اجازة الاعياد سياسيا مستمرة، الدولة والمسؤولون في اجازة اختيارية، لا اتصالات حكومية، ولا علاجات اقتصادية،الثقة المفقودة بين الجميع على حالها، ويصعب ترميمها داخليا، وسط قلق من ازدياد الامور تعقيدا مع خروج “الكباش” السعودي مع حزب الله الى العلن حيث باتت المواجهة دون “قفازات”، فيما لا ضمانات بحلحلة خارجية مرتقبة بعد استلام ادارة الرئيس جو بايدن مقاليد السلطة، وذلك بشهادة الفرنسيين الذين لم يحصلوا حتى الان على “ضوء اخضر” اميركي بتحريك الملف اللبناني بعيدا عن ازمات المنطقة،وقد ترجم الاستياء الفرنسي بكلام قاس ومهين على لسان رئيس الدبلوماسية الفرنسية جان ايف لودريان بحق المسؤولين اللبنانيين، الذين يتمتعون بعطلة تاركين البلاد تغرق في ازماتها… “كورونيا” اللقاح على الطريق، وسط تفلت اجتماعي يزيد المخاوف من انهيار صحي، فيما لا تزال تحقيقات المرفا معلقة وسط معلومات عن رفض المحقق العدلي فادي صوان التنحي عن الملف، ويرتقب وصول تقرير المحققين الفرنسيين حول التفجير منتصف الشهر المقبل، ولكنه لن يتضمن صور الاقمار الاصطناعية التي طالب بها لبنان، وهو امر يطرح اكثر من علامة استفهام!
وفي هذا السياق، لا مؤشرات في المدى المنظور بان “الولادة” الحكومية ستكون مطلع العام الجديد، لان دخول الرئيس الاميركي جو بايدن الى البيت الابيض لا يعني حكما ان الرئيس المكلف سعد الحريري سيدخل في اليوم التالي الى القصر الحكومي، فالغموض لا يزال السمة الرئيسية لسياسية الادارة الاميركية الجديدة، كما ان موقع لبنان على جدول الاولويات ليس مطمئنا، واعـادة ترتيب المنطقة لن ينطلق من الساحة اللبنانية التي تكون ملحقة وليست مستقلة عن الملفات الاخرى، ووفقا لاوساط دبلوماسية، لم يحصل الفرنسيون من خلال اتصالاتهم مع المسؤولين في الادارة الاميركية الجديدة على اي مؤشر واضح يوحي بتلزيمهم السير بحـل الملف اللبناني بمعزل عن ازمات المنطقة، وهذا الامر يقلق باريس، ولا يبعث على الارتياح، لان شيئا لا يوحي بكسر الجمود مع عودة الحريري الى بيروت من اجازته الخارجية.
لودريان : انهم “سفلة”
وفي هذا الاطار، اصيب الفرنسيون بخيبة امل كبيرة بعد الاعلان الرسمي في لبنان عن عطلة سياسية بمناسبة الاعياد، “المسؤولون في عطلة”، يا لهم من “سفلة”، كلمات قالها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان لاحد اصدقائه اللبنانيين العاملين على خطة التسويق للمبادرة الفرنسية، ووفقا لتلك الشخصية البارزة، لم يتمكن الوزير الفرنسي من الحفاظ على دبلوماسيته المفترضة في معـرض وصفه لغياب المسؤولين اللبنانيين عن السمع في فترة الاعياد، واختيار بعضهم الخروج في اجازة عائلية فيما البلاد تغرق في الازمات، لافتا الى انه كان قد توافق مـع الرئيس ايمانويل ماكرون على الاستمرار في تزخيم الاتصالات في فترة الاعياد وعدم تجميد الملف اللـبناني لانـه لا يحتمل، لكن المفاجأة كانت ان الجميع في لبنان بدا غير معني بمتابعة الجهود، وفضل الجميع انتظار مطلع العام المقبل، دون ان يفهم الفرنسيون ما الذي يمكن ان يتغير…!
وفي هذا الاطار، نعى الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيش الوضع اللبناني موبخا المسؤولين اللبنانيين، وقال عبر حسابه على تويتر: الوضعان الاقتصادي والمالي إضافة الى النظام المصرفي في حال من الفوضى، السلم الاجتماعي بدأ بالانهيار، الأحداث الأمنية باشرت الارتفاع، الهيكل اللبناني يهتزّ، أما القادة السياسيون فينتظرون بايدن. لكن، هذا لبنان، وليس الولايات المتحدة.
“رسالة” نصرالله
وفي سياق متصل، كانت “رسالة” الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله واضحة في اطلالته الاعلامية الاخيرة، لكل المعنيين بالملف اللبناني، وقال صراحة لا تربطوا ملف الحكومة بادارة الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن لان ايران ليست في وارد المساومة على اي ملف في المنطقة، بما فيها الساحة اللبنانية، ووفقا لمصادر مطلعة،ما قبل رحيل ترامب ايرانيا هو كما بعده، واي تحول منتظر لن يكون من طرف محور المقاومة وانما من واشنطن، وهذا يعني بوضوح ان اي محاولة من البعض للتذاكي والعمل على كسب الوقت لفرض تنازلات من حزب الله وحلفائه هي تضييع للوقت، والجهد، لان لا تسوية ستكون في مصلحة هذا المحور غير المستعد لتقديم اي تنازلات تتناقض مع الوقائع السياسية والامنية في لبنان.
