ماذا ينتظر المعنيون بالملف الحكومي أكثر من هذا الانهيار المفجع الذي يعانيه لبنان على كل المستويات، حتى يعودوا من عالمهم الآخر، ويستجيبوا الى النداءات الدولية، وآخرها من مؤتمر باريس بالأمس، ويسلكوا خرائط الطرق التي تُرسم لهم لإخراج لبنان من وضعه الكارثي، ويخرجوا هذه الحكومة من خلف انانياتهم المعطّلة لها، لتأخذ دورها المنتظر في لملمة ما تبقّى من هذا البلد من أشلاء اقتصادية ومالية؟
في المشهد الحكومي، ثبات واضح لدى شريكي التأليف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري على نقاط الاختلاف بينهما على آلية توليد الحكومة، ولا مؤشرات حول امكان وصولهما الى قواسم مشتركة تقربّهما من واحة التفاهم بينهما، وبالتالي الإفراج عن الحكومة العالقة بينهما، وهذا ما تؤكّده كل المعطيات والوقائع المرتبطة بملف التأليف، يُضاف اليها التأكيد الفرنسي المتجدّد، والذي يفترض ان يُحرج معطلي الحكومة، ويطوقهم باتهام صريح وواضح بالتجاهل العمد لأزمة لبنان، وتقزيمها الى ما دون مصالحهم ومكتسباتهم الشخصية.
ولعلّ ما صدر عن «الايليزيه» قبل انعقاد مؤتمر الدعم في باريس، جاء كصفعة فرنسية جديدة لمعطلي الحكومة، حيث أعلنت الرئاسة الفرنسية أنّه «لم تُنفّذ أي إجراءات بموجب خارطة الطريق الفرنسية المقترحة لمساعدة لبنان على حلّ أزمة سياسية واقتصادية كبيرة، كما لم يتمّ إحراز أي تقدّم في ما يتعلق بمراجعة حسابات مصرف لبنان المركزي.
وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية، قبيل انعقاد مؤتمر باريس: إنّ «القوى العالمية ستواصل الضغط على الطبقة السياسية، لكنه غير مقتنع بأنّ العقوبات الأميركية سيكون لها أي أثر في ما يتعلق بالمساعدة على تشكيل حكومة ذات صدقية، قادرة على تنفيذ إصلاحات، من شأنها إتاحة مساعدات مالية دولية».
مؤتمر الدعم
وكان «المؤتمر الدولي الثاني لدعم بيروت والشعب اللبناني»، قد عُقد بواسطة تقنية الفيديو، برئاسة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وافتتح ماكرون المؤتمر بكلمة اكّد فيها» أنّ «دعمنا للشعب اللبناني موجود وسيبقى، ولكنّه لن يحلّ محلّ عمل السلطات اللبنانية». وركّز على أنّ «من واجبنا دعم لبنان لتلبية احتياجاته بعد انفجار مرفأ بيروت، ولا بدّ من تعزيز الاستجابة الدوليّة لهذا الغرض».
ولفت إلى أنّ «20 بالمئة من اللبنانيّين يعيشون تحت خط الفقر، والمؤتمر سيساعد لبنان بالوقوف بعد انفجار مرفأ بيروت، ولكن هذا لا يعني إعفاء الدولة اللبنانية من قيامها بالإصلاحات المطلوبة منها»، مشدّدًا على «أنّنا لن نتخلّى عن التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت وعن ضرورة القيام بالإصلاحات».
وكشف أنّ «من المقرّر تأسيس صندوق يديره «البنك الدولي«، للمساعدة في تقديم المساعدات الإنسانيّة للبنان». ودعا ماكرون إلى «الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية، وتنفيذ خارطة طريق الإصلاحات، وإلّا فلن تُقدَّم مساعدات دوليّة»، معلنًا «أنّني سأزور لبنان قريبًا، وقال: «ساعود الى لبنان في كانون الاول للضغط على الطبقة السياسية».
غوتيريش
وقال غوتيريش: «علينا ان ندعو القيادة في لبنان الى وضع الخلافات والمصالح السياسية جانباً وتلبية حاجات المواطنين، والامم المتحدة ستواصل دعم لبنان وشعبه لاستعادة الاستقرار».
