خمس جهات ديبلوماسية، أربعة أجنبية منها وواحدة عربية، تتحدث بأسى عن الواقع الذي بلغه لبنان. وفي لقاءات متفرقة قالت هذه الجهات كلاماً متقاطعاً يحمّل القوى السياسية مسؤولية الانهيار المستمر، وتعتبر أن لبنان أصبح قاب قوسين من الزوال فيما هم يتصارعون على كيفية إعادة إنتاج أنفسهم، ويبحثون عن تعزيز مكاسبهم السياسية والسلطوية، بينما الناس لا تجد ما تقتات به.
وبمعزلٍ عن التوجّهات السياسية المختلفة لهذه القوى إلّا أنها تؤكد أن لبنان لن يجد من يمد له يد العون على الإطلاق باستثناء إرسال بعض المساعدات الإنسانية. وتكشف معلومات جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن عدداً من السفراء عملوا على مراسلة بلادهم ناصحين بعدم توفير أي دعم للدولة اللبنانية.
هذه المواقف تنذر بما هو أسوأ على مختلف الصعد، سواءً برفع أي غطاء دولي عن البلد، وثانياً بوقف أي مبادرة للإنقاذ السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وسط توقعات بإعادة انفجار الشارع طلباً لتحسين الأوضاع وتوفير لقمة العيش.
لا تبدو القوى السياسية على قدر المسؤولية الملقاة عليها، فلم يعد الصراع منحصراً على آلية تشكيل الحكومة والحصص الوزارية والحقائب، إنما يتم استحضار ملفات متضاربة لطرحها على طاولة المقايضة، وكأن الوقت يسنح ويسمح بتكرار سياسات لطالما تمّت ممارستها وأوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من انهيار.
وفي هذا السياق يأتي الصراع على ملف التدقيق الجنائي، حيث أن رئيس الجمهورية ميشال عون، يبدو ماضٍ في معركته التي يريد أن يتوّجها بإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو أرسل رسالة للمجلس النيابي في هذا المجال، فيما من داخل تياره السياسي يخرج صوت النائب ابراهيم كنعان متمايزاً بشكلٍ واضح في توصيف ما حصل في هذا الملف، وهو الذي كشف في حديث صحافي أن القوانين الحالية لا تتيح السير بالتدقيق بالطريقة التي كان مطروحاً بها، وأنه كان من الواجب الاحتياط للأمر بتعديل قانوني يسبقه.
في المقابل يحضر مجدداً النقاش حول قانون الانتخاب، فتقاربه القوى المختلفة من جوانب مصلحية، فالتيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية يرفضان تغيير القانون، فيما القوى الأخرى تبدو منفتحة على كل الخيارات. وهذا سيشكّل مادة سجالية جديدة بين القوى، والتي ستنتهز هذه الفرصة لتقديم طروحات سياسية جديدة بهدف تحسين شروطها، سواء في عملية تشكيل الحكومة، أو في طروحات غيرها.
حكومياً، لم يسجّل أي تطور. الجمود لا يزال قائماً، ولا اتّصالات بين الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس الجمهورية، وسط توقعات بأن لا مقومات للولادة الحكومة سريعاً، طالما أن كل طرف لا يزال يتشبث بمطالبه، كما تؤكد مصادر الأنباء.
معيشياً، انشغل المواطنون في الآونة الأخيرة بأخبارٍ مفادها بيع هبة الطحين العراقية إلى الأفران، علماً أنها مخصّصة للّبنانيين الأكثر حاجة، فسارعت عندها وزارة الاقتصاد إلى إصدار بيان أوضحت فيه، “أن الهبة تُستعمل في إنتاج ربطة الخبز، ما سمح بالحفاظ على سعرها”، أما لجهة الأفران، “فهي تتحمل كلفة التفريغ والنقل والتخليص فقط”، حسب ما ورد في بيان الوزارة.
وفي هذا المجال، أشاد رئيس جمعية المستهلك زهير برّو في اتصالٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية بمساهمة الأفران، وتحمّلها كلفة التفريغ والنقل والتخليص، لافتاً إلى “عدم ورود أي شكوى للجمعية لجهة بيع أو سرقة الهبة المذكورة”.
إلّا أن برو سأل عن “مصير هذا الطحين بعد استلامه من قِبل الأفران، فهل يُستثمر في إنتاج الخبز؟ أم تتم الاستفادة منه في أمور أخرى، كصناعة قوالب الحلوى والكعك وغيرها من المنتجات؟ علماً أن الهدف من توزيع الهبة على الأفران هو الحفاظ على سعر ربطة الخبز في ظل ارتفاع أسعار الطحين عالميا”.
وقد شدّد برو على، “ضرورة مراقبة الوزارات المختصّة لعملية التوزيع، كما ومراقبة الأفران للتأكد من عدم الاستيلاء على الهبة، وبالتالي عدم استفادة المواطنين”.
وفي ملف فيروس كورونا، بعث إعلان وزير الصحة، حمد حسن، عن إمكانية وصول لقاح للفيروس إلى لبنان في الربع الأول من العام المقبل، تفاؤلاً حذراً في نفوس المواطنين، إلّا أن الفترة التي تفصل حتى وصول اللقاح طويلة وتوجب الاستمرار في اتّخاذ الإجراءات الوقائية والتشدّد في محاولات كبح انتشار الفيروس، علماً أن وزارة الصحة لا تزال تسجّل أعداد إصاباتٍ مرتفعة.
وفي هذا الإطار، أشارت أخصائية الأمراض الجرثومية المُعدية، الدكتورة منال حمدان، في اتصالٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن، “الأطقم الطبية ستكون أول من يستفيد من اللقاح، كما أن الفئات الأخرى من المواطنين ستستفيد تدريجياً وفق جداول تضعها وزارة الصحة وسيكون أبرزها فئة الـHigh Risk، أي الذين يعانون من أمراض مزمنة، وذوي المناعة الضعيفة، بانتظار الجداول الرسمية من وزارة الصحة”.
وتابعت حمدان: “بعد توزيع اللقاح على الأطقم الطبية، والمواطنين الذين يعانون من الأمراض وضعف المناعة، ستنخفض أعداد الوفيات بشكلٍ ملحوظ، كما ستتراجع أعداد الإصابات، على أن يستفيد مختلف المواطنين على دفعات لاحقة”.
أما في ما خصّ الانتشار الحالي للفيروس، وتراجع الأرقام في اليومين الماضيين نسبياً مقارنةً مع الأيام العشرة الأخيرة، فقد ذكّرت حمدان أن، “اليومين الماضيين كانا يومَي عطلة، ولا يمكن الاعتماد على الأرقام الأخيرة، كما أن نتيجة الإقفال ستظهر بعد انتهاء مهلة الأسبوعين، لذا من المُبكر التكلّم عن فعالية الإقفال وتراجع الأعداد”.
وما إذا كانت البلاد بحاجة إلى تجديد فترة الإقفال التام، لفتت حمدان إلى أن، “الهدف الأساس من الإقفال كان إعطاء المستشفيات فترة راحة من أجل تجهيز أقسام جديدة، إلّا أنه يتعيّن علينا الانتظار إلى ما بعد انتهاء مدّة الـ14 يوماً من أجل البناء على المعطيات الجديدة”، مشددةً على “ضرورة الأخذ بالإجراءات الوقائية دائماً”.