ولم يدم نهار التفاؤل الحكومي طويلاً، فسرعان ما عاجلته “وطاويط القصر” بحقنة من شروط العرقلة الجاهزة في جارور “المعايير الموحدة” المفتوح دائما لنبش كل العصي ووضعها في دولاب التأليف المقفل على القرارات المطلوبة كالتشكيلات القضائية على سبيل المثال لا الحصر. وعلى هذا النحو من العرقلة المفضوحة يمضي فريق الحكم في تدمير كل فرص واحتمالات انقاذ لبنان.
إذاً انقضى اللقاء رقم 14 بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري فيما اللبنانيون لم يروا دخاناً أبيض، وجل ما يملأ سماءهم منذ أربع سنوات دخنة سوداء ملأت الدولة وشلّت عملها وحركة مؤسساتها، وكادت في الرابع من آب الماضي تقتل الناس جميعاً.
كل ذلك يرتكبه تيار الحُكم تحت شعار حقوق المسيحيين، أما الحقيقة التي بات يعرفها كل مواطن هي أن الطائفة كانت ولم تزل مطية لتحقيق المكاسب الخاصة ولو ذهب البلد الى جهنم.
بكركي عبّرت عن انزعاج شديد مما آلت اليه الأمور الحكومية، واستغربت مصادرها لـ “الانباء الإلكترونية” ظهور عقد جديدة غير تلك التي إتفق على حلحلتها بين الرئيسين لتأمين ولادة الحكومة. وغمزت المصادر من قناة القوى السياسية التي قطعت وعدا للبطريرك بشارة الراعي للعمل على تذليل العقد، ورأت أن ما جرى يصح فيه القول “ذهب أمس بما فيه، وأتى اليوم بما يقتضيه”. ودعت البعض الى ضرورة الإلتزام بما وعدت به، “فالرجال تقاس بمواقفها، فالبلد يغرق والبعض لا يفكر إلا بمصالحه الضيقة”.
وأكد مصادر بكركي من “موقعها الوطني” أنها “لن تتوقف عن التفتيش عن حلول للخروج من الأزمة، وعلى المسؤولين الإستماع الى وجع الناس وصرخاتهم، ومن الصعب جدا البلد بدون حكومة وفي ظل حكومة تصريف أعمال لا تقوى على شيء”.
عضو كتلة المستقبل النائب عثمان علم الدين قال لـ “الانباء الإلكترونية” إن الأسباب التي حالت دون ولادة الحكومة هي في عهدة الرئيس الحريري و”لن يكشف عنها في الوقت الحاضر، لكن إذا إستمرت الأمور على ما هي عليه فإن الرئيس المكلف لن يتردد في قول كل شيء والكشف عن الجهات التي عطلت تشكيل الحكومة”، متهما القوى المعرقلة “بعدم التجاوب مع مبادرة بكركي والتمسك بشروطها وعدم التنازل عن أسلوب المحاصصة الذي يتحدثون عنه منذ شهرين”.
وسأل علم الدين: “هل ستبقى رسائل ايران الى الداخل تعطل تشكيل الحكومة؟ وهل سيبقى رئيس الجمهورية واضعا البلد رهينة المشروع الإيراني على حساب كرامة شعبه وناسه؟ فإذا كان كل شخص مسؤول عن سياسته، فلماذا يريد إحراق طائفته وبلده لحجز كرسي الرئاسة الى من سيأتي بعده؟”.
وأكد علم الدين ان الرئيس الحريري “لن يتنازل عن المعيار الذي وضعه، ولن يكون هناك حكومة بدون مشروع إصلاحي كامل لوقف الإنهيار وتنفيذ الإصلاحات ووضع حد للهدر والفساد”.
من جهته عزا عضو تكتل الجمهورية القوية النائب أنيس نصار عدم التفاهم على الحكومة الى الخلافات المتحكمة بالرئيسين عون والحريري. وأشار لـ”الانباء الإلكترونية” الى حديث الرئيس المكلف أول من أمس والقول إنه ورئيس الجمهورية يحرصان على تشكيل الحكومة، وسأل “أين يصرف هذا الكلام الذي لم يصمد 24 ساعة؟”.
ورأى نصار أن “ما بني على باطل سيبقى باطلا، وإذا تشكلت الحكومة على أساس المحاصصة فستكون نسخة طبق الأصل عن الحكومة الحالية. وإذا كنا نحن في لبنان لا نرضى بالطريقة التي تدار فيها البلاد فكيف سيرضى الغرب؟ فأين الإصلاحات التي وعد بتنفيذها؟ وألم يكن باستطاعة الحكومة المستقيلة المباشرة بها؟”.
واعتبر نصار أنه “لو كان للمسؤولين حس بالمسؤولية لكانوا استقالوا ورحموا أنفسهم من هذه الإهانات، فالعالم كله يعرف أن المنظومة الحاكمة ليست موضع ثقة بعدما تم كشفهم في باريس 1 وباريس 2 وباريس 3 ومؤتمر سيدر. وقد صدق الرئيس عون أننا أصبحنا في جهنم، وأنا أقول للرئيس عون لقد جاع شعب لبنان العظيم”.
من ناحيته يرى تكتل “لبنان القوي” على لسان النائب إدغار معلوف أن التفاؤل الذي عبّر عنه الرئيس المكلف أول من أمس “لم يكن جديا، فقد كان هناك أجواء توحي بالحلحلة وتفاؤل حذر، لكن الأمور لم تصل بعد الى الاتفاق النهائي”، معتبرا ان الخلاف ليس متوقفا على حصة وزارات وتوزيع حقائب، بل مرده الى “تدخلات خارجية الهدف منها عدم تشكيل الحكومة وإتهام النائب جبران باسيل بالعرقلة، فالكل يعرف من هي الجهات التي تشكل الحكومات في هذا البلد”.
وقال معلوف: “كنا على أساس أن لا أحد يسمي الوزراء غير الرئيس المكلف، لكنه إتضح فيما بعد أن حركة أمل هي التي سمت وزرائها، وحزب الله أبلغ الناس أنه لن يسمي وزراءه، لكن يبدو أنه غير رأيه وبالنتيجة لا أحد يريد أن يعطي الرئيس الحريري شكا على بياض. وقد قلنا من البداية أنه يجب ان يكون هناك نوع من التناغم في أمور أساسية وغير شعبوية، وهناك قوى سياسية يجب أن تكون مسؤولة”.
صحيا، وفيما كرر رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي عبر “الانباء الإلكترونية” دعوته المواطنين للإلتزام بإجراءات الوقاية من كورونا لاسيما وضع الكمامة، تحدثت مصادر أمنية لـ “الانباء الإلكترونية” عن تدابير مشددة سيتم تطبيقها بمناسبة الأعياد من قبل القوى الأمنية التي تواجه طبعا الشق الأمني بعد كثرة الحوادث والجرائم مؤخرا، وأشارت المصادر الى “أوامر مشددة بملاحقة ومعاقبة أي شخص يضبط بدون كمامة سواء كان في سيارته الخاصة أو في الحافلات المخصصة لنقل الركاب أو سيرا على الأقدام”، مشيرة الى “دوريات طوال الليل ستجول على أماكن اللهو لمراقبة التباعد والإلتزام بوضع الكمامة”.