عشية بداية الشهر الأخير من السنة غدا، لا تظهر في أحوال لبنان واللبنانيين أي معالم انفراجات واعدة لا على مستوى الازمة السياسية الحكومية المتحكمة بمصير الإدارة السياسية المشلولة للبلاد، ولا على مستوى الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية الآخذة في التفاقم. ووسط هذه الأجواء الخانقة لم يكن مفاجئا ان تبتدع الحكومة حلا نصفيا للازمة الأشد الحاحاً وخطورة المتصلة بالانتشار الوبائي ل#فيروس كورونا بعد أسبوعين من اقفال فاشل، اذ لجأت الى فتح تدريجي للبلاد بما يرجح الا يؤثر كثيرا على واقع يتخبط فيه اللبنانيون بين سباق تداعيات الانتشار الوبائي وتداعيات الازمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.
ولعل المفارقة اللافتة التي تبرز مرة جديدة منذ استقالة حكومة تصريف الاعمال الحالية وتعثر مهمة رئيس الحكومة المكلف #سعد الحريري في تشكيل “حكومة المهمة” التي جرى التوافق عليها بموجب المبادرة الفرنسية، ومن ثم بدأت التعقيدات ترمى في طريقها، ان فرنسا ستعود هذا الأسبوع الى القيام بمبادرة إضافية تتمثل في تنظيم مؤتمر دولي عبر الفيديو لحشد مساعدات إنسانية للشعب اللبناني بما من شانه ان يسلط الأضواء مجددا على الواقع الشاذ النافر الذي تعيش البلاد في ظله بين دولة كبرى لا تتراجع عن ملاحقة أزمات لبنان وتسعى بقوة الى تسهيل #تشكيل الحكومة الجديدة كمدخل أساسي لبدء عملية إنقاذه، وواقع سياسي مفكك ومهترئ يستعصي على كل المبادرات ويفشلها ويغرق البلاد بتداعيات الازمات المتصاعدة.
وفي ظل هذه المعادلة القاتمة بدأت معالم تحريك جديد لمساعي تشكيل الحكومة ولكن من دون رهانات كبيرة على إمكانات نجاحها ويرجح ان تكون التحركات المرشحة في شأنها تستهدف فتح ثغرة في جدار الانسداد السياسي قبل الأربعاء المقبل الموعد المحدد لمؤتمر الدعم الدولي الإنساني للبنان. وإذ تردد على نطاق واسع في اليومين الأخيرين ان الرئيس المكلف سعد الحريري قد انجز وضع تركيبة حكومية من 18 وزيرا ويعتزم زيارة قصر بعبدا في الساعات المقبلة لعرضها على رئيس الجمهورية ميشال عون فاما يقبلها او يرفضها وتكون الكرة في مرماه، علمت “النهار” ان الأمور لا تجري في هذا السياق ولو ان مهمة الحريري اصطدمت أساسا بالتعقيدات التي واجهته من رئيس الجمهورية ومن خلفه فريقه السياسي الحزبي خصوصا لجهة التشبث بتركيبة من عشرين وزيرا على الأقل لتأمين الثلث المعطل لهذا الفريق. وتشير المعلومات المتوافرة الى ان الحريري وضع أساسا وليس في الأيام الأخيرة كما تردد تركيبة كاملة من أسماء وزراء متخصصين ومستقلين تماما عن سائر الأحزاب والقوى السياسية ولم يراع فيها سوى التوزيع الطائفي العادل، وان هذه التركيبة لا يزال الحريري متمسكا بها لانها مفتاح لبنان على المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية التي ستكون الممر الإلزامي لتحصيل الدعم المالي والاقتصادي للبنان وتنفيذ مقررات مؤتمر سيدر. واتضح بلا ادنى شك ان فرنسا تؤيد الحريري في هذا الاتجاه وتشجعه ورئيس الجمهورية على التوافق السريع لانجاز الولادة الحكومية على أساس حكومة اختصاصيين مستقلين، ولو ان لا مؤشرات إيجابية تدل على ان رئيس الجمهورية يبدي المرونة الكافية للتراجع عن تعقيدات واشتراطات عرقلت تأليف الحكومة. وفي معلومات ”النهار” أيضا ان الحريري ليس في وارد القيام بما يتردد او بما ينادي به البعض من زيارة بعبدا لعرض تركيبة حكومته على رئيس الجمهورية من منطلق التحدي او الحشر او غسل يديه ورمي الكرة في مرمى رئيس الجمهورية لان هذا الامر ليس من قناعته أولا، ولأنه يسبب اشتباكا سياسيا حادا ويعقد اكثر فاكثر عملية تشكيل الحكومة. لذا يرجح ان يقوم الحريري بزيارة لبعبدا في الساعات المقبلة ولو ان أي موعد علني مثبت للزيارة لن يعرف قبل حصولها ومعاودة البحث بجدية في تحريك الجمود على أساس التفاوض على تركيبة الحريري وملاحظات عون ومطالبه ومن بينها الخلاف على تسمية الوزراء المسيحيين والتشبث بما يسمى وحدك المعايير وسط دفع فرنسي لتسريع تشكيل الحكومة بالتوافق الذي يمليه الدستور بين الرئيسين.