البنك الدولي
من جهته، جدّد رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في المؤتمر، الدعوة الى السلطات اللبنانية لوضع شبكة أمان اجتماعي، والانخراط في إصلاحات ضرورية شاملة، ومن بينها القطاع المالي.
وقال: «البنك الدولي مستعد لمساعدة اللبنانيين والمؤسسات في لبنان، بالمساهمة مع مؤسسات ودول أخرى، ونلتزم بمساعدة لبنان على تنفيذ بنود خريطة الطريق لاعادة اعمار مرفأ بيروت بشكل افضل».
واشنطن
في سياق متصل، اكّد متحدث بإسم الخارجية الأميركية أنّ الولايات المتحدة تدعم إجراء تدقيق جنائي للمؤسسات العامة الرئيسية في لبنان، كي يفهم الشعب اللبناني النطاق الكامل للتحدّيات التي يواجهها البلد.
واعتبر أنّه من الضروري الحدّ من تأثير الجهات الخبيثة في استغلال النظام المالي اللبناني.
من جهة أخرى، رفض المتحدث بإسم الخارجية الأميركية التعليق على سؤال عمّا إذا كان مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة محوريين في تمويل «حزب الله».
عون
وفي كلمته في المؤتمر، اشار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الى «أنّ أولويّتنا اليوم هي تشكيل حكومة، عبر اعتماد معايير واحدة تُطبّق على جميع القوى السياسية، والمهام التي تنتظرها ضخمة. فالمطلوب من الحكومة العتيدة أن تطلق في الوقت ورشة الإصلاحات البنيوية الملحّة، وإعادة إعمار بيروت، وتطوير خطة التعافي المالي والاقتصادي ووضع أطرها التنفيذية».
ورأى عون، إنّه «بإمكان الدول المجتمعة اليوم أن تقدّم للبنان مساعدة أساسية، وعبر الوسائل المتاحة لدى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لمحاربة سرقة الأموال العامّة، وتعقّب التحويلات غير الشرعيّة لرؤوس الأموال إلى الخارج»، وقال: «جرّاء الأزمات المتراكمة والمتصاعدة التي حلّت بلبنان، باتت مساعدة الدول المجتمعة اليوم لا غنى عنها لجميع اللبنانيّين في أي منطقة كانوا. والمساعدة الدولية أساسيّة مهما كانت طرقها أو آليّاتها أو أدواتها ومهما كانت القنوات التي ستعتمدونها، طالما هي بإشراف الدول المجتمعة اليوم وإشراف الأمم المتّحدة».
واشار الى انّ المساعدة الدولية أساسية وضرورية، خصوصاً وأنّ لبنان ما زال يعاني جراء نزوح أعداد ضخمة من السوريين إليه. ومن الملح اليوم أن يحسم المجتمع الدولي قضية عودتهم إلى أراضيهم، لأنّ بلدنا المستنزف لا يملك البنى التحتية ولا السبل المناسبة للاستمرار في استقبالهم أو حتى تقديم أي دعم لهم.
وختم عون قائلاً: «أطلب من المجتمع الدولي بأسره ألّا يتخلّى عن بلد الأرز، وما يمثله من ثروة للبشرية جمعاء».
بري
سياسياً، لم تشهد الساعات الماضية ايّ حراك حول ملف التأليف، ولا أي كلام مباشر أو غير مباشر من قِبل الرئيسين عون والحريري يوضح أسباب هذا الجمود، او مكامن العِقَد المستعصية بينهما.
وفي هذا السياق، سألت «الجمهورية» رئيس مجلس النواب نبيه بري عمّا استجدّ حيال التأليف، وما الذي يمنع ولادة الحكومة، فعبّر عن استياء بالغ من مسلسل استنزاف البلد المستمر من دون اي مبرر وبلا أيّ طائل، مشدّداً على أنّ الضرورة باتت أكثر من ملحّة للاستجابة الى حاجة لبنان الى حكومة انقاذ. فالوضع، الذي يمرّ فيه لبنان هو الأكثر سوءاً وكارثية ومأساوية في تاريخه.
ورداً على سؤال قال بري: «لا نستطيع ان نكمّل هكذا، ليس هناك سوى حل وحيد امامنا، هو تشكيل الحكومة ولا يوجد حل آخر».
ورداً على سؤال آخر، قال بري، «لا توجد اي مشكلة من قبلنا، وما زلنا ننتظر ان يتمّ التفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف».
