الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن : لا إقفال بعد اليوم… “حماية ذاتية” أو “إنتحار جماعي‎”‎ باسيل يتربّص بمسوَّدة الحريري: “ألله لا يخلّيني إذا بخلّيك‎”!‎
نداء الوطن

نداء الوطن : لا إقفال بعد اليوم… “حماية ذاتية” أو “إنتحار جماعي‎”‎ باسيل يتربّص بمسوَّدة الحريري: “ألله لا يخلّيني إذا بخلّيك‎”!‎

هل زادت عملية تصفية “سليماني النووي” طين التأليف بلّة؟ سؤال جديد أضيف إلى قائمة ‏التساؤلات المدججة بعلامات استفهام، آخذة بالارتسام أكثر فأكثر حول مصير ملف حكومي ‏واقع على “طريق فيلة” مزدحم بالتطورات الدراماتيكية إقليمياً ودولياً. حتى الساعة، لا يبدو ‏‏”حزب الله” في وارد إقحام نفسه ولبنان في أي مغامرة عسكرية أو أمنية غير محسوبة ‏العواقب في آخر أيام الرئيس دونالد ترامب، وعينه ستبقى على الأرجح على “تكّات” الساعة ‏بانتظار رحيله عن البيت الأبيض بأقل الأضرار والخسائر الممكنة على محور الممانعة. أما ‏الحكومة، فلها حسابات متشابكة داخلية تكاد تفوق تشابك الحسابات الإقليمية والدولية ‏و”التصفيات الأمنية” في المنطقة، وهي مرتبطة مباشرةً بتصفية “حسابات شخصية” بين ‏رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري‎.

وفي ضوء مراعاة “حزب الله” لنوازع باسيل الحكومية إثر إدراجه على قائمة العقوبات ‏الأميركية، يبدو الجميع عاجزاً عن لجم جموح رئيس “التيار الوطني” نحو قلب الطاولة ‏الحكومية على الحريري، لا سيما وأنّ مصادر مواكبة لكواليس الملف الحكومي تتحدث عن ‏أنّ باسيل يتربّص راهناً بمسودّة التشكيلة الوزارية التي يعتزم الرئيس المكلف طرحها على ‏رئيس الجمهورية، وسيسارع إلى إحباطها بغض النظر عن مضمون تركيبتها، بغية إيصال ‏رسالة قاطعة لآمال الحريري بالتأليف مفادها: “ألله لا يخلّيني إذا بخلّيك تشكّل الحكومة‎”.

وفي هذا الإطار، تنقل المصادر معطيات تفيد بأنّ رئيس “التيار الوطني” يسعى إلى إعادة ‏تفعيل معادلة “أنا وسعد جوا أو أنا وسعد برا”، التي كانت سائدة عشية تأليف حكومة حسان ‏دياب وصولاً إلى تكليف مصطفى أديب، لكنه سيستخدم هذه المرة “تكتيكاً مغايراً عن ‏المجاهرة بها، يرتكز على استراتيجية تيئيس الحريري ومحاولة دفعه إلى التسليم باستحالة ‏تأليف حكومة تحظى بتوقيع رئيس الجمهورية، ما لم يكن باسيل شريكاً مضارباً فيها”، ‏خصوصاً وأنّ الانطباع الغالب لدى معظم الأفرقاء يشي بأنّ الحكومة المقبلة ستتسلم مقاليد ‏الحكم بعد الرئيس ميشال عون، وسيكون متعذراً إجراء انتخابات رئاسية بعد انتهاء ولايته ‏‏”لألف سبب وسبب، أوّلها أنّ باسيل لن يتخلى بسهولة عن حلمه الرئاسي بخلافة عمّه، ولن ‏يتوانى عن إبقاء مفاتيح قصر بعبدا في قبضة الشغور، بل سيفضّل تسلّم حكومة له فيها الثلث ‏المعطل مقاليد الحكم على أن تؤول الرئاسة الأولى إلى غيره‎”.

