وبعد طول تضييع للوقت عادت لقاءات التأليف دون أن تثمر حكومة بعد، فيما يخسر لبنان كل يوم تأخير مزيدا مما تبقى من فرصة الإنقاذ الوحيدة المتاحة، وهو ما دأب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على التحذير منه، معطوفاً على المناشدات الدولية المستمرة للمسؤولين بضرورة الاستعجال بتشكيل الحكومة قبل اندثار البلد.
زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بعبدا ولقائه رئيس الجمهورية ميشال عون بعد ثلاثة أسابيع عن اللقاء الأخير بينهما، أوحى بتحرك ما لكنه ليس بالحد الذي يسمح بخروج الدخان الأبيض، إذ إن أجواء قصر بعبدا، وفق معلومات جريدة الأنباء الالكترونية، تشير إلى أن محادثات عون والحريري “مقبولة هذه المرة وتركزت على شكل الحكومة دون الدخول في الأسماء، وعدد الوزراء استقر على الرقم 18″، ما يعني عملياً التسمّر عن الوضع نفسه الذي كان انتهى إليه النقاش منذ ثلاثة أسابيع.
مصادر متابعة لمشاورات التشكيل أوضحت لجريدة الأنباء الالكترونية أن “عون طلب من الحريري التركيز على المعايير الموحّدة، وأن الأخير وعد خيراً، وبناء عليه تم الاتفاق على لقاء ثان غدا الأربعاء لاستكمال المشاورات”.
مصادر بيت الوسط اعتبرت في اتصال مع جريدة الأنباء الالكترونية ان “مجرد لقاء الرئيسين الحريري وعون هو مؤشر ايجابي، لكن العبرة تبقى بالنتائج، لأنه ليس اللقاء الأول ولن يكون الأخير، فرئيس الجمهورية والرئيس المكلف محكومان بالالتقاء للتعاون على تأليف الحكومة، وهذا التشاور منصوص عنه في الدستور ولا يجوز ان تحصل قطيعة بينهما، أما التباين في وجهات النظر أمر طبيعي لأن البلد مأزوم والوضع معقّد جداً، فلا بد من إيجاد صيغة مقبولة للخروج من الأزمة”.
المصادر ذاتها أشارت إلى أن “الحريري ملتزم بتشكيل حكومة مهمة من الاختصاصيين الذين لا ينتمون الى الأحزاب وفق ما نصت عليه المبادرة الفرنسية التي تُعتبر خشبة الخلاص للبنان بعدما تخلى عنه الأقربون والأبعدون، وأن تركيز الحريري ينحصر على تشكيل حكومة تنال ثقة المجلس النيابي وتكون مقبولة عربيا ودوليا كي تستطيع أن تلبي حاجة لبنان الى المساعدات المالية بعدما أصبح البلد على شفير الانهيار، وأي تأخير في التشكيل سيضع لبنان خارج الاهتمام العربي والدولي كما هو الحال مع حكومة حسان دياب”.
وتحدثت المصادر عن “محطة مفصلية، فإما ان تُشكّل الحكومة في غضون الأسبوعين المقبلين وإلا فالبلد ذاهب إلى المجهول”.
من جهتها، مصادر مطلعة على موقف عين التينة لفتت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية الى “عدم وجود معطيات واضحة عن أجواء اللقاء في بعبدا باستثناء التصريح المقتضب للحريري:، مستخدمة العبارة الشهيرة لرئيس مجلس النواب نبيه بري “لا تقول فول تا يصير بالمكيول”. وأملت المصادر ان تكون الظروف هذه المرة افضل من سابقاتها، ودعت الى تشكيل الحكومة بأقصى سرعة.
بدوره، عضو كتلة التنمية والتحرير النائب فادي علامة رأى في حديث مع جريدة “الأنباء” الالكترونية أن “تحديد موعد لقاء ثان يوم الاربعاء يؤشر الى شيء من الايجابية”.
عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب أنيس نصار استبعد في اتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية تشكيل الحكومة ”لأن كلام الحريري المقتضب بعد لقائه عون لا يوحي بتقدم الأمور باتجاه الحل”. وقال: “أتمنى ان أكون مخطئا بتقديري بالنظر لحاجة البلد لحكومة اليوم قبل الغد، حكومة ترضي الدول المانحة والرئيس ماكرون والمجلس النيابي الذي سيمنحها ثقته.
نصّار توقف عند اطلالة رئيس التقدمي وليد جنبلاط أول من أمس، معتبرا أنه كان يتحدث من قلبه وقال الأمور كما هي دون أن يكترث بحسابات الربح والخسارة في السياسة، ولكن هذا هو وليد جنبلاط، قال كلمته ومشى”.
من جهته، توقف النائب السابق فارس سعيد في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية، عند كلام جنبلاط في معرض تعليقه على المطالبة باستقالة ميشال عون، فقال سعيد: “أنا من الذين طالبوا بسقوط عون، وهذا مطلب وطني ينعكس ايجابا على المسيحيين، لأن بقاءه في الحكم ينعكس سلبا على جميع اللبنانيين وعلى المسيحيين تحديدا لأنه سيقال في المستقبل: كان في بعبدا رئيسا مارونيا يخدم مصالح الخارج على حساب المصلحة الوطنية ويتجاوز الدستور، ما يعرّض المسيحيين للانتقاد من الفريق الإسلامي”. وأضاف: “مطالبة جنبلاط باستقالة ميشال عون في مكانها”.
تزامناً، لا تزال أزمة رفع الدعم تتفاعل على وقع تحركات في الشارع، حيث عُقد اجتماع في السراي الحكومي لهذه الغاية، دون التوصل الى خلاصات.
وفي هذا السياق أشار عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية الى ”تخبط كبير في هذا الملف، ولن يؤدي الى أية نتيجة ما لم تتشكل حكومة تؤمن المال اللازم لدعم الاقتصاد، فالناس فقدت ودائعها، وغلاء الأسعار لا يرحم وسيؤدي حتما الى انفجار اجتماعي أقسى من الانفجار الأول”، لافتا الى ان ”اللقاء الديمقراطي أكد ان الدعم كما هو الآن يجب ان يتوقف مع ضرورة توجيهه نحو الأسر الفقيرة”، وأشار الى وجود مشروع مع البنك الدولي وعلى الحكومة ان تعرف كيف تستفيد منه.
وفي موضوع الدواء، قال عبدالله: “قدّمنا اقتراحات قوانين دقيقة تخفض من كلفة دعم الدواء، لكن هناك أدوية للأمراض المزمنة لا يمكن رفع الدعم عنها”، واصفا ما يجري بأنه أشبه “بلعبة عض أصابع وسنرى في الأيام المقبلة كيف ستنتهي الأمور”.