كتبت “الأنباء” تقول: تعيش البلاد على وقع عشوائية غير مسبوقة في كل شيء. على وقع هذه العشوائية تتداعى الدولة دون أن يرف جفن لمن هو مسؤول مباشر عن صونها. أما الناس فيدفعون الأثمان كيف ما دارت بهم الأمور، إلى درجة فاقت كل قدرة على الاحتمال.
وفيما شغلت الاستدعاءات التي أصدرها القاضي العدلي فادي صوان المشهد السياسي، حيث اعتبرها البعض “استهدافاً سياسياً”، وهو موقف ترجمه الرئيس سعد الحريري بزيارة السراي الحكومي لدعم حسان دياب من باب “رفض التعرض لموقع رئاسة الحكومة”، وتبعت الزيارة سلسلة مواقف من مراجع سنّية، ثم بيان من حزب الله، فإن أهالي شهداء المرفأ والضحايا والمتضررين يعانون مجدداً كون القضية باتت بازاراً سياسياً، فيما يجب ان تخضع لمنتهى الدقة القضائية تحقيقا للعدالة، دون اي اعتبار دستوري او سياسي أو طائفي، وفق ما عبّر بكل وضوح رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، مؤكدا بما معناه ان ملف الانفجار لا يحتمل ازدواجية في المعايير، فالحرص على كشف الحقيقة لا يمكن تفسيره بمنع خضوع أي طرف للتحقيق بدءا من رأس الهرم، حيث أن ما حصل اقوى من كل الاعتبارات.
وهذه الاعتبارات السياسية التي حذّر منها جنبلاط، هي التي تحرك الكثير من الملفات التي تفتح غب الطلب، وقد كشفت مصادر مراقبة لجريدة الأنباء الالكترونية عن “إصرار فريق العهد على فبركة الملفات ضد قوى سياسية محددة لتصويرها أمام الرأي العام المحلي والدولي بأنها هي المسؤولة عن هدر المال العام في العقود الماضية، الأمر الذي يفسّر الانتقائية في فتح الملفات وفي كثير من الدعاوى القضائية كما الاستدعاءات”، مشيرة الى ان “هذا المخطط لدى الفريق المذكور انطلق بعد العقوبات الأميركية الأخيرة بحق النائب جبران باسيل بتهم فساد في محاولة لتبرئته والقول بأنه غير مسؤول لوحده وبأن الادارة الأميركية قد أخطأت بمعاقبته دون سواه”.
المصادر اعتبرت ان “فريق العهد يذهب بهذه المسألة حتى النهاية، ضاربا بعرض الحائط الاستحقاقات المصيرية التي يمر بها البلد ولا سيما رفع الدعم وتداعياته الكارثية وكذلك الأمر بالنسبة لمسألة تشكيل الحكومة وعرقلتها بسبب المحاصصات”.
رئيس حركة التغيير ايلي محفوض، علق على ما يحصل في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية، لافتا الى أن “حجم وهول انفجار 4 آب لا يسمح بوضع علامات الاستفهام حول كل الاستدعاءات، ووحده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي تفرّد بموقفه، اذ يحق للمحقق العدلي أن يستدعي أيا كان، لكن توصيف الجرم وتحديد الجهة التي ستحاكم ليس من صلاحياته. فهو يحقق ويرفع تقريره وهناك محكمة خاصة لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.
محفوض اعتبر أن “الادعاء على دياب صحيح من حيث الشكل، والقاضي صوان له حق الادعاء، ويصبح الأمر كيدياً عند حصول استثناءات، والقاضي العدلي له الحق باستدعاء رئيس الجمهورية والتحقيق معه، ومن غير المسموح للقاضي العدلي ان يكون لديه استنسابات، والمجلس العدلي يحدد إذا كانت المحاكمة تسري أم لا”.
في المقابل عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار رأى في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية ان الزيارة التي قام بها الحريري الى السراي “كانت للتضامن مع دياب وموقع رئاسة الحكومة الذي يتم استهدافه عبر ادعاء يتجاوز الأصول الدستورية”، معتبرا ان “القاضي صوان ناقض نفسه حين أرسل الى مجلس النواب الادعاء على من اسماهم رؤساء حكومات ووزراء، وكان عليه أن يضمّن ملفه حيثيات وتحقيقات تجعل رئيس المجلس يقبل بكتابه ولا يرده”.
وأضاف الحجار: “من الواضح اعتماد معايير غب الطلب وتردد باتخاذ القرار، وهناك نصف عدالة يراد تطبيقها فبعد مضي 4 أشهر على انفجار المرفأ وبعد مطالبتنا ومطالبة اهالي الضحايا، أين هي الحقيقة؟ ولماذا تتم التعمية عليها بإطلاق تهم في السياسة على جهة معينة؟ وهذا ما لا نقبل به ولن نسمح لأحد بتجاوز الدستور”.
في غضون ذلك في الملف الحكومي، قال الحجار أن الحريري قام بما كان يطالب به رئيس الجمهورية والبطريرك مار بشارة بطرس الراعي وقيادات محلية وعربية ودولية بأن يقدم ما خصّه به الدستور من صلاحيات وأن يضع مسودة حكومية بما يتوافق مع المبادرة الفرنسية. واعتبر ان الاسماء التي قدمها الحريري لا يمكن لأحد الاعتراض عليها، لأنها أسماء كفوءة ونزيهة وتملك خبرة واسعة وقد وضعها في عهدة رئيس الجمهورية، الذي هو شريك بموجب الدستور بتشكيل الحكومة.
وفيما أعلن قصر الاليزيه ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سيزور لبنان في 22 و23 الجاري، الأمر الذي سيرخي بظلاله على عملية تأليف الحكومة التي تتكثف الاتصالات لإنجاحها قبل موعد زيارة ماكرون المرتقبة، فإن الاسبوع المقبل سيكون مفصليا حول احتمال إعادة تحريك التأليف او دخوله في غيبوبة الى السنة المقبلة.