حبس مزدوج للأنفاس يسيطر على المنطقة، وخطر الانزلاق نحو الهاوية قائم. فمن جهة قلق وحذر من خطوة حمقاء يُقدِم عليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تذهب بالمنطقة نحو التفجير، ليقلب الطاولة ويقطع طريق البيت الأبيض على الرئيس المنتخَب جو بايدن، ومن جهة موازية هناك مناخٌ من التوتر تعيشه المنطقة مع حلول الذكرى السنوية الأولى لاغتيال القائد الإيرانيّ في الحرس الثوريّ الجنرال قاسم سليماني.
بمناسبة الذكرى أصدر الحزب السوري القومي الإجتماعي بياناً أشاد فيه بدور سليماني وإيران في صناعة الانتصارات، بينما أكد في بيان آخر وقوفه مع سورية بوجه عودة الإرهاب.
وبمناسبة الذكرى السنويّة تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فردّ بالتفصيل على كل الذين روّجوا للكلام المزوّر المنسوب لقائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري وصوّروه انتهاكاً للسيادة بتحويل كلامه عن لبنان كجبهة أماميّة بوجه الاحتلال الى جبهة إيران الأماميّة لمواجهة “إسرائيل”. وندّد السيد نصرالله بهذه الصحوة السيادية المفتعلة للذين يستسهلون الاحتلال ويصعب عليهم الاحتكام للمصلحة الوطنية، قائلاً إن صواريخ المقاومة الإيرانية أتت من إيران، لكن لدعم المقاومة لتحرير أرض لبنان والدفاع عن لبنان، ولولا هذه الصواريخ التي جلبها القائد سليماني لما أقام أحد حساباً للبنان ولا لكان بالمستطاع الدفاع عن نفطه وغازه. وعن الذكرى قال نصرالله إن محور المقاومة نجح باستيعاب واحتواء الصدمة، وإن سليماني وهو شهيد يحبس أنفاسهم اليوم، مضيفاً أن الرد على اغتيال سليماني سيكون إيرانياً، وكل ما يُقال عن طلب إيران من حلفائها القيام بالردّ بدلاً منها جهل وسخافة وتزوير.
بالتوازي لبنان أمام ملفين معاً، ملف الحكومة وملف كورونا، فعن التطور الكارثيّ لوباء كورونا، تحدث وزير الصحة حمد حسن عن دعوة للإقفال العام مجدداً، بانتظار اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، لإقرار خطة المواجهة، وردّ الوزير على كلام رئيس المجلس الاقتصادي الإجتماعي شارل عربيد ودعوته للإقفال بقوله، “أكلنا الضرب” بسبب الضغط الذي مارسه القطاع الخاص للحؤول دون الإقفال في الأعياد، والآن وقد مرّت الأعياد وتمّ التفشي يطلبون الإقفال، وحمّل حسن المستشفيات الخاصة التي لم تنضمّ لخطة مواجهة كورونا مسؤولية نقص القدرة على المواجهة.
في الملف الحكومي مزيد من الوقت الضائع، وسط دعوة للبطريرك بشارة الراعي، بالتفاهم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وترفّعهما عن المحاصصة والمصالح والضغوط الداخلية والخارجية، ودعوة مقابلة للنائب السابق وليد جنبلاط لإعتذار الحريري على قاعدة ترك “حلف الممانعة يتحمّل المسؤولية”، “فليس لنا تأثير في القرار”.
يُخيّم الجمود التام على الملف الحكومي، فالاتصالات التي توقفت منذ عيد الميلاد، تنتظر عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من الخارج، وإحياء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمبادرة الفرنسية في ضوء المعلومات التي اشارت الى أن وفداً من مجلس الشيوخ الفرنسي سيزور لبنان يوم الخميس المقبل للبحث في التطورات والمستجدات المتعلقة بتأليف الحكومة وفي محاولة لتقريب وجهات النظر بين المعنيين على خط التأليف.
الى ذلك يخصص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خطاباً في الأيام المقبلة للملف اللبناني، حيث سيتناول بالتفصيل ملف الحكومة والتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، كما سيتحدث عن ملف جمعية القرض الحسن التي تعرّضت للاختراق مؤخراً، خاصة بعد إعلان السيد نصر الله أن هناك قنوات تلفزيونية تلقت مئات آلاف الدولارات لإعداد تقارير عن الجمعية.
