كتبت صحيفة ” الأنباء ” الالكترونية تقول : فيما ملف تأليف الحكومة ينتظر لقاءً في بعبدا اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، رغم أن المعطيات لا تشي بوصول الأمر إلى خواتيمه، فقد أعاد ملف الدعم لمّ شمل وزراء الحكومة المستقيلة في السراي الحكومي بعد طول إنقطاع وذلك بعد أن صادر “مجلسٌ دفاعي” صلاحياتهم التنفيذية، فاستدركوا تحت ضغط أزمة نفاذ العملات الصعبة وعقدوا إجتماعات مع المعنيين بملفات دعم المواد الأساسية، ثم خرجوا بخُفّي حنين.
وفي الوقت نفسه انعقد شمل القضاء مع رئيس الجمهورية الذي لم يتأخر لحظة يوم أرسلوا إليه التشكيلات القضائية منذ أشهر عدة، فبادر فوراً الى البتّ بها نحو الجارور، ليعود أمس ويضيف الى مسيرته في تكريس استقلالية القضاء درساً جديداً تلاه على مسامعهم حول عدم الرضوخ للضغوط، وهو ربما أغفل عن دون قصد أن مستشار البلاط يكاد لا يفوته يوم دون أن يرسل تعليماته بهذا الاتجاه او ذاك لفتح هذا الملف وإقفال ذاك. ولكن “إن لم تستحِ فافعل ما شئت”.
وفيما القضاء المستقل ودعمه وتحصينه هو الواجب الذي لا خلاص للعدالة والمحاسبة الحقيقية الا بإتمامه، فإن لا خلاص مالياً قريب إن لم يتم حسم ملف ترشيد الدعم، الذي انتهى اجتماع الوزراء المعنيين به إلى الخروج برؤية أشبه بأفكار بديهية تفتقد لأي خطة واضحة ولأي قرار جذري لمعالجة شوائب آلية الدعم الحالية، وترشيده لوصوله إلى الأسر الأكثر فقرا. وعوض ذلك اختاروا المماطلة وتأجيل إتخاذ القرارات، فيما كل المؤشرات الاقتصادية والنقدية والمعيشية تحتم على المسؤولين تحمل المسؤوليات، فالأمن الغذائي والصحي للبنانيين بخطر، والتأخير لا يعني سوى تعميق الأزمات وترك المواطن لمصيره المحتوم.
وفي متابعة لملخّص الإجتماعات التي دارت في السراي، قال عضو نقابة أصحاب المحطات جورج براكس في إتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية إن اللقاء تطرق إلى سبل تخفيض فاتورة إستيراد المحروقات وجرى عرض لبعض الأفكار، مشيرا الى أن “الإجتماعات الحالية لا تخرج بحلول، لكنها قد تخلص إلى تمديد فترة الدعم”.
إلّا أن براكس لفت إلى أن “الحكومة تخوض مفاوضات مع دولة العراق حول إستيراد المحروقات لمدة سنة أو أكثر، على أن تدفع مستحقاتها لاحقا، وهي بإنتظار رد من الحكومة العراقية”.
وهو إذ استغرب انتظار الحكومة كل هذا الوقت للتعامل مع الملف في اللحظات الأخيرة، ذكّر أن النقابة كانت “رفعت صوت مرارا لحل أزمة قطاع المحروقات، عبر محاربة التهريب، لكن دون أن تلقى أذانا صاغية”، كاشفا عن طرحه ”الموضوع في إجتماعٍ حضرته وزيرة الدفاع زينة عكر دون تلقي أي جواب و”كأنه هناك قرار سياسي يقضي بمد سوريا بالمحروقات لتخفيف الحصار”.
وعلى صعيد دعم الدواء، كشف نقيب الصيادلة غسان الأمين في إتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية أن “الأدوية التي يتناولها المواطن يوميا، كأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية وغيرها، لن يطالها رفع الدعم، أما الأدوية المتبقية، فقد يجري إحتساب دولارها 3900 ليرة بدل 1500 ليرة، فيما أدوية الـOTC التي تؤخذ دون وصفة طبيب، فإما تنضم إلى لائحة الأدوية العادية ذات الدولار 3900 ليرة، ما يعني إرتفاع سعرها بنسبة 150%، أو يُرفع عنها الدعم كليا، وعندها، تلعب المنافسة دورها في خفض الأسعار، وقد يتوجه المواطن نحو أدوية أقل سعرا”.
