بعكس كل الاجواء التي كانت سائدة قبيل اللقاء الثالث عشر بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والمكلف سعد الحريري في اطار المشاورات الحاصلة لتشكيل الحكومة والتي كانت تصب في خانة ان اللقاء لن يكون الا لكسر الجليد واعادة تحريك الملف الذي جمد على خلفية حرب البيانات بين بعبدا وبيت الوسط، فاجأ الحريري اللبنانيين يوم امس بعد اللقاء بالحديث عن “جو إيجابي وانفتاح كبير” وعن لقاء جديد يعقد اليوم مع عون، “لننتج صيغة تشكيل قبل الميلاد”.
وبالرغم من تكتم الطرفين حول الخرق الذي تحقق ليسود هذا الجو الايجابي بعدما كانت كل المعطيات تؤكد ان الملف رحل الى العام الجديد، رجحت مصادر مطلعة عـلى عملية التشكيل ان تكون هناك اشارات خارجية تلقفها عون والحريري لجهة وجوب الاستفادة من المرحلة الانتقالية في واشنطن لتشكيل حكومة، من منطلق ان ادارة دونالد ترامب المتشددة حيال ايران وحزب الله وغير المتساهلة في ملف التشكيل لم تعد صاحبة تأثير في هذه المرحلة، اضف ان المعطيات المتوافرة تؤكد ان ادارة الرئيـس الاميركي الجديد جو بايدن لن تتبنى خطة مايك بومبيو في التعامل مع لبنان، واطلاقها مجددا مسار المفاوضات مع طهران سينعكس انفراجا لبنانيا.
واشارت المصادر ل”الديار” الى انه يتم العمل على تشكيلة حكومية على قاعدة “الكل ربحان” اي لا تظهر ان الحريري انكسر لعون او العكس، مشددة على وجوب التعاطي ببعض الحذر مع “تفاؤل” الحريري الذي قد يبدو لوهلة مفرطا، من منطلق ان التجارب الماضية لم تكن مشجعة.
واعتبرت المصادر ان المفارقة تكمن بأن مستشاري ونواب الحريري اصروا قبل ساعات قليلة من موعد اللقاء مع عون على تعميم جو سلبي، لافتة الى ان ذلك ليس بجديد باعتبار ان الرئيس المكلف لا يضع اعضاء فريقه السياسي وحتى بعض المستشارين في آخر المستجدات، ما ينعكس تضعضعا في الموقف “المستقبلي” الرسمي.
وبانتظار ان ينحسم الملف الحكومي خلال ساعات، انهت اللجنة الوزارية المختصة بوضع خطة “ترشيد الدعم” اجتماعاتها. وقال مصدر وزاري ل”الديار” ان الكرة باتت اليوم في ملعب المجلس النيابي الذي يعود له اقرارها او اسقاطها او ادخال تعديلات عليها، لافتة الى انه من غير المحسوم حتى الساعة ما اذا كانت ستتم الدعوة لجلسة نيابية الاسبوع المقبل او مطلع العام الجديد لبت مصير هذه الخطة التي وضعنا اللمسات الاخيرة عليها مطلع الاسبوع. وردا على سؤال، اوضح المصدر ان موضوع تمويل البطاقات الائتمانية المفترض توزيعها على المحتاجين بالتزامن مع ترشيد الدعم يتوجب ان يحصل من قروش معينة ومن البنك الدولي مع استبعاد اي دور تمويلي لمصرف لبنان.
في هذا الوقت، لفت الاجتماع الذي عقد يوم امس بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وقائد الجيش العماد جوزيف عون يرافقه رئيس فرع مخابرات جبل لبنان في الجيش العقيد طوني معوض في زيارة تهنئة بالأعياد. وافادت “الوكالة الوطنية للاعلام” ان العماد عون عرض لأبرز مهمات المؤسسة العسكرية على “الصعيد الدفاعي والأمني والإنمائي وسط الظروف القاسية التي يمر فيها لبنان، والتي تؤكد الجهوزية التامة والدائمة للجيش في مواجهة اي خطر محتمل”.
ودائما في الشق الامني، بقيت عملية تصفية الشاب جو بجاني في الكحالة في واجهة الاهتمام. ففيما شيعت بلدته يوم امس ابنها المغدور بجو من الحزن والغضب، اكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي خلال استقباله في مكتبه، رئيس بلدية الكحالة جان بجاني متابعته الحثيثة للقضية حتى كشف المجرمين. وشدد على ان “الجريمة المنظمة التي حصلت لن تمر”، محملا رئيس البلدية تعازيه الحارة لعائلة الفقيد ولكل أهالي بلدة الكحالة.
وفيما اشارت معلومات أولية الى ان الاجهزة الامنية استطاعت ان تحدد موقع هاتف بجاني وقد سحبت كاميرات المراقبة الموجودة على الطريق التي يرجح ان يكون قد سلكها مرتكبا الجريمة، قالت مصادر متابعة للتحقيقات ل”الديار” انه تم اسقاط فرضية ارتباط الجريمة بصور التقطها بجاني في مرفأ بيروت بالتعاون والتنسيق مع الاميركيين او الفرنسيين او سواهم، لافتة الى ان اكثر من جهاز استخباراتي اجنبي كان موجودا على ارض المرفأ والكل التقط الصور التي يريد.
وفي السياق عينه، لفتت الدائرة الاعلامية في “القوات اللبنانية” الى ان “القوات” تتابع لحظة بلحظة نتائج التحقيقات في الجريمة المروعة التي أودت بحياة جو بجاني في وضح النهار، وامام طفلته ومنزله في الكحالة، بدم بارد وحرفية إجرامية عالية، ورأت في الجريمة استباحة خطيرة خضّت المجتمع اللبناني بأسره بسبب خطورتها والقلق الذي ولدته لدى الرأي العام بأن احداً ليس بمأمن على حياته في ظل وجود فرق موت منظمة تعدم الناس متى تشاء”.
وطلبت في بيان من القوى الأمنية المعنية كشف ملابسات هذه الجريمة بأسرع وقت ممكن، وتوقيف الفاعلين اقتصاصا لدم جو بجاني، وتبديداً لقلق الناس التي شعرت بأنها مكشوفة ومهددة بحياتها، وامنها، ومستقبلها، واستقرارها، وبالتالي من اجل إعادة الحد الأدنى من الطمأنينة لهؤلاء الناس.
اما على خط “كورونا” فواصل لبنان تسجيل اعداد مرتفعة من المصابين والوفيات. اذ أعلنت وزارة الصحة العامة يوم امس تسجيل 1693 اصابة جديدة بكورونا و17 حالة وفاة. ولم تستبعد مصادر معنية في حديث ل”الديار” ان يعود لبنان للاقفال كما هو حاصل في عدد كبير من دول العالم بعد عطلة العيد التي من المتوقع ان تتضاعف الاعداد، وهو ما تأخذه المستشفيات بعين الاعتبار من هنا بدأت تستعد للاسوأ من خلال زيادة إمكانياتها الاستيعابية لمرضى كورونا.