في موازاة ذلك، لا يزال تيار المستقبل على موقفه من مسار الأمور، حيث تؤكد مصادره لـ”البناء” ان الرئيس المكلف قدم كل ما عنده والمشكلة هي في البيت الداخلي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مشيرة الى ان الرئيس الحريري قدم تشكيلة حكومية انطلاقاً من تحمله المسؤولية بضرورة الإسراع في التأليف، لكن سرعان ما رفضت هذه التشكيلة من المقرّبين من بعبدا الذين يُصرّون على الثلث المعطل، واذ رأت ان البعض بدأ يتحدث عن تباين حول عدد الوزراء، لفتت الى ان هذا الكلام يعني محاولة جديدة لعودة الامور الى نقطة الصفر لا سيما ان اتفاقاً حصل بين الرئيس عون والرئيس الحريري على حكومة من 18 وزيراً، مشددة على ان ما يهم الحريري تشكيل حكومة من اختصاصيين قادرة على القيام بالإصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد والمجتمع الدولي بهدف الحصول على المساعدات.
ورأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ الحكومة لن تتشكل إلا من خلال لقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف واتفاقهما على تشكيل حكومة مميزة باستقلالية حقيقية، وتوازن ديمقراطي وتعددي، وبوزراء من ذوي الكفاءة العالية في اختصاصهم وإدراك وطني بالشأن العام. فلا يفيد تبادل الاتهامات بين المسؤولين والسياسيين حول من تقع عليه مسؤولية عرقلة تشكيلها. وشدّد الراعي على أنّ تبادل الاتهامات لا يفيد حول مَن تقع عليه مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة.
واعتبر أن رئيس الجمهورية والرئيس المكلف قادران على تشكيل حكومة إذا باعدا عنهما الأثقال والضغوط وتعاليا عن الحصص والحقائب والمصالح وعطلا التدخلات الداخلية والخارجية المتنوعة. وأشار الراعي الى أن الإنقاذ لا يحصل من دون مخاطرة وكل المخاطر تهون أمام خطر الانهيار الكامل.
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان وسائل الإعلام زوّرت وحرّفت تصريح قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني، معلناً أن “ايران تدعم بالسلاح والصواريخ ونحن جبهة أماميّة وغزة كذلك”.
وخلال الذكرى السنوية الأولى لمقتل القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، اعتبر نصرالله ان كل الدعم الإيراني غير مشروط مشدداً على ان المقاومة هي التي تحمي لبنان وتحافظ على حقوق وسيادة لبنان، داعياً الجميع للاعتراف بذلك.
وقال: ”لا يمكن أن نساوي بين مَن دعمنا بالموقف والمال والسلاح وبين مَن تآمر على لبنان عام 1982 ودعم العدو الاسرائيلي خلال سنوات الاحتلال ووقف في حرب تموز ليطلب من الاسرائيليين ألا يوقفوا الحرب قبل سحق المقاومة”.
ولفت نصرالله الى أنه إذا وجد أمل أن تأتي الأموال إلى لبنان فهو بسبب الغاز والنفط، معتبراً ان هذه الثروات ستحفظ بسبب بركات المقاومة وصواريخها التي أرسلتها إيران وسورية.
وفي سياق منفصل، قال: ”هناك قلق في منطقة الخليج والإسرائيليون رفعوا الاحتياط والمنطقة في حالة توتر شديد وأي حادث لا نعرف الى اين يمكن أن يجر المنطقة”. وقال نصرالله ان “من يراهن أن بالقتل وتفخيخ السيارات سيمس بأمننا هو واهم”. وأعلن نصرالله ان محور المقاومة استطاع أن يستوعب الضربة الكبيرة، قائلا: “نعترف أن الخسارة كبيرة جداً”.
وعن إيران، أكد انها ليست ضعيفة، وعندما تريد أن تردّ عسكرياً وأمنياً ستردّ.
وتزامناً مع اطلالة السيد نصر الله حلقت نحو 20 طائرة حربية واستطلاع إسرائيلية معادية في الأجواء اللبنانية، خصوصاً فوق بيروت وعكار والضنية وكسروان، الشوف وبيروت والمناطق الجنوبية والضاحية.
وقبيل كلمة السيد حسن نصرالله رصد موقف رسمي من قصر بعبدا بعبارات دبلوماسية حملت دلالات سياسية في توقيتها ومضمونها جرى وضعها في خانة الردّ على إيران، فقد غرّد رئيس الجمهورية ميشال عون عبر حسابه على تويتر قائلاً: ”لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره”. لكن سرعان ما رد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على الرئيس عون بطريقة غير مباشرة فشدّد على ان “لا سيادة من دون صواريخ قاسم سليماني، وعلى الرغم من أننا تنازلنا كثيراً وفي كل المراحل من أجل مصلحة لبنان، إلا أن هناك مَن يريد لبنان مجرد عميل لعوكر ومستعمرة لتل أبيب وبرميل نفط مجيّر لهذا وذاك، وهذا لن يمر أبداً في لبنان، ومع ذلك لن تمر مشاريع الحرب الأهلية وقنابل الفيدرالية ولعبة الشوارع المفخخة بالزعاف الأميركي”.
