يبدأ لبنان من اليوم رحلة وداع لسنة غير مأسوف على رحيلها اطلاقا كونها وان أذاقت العالم كله “عدالة” مشؤومة تاريخية من خلال تعميم جائحة #كورونا، فانها “خصصت” لبنان بمزيد من الكوارث والأثقال والتداعيات والأزمات التي كادت تقضي عليه كبلد قابل للنهوض ثانية. واذا كان اللبنانيون لم يعودوا يقيمون وزنا منذ اكثر من سنة لكل المزاعم التي يطلقها المسؤولون والسياسيون في تبرير المسارات الانهيارية التي أطبقت عليهم، وحولت الأكثرية الساحقة منهم فقراء ومحتاجين ومعوزين او مهاجرين ويائسين مجددا من صناعة مستقبلهم على ارض الوطن، فان الأسوأ ان يبدو البلد بلا أي غطاء مسؤول حقيقي من دولة تتمتع بالحد الأدنى من تحمل مسؤولياتها حيال مشاعر الضياع والشك والخوف والانطباعات الموغلة في القتامة التي تطبق على انفاس اللبنانيين في هذه الظروف. عشية نهايات #السنة 2020 التي تأفل بعد 48 ساعة قد يصنف لبنان كاحد البلدان الأكثر تضررا في العالم كضحية بكل معالم الانسحاق تحت وطأة الانهيارات والأزمات التي لم تعرف سبيلا الى مهادنة اللبنانيين لا في السياقات الانهيارية الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي بدأ تفجرها مع نهايات السنة السابقة ولا في مسار الكارثة الوبائية لانتشار فيروس كورونا والتي افتقد لبنان الكثير من القدرات الاستشفائية والطبية والصحية لمواجهتها بسبب الشح المالي المطرد. واما ما يحضر بقوة الان على المسرح اللبناني، مع اليومين الاخيرين من السنة 2020 وقبل التهيؤ لاستقبال السنة 2021 ، فهو المناخ الصادم الذي غلف البلاد داخليا وخارجيا مع شلل غير مسبوق في الجهود السياسية لحل ازمة تعطيل تأليف الحكومة الجديدة مع معرفة جميع المعنيين الرسميين والسياسيين والقادة والزعماء بفداحة الواقع الذي يصدره هذا الفشل السياسي والوطني الى العالم المتفرج على لبنان بنظرات الاحتقار الى سياسييه والإشفاق على شعبه. والحال ان العالم لم يعرف طبقة سياسية تعرضت لإهانات دولية قياسية متعددة الاتجاه بل لتقريع وتأنيب وحملات مركزة من الاتهامات بالفساد والقصور والعجز بمثل ما شهدته هذه السنة اللبنانية المشارفة على رحيلها وخصوصا بعد زالزال انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي الذي هز العالم بأسره على رغم انهماكه بتداعيات الجائحة الوبائية. كان من المأمول به ان ينجح آخر مسعى متقدم لاحداث خرق في جدار التعطيل المتعمد لتشكيل حكومة اختصاصيين غير سياسيين اجمع عليها القادة السياسيون اللبنانيون في لقاءين مفصليين جمعاهما بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الصنوبر عبر زيارتيه المتعاقبتين للبنان في اب وأيلول الماضيين. ولكن فريق العطيل سارع الى احباط مسعى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ونغص عليه وعلى اللبنانيين وعد الولادة الحكومية عشية عيد الميلاد ومن ثم ذهبت البلاد في غيبوبة سياسية حتى الان وبعد رأس السنة وربما الى لاافق مفتوح على شتى الخطط التي يراد من خلالها اغراق لبنان مجددا في تداعيات لعبة الأمم وتركه لأسوأ ازماته.
منذ توقف المحركات السياسية الداخلية قبل أسبوع تماما واللبنانيون لا يملكون أي معطيات دقيقة عن مآل الازمات التي تطبق على يومياتهم في وقت انزلقت فيه البلاد الى متاهة الدول الأشد تعرضا للانتشار الوبائي في ظل الارتفاعات المحلقة لأعداد الإصابات والوفيات بكورونا وعودة الاحتمال شبه الحتمي بعد راس السنة لإقفال البلاد للمرة الثالثة في اقل من سنة. ولا يبدو المشهد السياسي مقبلا على أي تحريك او اختراق في ظل ازدياد الشكوك في خطط المعطلين الداخلية والإقليمية لتوظيف مرحلة الفراغ الانتقالية الحالية في خدمة أهدافهم.
