كتبت صحيفة نداء الوطن تقول: فيما كان اللبنانيون منشغلين بوجوب التصدي لوباءٍ كوروني مستشرٍ سجّل أمس رقماً قياسياً جديداً ببلوغه 3620 إصابة، وخلال وقوفهم في طوابير أمام ماكينات الصرف الآلي للحصول على “فتات” من ودائعهم المنهوبة، كانت ضاحية “بيروت” الجنوبية منهمكةً في تدشين تمثال للجنرال قاسم سليماني. لبنان كلّه في وادٍ و”حزب الله” في وادٍ إيراني آخر. هل يضاعف ما رأيناه احتمال جرّ لبنان الى مواجهة اقليمية مدمّرة رغماً عن أنف الشعب المنهك الرازح تحت وطأة ألف مصيبة وكارثة. هل التمثال رسالة إضافية توجّه الى المجتمع الدولي مفادُها الصريح “هنا طهرانّ؟”.
شكراً على تمثال “الوصاية” و”الانقسام”. فاللبنانيون الذين أجمعوا على وجوب التوصّل الى استراتيجية موحّدة للدفاع باتوا منقسمين حول مبدأ المقاومة أساساً. وليست التصريحات الايرانية الأخيرة بأنّ لبنان “منصة صواريخ متقدمة لطهران” سوى زيت يضاف الى نار الخلافات بين اللبنانيين المطالبين بقيام الدولة و”حزب الله” المصرّ على التفرد بقرار السلم والحرب، منشئاً بيئةً وشبكات مالية واجتماعية بديلة عن المؤسسات الشرعية.
نصبُ تمثال مشابه في هذا الوقت بالذات إنما يزيد من عزلة لبنان ويعمّق أزمته الاقتصادية، ويمعن في تغيير هوية الضاحية، التي باتت منطقة غريبة عن نسيج الوطن تتكاثر فيها الرموز الغريبة المُجسّدة بصورٍ ومجسّمات ايرانية الهوى خصوصاً على امتداد طريق المطار وصولاً الى شوارع العاصمة.
لا عجب في ان تنحو سياسة الحزب في هذا الاتجاه. ألم يقل السيّد حسن نصرالله نفسه في خطابه الأخير: “معنا الأرض والجبال والوديان والتراب والأنهار والبحار والمحيطات والسحاب والرياح والشمس والقمر والنجوم والسموات السبع والملائكة”؟
واستدعى الخطاب رداً مطوّلاً وقاسياً من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي توجّه الى أمين عام “حزب الله” قائلاً: “يا سيد حسن إنّك خارج الواقع تماماً، لأنّ لبنان اليوم في أتعس أيامه وأضعف أوضاعه على مرّ تاريخه”. وأضاف: “السيد حسن قال إن مقاومته تحمي لبنان وتحافظ على حقوقه. بالله عليك يا سيد حسن لا نريد منك أن تحافظ على لبنان ولا أن تحمي حقوقه. جلّ ما نريده منك هو عدم التعدي على لبنان واللبنانيين، إذ لم يسبق أن انتُهكت سيادة لبنان كما هي منتهكة اليوم، ولم يسبق أن ذُلّ الشعب اللبناني كما هو مذلولٌ اليوم، ولم يسبق أن شهد البلد انهياراً كما هي الحال اليوم، ولم يسبق أن خسر لبنان صداقاته العربية والغربية كما هو حاصلٌ اليوم، ولم يسبق أن تحوّل جواز سفر اللبناني إلى مهزلة على غرار ما هو عليه اليوم، وذلك كلّه بسبب مقاومتك”.
أما على صعيد الحكومة، فعودة إلى أجواء ما قبل عطلة الأعياد، واستئنافٌ لتراشق المسؤوليات استهلّه تكتل “لبنان القوي” بدعوة رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الى “العودة من السفر والتوقّف عن إستهلاك الوقت واختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير التشكيل”. وجاء الردّ سريعاً من المكتب الاعلامي للرئيس المكلّف الذي أكّد أنّ الأخير “قام بواجباته وقدّم تشكيلة حكومية”، معتبراً انّ التكتل العوني “آخر من يعطي دروساً في وجوب التوقّف عن التعطيل”.
ويتوقع ان ينتهي الاسبوع على أجواء حافلة بالسجالات المتعلقة بالشأنين السيادي والحكومي، مع إطلالة مرتقبة للسيد نصرالله الجمعة تخصص للشأن المحلي، وأخرى لرئيس “الوطني الحر” جبران باسيل الأحد.