وفي هذا السياق، لفت الأمين إلى أن “جميع الأدوية التي تدخل لبنان مسجلة لدى وزارة الصحة، وإستبدال الدواء المرتفع السعر بآخر أقل كلفةً لن يضر صحة المواطن”.
وأشار الأمين إلى أن “كلفة إستيراد الدواء تقدّر سنويا بمليار دولار، والخطة المذكورة قد تخفّض الكلفة إلى 800 مليون دولار أو 775 مليون، لكن الحل الأنسب اليوم التوجه نحو حكومة جديدة، إذ مختلف القرارات التي ستتخذ في الملف ستكون موجعة”.
وفيما كانت العديد من الجهات قد قدمت في الأشهر الماضية طروحات عملانية في مسألة الدعم، من بينها الحزب التقدمي الإشتراكي، الا ان الحكومة على مر الأشهر السابقة أهملت مسؤولياتها حتى إستُنزفت دولارات المصرف المركزي. وفي هذا السياق، ذكرت نقيبة مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي أنها “تقدمت سابقا بلوائح تتضمن قرابة الـ2000 منتج لدعمه، لترشيد الدعم وإخراجه من العشوائية الحاصلة، لكن الحكومة لم تأخذ باللوائح سابقا، وها هي اليوم تتخبط بقراراتها، وترفع الدعم عن مستلزمات أساسية”.
عاصي أوضحت في حديثها مع جريدة “الأنباء” الالكترونية أنها “مستعدة لإعادة تقديم اللوائح التي بحوزتها إلى وزارة الصحة من أجل السير بها، ولو تم ذلك سابقا لكانت وفّرت الحكومة من أموال “المركزي”، لكنهم لا يريدون الإلتزام”.
لكن عاصي حذّرت من فقدان القدرة على إستيراد هذه المستلزمات بعد فترة، بسبب قرار مصرف لبنان القاضي بعدم قبول التحويلات المصرفية من أجل دعم الدولار، والإصرار على الدفع نقدا. وفي هذا السياق، لفتت إلى أن “الشركات اللبنانية تستورد البضائع وتدخلها إلى سير العمل دون دفع المتوجبات، بسبب عدم القدرة على تأمين الأموال بالنقدي لمصرف لبنان، في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة، والشركات في الخارج ستتوقف عن تسليمنا طلباتنا في حال لم نسدد حساباتنا مع نهاية السنة الحالية، و50% من الشركات اللبنانية أساسا توقفت عن الإستيراد”.
أما في ملف السلع الغذائية، فقد أشار نقيب المستوردين هاني بحصلي في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية إلى أن ”العمل جارٍ على تخفيض عدد السلع ضمن السلة الغذائية، “وإستثناء تلك الثانوية، كالبن مثلا وغيرها، لكن المواد الأساسية محمية”.
ولفت بحصلي إلى أن “الجميع يتقاذف المسؤوليات بدل تحملها، فيما المواطن هو الذي يدفع الثمن”، وختم مطالبا بتشكيل حكومة بأسرع وقت لحلحلة الأزمات.
بدوره، أكد عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله أن “الرؤية التي خلُصت إليها إجتماعات السراي تفتقد لأي قرار أو خطة، فيما المطلوب عقد إجتماعات بشكل رسمي إتخاذ قرارات جذرية وجريئة في ظل الحالة الإستثنائية التي تمر بها البلاد، كضبط المعابر لوقف التهريب”.
وأشار في إتصال مع جريدة “الانباء” الالكترونية إلى أن “مهمة مجلس النواب مناقشة خطة حكومية، ومواكبة العمل التنفيذي بإقرار قوانين، لكن إتخاذ القرارات هو صلاحية مجلس الوزراء، وصفة تصريف الأعمال لا تحرمه هذه الصلاحية، خصوصا في ظل الظروف”.
وجدد عبدالله التأكيد ان “التوجّه نحو البطاقة التمويلية قد يكون الحل الأنسب اليوم، والدراسة في هذا الملف معدّة وجاهزة من قبل البنك الدولي، وهو مستعد للمساعدة، وإعتمادها قد يخفف من جشع التجّار”.
وحول الخطوات الواجب إتخاذها في ملف الدواء، ذكّر بأن “الحزب التقدمي الاشتراكي تقدّم بمشاريع قوانين معجل مكرر، وهو ينتظر جلسة عامة لإقرارها، وهي الحل الأمثل اليوم لحماية الصناعة الدوائية المحلية، كما وتخفيف فاتورة إستيراد الدواء عبر إستبدال الـBrand بالجينيريك”.