فيما المشهد الصحي على حاله من التسارع نحو الخطر والحكومة تعيش ترف إجتماعات اللجان لأخذ القرار بالإقفال المطلوب فوراً دون اي إبطاء، فإنه أياً كانت النسخة الحقيقية لكلام قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، فإن تداعيات هذا التصريح تعيد رسم صورة لبنان الرهينة، حيث يعيش اللبنانيون اثقال وأعباء التعقيدات الإقليمية والدولية التي تنهك يومياتهم ومعيشتهم واقتصادهم. ولم تفلح محاولات أمين عام حزب الله حسن نصرالله في التخفيف من مردود الكلام الإيراني الذي عزز القناعة بأن الملف اللبناني مربوط بنيّة المفاوضات حول الملف النووي. وقد جاء موقف رئيس الجمهورية ميشال عون في رده على كلام الجنرال علي حاجي زادة من باب “ستر العيب”، اذ أن أيا من ذلك لا يغير الواقع القائم الذي يتحكم بمفاصل السياسة في لبنان، وهو ما عبّر عنه بكل وضوح رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في توصيف المشهد بقوله: “أما اليوم ورياح المواجهة تهب من كل مكان، أليس من الأفضل أن يتحمل فريق الممانعة مسؤولية البلاد مع شركائه؟ ولماذا التورط في المشاركة حيث لا قرار لنا بشيء؟”.
أوساط قصر بعبدا قالت لجريدة “الأنباء الإلكترونية” أن رد رئيس الجمهورية “كانت واضحا، وإنْ كان البعض لا يرى فيه كلاما شديد اللهجة”، معتبرةً أن “الوضع في لبنان والمنطقة لا يستحق التصعيد، خاصة وأن كلام المسؤول الإيراني ربما يكون تهويلياً، والرئيس عون بصفته حامي الدستور قال ما يجب أن يقوله، وفي حال أخذت الأمور أبعادا أخرى سيكون له موقف آخر أكثر جدية وحزم”.
عضو تكتل لبنان القوي النائب فريد البستاني قال من جهته لـ “الأنباء الإلكترونية” إن رد رئيس الجمهورية “كان مقتضبا”، لكنه “لا يحتمل التأويل”، مكررا التبرير بأن عون “لا يريد في هذه الظروف الدقيقة أن يعلي السقف”.
ووصف البستاني الوضع “بالدقيق والخطير، وكل اللبنانيين يدركون خطورة المرحلة، فالقضية هي قضية مصير وعلينا جميعا ان نصب في الهدف ذاته”.
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد نصرالله اعتبر من ناحيته في حديث مع “الأنباء الإلكترونية” أن “الترجمة لكلام قائد القوات الجوية الإيرانية غير دقيقة، فهو لم يقل إن الصواريخ الموجودة في لبنان ستستخدمها إيران في حال حصلت حرب في المنطقة”، مضيفاً: “إن الصواريخ في لبنان لمواجهة إسرائيل إذا شنت عدوانا على لبنان، وهو ما أشار اليه الأمين العام لحزب الله أكثر من مرة، وإيران تحترم الخصوصية اللبنانية”، معتبرا أن “موقف المقاومة هو منع إسرائيل من الإعتداء على لبنان، ومن حقها الرد على اي إعتداء”. وشدد على أن “المقاومة ليست خط الدفاع الأول لإيران، لكن لديها أهداف تلتقي في عناوين كثيرة مع الجمهورية الإسلامية ونأمل أن تتطور هذه العلاقة لتصل الى استراتيجية واضحة”.
من جهتها مصادر حزب الله اعتبرت في حديثها لـ “الأنباء الإلكترونية” ان كلام نصرالله “كاف لتوضيح ما جرى”، وأن “الحزب ليس بوارد السجال مع أي طرف سياسي في هذه المرحلة المفصلية”. ودعت المصادر “الغيارى على مصلحة لبنان وسيادته واستقلاله للعمل على تشكيل حكومة ومواجهة الأزمات الضاغطة”.
وفي غضون ذلك على خط مواجهة أزمة كورونا والإجراءات المرتقبة اليوم في إجتماع اللجنة الوزارية، فقد وجّه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط “التحية كل التحية” لموقف أمين عام حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان الذي دعا فيه الحكومة الى عدم التذرع بعيد الميلاد لدى الطائفة الأرمنية لعدم اتخاذ القرار بالاقفال الفوري بعد التفشي المخيف للكورونا.
وإذ لفت جنبلاط في تصريح عبر جريدة “الأنباء الإلكترونية” إلى أن وزير الصحة يقوم ضمن الإمكانيات بجهده، حذّر الحكومة من محاولة تبرير تقصيرها في مهمتها بالمزايدة على الأرمن، فالواقع الصحي بلغ حداً خطيراً لا يحتمل المزايدات السخيفة.
الى ذلك قالت مستشارة رئيس الحكومة بترا خوري لـ “الأنباء الإلكترونية”: “طالبنا بالعودة الى الإغلاق الذي اعتُمد في آذار الماضي أقله لثلاثة أسابيع مع إتخاذ الإجراءات نفسها التي إعتمدت في تلك الفترة يستثنى منها القطاع الصحي ومحال بيع المواد الغذائية والقطاعات التي يسمح لها بالعمل لأسباب تتعلق بتدبير شؤون الناس”.
وعن أهمية هذا التدبير بعد إستفحال العدوى، لفتت خوري الى ان “كل الدول التي زادت فيها نسبة الإصابات لجأت الى الإقفال، وهذا خيار لا بد منه للتخفيف من عدد الإصابات”.