وعمّا اذا كان هناك عامل خارجي يمنع تشكيل الحكومة، قال بري: «ما في شي من برّا، كلّ الخلاف من جوا».
المطارنة
الى ذلك، اعلن مجلس المطارنة في بيان بعد اجتماعه الشهري امس، في الصرح البطريركي في بكركي، انّه يضمّن صوته «الى صوت أبناء لبنان الساخطين من المحاولات المُتكرِّرة لتمييع تشكيلِ حكومةٍ جديدة، خلافًا لما تعهّدت به الكتل النيابية، أي حكومة إختصاصيين مستقلين تُباشِر بورشة الإصلاح الكبرى». وحث الجميع «على الإسراع في تشكيل السلطة الإجرائية لتسير بالبلاد نحو غايات وقف التدهور والأخذ بموجبات الإنقاذ».
وسجّل مجلس المطارنة للمجلس النيابي مُبادَرته إلى إقرارِ توصيةٍ بإجراء التدقيق المحاسبي الجنائي، إستجابةً لمطلب رئيس الجمهورية في رسالته إليه. معلناً انّه ينتظر «سنّ القوانين اللازمة من أجل تطبيق هذا الإجراء، بحيث يشمل كلّ الإدارات والمؤسسات والمرافق والصناديق، من أجل تعافي الدولة من الفساد والإفساد وسوء التدبُّر».
اللجان: واقع مفجع
في هذا الوقت، انعقدت جلسة اللجان النيابية المشتركة في المجلس النيابي امس، لمناقشة موضوع الدعم والاحتياطي في مصرف لبنان. وخلصت الى تظهير صورة مفجعة للواقع الاقتصادي والمالي في لبنان. وعلى ما تقول مصادر نيابية شاركت في الجلسة لـ»الجمهورية»: «وقفنا من خلال النقاش على حقائق خطيرة، وواقع لبناني أقل ما يُقال فيه انّه مريع ومأساوي يعاني نكبة حقيقية. ومع الأسف، هذه الصورة لا تُرى على ضفة التأليف الذي يُدار بأنانيّة ومراهقات سياسية، كما لا يُرى على ضفّة التصريف الذي تمارسه حكومة ساهمت في ادائها ولا مسؤوليتها في مفاقمة الأزمة وتعميقها أكثر».
ولم تصوّت اللجان المشتركة على اي توصية، لا الى الحكومة ولا الى مصرف لبنان، بل اكتفت بما يمكن ان تُسمّى « توصية شفهية»، عبّر عنها نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي في نهاية الجلسة وفيها: «أوصى السادة النواب بتقديم الحكومة لمقترحات عملية مرفقه بمعطيات واضحة حول الدعم والاحتياطي، لمناقشتها في الجلسة المقبلة».
ولخصّت المصادر النيابية اجواء الجلسة كما يلي:
– اولاً، من حيث الشكل، كانت جلسة اللجان المشتركة اشبه بجلسة نيابية عامة، بحيث تجاوز حضورها أكثر من 80 نائباً.
– ثانياً، الى جانب الحضور النيابي الكثيف، حضر الوزراء في حكومة تصريف الأعمال: زينة عكر، غازي وزني، راوول نعمة، عماد حب الله، رمزي مشرفية، اضافة الى المدير الاقليمي للبنك الدولي ساروج كومار جاه، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، فيما غاب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة واناب عنه النائب الثاني للحاكم سليم شاهين.
وقد اثار غياب سلامة حفيظة النواب الذين اعترضوا على هذا الغياب، واعتبروه اشارة سلبية من سلامة تجاه المجلس، وهروباً من المسؤولية امام ملف مصيري شديد الحساسية كرفع الدعم، خصوصاً وانّ ثمة تساؤلات كثيرة لدى النواب حول الاحتياط والدعم واسباب الازمة، لا يملك احد اجابات عنها سواه.
