محمّلة بأثقال وأهوال لا تُعدّ ولا تُحصى، تدخل الـ2021 على اللبنانيين من باب التأزم العريض، لتسلك مسالك سوداوية مرعبة تبدو فيها الآفاق مسدودة، صحياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً. فعلى المستوى الصحي، تشتد وطأة انتشار الوباء في لبنان حيث بلغ عدد المصابين عتبة الـ3000 إصابة يومياً، وسط تأكيد أوساط طبية لـ”نداء الوطن” تسجيل حالات إيجابية مثبتة مخبرياً بنسبة 20% من أصل أعداد الحالات التي خضعت لفحوصات PCR خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، وهي نسبة مرتفعة بالمعيار العالمي قياساً على التعداد السكاني للدول. أما على مستوى أبعاد الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فلا يشي انعدام الحسّ بالمسؤولية لدى الطبقة الحاكمة سوى بمزيد من التعقيد والتأزم في أحوال البلد، سيّما وأنّ مصادر مواكبة لمستجدات الملف الحكومي كشفت لـ”نداء الوطن” أنّ قوى 8 آذار انقلبت على صيغة الـ 18 وزيراً، ما يعني عملياً أنّ التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري “طارت”، والاتجاه مطلع العام الجديد هو نحو ممارسة رئيس الجمهورية ميشال عون الضغط لتوسعة مروحة الحقائب الوزارية، مدعوماً من “حزب الله” الذي يريدها تشكيلة “عشرينية”.
ولفتت المصادر إلى أنّ كلام النائب طلال أرسلان أمس من قصر بعبدا عن ضرورة أن يعمد الرئيس المكلف إلى رفع عدد مقاعد تشكيلته الوزارية من 18 إلى 20 وزيراً، كان “خير معبّر عن توجه “حزب الله” الحكومي بالتكافل والتضامن مع رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل الذي تولى بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن الحزب إجهاض تشكيلة الحريري المصغرة”، مشيرةً إلى أنّ أرسلان “أكد المؤكد” بكلامه هذا، لناحية الاتجاه نحو “إعادة خلط الأوراق الحكومية بشكل يطيح بالطابع الاختصاصي للتشكيلة المرتقبة، لتكون أقرب إلى تشكيلة تكنو – سياسية موسّعة”. ورأت المصادر أنّ إشارة السيد حسن نصرالله في مقابلته الأخيرة الى “عقدة العدد” في الحكومة، اندرجت ضمن هذا التوجه، وربما على هذا الأساس أتى استشعار رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط بالمتغيرات الحكومية فسارع إلى “حجز مقاعده باكراً عبر انتقاد صفة الاختصاصيين في الحكومة العتيدة”.
في الغضون، لا يزال البطريرك الماروني بشارة الراعي على أمله بإحداث كوة في جدار التصلب الحكومي، وبرز أمس استقباله المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم معوّلاً على “الدور الكبير الذي يقوم به غبطته للوصول بالأمور إلى خواتيمها السعيدة”. ووضعت مصادر بكركي اللقاء مع ابراهيم في إطار “الإصرار على نجاح المبادرة الحكومية”، وقالت لـ”نداء الوطن”: “اللقاء كان جيداً جداً وأكّد خلاله اللواء ابراهيم للبطريرك الراعي أن مبادرته تشكل قوة دفع أساس لحلّ الأزمة وكل التحركات الأخرى لا بد وأن تأتي في سياق دعمها”.
وكشفت المصادر أن إبراهيم سيقوم بجولة إتصالات داخلية وخارجية تشمل جميع الأطراف دعماً لمبادرة بكركي، بالتوازي مع استكمال الراعي ضغطه على القوى الأساسية من أجل تسهيل التأليف، داعية كلاً من الرئيسين عون والحريري وبقية القوى المعنية إلى تقديم تنازلات وعدم التشبث بالمواقف “لأنّ الوضع وصل إلى مكان غير مقبول لم يعد يحتمل المكابرة”.
وإذ يعتزم الراعي مواصلة إتصالاته مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، علمت “نداء الوطن” أنّ التواصل سيُستأنف بين بكركي وبعبدا، من خلال زيارة الوزير السابق سليم جريصاتي إلى بكركي اليوم موفداً من عون للقاء الراعي واستكمال البحث معه في الملف الحكومي والمساعي الهادفة لمعالجة النقاط العالقة.
ورداً على سؤال، أكدت مصادر بكركي عدم وجود تواصل مباشر بين البطريرك الماروني و”حزب الله”، بل مجرد تواصل في الملف الحكومي عبر بعض الوسطاء، معربةً عن أملها بأن يساهم الضغط في حث المسؤولين على الإسراع في التأليف مطلع العام، خصوصاً أن “التنسيق في الملف الحكومي مستمر بين بكركي والإليزيه، والتواصل مباشر ومفتوح مع الرئيس ايمانويل ماكرون”.