكيل الحكومة مسؤولية الانهيار الذي قد يحصل لا محال، بعد شهر أو شهرين على أبعد تقدير، ما لم تشكّل الحكومة، وتبدأ بتنفيذ الإصلاحات.
أوساط بيت الوسط أشارت لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أنها لم تلحظ حتى الساعة أي تطور إيجابي، وأن كل ما يُحكى عن حلحلة وتدوير زوايا هدفه الاستغلال الإعلامي لأن العقد لا زالت على حالها، ولم يطرأ أي تعديل في مواقف المعرقلين ليبنى عليه إيجاباً، قائلة: “إن الحريري قد يزور بعبدا في أي وقت، لكن ذلك مرهون بحصول تقدّم في ملف تشكيل الحكومة”.
وفي الشأن الصحي، كشفت مصادر حكومية لجريدة “الأنباء” الإلكترونية عن حصول تقدم ملموس في موضوع إعطاء المستشفيات الحكومية والخاصة دفعة من مستحقاتها لدى الدولة، وأن اجتماع السراي الحكومي أفضى إلى هذه النتائج الإيجابية، بمقابل أن تتعهد المستشفيات الخاصة باستقبال مصابي كورونا من دون التذرع بالأعذار الهندسية واللوجستية، تحسساً منها بالأوضاع الإنسانية التي يعيشها اللبنانيون في ظل جائحة كورونا.
من جهة ثانية أعربت مصادر طبية عن ارتياحها للتدابير المتخذة لإنجاح الإقفال العام، ورأت فيها فرصة لا تقدّر بثمن، لإلتقاط الأنفاس، وإعادة تفعيل المستشفيات بعدما أُرهقت طيلة الأشهر الماضية، مقدرةً الجهود التي تقوم بها الأجهزة الأمنية على الأرض في ملاحقة المخالفين، والإصرار على إنجاح عملية الإقفال، وتوقّعت أن تكون نتيجتها إيجابية جداً.
مصادر أمنية أكدت لـ”الأنباء” ثباتها في تطبيق القانون ضد المخالفين، لافتةً إلى تسطير أكثر من 8,000 محضر ضبط بحق المخالفين في اليومين الماضيين، وتوقّعت أن يرتفع هذا العدد اليوم وغداً إلى الـ10 آلاف محضر، مع تشديدها على قمع المخالفات مهما كلّف الأمر.
المصادر تحدثت عن إجراءات مشددة في الأيام المقبلة بهدف الوصول إلى قناعة لدى الرأي العام تقضي باحترام القانون أولاً، وتجنّب المخالفات ثانياً، حتى تصبح هناك قناعة لدى المواطنين بإجراءات النظام، لأن ما تقوم به الأجهزة الأمنية يصب في خدمتهم من أجل الحفاظ على سلامتهم.