تجاوب مجلس النواب مع رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وانتهت الجلسة التي عقدت في قصر الأونيسكو لمناقشة الرسالة إلى توصية بإخضاع حسابات مصرف لبنان وكل مؤسسات الدولة وإداراتها وصناديقها بالتوازي للتدقيق الجنائي من دون التذرع بالسرية المصرفية وخلافه.
وشكلت الجلسة فرصة للكتل لتأكيد التمسك بالتدقيق الجنائي باعتباره أولوية في إطار المعركة الهادفة إلى مكافحة الفساد، من دون أن تخلو المداخلات من القنص السياسي المعهود، كما من إطلاق السهام في اتجاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد أسبوع على قرار ألفاريز ومارسال، مغادرة لبنان من دون إكمال المهمة الموكلة إليها.
وفي الوقائع، انطلقت الجلسة النيابية الثانية عصر امس في الأونيسكو، وتليت المادة 45 من النظام الداخلي لمجلس النواب والمتعلقة برسائل رئيس الجمهورية الموجهة الى المجلس النيابي.
بري
توجه رئيس المجلس نبيه بري الى النواب بالقول: «اذا كنتم تبلغتم الرسالة جميعكم، فلا داعي لتلاوتها، مع التمني مسبقا، باجماع المجلس النيابي ان يكون التدقيق شاملا لمصرف لبنان وكل القطاعات والصناديق». وشدد على أن «كلمة رسالة الرئيس عون جاءت في الوقت المناسب وإلى المكان المناسب وفي مرحلة حساسة ولا لزوم تاليا لبعض الكلام الذي تتضمنه بعض الكلمات عن الماضي أو ردود على كلام قيل قبل أسبوع أو أسبوعين خارج المجلس».
كنعان
قال رئيس لجنة المال والموازنة امين سر تكتل لبنان القوي النائب ابراهيم كنعان خلال الجلسة، «حسابات الدولة المالية قابعة في ديوان المحاسبة بحجة الا امكانات والتدقيق الجنائي في مصرف لبنان والذي نريده في كل الوزارات والادارات والمؤسسات يتحول الى نفس المصير لحجة في نفس السرية. واضاف «مهزلة الابتزاز والمزايدات الاعلامية يجب ان تنتهي وتبدأ المحاسبة الجدية لتشكل جسر العبور الى الانقاذ والتعافي والاصلاح المالي الحقيقي لا الشعبوي والموجه لغاية في نفس حاقد ومتسول وباحث عن دور». وتابع كنعان «أدعو النواب الى موقف إستثنائي يؤمن للبنانيين حقهم في معرفة مصير ودائعهم من خلال توصية تدعو الى الاستجابة لمضمون رسالة فخامة الرئيس بالدعوة الى استكمال التدقيق الجنائي في مصرف لبنان تمهيداً لتعميمه على كل مؤسسات وادارات الدولة». وقال «المواطن اللبناني تائه ثائر متحسر على جنى عمر ضاع وأموال أختفت دون أن تقدم له دولته فرصة معرفة مصيرها وأسباب ضياعها».
عدوان
أما عن تكتل الجمهورية القوية، فكانت الكلمة لرئيس لجنة الادارة والعدل النيابية نائب رئيس حزب القوات اللبنانية جورج عدوان، الذي أعلن «أننا نؤيد رسالة عون لأنها تتوافق مع القانون والدستور»، مشددا على «ضرورة السير في التدقيق الجنائي في مصرف لبنان كبداية وبعدها نذهب إلى كل مؤسسات الدولة».
وحض عدوان الحكومة المُستقيلة على تعيين شركة جديدة للقيام بالتدقيق الجنائي والمضي قدماً به، كاشفا أن شركة التدقيق استلمت 42 في المئة من الأجوبة من اصل 129 سؤالا طرحت على مصرف لبنان ومن ثم اصطدم عقد التدقيق بموقف حاكم البنك المركزي (المتعلق بالسرية المصرفية).
الجسر
ورد عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر على عدوان من دون أن يسميه، قائلا انا حزين للوقوف اليوم من على هذا المنبر بدافعين: « الأول هو تبديد الشكوك التي أثارها زميل عزيز ورفيق مرحلة نضالية كنت أظن خلالها أن ما يجمعنا ليس رفقة درب ظرفية بل رفاقة قامت على احترام متبادل مبني على اقتناع بأن كلينا كان ولا يزال يعمل للاصلاح وليس إلا. ولو لم يكن صديقي قد جهر للاعلام عن موقف، لكتلة المستقبل النيابية، رافض لاقتراح رفع السرية المصرفية بما يعني ضمنا ان كتلة المستقبل ترفض التدقيق الجنائي، ولو أن صديقي أبقى شكه في نفسه لما تكلفت عناء الرد، لكنه ربما أتاح لي فرصة لتبديد التجني على هذه الكتلة».