الحريري اكثر تشددا؟
وسواء كان سفر الرئيس الحريري الى الامارات، وربما السعودية، لعقد لقاءات سياسية او لقضاء فترة الاعياد، فإن التوقعات بأن يعود اكثر تشددا على المستوى الحكومي، خصوصا لجهة تمثيل حزب الله، بعدما بات “الكباش” بين الحزب والمملكة دون “قفازات”، بعدما كشف السيد حسن نصرالله عن طلب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، اغتياله، مبديا استعداده لتمويل اي حرب تنتج عن تلك الخطوة… وهذا مؤشر اضافي يعزز القناعة لدى الكثيرين بان المرحلة المقبلة لن تكون اقل صعوبة عما هي عليه اليوم، في ظل قرار سعودي حاسم بخوض معركة مفتوحة دون ضوابط مع حزب الله، وهذا ما يضيق هامش المناورة عند الرئيس المكلف.
من جهتها، تؤكد اوساط تيار المستقبل ان الثقة مفقودة بين القائم باعمال رئاسة الجمهورية، جبران باسيل، والرئيس المكلف ومن يظن ان الحريري “يناور” سيكتشف بعد عوته قراءته الخاطئة، فهو لن يتراجع عن شروطه الاساسية لتشكيل حكومة انقاذ وعلى بعبدا ان تتجاوب ولا تراهن على اعتذار الرئيس المكلف لانه لان ذلك غير وارد راهنا لانه يعتقد ان الامور ستكون اكثر سوءا.
توزيع المسؤوليات!
من جهته وزع النائب السابق وليد جنبلاط مسؤولية عدم بت الملف الحكومي لثلاثة اطراف وقال: “محلياً، أحمّل مسوؤلية ذلك للرئيس عون والحريري وحزب الله، ولا ننسى أن التيار الوطني الحر فريق أساسي… ورأى جنبلاط أن “القوة المركزية في لبنان، يعني إيران متمثّلة بحزب الله تنتظر إستلام الرئيس المنتخب الجديد جو بايدن لتتفاوض إيران معه، على الملف اللبناني، الصواريخ، العراق، سوريا، اليمن، هم مرتاحون في وقتـهم.
“الخطوط الحمراء”
وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد حدة التوتر في المنطقة، بعدما حذرت إيران امس من تجاوز خطوط حمر متعلقة بأمنها في الخليج بعد تقارير صحافية عن تحركات لغواصة إسرائيلية باتجاه المنطقة، وشددت على أنها ستدافع عن نفسها ضد أي مغامرة قد تقدم عليها إدارة دونالد ترامب في أيامها الأخيرة.وكانت البحرية الاميركية، اعلنت الأسبوع الماضي، أن غواصة نووية أبحرت في مضيق هرمز، في خطوة اعتبرت عرضا للقوة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني بضربة جوية اميركية في العراق..تزامنا، نقلت تقارير صحافية أجنبية عن وسائل إعلام إسرائيلية، أنباء عن عبور غواصة إسرائيلية قناة السويس في طريقها الى الخليج أيضا، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده ردا على سؤال بشأن هذه التقارير: يدرك الجميع ما يعنيه الخليج الفارسي بالنسبة لإيران. وأضاف: يدرك الجميع سياسات الجمهورية الإسلامية في إيران في مجال الأمن والدفاع الوطني، ويعرفون جيدا الى أي حد سيكون الخطر مرتفعا في حال أرادوا تجاوز الخطوط الحمر لإيران..وقال زاده: بعثنا عبر قنوات مختلفة برسائل للحكومة الاميركية ولأصدقائنا في المنطقة، حتى لا يندفع النظام الاميركي الحالي نحو مغامرة جديدة في المنطقة في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض.
توتر بين بعبدا- بكركي؟
وفي سياق متصل، لم يغير اعتذار رئيس الجمهورية ميشال عون عن المشاركة في قداس الميلاد من موقف البطريرك الراعي الرافض لتبني دعوة البعض باستقالة الرئيس، ووفقا لاوساط مقربة من بكركي، لا تبدو العلاقة على خير مايرام بين الطرفين، لكن هذا لا يعني ان “الجرة” قد انكسرت، وسيحصل تواصل بعد فترة الاعياد لتبريد الاجواء، ولاعادة وصل ما انقطع. في المقابل لا تبدو بعبدا في وارد الخصومة مع المرجعية المارونية العليا، لكنها كانت تامل بالحصول على دعم واضح وصريح وغير ملتبس حيال الازمة الحكومية من بكركي، فالراعي حمل الرئيس المكلف مسؤولية التأخير بالقدر نفسه مع الرئيس عون، وهذا ظلم، وتحامل غير مقبول، خصوصا ان شرح الرئيس، وكذلك الوزير جبران باسيل كان مستفيضا حيال حماية حقوق المسيحيين وعدم تكريس قواعد عرفية جديدة تقضي على ما تبقى من صلاحيات الرئاسة الاولى وتعيد المسيحيين سنوات الى الوراء. “والكرة” الان في “ملعب” الحريري الوحيد القادر على استعادة ثقة الرئيس عون من خلال التعاون معه باعتباره شريكا في التأليف، وعندها يمكن القول ان العقبات الداخلية ستذلل سريعا.