– ثالثاً، في النقاش، كانت الجلسة الأكثر توتراً التي تشهدها جلسات اللجان المشتركة، وسُجّلت فيها الى جانب الصراخ النيابي الاعتراضي على غياب سلامة، مداخلات عنيفة خصوصاً بعدما تلا النائب الثاني للحاكم كلمة مكتوبة، واشار رداً على التساؤلات النيابية الى انّ المرة الاخيرة التي تمّ فيها تعداد موجودات الذهب وقيمته، كانت في العام 1996. كما اشار الى انّ 60% من الذهب موجود في لبنان، و40% موجود خارج لبنان، واما الاموال الموجودة في الاحتياط هي 17 مليار دولار، يُضاف اليها مبلغ 800 مليون دولار يمكن ان تمكننا من الاستمرار في الدعم حتى اول شباط المقبل.
– رابعاً، المداخلات النيابية، صبّت جام غضبها على غياب سلامة، ومن جهة ثانية، غلب على بعضها الطابع الشعبوي والمزايدات في انتقاد السياسات التي اوصلت البلد الى الحال الذي بلغه، في وقت انّ المزايدين انفسهم ينتمون الى جهات سياسية كانت شريكة بالكامل في السياسات التي تسببت بالأزمة، فيما ركّزت المداخلات الاخرى على المطالبة بالتعجيل في تشكيل حكومة ووضع خطة اقتصادية مالية شاملة، وضبط الفلتان الداخلي، واقفال معابر التهريب، وكذلك ركّزت على موضوع الدعم والاحتياط الإلزامي. وتناقضت بين من دعا الى رفع الدعم، وبين من هو رافض له ومحذر منه، مع تساؤلات من مصادر نيابية مختلفة عن ودائع اللبنانيين واين هي، خصوصاً بعد الكلام الاخير لحاكم مصرف لبنان، الذي قال فيه انّ ودائع اللبنانيين موجودة في المصارف.
في هذا السياق، طُرح سؤال نيابي على رئيس جمعية المصارف: هل صحيح انّ الودائع عندكم في المصارف؟ لكن المفاجئ في الأمر، هو انّ جواب صفير كان شديد الغموض، حيث قال ما مفاده: «انا ما فيّ احكي»، وهو ما دفع بعض النواب الى افتراض انّه لا يريد ان يختلف مع حاكم مصرف لبنان، كما انّه بامتناعه عن الكلام، انّه لا يريد ان يلقي المسؤولية على المصارف، لأنّه لو اقرّ بوجود اموال المودعين في المصارف، فالناس ستتهافت من اليوم على المصارف للمطالبة بودائعهم؟
– خامساً، لقد وجّه النواب مجموعة كبيرة من الاسئلة الى مصرف لبنان، وكذلك الى حكومة تصريف الاعمال، لكي تأتي اجوبتها الى الجلسة المقبلة للجان النيابية المشتركة، والتي يفترض ان تُعقد منتصف الاسبوع المقبل. والاساس في هذه الاسئلة ثلاثة:
السؤال الاول، ما هو الحجم الحقيقي والدقيق للموجود من اموال؟
السؤال الثاني، في موضوع الدعم، كان النواب امام «شاقوفين»، فإن بقي الدعم على ما هو عليه حالياً، فمعناه انّ اموال المودعين قد طارت نهائياً، واما إن تمّ رفعه فسيؤدي الى انفجار اجتماعي، مع الارتفاع الرهيب الذي سيرافقه في الاسعار على كل شيء، وكذلك الارتفاع الاكثر جنونية لسعر الدولار. وهنا يبدو انّ التوجّه الغالب هو ليس لإبقاء الدعم الشامل وفق السياسات التي اتُبعت في الحكومة الحالية، والتي كلّفت بين 8 و10 مليارات دولار، بل هو الإبقاء على الدعم ولكن بصورة جزئية وضيقة، اي الدعم المرشّد. وبناء على ذلك، صيغ السؤال التالي امام المصرف المركزي وحكومة تصريف الاعمال: في حال رفع الدعم جزئياً، ماذا سيشمل رفع الدعم، وما الذي لن يشمله؟
السؤال الثالث، ما هي الآليات التي يفترض ان توضع، حتى يتمّ وصول هذا الدعم الى مكانه الصحيح؟
هذه الاسئلة طلب النواب الاجابة عنها، من قِبل الحكومة ومصرف لبنان، على ان تأتي الحكومة الى الجلسة المقبلة، بخطة كاملة خلال اسبوع.