مع ذلك لوحظ انه في الأيام الأخيرة انتعشت بعض الامال مجددا في امكان تحريك متجدد للجهود الفرنسية خصوصا اذا صحت بعض المعطيات عن اتصالات مباشرة ستجرى بين المسؤولين الفرنسيين ورئيس الحكومة المكلف #سعد الحريري لدى قيامه بزيارة خاصة ل#باريس في الأيام القليلة المقبلة، كما لا يستبعد ان تحرك باريس قنوات الاتصالات مع مسؤولين آخرين في بيروت. والواقع ان رئيس لجنة الصداقة اللبنانية الفرنسية في مجلس النواب الفرنسي النائب لوبيك كيرفيران لمح امس خلال لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون الى تحرك فرنسي جديد حين اكد التزام فرنسا الوقوف الى جانب لبنان في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها. وإذ لفت الى ضرورة تأليف حكومة جديدة كشرط أساسي لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة والحصول على المساعدات الدولية، اعلن ان المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة وان الرئيس ماكرون ملتزم تعهداته تجاه لبنان وان لديه الإرادة والرغبة في زيارة لبنان على ان يتم تحديد موعد جديد للزيارة وفقا للظروف.
المرفأ ودياب
وعلى خلفية تفاقم التداعيات القضائية والسياسية لقضية انفجار مرفأ بيروت بعد اكثر من عشرة أيام على توقف المحقق العدلي في هذه القضية القاضي فادي صوان عن استكمال تحقيقاته بسبب الطلب الذي قدمه النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر لنقل الملف من يده الى قاض آخر بداعي الارتياب المشروع، طرأ تطوران بارزان عشية نهاية السنة في هذا الملف الذي كان من أسوأ احداث السنة اللبنانية . التطور الأول قضائي وتمثل في معلومات أفادت ان محكمة التمييز الجزائية طلبت من القاضي صوان عبر النيابة العامة التمييزية ملف التحقيقات لكن صوان امتنع عن تزويدها الملف مبررا ذلك بان محكمة التمييز لم توقف السير بالتحقيقات. اما التطور الاخر فسياسي وتمثل في خروج رئيس حكومة تصريف الاعمال #حسان دياب مجددا عن صمته معلنا انه اذا كان هناك ادعاء وملف لدى المحقق العدلي في شأنه فعليه إرساله الى مجلس النواب. وأسهب دياب في كشف معطيات تسلط الضوء على إخفاء وجود أطنان من مادة نيترات الامونيوم مبررا عدم زيارته لمرفأ بيروت قبل الانفجار بانه تبلغ تقارير متناقضة. كما انه ركز على نقطة مركزية هي ان المجلس الأعلى للدفاع عقد عشرين جلسة هذه السنة “ولم يخبرنا احد من الأمنيين” عن المادة الموجودة في المرفأ.
اما في ما يتعلق بتفاقم ازمة الانتشار الوبائي، فاعلن دياب ان القرار في شأن الاقفال العام للبلد سيتخذ الاثنين المقبل “وفي حال لمسنا عدم الالتزام وارتفعت الإصابات سنذهب الى اقفال البلد حتما”. وجاء ذلك فيما سجلت وزارة الصحة امس عددا صادما جديدا للإصابات بلغ 2298 إصابة و21 حالة وفاة .
جعجع
ومساء امس كان موقف جديد لرئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير جعجع اعتبر فيه “انه ما من شك ان الرئيس عون هو جزء كبير من المشكلة الحالية الا انه ليس المشكلة كلها ولسنا ضد استقالته ولكن هذا الامر لن يحل المشكلة في الوقت الراهن لانه اذا تقدم باستقالته فان الأكثرية ستجتمع لانتخاب رئيس اخر مثله او أسوأ منه”. واعتبر جعجع ان الشيء الوحيد المفيد القيام به اليوم هو الذهاب الى جوهر المشكلة حيث الحل يكمن في الانتخابات النيابية المبكرة “. وقال “في ظل الأكثرية الحاكمة الحالية لا حل يرتجى ” . وتوجه الى اللبنانيين قائلا “لا لبنان ولا انتم ولا نحن ميؤوس منا جل ما في الامر اننا بحاجة ماسة لتغيير في إدارة البلاد”.