وفي الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الجنرال سليماني والمهندس وعدد من مرافقيهم، اكد الحزب السوري القومي الاجتماعي، انه يحفظ للشهيدين سليماني والمهندس، دورهما الأساسي والمحوري والريادي في الحرب ضدّ الإرهاب، وفي هزيمة مشروع الإرهاب على أرض الرافدين. ويحفظ الحزب، للجنرال سليماني بما يمثل، دوره ومواقفه إلى جانب سورية في حربها ضدّ الإرهاب، ودعماً للمقاومة في لبنان وفلسطين. واعتبر أنّ تاريخ الثالث من كانون الثاني 2020، أحدث تحوّلاً في مسار المواجهة، ورسم قواعد اشتباك صراعية جديدة بين محور المقاومة ومحور العدوان الداعم للعدو الصهيوني وقوى الإرهاب، وأولى الإشارات في هذا الخصوص، كان الردّ على اغتيال القائدين بقصف القواعد الأميركية في العراق، وهو ردّ غير مسبوق، وضع أعتى قوة عالمية عظمى في حالة من الإرباك والعجز، وجعل منها هدفاً مباشراً في أيّ مواجهة.
ورأى عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية من ناحية أخرى أنّ قيام قوات الاحتلال التركيّ والمجموعات الإرهابيّة بقصف قرى وبلدات سورية في ريف الحسكة الشمالي، هو عدوان موصوف، واستكمال لمخطط ترويع أبناء هذه البلدات وتهجيرهم، وحلقات هذا المخطط بدأت بقطع المياه عن مدينة الحسكة وممارسة كلّ أشكال العدوان ضدّ أبناء المحافظة. ولفت عميد الإعلام إلى أنّ حلقات العدوان الإرهابي مترابطة، وهي منسّقة بين الاحتلال التركي والعدو الصهيوني والمجموعات الإرهابيّة، وهذا ما يثبته تزامن العمليات العدوانية الإرهابية على مناطق في ريف الحسكة وفي ريف دمشق والهجوم الإرهابي الذي استهدف حافلة على الطريق بين دير الزور وتدمر.
وغرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على حسابه عبر تويتر قائلاً: في تصريحي السابق للأنباء قلت إن إيران تنتظر أن تحاور الإدارة الأميركية الجديدة، وإن حكومة اختصاصيين نوع من البدعة فقامت القيامة. اما اليوم ورياح المواجهة تهبّ من كل مكان، أليس من الأفضل أن يتحمل فريق الممانعة مسؤولية البلاد مع شركائه ولماذا التورط في المشاركة حيث لا قرار لنا بشيء؟
الى ذلك ينعقد المجلس الأعلى للدفاع الأسبوع الطالع للبحث في توصية اللجنة الوزارية المعنية بملف كورونا، التي تجتمع اليوم، حول القرار النهائي بشأن الإقفال التام بعد الارتفاع الكبير في عدد الإصابات بفيروس كورونا خاصة أن المستشفيات وصلت قدرتها الاستيعابية الى الحد الأقصى وتقييم الوضع الامني العام في البلد خلال فترة الأعياد، فضلاً عن ملف مفاوضات الترسيم غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي والخروقات الاسرائيلية للأجواء اللبنانية.
وأكدت مستشارة رئيس الحكومة حسّان دياب للشؤون الطبية بترا خوري أن “الإقفال سيكون أقله ثلاثة اسابيع والإجراءات مشددة”. ولفتت خوري إلى أن “نسبة إشغال الأسرّة في العناية الفائقة وصلت الى 90 في المئة والوضع كارثي، وفيما تردّد أن الإقفال سيتم بعد عيد الميلاد عند الطوائف الأرمنية، دعا رئيس كتلة النواب الأرمن أمين عام حزب الطاشناق النائب هاكوب بقرادونيان الحكومة إلى عدم التذرع بعيد الميلاد لدى الطائفة الأرمنية وطالب بالإغلاق التام الفوري لأن حياة الناس اهم بكثير من الأعياد والاحتفالات والمحاصصة الطائفية، وأضاف أن ولادة المسيح هي رمز الحياة ولا بد أن نعيش لكي نشهد على هذه الولادة ورمزيّتها.
وسجل عداد كورونا أمس رقماً كارثياً جديداً، حيث أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 2870 إصابة جديدة و10 حالات وفاة ليرتفع العدد الإجمالي للمصابين منذ شباط الماضي الى 189279 إصابة و1486 حالة وفاة.