في موازاة ذلك، طُرحت اسئلة نيابية حول ما يضمن وصول الدعم الى مكانه الصحيح، وبرز حيال ذلك رأيان:
الاول، ان يُقدّم الدعم عبر مساعدات تموينية شهرية للمواطنين، وهناك «داتا» موجودة في وزارة الشؤون الاجتماعية تتضمّن 400 الف اسم للعائلات الفقيرة، لكن هذه اللائحة تحتاج الى تحديث، لانّ ارقام العائلات المحتاجة زادت الى نحو 600 الف عائلة محتاجة، فكل يوم يزداد عدد الفقراء.
الثاني، هذا الامر صعب التطبيق، اذ يتطلب ذلك جيشاً كاملاً لتولي مسؤولية التوزيع كل شهر. فضلاً عن انّه قد لا يأتي بفائدة ابداً بل قد تكون له نتائج عكسية، اذ لا يضمن احد ان لا نقع في حفرة اضافية، مع بروز الفوضى والمحسوبيات والسمسرات، كما حصل مع سلة السلع المدعومة التي وضعتها حكومة حسان دياب.
– سادساً، في خلال النقاش، سعى بعض النواب الى اصدار توصية للحكومة ومصرف لبنان بإعداد خطة دعم، الّا انّ الاكثرية النيابية رفضت هذا الامر، لأنّه بإصدار هذه التوصية رسمياً، سيبدو المجلس وكأنّه اصبح جزءاً من المشكلة، بل المشكلة هي عند الحكومة ومصرف لبنان، وبالتالي هي مسؤولية سياسات عمرها نحو ثلاثين سنة.
ترقيع
وقالت مصادر نيابية لـ«الجمهورية»: «جلسة اللجان أظهرت وجود نكبة مالية واقتصادية في لبنان، وانّ هناك حالة انهيار شامل وازمة بنيوية، وبالتالي كل ما يجري هو ترقيع جزئي لمشكلة كبيرة جداً في البلد، لكن البدء بالذهاب نحو حل، مفتاحه انتظام الحياة السياسية في لبنان، وتشكيل حكومة».
اضافت المصادر: «انّ الحل ليس سهلاً، ولن يتحقق في شهور بل يتطلب سنوات، اذ لم يعد هناك من اموال، ما نملكه في لبنان الآن لا يزيد عن 25 مليار دولار في حدّه الاعلى، بينها مليارات الاحتياط في مصرف لبنان، وهذه الاموال، مع عدم دخول دولارات على البلد، مرشحة لأن تذوب شيئاً فشيئاً، على مرّ الايام، وفي ظل عدم وجود خطة للاحتواء والانقاذ».
مجلس الدفاع والترسيم
من جهة ثانية، دعا رئيس الجمهورية المجلس الاعلى للدفاع الى اجتماع استثنائي بعد ظهر اليوم، للبحث في الاوضاع الامنية في البلاد وتطورات متابعة قرار التعبئة العامة.
وكان عون قد استقبل امس، رئيس الوفد الاميركي الوسيط في عملية التفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية السفير جون ديروشر ترافقه السفيرة الاميركية دوروثي شيا ، كذلك زار ديروشر قائد الجيش العماد جوزف عون ورئيس الوفد اللبناني المفاوض العميد بسام ياسين. واعلنت السفارة الاميركية في بيان «انّ محادثات ديروشر جاءت في إطار جهود الوساطة المستمرة للسفير ديروشر بشأن ترسيم الحدود البحرية اللبنانية – الإسرائيلية. وكانت المناقشات مثمرة وسمحت بتبادل صريح لوجهات النظر حول الخطوات اللازمة للتوصل إلى اتفاق طال انتظاره يفيد الطرفين».
وقال الرئيس عون خلال اللقاء: «لبنان المتمسك بسيادته على ارضه ومياهه، يريد نجاح هذه المفاوضات تعزيزاً للاستقرار في الجنوب ولاستثمار الموارد الطبيعية».
ورأى أنّه «من الممكن تذليل الصعوبات التي برزت في الجولة الاخيرة للتفاوض من خلال بحث معمّق يرتكز على الحقوق الدولية ومواد قانون البحار».
من جهته، امل قائد الجيش خلال اللقاء مع رئيس الوفد الاميركي «استمرار عملية التفاوض غير المباشر، بما يحفظ حقوق لبنان البحرية وفقاً لما ينص عليه القانون الدولي. فيما تمنى ديروشر «استمرار عملية التفاوض بين الجانبين للوصول إلى النتائج المرجوة».