أضاف: «الدافع الثاني وهو الأهم، هو مناقشة رسالة فخامة رئيس الجمهورية للمجلس النيابي حول التدقيق والتدقيق المالي الجنائي اللذين أقرتهما الحكومة طالبا من المجلس إتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار بشأنهما. في الوقت الذي أعتقد جازما أن ما من أحد في هذا المجلس يرفض إتخاذ تدبير يكشف خللا في إنفاق المال العام وإدارته توصلا لمحاسبة المخلين. وجوابي في الدافع الأول لا يخرج عن كونه مقدمة صالحة لاتخاذ الموقف من رسالة فخامة الرئيس.
اضاف: يقال ان كتلة المستقبل لا تريد التدقيق الجنائي وهذا أمر غير صحيح. ومصرف لبنان لم يتمنع عن تسليم المستندات لشركة «ألفاريز ومارسال» بل سلم بعض المستندات ما عدا تلك المحكومة بالسرية المصرفية إلى وزير المال وترك له أن يسلم المستندات الأخرى للشركة لكنه لم يتخذ القرار بتسليمها كي لا يتحمل وحده مسؤولية ذلك. واضاف «نحن مع إقرار قانون في مجلس النواب يجعل التدقيق إلزاميا في كل إدارات الدولة».
وتابع الجسر: «إن قرار التدقيق الذي صدر عن الحكومة يمكنها الرجوع عنه حينما تريد… لذلك فإن إصدار قانون يجعل التدقيق المحاسبي والجنائي إلزاميا يحول دون محاولة الرجوع عن هذا القرار، والمطلوب بالطبع أن يقر القانون التدقيق المالي والمحاسبي والجنائي وأن يكون هذا التدقيق شاملا لكل إدارات الدولة من وزارات ومؤسسات عامة ومرافق عامة وهيئات عامة وصناديق عامة ومجالس بدون إستثناء حيث تعلو الصرخة من شكاوى فساد».
خليل
وأكد النائب علي حسن خليل في مداخلته «أن شعارنا لا غطاء على احد ولا سرية ولا تغطية على من سرق أو أهدر المال العام ولا يجب أن يكون هناك محظورات».
أضاف: «الكتلة كانت حاسمة في الموافقة على التدقيق الجنائي في مجلس الوزراء. وهنا اسأل: «لماذا رمي التهم على مجهول من الحكومة ومِن بعض من في الحكومة بعرقلة التدقيق الجنائي؟ فوزير المال لم يؤخر عمل التدقيق ولم يتأخر باعطاء المستندات للشركة».
وتابع: «ليكن لدينا الجرأة كي نضع الجميع على المشرحة وكي ننجز فكتلة التنمية والتحرير ليست مع صدور بيان بتأييد رسالة رئيس الجمهورية لا بل المطلوب أن نصدر قانونا واضحا يخضع كل الإدارات للتدقيق الجنائي سواسية».
رعد
من جانبه، قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد: نؤيد التدقيق الجنائي في مصرف لبنان ونوافق على أن ينسحب التدقيق على سائر المرافق العامة ونقترح اقرار رفع السرية المصرفية باستثناء موقت.
ابو الحسن
وأعلن عضو اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن أن الكتلة مع التدقيق او التحقيق بعيداً من الاجتزاء والاستنسابية والإنتقائية بخلفيات سياسية إنتقامية»، مطالبا بتدقيق كامل وشامل في كل الوزارات والادارات والمؤسسات والمجالس والحسابات والصناديق من دون إستثناء لإظهار الحقيقة.
وقال أبو الحسن غامزاً من قناة نواب «التيار الوطني الحر»: لم نرَ هذه النخوة في موضوع التدقيق المالي في ملف الكهرباء.
بري والتوصية
ورفع الرئيس بري الجلسة وقال امام النواب: «ردا على رسالة فخامة رئيس الجمهورية القرار التالي: تخضع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والمؤسسات المالية والبلديات والصناديق كافة بالتوازي للتدقيق الجنائي دون اي عائق او تذرع بالسرية المصرفية او بخلافه».
جلسة تشريعية
وافتتح بري جلسة تشريعية ناقشت اقتراح القانون الذي تقدمت فيه «كتلة التنمية والتحرير» النيابية بواسطة النائب علي حسن خليل والذي يقضي باعتبار شهداء انفجار مرفأ بيروت بمثابة شهداء في الجيش اللبناني واعتبار جرحى الانفجار مستفيدين من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مدى الحياة، واقره المجلس.