يواصل لبنان طريقه إلى جهنم من دون أي خرق يغيّر من مساره ومصيره، فالخروقات الوحيدة كانت على خط “كورونا”، ومن راقب حركة الشارع والأسواق أمس، قال في سره: “لا اقفال ولا من يحزنون”، بل المزيد من الاستثناءات، في مؤشر سلبي إلى امكان عدم صمود الاقفال رسمياً حتى الأول من شباط، فيما العدّاد الكوروني يواصل منحاه التصاعدي، وبات يسجّل يومياً رقماً قياسياً جديداً، مسجّلاً أمس 4774 إصابة.
وأمام حالة الانهيار غير المسبوقة التي يعيشها لبنان، والذل اليومي الذي يلاحق اللبنانيين، وسط حالة اعتراض عامة على العهد وأدائه، وغضب الناس من المراوحة غير المسؤولة في تشكيل الحكومة والخلاف على الحصص، نصح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الرئيس المكلف سعد الحريري بالاعتذار وترك جماعة “حزب الله” والعهد ليتولّوا الحكم وحدهم، مشيراً الى انه كان يفضل عدم ترشح الحريري لرئاسة الوزراء، ومعرباً عن يأسه من امكان تحقيق اي اصلاح. وعبّر جنبلاط عن استيائه من هيمنة طهران على القرار اللبناني وتحويلها لبنان الى “منصة صورايخ”.
أما رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع فأعاد التأكيد على “ان ما يجري على صعيد تشكيل الحكومة هو جريمة موصوفة في حق اللبنانيين، إذ ما يعيق تأليفها ليس الخلاف على طبيعة الإصلاحات بل حول من يأخذ ماذا. والحل الوحيد هو بالذهاب فوراً إلى انتخابات نيابية مبكرة”.
في هذه الغضون، استنجد رئيس الجمهورية ميشال عون، على صفحته على “فايسبوك”، بمقولة للامبراطور الروماني ماركوس اوريليوس: “عندما تتّحد مجموعة من الفاسدين ضد رجلٍ واحدٍ ولا توفّر جهداً لانتقاده وابتزازه، ومحاولة اغتيال شخصيته المعنوية، اتبع هذا الرجل دون تردد”، وفات الباحث على “غوغل” عن مقولة “ترقيع” لصورة العهد العوني أن القاسم المشترك الوحيد بين اوريليوس صاحب “تأملات الفلسفة الرواقية” وعون هو أن الأول أيضاً رسم حالة عوجاء في الحكم بإصراره على أن يشاركه شقيقه القيصر لوسيوس أوريليوس فيروس السلطة، وسجل الرومان للمرة الأولى في التاريخ حينها وجود إمبراطورين متساويين رسمياً ودستورياً في المنصب والصلاحيات، وسجلها عون أيضاً بـ”رئيس الظل”
بكل الأحوال، كسر عون الجفاء بينه وبين بكركي، وبات البحث الحكومي متركزاً على جهود البطريرك بشارة الراعي على انعقاد “اللقاء 15” بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. وبرز أمس تضارب في المعلومات حول طرح بكركي انعقاد لقاء إلفة بين الرئيسين في بكركي، أثناء وجود عون، وسرعان ما نفت بعبدا الموضوع وقال المكتب الاعلامي في القصر الجمهوري أن “الصحيح ان مثل هذا الطرح عرضه البطريرك على الرئيس خلال اجتماعهما اليوم ولم يكن فخامته على علم مسبق به”.
في المقابل، اكدت مصادر بكركي “انها لم تكن تحضّر للقاء (أمس) بين عون والحريري في بكركي، وانها لم تطرح مثل هذه الفكرة لتُعقد خلال زيارة عون”. وأفادت بأن بكركي ستتواصل مع الحريري ليبادر بعدها البطريرك في مهمته اعادة الالفة بين الرئيسين. وعلمت “نداء الوطن” أنه على اثر ذلك، قام الوزير السابق سجعان قزي بزيارة سريعة إلى بيت الوسط، مساء أمس، موفداً من بكركي لوضع الحريري في أجواء لقاء عون مع الراعي.
خلوة بكركي التي استمرت 45 دقيقة، عرض فيها رئيس الجمهورية “كل الصعوبات التي حالت دون تأليف الحكومة”. ووفق مصادر مقرّبة من بعبدا طرح عون “موقفه من بعض طروحات الحريري التي لا تراعي المعايير الموحدة وتفتقد الى التوازن في التركيبة الحكومية قياساً لتوزيع الحقائب على الطوائف”.
ولم تنف المصادر “طرح البطريرك فكرة جمع الرئيسين في الصرح في لقاء مصارحة، واستمع الرئيس طالباً مزيداً من التقييم في ضوء مستجدات”.
ونفت المصادر عينها “المزاعم كلّها عن اجتماع ثلاثي وبأنّ الرئيس المكلف لم يحضر، لان طرح البطريرك تقدم به الى زائره صباح امس ولم يتقرر شيء بخصوص عقد اللقاء من عدمه”.
ويكشف مصدر متابع انّ “فكرة عقد لقاء مشابه طرحها البطريرك سابقاً على الرئيسين ولكن رئيس الجمهورية فضّل زيارة الصرح للقاء البطريرك فقط فكان ما رغب به”.
واعتبر مصدر ملاصق للعهد انّ “فكرة عقد لقاء برعاية الراعي سابقة غير حميدة في الحياة الدستورية اللبنانية وتعني عملياً انهاء العمل بالدستور الذي ينصّ صراحة على كيفية تأليف الحكومة، ومع كل الاحترام لصاحب الغبطة فإن هكذا لقاء كان ممكناً نسبياً لو انّ عون ما زال رئيساً لتكتل التغيير والاصلاح، واي اتفاق حول تأليف الحكومة يجب أن يخرج من بعبدا ويتمّ التعبير عنه عبر صدور ثلاثة مراسيم معروفة”.