صوان لن يتنحى
قضائيا، لا تزال التحقيقات في انفجار المرفأ في “اجازة” مرشحة ان تطول الى مدة غير محددة بانتظار قرار محكمة التمييز الجزائية في دعوى الارتياب المرفوعة بحق القاضي فادي صوان، مع العلم ان مدة العشرة ايام المنصوص عنها للبت في الملف قد انقضت، لكن الاجتهادات المتعلقة بحصول التبليغات الى اكثر من جهة معنية بالملف، تمنح الجهات القضائية المزيد من الوقت قبل حسم ابقاء الملف بين يدي صوان من عدمه.ووفقا للمعلومات،اعد المحقق العدلي ردا على طلب تنحيته، وهو ليس في وارد التنحي، كما سترفض نقابة المحامين طلب كف يده.
التحقيق الفرنسي؟
ووفقا لاوساط مطلعة على القضية ينتظر المحقق العدلي انتهاء الفرنسيين من اعداد ملف التحقيقات الخاص بهم في الجريمة، ومن المنتظر ان يتسلمه في منتصف الشهر المقبل، حيث تجري التنقيحات الاخيرة عليه، باشراف خبراء سبق وشاركوا بتفجيرات مماثلة في فرنسا تسببت بها نيترات الامونيوم وعندها سيكون لدى القاضي تصورا ميدانيا، وعلميا، متكاملا حيال نوعية التفجير، وكمية المواد المنفجرة،فيما ستبقى كيفية التفجير مبهمة وفيها الكثير من الترجيحات، خصوصا ان التقرير المفترض لن يتضمن “مدبئيا” صور الاقمار الاصطناعية التي سبق وطالب بها المسؤولين اللبنانيين!
كورونا وسباق”اللقاحات”
في هذا الوقت، يحافظ عداد فيروس “كورونا” على معدلاته المرتفعة، مع تراجع ملحوظ في الاسرة المتوفرة في المستشفيات، وقد سجلت وزارة الصحة 1594 اصابة جديدة، كما تم تسجيل 15 حالة وفاة. وفيما نفى رئيس الجمهورية ميشال عون ما نشر عن رفضه تلقي اللقاح، يوقع لبنان في الايام المقبلة عقدا مع شركة فايزر للقاحات، واعلن وزير الصحة حمد حسن بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه “بتوجيه ودعم من فخامة الرئيس، السلطة الصحية اخذت القرار المناسب بتغطية المجتمع اللبناني بلقاح “فايزر” واخذنا الاذن بالتفاوض لامكان ادخال بعض التعديلات على العقد”. وقال: “الخطوة التي قمنا بها يجب ان تكون موضع ثقة لانها مبنية على معطيات طبية موثوقة، وقمنا بحجز ما يقارب مليوني جرعة لقاح وهي تكفي لـ 20 % من اللبنانيين المقيمين على الاراضي اللبنانية،من جهته، أكد رئيس “اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية” والاختصاصي في الأمراض الجرثومية عبد الرحمن البزري أن “بعد توقيع الاتفاقية، سيصل اللقاح بين 7 و15 شباط الى بيروت، وسيشمل مليون و50 ألف مواطن”، آملاً “وصول لقاحات أخرى غير الفايزر، الا ان انتهاء عملية التلقيح تحتاج الى اشهر.
“ثورة” بريطانية؟
وفيما يجري السباق عالميا على تسويق اللقاحات،اشارت الصحف البريطانية الى ان لقاح “أكسفورد أسترازينكا” الذي ستجري الموافقة عليه خلال أيام سيغير قواعد اللعبة في مكافحة وباء كورونا، ويتميزاللقاح المنتظر بسعره الزهيد وسهولة تخزينه، بما يسمح بحملات تطعيم أوسع خلال وقت أقصر.ويبلغ ثمن الجرعة الواحدة من لقاح “أكسفورد أسترازينكا” 2 جنيه إسترليني (2.7 دولار)، في حين يبلغ ثمن جرعة لقاح “موديرنا ” بين 32 و37 دولارا، ويبلغ ثمن جرعة فايزر بايونتك بين 15 و20 دولارا، ويحتاج لقاح فايزر بايونتك إلى حفظه في ثلاجات عند درجة حرارة 70 تحت الصفر، ويمكن نقله 4 مرات فقط في سلسلة التبريد قبل الشروع في استخدامه، بينما يمكن تخزين لقاح “أكسفورد أسترازينكا” بين 2- 8 درجات مئوية.