بري: لا اعلم
وإذ سألت “النهار” امس رئيس مجلس النواب #نبيه بري عن معلوماته حول ما تردد عن احتمال تحريك الأمور في الساعات المقبلة، قال انه لا توجد عنده معلومات تشير الى الفرج الحكومي المنتظر الذي يجري الحديث عنه إعلاميا وصحافيا. غير ان بري شدد مجددا على انه سيبقى في مقدم مسهلي مهمة الرئيس الحريري وان لا مشكلة عنده في الأسماء كاشفا انه سبق له قبل اكثر من عشرين يوما ان سلم الحريري تشكيلة أسماء مرشحة للتوزير وهم من الاختصاصيين ولا علاقة لهم بحركة “امل”. وتشير المعلومات المتوافرة لدى أوساط قريبة من الثنائي الشيعي الى ان ثمة استعجالا لولادة الحكومة بضغط فرنسي مواكبة للاستعدادات الفرنسية والاممية الجارية لعقد مؤتمر دولي لمد لبنان بالمساعدات الإنسانية ولكن لا يبدو ان التشكيلة الحكومية ستبصر النور قريبا .
وفيما يستمر التكتم الإعلامي على حاله في بيت الوسط أوضح نائب رئيس تيار “المستقبل” الدكتور مصطفى علوش امس ان الرئيس الحريري مصر على حكومة اختصاصيين غير محسوبة على أي من الأحزاب. وقال ان الأساس يبقى ان يوافق الرئيس عون على التشكيلة الحكومية المؤلفة من 18 وزيرا. وإذ اكد ان لا موعد محددا بعد لزيارة الحريري لبعبدا، اعتبر ان اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة سيؤدي الى تدهور الأمور بسرعة ولن يتمكن احد من تحمل مسؤولية ذلك.
فتح نصفي
في غضون ذلك قررت اللجنة الوزارية لمتابعة ملف وباء كورونا في اجتماعها امس برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال #حسان دياب اعتماد “انصاف الحلول والرفع التدريجي” للإقفال العام بدءا من اليوم كما اعلن وزير الصحة حمد حسن. وتقرر من ضمن الإجراءات ان يبقى حظر التجول بدءا من الساعة الحادية عشرة ليلا وحتى الخامسة صباحا على ان يبدأ الاقفال العام الساعة العاشرة ليلا. كما تقرر الغاء نظام المفرد والمزدوج في حركة السيارات، بعدما تبين انه تسبب باكتظاظ النقل العام وزيادة الإصابات كما تقرر تحديد اشغال المطاعم بنسبة 50 في المئة والإبقاء على اقفال الملاهي الليلية والحانات ومنع إقامة الأعراس والمآتم والمناسبات الاجتماعية والحفلات والطلب من المواطنين التزام وضع الكمامات والتباعد الاجتماعي حتى ضمن الاسرة الواحدة ولدى ركوبهم سيارة واحدة على ان تخضع الإجراءات الجديدة للتقويم بعد أسبوع. اما قرار العودة الى التعليم المدمج اليوم فأثار مزيدا من ردود الفعل المحذرة من أخطاره وسط التفشي الوبائي. وسجل عداد الإصابات بكورونا امس 1266 إصابة و13 حالة وفاة.