وحتى ذلك الوقت، تعرب المصادر عن قناعتها بأنّ رئيس “التيار الوطني” لم يعد لديه ما ‏يخسره داخلياً وخارجياً بعد إدراجه على قائمة العقوبات، وسيعمد بالتالي إلى إجهاض أي ‏مبادرة أو وساطة تفضي إلى ولادة حكومة لا تستجيب لمطالبه، تحت ذرائع ومسميات تحاكي ‏‏”تحصيل حقوق المسيحيين” واعتماد “وحدة المعايير” في التأليف، انطلاقاً من ضخّ أجواء ‏تستنفر العصبيات الطائفية، مفادها أنّ الحريري يريد الاستئثار بالحصة المسيحية إلى جانب ‏الحصة السنّية، مقابل تسليمه بحق المكونين الشيعي والدرزي في تسمية وزارئهما في ‏الحكومة‎.

وفي سياق غير بعيد عن هذه الأجواء، لوحظ استنفار إعلامي عوني إزاء قرب احتمال تقديم ‏الرئيس المكلف مسودة تشكيلته الوزارية إلى رئيس الجمهورية، فبرز تصويب مباشر على ‏هذا الاحتمال برشقات تحذيرية عبر قناة “أو تي في” تتوعد الحريري برفض مسبق لأي ‏مسودة يحملها إلى قصر بعبدا، ما لم تأتِ تحت سقف “المعايير الموحدة”، مشددةً على أنّ كل ‏ما دون ذلك “لن يمرّ مهما كانت الضغوط (…) أما الباقي من خطوات داخلية متوقعة فتفاصيل ‏لن تغيّر شيئاً”، في إشارة غير مباشرة إلى اعتبار خطوة تقديم مسودة وزارية إلى عون لن تبدّل ‏في المواقف والمعادلات‎.

وعن “المعايير الموحدة”، تؤكد أوساط مقربة من “ميرنا الشالوحي” لـ”نداء الوطن” أنّ رئيس ‏‏”التيار الوطني” لا يزال على موقفه بضرورة اعتماد “وحدة معايير” ثلاثية الأبعاد، الأول ‏يتمحور حول التساوي بين المكونات الطائفية في مقاربة مسألة التسميات الوزارية، والبُعد ‏الثاني يتصل بمسألة المداورة في الحقائب بحيث تكون شاملة أو لا تكون، والثالث ينصّ على ‏وجوب إعطاء كل وزير حقيبة وعدم الجمع بين الحقائب. وختمت: بانتظار تقديم الحريري سلة ‏وزارية كاملة للنقاش حولها، لا يبدو حتى الساعة أنه اعتمد أياً من هذه المعايير‎.

في الغضون، يسود الترقب وحبس الأنفاس على الساحة الوبائية مع انتهاء مفاعيل الإقفال العام ‏وعودة البلد إلى الفتح التدريجي بدءاً من اليوم، وسط تسجيل خيبة أمل رسمية وصحية من ‏النتائج غير الواعدة للإقفال، حسبما أقرّ وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ‏أمس، معلناً أنّ الالتزام بمفاعيل الإقفال العام لم يتجاوز الـ50%، وأنّ عملية تقييم النتائج ‏الفعلية ستبدأ غداً من خلال رصد مؤشر عدّاد الإصابات تباعاً لتبيان انعكاسات الإقفال على ‏مستوى التفشي الوبائي‎.

غير أنّ مصادر صحية أبدت ثقتها بقلة فاعلية الإقفال العام، وشددت في ضوء ذلك على أن ‏‏”الدولة لن تعود إلى خيار الإقفال بعد اليوم نظراً لفداحة سلبياته اقتصادياً وضآلة إيجابياته ‏صحياً”، ومن هنا لم يعد من خيار أمام اللبنانيين سوى اعتماد “الحماية الذاتية” من التزام ‏وضع الكمامة والتعقيم والتباعد الاجتماعي، وإلا في حال تفلّتت الأمور فإنّ البديل سيكون ‏‏”انتحاراً جماعياً” تحت وطأة عجز السلطة عن فرض التدابير الوقائية وتواضع القدرات ‏والإمكانات الطبية والاستشفائية في مواجهة تفشي الوباء‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *