الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية : عون والحريري: كشف المستور.. ‏والصدام القضائي يتفاعل.. بري: حالنا ‏يرثى لها
الجمهورية

الجمهورية : عون والحريري: كشف المستور.. ‏والصدام القضائي يتفاعل.. بري: حالنا ‏يرثى لها

وَصّف وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان وضع لبنان بأنّه ‏يشبه سفينة “التيايتانيك” قبل أن تغرق، الّا أنّه قد أخطأ التوصيف ‏هذه المرة، فتلك السفينة بالنكبة التي ضربتها، كانت محظوظة إذ أنّها ‏غرقت ومات ركابها مرة واحدة وكانت الموسيقى تضج في أرجائها، ‏وليس كما هو حال ركاب “التياتانيك” اللبنانية، الذين يموتون كلّ يوم ‏مرّات ومرّات ولا يُعزف لهم حتى لحن الموتى!‏
‏”التايتانيك” التي قصدها الوزير الفرنسي كانت في رحلة آمنة قبل أن ‏تصطدم بجبل جليدي أغرقها وأسكنها قعر المحيط، امّا “التايتانيك” ‏اللبنانية فيغرقها أفراد طاقمها المُمسكون بدفّتها، الذين أخذوها في ‏رحلة النهاية المشؤومة، يصارعون فيها بعضهم البعض على أتفه ‏سبب او تفصيل، ويكذّبون حقيقة أنّ هذه السفينة اللبنانية المنكوبة ‏بهم، اصبحت في القعر. وفي هذا القعر يواصلون صراعهم على ‏أنقاض لا بل على هيكل عظمي بلا روح، من دون أن يرفّ لأيّ منهم ‏جفن.‏
‏ ‏سؤال وحيد يلقيه المواطن اللبناني في وجه الطبقة الحاكمة هو: ماذا ‏بعد؟ وماذا تريدون أكثر من الإعدام الجماعي الذي حكمتهم فيه على ‏كلّ اللبنانيين؟
‏ ‏بالتأكيد لا جواب منتظراً ممّن احترف سياسة الشؤم، وامتلك شجاعة ‏هدم البلد وإفقار أهله واللعب بمصيرهم خدمة لأهوائه وشهواته، ‏وممّن أثبتَ للعالم أجمع أنّه ليس جديراً بالثقة، وليس أهلاً للقيادة، ‏التي من أبسط شروطها الحكمة والمسؤولية الوطنيّة، وممّن هو فاقِد ‏للشعور بنبض اللبنانيين ووجعهم وجوعهم الذي هَوى بأكثر من 70 ‏في المئة الى ما دون خط الفقر، ودفع الى تهجير الآلاف منهم بحثاً ‏عن لقمة عيشه في أي بقعة في العالم!‏

‏إستنفارات!‏
على هذا المنوال، يُكمل المُمسكون بزمام الأمور عمليّة هدم البلد، ‏والانتقال به من شَركٍ مفخخ الى شرك آخر أكثر تفخيخاً، على ما هو ‏حاصل في هذه الايام. فالمشهد الداخلي أشبه بجبهات مفتوحة؛ ‏استنفار سياسي ومتاريس منصوبة بين الجميع، استنفار طائفي ‏ومذهبي يُنذر تماديه بوقوع البلد في محظور لا قيامة منه، واستنفار ‏قضائي نبت في محاذاته جدال متناقض قد لا ينتهي بين قائل ‏بصلاحية المحقق العدلي في ادّعاءاته الاخيرة على رئيس الحكومة ‏المستقيلة والوزراء السابقين، وبين مُشكّك فيها وقائل باستنسابيتها، ‏وايضاً حول ملفات فُتحت بسحر ساحر، فلفّها ضباب كثيف إن لناحية ‏توقيتها أو لناحية مضمونها والجهات التي تستهدفها، الى حد لم يعرف ‏فيه ما اذا كانت الغاية منها مكافحة الفساد فعلاً، أو صبّ الزيت على ‏النار، او ما اذا كانت ملفات مفبركة في ما سمّيت “غرف سوداء” ‏لأبعاد سياسيّة وشخصيّة كيديّة وانتقاميّة، وثيقة الصلة بالتعقيدات ‏الحاكمة لملف تأليف الحكومة؟
‏ ‏توحي هذه الاستنفارات وكأنّ ثمّة إرادة خفيّة لتحضير البلد لحدث ما، ‏ليس في الإمكان تحديد حجمه او ماهيته؛ ولكن هل هي صدفة أن ‏تشتبك غالبيّة المكوّنات السياسيّة مع بعضها البعض، وتتبادل خطاباً ‏غير مسبوق في حدته السياسية والطائفية؟ هل هناك مَن كبسَ زر ‏التوتير؟ وإن صحّ ذلك، فمن هو كابِس الزر؟ ولماذا في هذا التوقيت ‏بالذات؟ وأخطر ما في الامر أنّ المكونات السياسية المتناحرة تبدو ‏وكأنّها قررت الانقياد طوعاً وعن سابق تصوّر وتصميم الى الاشتباك ‏وتَبادل كلامٍ في السرّ والعلن يتقاذف المسؤوليات، ولا توفّر نبرته ‏الانفعالية، خصوصاً في صالونات السياسيين المغلقة، الكرامات ‏والمحرّمات!‏
‏‏ ‏
التحقيق العدلي
في هذه الأجواء، احتلّ الملف القضائي صدارة المتابعات الداخلية، ‏ويبدو من التطورات المرتبطة به أنّ هذا الملف دخلَ حلقة تفاعل لا ‏سقف لها، تتداخَل فيها الابعاد السياسية والطائقية، بما يضع هذا ‏الملف امام شتى الاحتمالات.‏
‏ ‏وكما كان متوقعاً فإنّ رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ‏رفض استقبال المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي ‏فادي صوّان، وفيما أفيد بأنّ القاضي صوان، وربطاً بامتناع رئيس ‏الحكومة المستقيلة عن استقباله، حدّد موعداً جديداً لاستجواب دياب ‏قبل نهاية الاسبوع الجاري، وتزامَن ذلك مع إعلان متجدّد من قبل ‏أوساط الرئيس دياب بأنّه يرفض بشكل قاطع ما سمّاه استهداف ‏موقع رئاسة الحكومة والمَس بالدستور. وقالت هذه الأوساط ‏لـ”الجمهورية”: الرئيس دياب لا يعتبر نفسه معنيّاً بأيّ محاولة لخرق ‏الدستور، وليس في وارد السماح بالمساس او الانتقاص من موقع ‏رئاسة مجلس الوزراء وهيبتها وكرامتها. وبالتالي، هو ليس معنيّاً بأي ‏استدعاءات ولا بأي كلام يصدر عن أي موقع، ولقد سبق وأبلغنا من ‏يعنيهم الأمر بأنّ الرئيس دياب هو رجل مؤسسات، يحترم القانون ‏والدستور، والقاضي صوان ارتكبَ خرقاً صارخاً للدستور. ولا كلام لدى ‏الرئيس دياب زيادة على ذلك، ونقطة على السطر”.‏
‏‏ ‏
مخاطر كبرى!‏
كذلك، تزامَن تحديد موعد جديد لاستجواب دياب، مع رفض متجدّد ‏ايضاً جرى التعبير عنه صراحة في لقاءات مفتي الجمهورية الشيخ عبد ‏اللطيف دريان، وكذلك في اجتماع هيئة رئاسة تيار “المستقبل” أمس ‏برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري، وايضاً لدى رؤساء الحكومات ‏السابقين، الذين اكدوا في اجتماع امس حضره الرئيس المكلف سعد ‏الحريري والرؤساء نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة ” الالتزام ‏بالدستور، معتبرين انّ خَرقه تعسّفاً قد يؤدي الى خلل كبير في ركائز ‏الكيان اللبناني”.‏
‏ ‏وقال أحد الرؤساء لـ”الجمهورية”: هناك محاولة للقفز فوق كل ‏المحرّمات، وسَعي مقصود لضرب موقع رئاسة مجلس الوزراء وكسر ‏هيبتها، هذا الامر في منتهى الخطورة، حيث نشمّ رائحة سياسية ‏كريهة، لا تحاول فقط حَرف ملفٍ قضائي عن الوصول الى الحقيقة ‏التي يريدها كل اللبنانيين، وكشف المتورطين فعلاً في انفجار المرفأ، ‏بل تحاول المَس بالطائف، وهذا ما لا يمكن ان نسمح به، مع الاسف ‏هناك من يريد ان يوقع لبنان في مخاطر كبرى”.‏

‏‏”أمل”‏
كذلك كان موضوع الادعاءات والاستدعاءات في ما خَص انفجار مرفأ ‏بيروت، محل نقاش في اجتماع المكتب السياسي لحركة “أمل”، الذي ‏عكس في بيان موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري لجهة تأكيد ‏‏”الحرص على إبعاد التحقيق عن أي تسييس وصولاً إلى تبيان الحقيقة ‏كاملة في هذا الملف وتحديد المسؤوليات القانونية واتخاذ الاجراءات ‏بحق كل المرتكبين والمقصّرين”، معتبراً “أنّ ما صدر عن المحقق ‏العدلي هو مُنافٍ للقواعد الدستورية والقانونية الثابتة التي أكد عليها ‏المحقق نفسه برسالته إلى المجلس النيابي في 26/11/2020، والتي ‏تلقتها هيئة مكتب المجلس النيابي معتبرة أنّ هناك حاجة لاستكمال ‏الملف وتقديم المستندات ليبنى على الشيء مقتضاه والمباشرة ‏بالاجراءات اللازمة، وهذا ما لم يحصل، بل انّ ما حصل فعلاً هو تجاوز ‏المادتين الدستوريتين 40 و70 من الدستور من دون اي مسوّغ”. كما ‏شدد على “ان ما حصل يطرح علامات استفهام حول مسار التحقيق ‏وإجراءاته، والخشية من تضييعه، ويبعدنا عن الاصول الواجبة لكشف ‏الحقيقة وإحقاق العدالة للشهداء والمتضررين”.‏

‏توسيع بيكار الاستدعاءات
وفيما بات مؤكداً انّ مهمة المحقق العدلي شديدة الصعوبة بالنظر ‏الى الاعتراضات السياسية التي قوبِل بها طلبه التحقيق مع الرئيس ‏دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف ‏فنيانوس، أثيرت في الاجواء الداخلية تساؤلات حول ما اذا كان صوان ‏سيتنحّى عن هذا الملف، ام سيمضي فيه، وفيما اعتبر سياسيون انّ ‏وصول المحقق العدلي الى طريق مسدود، لا يُبقي أمامه سوى خيار ‏التنحي، برزت آراء قضائية وسياسية اخرى داعمة للمحقق العدلي ‏وتطالبه باستكمال التحقيق والذهاب فيه الى الآخر من دون التوقف ‏عند اي اعتبار، او رضوخ لضغوط من هذا الطرف او ذاك. واكدت على ‏أحقيته في استدعاء ايّ كان للتحقيق معه في هذه الجريمة الخطيرة، ‏ورجّحت في هذا السياق إمكان مبادرة القاضي صوان الى توسيع بيكار ‏الاستدعاءات، بحيث تشمل اسماء جديدة وفي مواقع مختلفة سياسية ‏وغير سياسية.‏
‏ ‏ونُقل عن متضامنين مع صوان في هذا الملف قولهم انّ الاستدعاءات ‏ستتواصَل، وستطال رؤوساً كبيرة في الدولة، والمحقق العدلي لن ‏يتوانى عن الادعاء على كلّ مَن يظهره التحقيق متورّطاً في جريمة ‏انفجار مرفأ بيروت، وصولاً الى كشف الحقيقة كاملة”.‏
‏ ‏
لجنة تحقيق دولية
الى ذلك، تحدثت مصادر مواكبة لهذا الملف عبر “الجمهورية” عن ‏احتمالين:‏
الأول، أن يصمد المحقق العدلي أمام الضغوط السياسية والطائفية ‏التي يتعرّض لها، ويكمل في مهمته الى النهاية.‏
‏ ‏الثاني، أن يتنحّى القاضي صوان، وهنا تبرز عقدة تعيين البديل. ما قد ‏يُطلق حركة مطالبات حثيثة لتشكيل لجنة تحقيق دولية في جريمة ‏انفجار المرفأ، وهو أمر إذا تحقّق يُحرج كل الطبقة السياسية، ولا يجرؤ ‏أيّ منها على الاعتراض، ومن يريد ان يعترض يضع نفسه في قفص ‏الاتهام.‏
‏ ‏في سياق متصل، أعلن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ‏تَنحّيه عن متابعة النظر في ملف انفجار المرفأ بصفته مدّعياً عدليّاً ‏في القضية، لوجود صِلة قرابة بينه وبين الوزير السابق النائب غازي ‏زعيتر (متأهل من شقيقة عويدات)، والذي ادّعى عليه المحقق العدلي ‏القاضي فادي صوان. ومع تنحّي عويدات ووفقاً للقانون، تعود صلاحية ‏متابعة التحقيق في ما خَص دور النيابة العامة التمييزية في الملف ‏الى المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، الذي سيتابع ‏التحقيق في الشق المتعلق بالنيابة العامة.‏
‏‏ ‏
توترات ومخاوف
سياسيّاً، الاجواء مقلقة بالكامل، وتبدو مفتوحة على شتى الاحتمالات، ‏في ظل حال الاحتقان التي بلغ ذروة تَورّمه السياسي والطائفي. ‏وبحسب معطيات “الجمهورية”، فإنّ المستويات السياسية على ‏اختلافها تعيش حالاً من الارباك الشديد، وبعضها بدأ يتحدث عن ‏سيناريوهات قاتمة مُقبِل عليها البلد في المدى المنظور، في ظلّ ‏تعثّر تأليف الحكومة الذي يبدو انه دخل مرحلة استعصاء كلّي تُنذِر ‏بانفراط التأليف بالكامل، وقطع مرحلة التعايش القسري بين المعنيَّين ‏بهذا الملف؛ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف ‏سعد الحريري، خصوصاً بعد وصول هذا الملف بتعقيداته والشروط ‏المتصادمة الى نقطة اللارجوع.‏
‏ ‏وبحسب معلومات “الجمهورية” فإنّ هذا الانسداد الداخلي على كل ‏المستويات السياسية والقضائية، وما رافَقه من عوامل أجّجَت الغضب ‏الشعبي، ولا سيما منها استمرار الضغط على المواطن اللبناني ‏بإجراءات تلحق به حتى آخر رمق، الى حد انه لم يعد يملك شيئاً ‏ليخسره بعدما فقد أبسط مقومات الاستمرار. كلّ ذلك حَرّك اتصالات ‏مكثفة على غير مستوى حِراكي، لإطلاق حركة اعتراضية نوعيّة تفجّر ‏الشارع من جديد في وجه الطبقة الحاكمة، وفي مدى غير بعيد.‏
‏‏ ‏
حراك نوعي
وقالت أوساط حراكية لـ”الجمهورية”: الايام المقبلة حاسمة على ‏صعيد المواجهة المستمرة مع طبقة حكّام في غربة عن المواطن ‏اللبناني الفقير، وتواصل نهجها نفسه الذي أوصَل لبنان الى الكارثة ‏التي يعانيها، وها هم اليوم دخلوا زمن الفضائح، ويكشفون عن ‏فضائحهم، ويفتحون ملفات بعضهم البعض، والجريمة الكبرى التي ‏يرتكبونها، تَكمن في تَمييع التحقيق في جريمة العصر التي ارتكبوها ‏في تفجير مرفأ بيروت. كلّ ذلك يجعل من السكوت على جرائمهم ‏بمثابة الجريمة، ومن هنا فإنّ الشعب اللبناني، الذي ثار غضباً ووجعاً ‏في 17 تشرين، سيكمل ثورته وسيفاجئهم بتحركات ضاغطة حتى رحيل ‏هذه الطبقة ومحاسبة المرتكبين فيها والقضاء على محميات ‏فسادها”.‏

‏بري: دخلنا في النفق
حكوميّاً، يبدو انّ الحمْل الحكومي قد تعرّض للإجهاض قبل أن تولد ‏الحكومة، والوضع العام المحيط بهذا الملف هو في أعلى درجات ‏التشاؤم، وهو ما عَكسه الرئيس نبيه بري الذي قال رداً على سؤال ‏لـ”الجمهورية”: الوضع ليس مريحاً على الاطلاق، فقد دخلنا في النفق ‏ولا أعرف كيف سنخرج منه. لقد أصبحنا في حال يرثى لها، والوضع ‏الحكومي مسدود بالكامل. امّا لماذا هذا الانسداد؟ فبالتأكيد انّ ‏الجواب هو لدى رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وإن شاء الله ‏يتمكّن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من أن يفعل شيئاً في زيارته ‏المقبلة، وما علينا سوى أن ننتظر”.‏
‏ ‏واكد بري “أن الوضع الذي وصلنا إليه يوجِب الاسراع في تشكيل ‏الحكومة”، وهو ما شَدّد عليه ايضاً المكتب السياسي لحركة “أمل” ‏الذي حذّر “من محاذير عرقلة وتأخير تشكيل الحكومة في لحظة ‏الخوف على المصير الوطني، داعياً “بشدة إلى الاسراع في تشكيل ‏الحكومة بعيداً عن المحاصصات والخلافات الضيقة”.‏

‏سجال الشريكين
الى ذلك، ومع فقدان الجنين الحكومي الذي عُمل على تكوينه على ‏مدى أسابيع، وفي مناخ ملبّد بالتعقيدات والالغام السياسية ‏والمزاجيات الشخصية، وكذلك مع انقطاع كل الشعرات الواصلة بين ‏الرئيسين عون والحريري حول هذا الملف، واستبدالها بكرات نارية ‏ألقى بها كلّ منهما على الآخر، وبسِجال يحمل كلاماً من فوق السطوح ‏بين “التيار الوطني الحر” وتيار “المستقبل”، تصبح إمكانية تكوين هذا ‏الجنين من جديد مهمة شبه مستحيلة.‏
‏ ‏واللافت في هذه الاجواء هو انتقال شريكي التأليف (عون والحريري) ‏من حلبة التأليف الى حلبة السجال والاشتباك السياسي، فالرئيس ‏المكلف أشار في بيان لمكتبه الاعلامي الى انه التقى رئيس ‏الجمهورية 12 مرة، في محاولة حثيثة للوصول الى تَفاهم بشأن ‏تشكيل الحكومة، وهو في كل مرة كان يعبّر عن ارتياحه لمسار النقاش، ‏قبل ان تتبدّل وتتغيّر الامور مع الأسف بعد مغادرة الرئيس الحريري ‏القصر الجمهوري”. ‏
‏ ‏وكشف “انّ الرئيس المكلف يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين، امّا ‏فخامة الرئيس فيطالب بحكومة تتمثل فيها الاحزاب السياسية كافة، ‏الأمر الذي سيؤدي حتماً الى الامساك بمفاصل القرار فيها وتكرار ‏تجارب حكومات عدة تَحكّمَت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب ‏السياسي”. وأوضح “انّ الرئيس المكلف، وفي الزيارة الأخيرة له الى ‏قصر بعبدا قبل ايام، قدّم تشكيلة حكومية كاملة متكاملة بالاسماء ‏والحقائب، من ضمنها 4 أسماء من اللائحة التي كان فخامة رئيس ‏الجمهورية َسلّمها للرئيس المكلف في ثاني لقاء بينهما، وهي لائحة ‏تتضمن أسماء مرشحين ومرشحات يرى فيهم فخامة الرئيس المؤهلات ‏المطلوبة للتوزير.‏
‏ وإذ اكد المكتب الاعلامي للحريري انه لا يريد ان يشكّل حكومة “كيف ‏ما كان”، اعلن انه ينتظر توقيع فخامة رئيس الجمهورية مراسيم ‏تشكيل الحكومة ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانباً، ‏وأهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد، وهو ما لن يحصل ‏ابداً تحت اي ذريعة او مسمّى.‏
‏‏ ‏
رد عون
وردّ المكتب الاعلامي لرئيس الجمهورية على بيان مكتب الحريري، ‏مشيراً الى انه “تضمّن مغالطات”، موضحاً أنّ اعتراض عون على ‏اللائحة التي قدمها الرئيس المكلف قام اساساً على طريقة توزيع ‏الحقائب الوزارية على الطوائف، ولم يجر البحث في الأسماء ‏المقترحة. وقد رأى رئيس الجمهورية انّ المعايير ليست واحدة في ‏توزيع هذه الحقائب، وطلب من الرئيس المكلف إعادة النظر بها. ‏كذلك اعترض الرئيس عون على تفرّد الرئيس الحريري بتسمية الوزراء، ‏وخصوصاً المسيحيين منهم، من دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية، ‏علماً انّ الدستور ينص على انّ تشكيل الحكومة يكون بالاتفاق بين ‏رئيسي الجمهورية والحكومة”.‏
‏ ‏ولفت الى “انّ رئيس الجمهورية لم يسلّم لائحة بأسماء مرشحين ‏للتوزير، بل طرح خلال النقاش مجموعة أسماء كانت مُدرجة في ورقة ‏أخذها الرئيس المكلف للاطلاع عليها. واستطراداً، لم تكن هذه الورقة ‏معدّة للتسليم او لاعتمادها رسمياً، بل أتت في خانة تبادل وجهات ‏نظر”. وأشار الى انه “في كل مرة كان يزور فيها الرئيس المكلف قصر ‏بعبدا، كان يأتي بطرح مختلف عن الزيارات السابقة، والصيغة التي ‏قدمها في آخر زيارة له كانت مختلفة عن الصيَغ التي تشاور في شأنها ‏مع رئيس الجمهورية”.‏
‏ ‏واكد المكتب الاعلامي “انّ الرئيس عون لم يطرح يوماً أسماء حزبيين ‏مرشحين للتوزير، بل كان يطرح على الرئيس المكلف ضرورة التشاور ‏مع رؤساء الكتل النيابية الذين سوف يمنحون حكومته الثقة ويتعاونون ‏معه في مشاريع القوانين الإصلاحية التي كانت تنوي الحكومة ‏اعتمادها”.‏
‏‏ ‏
رد على الرد!‏
وفي رد على رد المكتب الاعلامي لرئيس الجمهورية، اكد مكتب ‏الحريري على مضمون بيانه السابق، لا سيما لجهة تَسلّم الرئيس ‏المكلف لائحة من فخامة الرئيس بأسماء المرشحين للتوزير في ‏الاجتماع الثاني بينهما، واختياره منها 4 اسماء لشخصيات مسيحية، ‏خلافاً لما أورده بيان القصر عن تَفرّد الرئيس المكلف بتسمية الوزراء ‏المسيحيين”، ولفت الى انّ الرئيس المكلّف تسلّم في الاجتماع الاخير ‏مع فخامة الرئيس طرحاً محدداً لإعادة النظر في توزيع الحقائب ‏والتواصل مع الكتل النيابية بما يُفضي الى تمثيلها في التشكيلة ‏الحكومية وتوفير الثلث الضامن لأحد الجهات الحزبية”.‏

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *