كتبت صحيفة “البناء” تقول: يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقد تحوّل الى رئيس سابق مع بدء الكونغرس من اليوم إجراءات محاكمته كمسؤول عن اقتحام مبنى الكابيتول، وإعلان نائبه مايك بنس استعداده لتفعيل التعديل الدستوري الذي يتيح عزله من الرئاسة إذا ما استغلّ صلاحياته الرئاسية لاتخاذ قرارات تهدد الاستقرار.
ما بعد ترامب صار هو موضوع البحث في العالم، ولم يعد أحد بحاجة للانتظار الى العشرين من الشهر الجاري للاطمئنان الى أن ترامب خرج من دون توريط العالم بأحداث خطيرة، كانت موضع تداول خصوصاً على مستوى المنطقة، وكان يأمل حلفاؤه خصوصاً في كيان الاحتلال وحكومات الخليج حدوثها، مع الخشية من مرحلة بايدن خصوصاً لفرضية العودة عن العقوبات على إيران ضمن إطار سلة تتضمن العودة للتفاهم النووي، في ظل تحسب في الرياض وتل أبيب من تصفية حساب يجريها بادين مع الذين ووضعوا ثقلهم لدعم حملة ترامب مالياً وسياسياً.
لبنانياً، تقدّمت المواجهة مع وباء كورونا على الهموم السياسيّة، حيث بلغ التفشي ودرجة خطورة الإصابات التي تحتاج علاجاً في المستشفيات حد استعمال بعضها لمواقف السيارات لمعالجة المصابين، في ظل صعوبة تأمين أسرة للعديد من المصابين الذين يعانون من أعراض حرجة في إصاباتهم.
وزارة الصحة أعلنت تحويل المستشفيات الحكومية الى مستشفيات لمعالجة مصابي كورونا بالأولوية على حساب مهامها الصحيّة الأخرى، فيما نجحت مساعي ضم عدد من المستشفيات الخاصة إلى مواجهة كورونا بتأمين ستين سرير عناية فائقة، وتركز البحث في حزمة إجراءات تتيح المزيد من التفشي. وفي هذا السياق ينعقد اليوم المجلس الأعلى للدفاع، للبحث في مقترحات للإقفال التام من دون استثناءات بما في ذلك إقفال المطار، وفي السياق هناك من اقترح وقف استثناءات كثيرة منها استثناءات السوبر ماركت والإعلاميين، فيما حذرت النقابات المعنية بالقطاعين من خطورة أزمة غذائيّة، وتعتيم إعلامي.
إطلالة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل التي استدعت رداً فورياً من تيار المستقبل، تضمنت سرداً تفصيلياً للوضع الحكومي والعلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، لتستخلص معادلة تختصرها جملة، لا حكومة بشروط الحريري، بينما أكد موقف المستقبل وتعليقات نوابه أن الحريري أدّى مهمته بوضع التشكيلة عند رئيس الجمهورية.
باسيل ضمن طروحاته حديث عن سقوط النظام السياسي ووصوله الى الطريق المسدود داعياً لعقد سياسي جديد يقوم على اللامركزية الموسّعة، وتعديلات تطال قانون الانتخابات على قاعدة نظام المجلسين، وإعادة النظر بالنظام الريعي نحو الإنتاج وبالنظام المالي القائم على الاستدانة، وتوقف باسيل امام ما سماه بالمتغيرات الإقليمية والدولية متوقعاً انفراجات مع إدارة الرئيس بايدن، ستنعكس على لبنان إيجاباً، معتبراً أن الضغوط المالية والاقتصادية التي تسببت بالأزمة الراهنة، بالإضافة الى دور الفساد والسياسات الخاطئة، كانت هادفة لفرض التوطين والتطبيع، وتضييع كل الحقوق اللبنانية السيادية.
يجتمع المجلس الأعلى للدفاع اليوم بشكل استثنائي الساعة الثالثة من بعد الظهر للبحث في الوضع الصحي وواقع القطاع الاستشفائي في البلاد، ويأتي الاجتماع بعدما أوصت لجنة متابعة تدابير كورونا بالإقفال التام لمدة 7 أيام مع حظر للتجول 24/24، على أن يتمّ إعطاء الناس 48 إلى 72 ساعة للتموّن. كما أوصت بإقفال المطار لمدة 7 أيام، على أن يستثنى الجيش والصليب الأحمر والأطباء. وهذه التوصيات سيتمّ رفعها إلى المجلس الأعلى للدفاع لاتخاذ القرار.
على خط لقاح فايزر، وبعدما تبلّغت لجنة الصحة من قبل وزارة الصحة العامة بأن شركة “فايزر” والشركات المصنعة للقاح كورونا بضرورة أن يكون هناك قانون صادر عن مجلس النواب اللبناني ينص على الاستعمال الطارئ للقاحات في الحالات الاستثنائية كجائحة كورونا أسوة بباقي الدول التي حصلت على اللقاح، تعقد لجنة الصحة النيابية اجتماعاً طارئاً اليوم في البرلمان للعمل على تقديم اقتراح قانون معجّل مكرّر بالتنسيق مع وزارة الصحة ليصار الى تسليم الدولة اللبنانية اللقاحات بالموعد المحدّد نفسه.
الى ذلك تجتمع لجنة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا في السراي الحكومي نهار الأربعاء الساعة الواحدة للإطلاع وبحث خطة تسلّم وتوزيع واستخدام لقاح covid19 المزمع وصوله إلى لبنان. ويأتي ذلك فيما عدّاد كورونا يواصل الارتفاع حيث اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي تسجيل 3743 إصابة جديدة بكورونا و16 حالة وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية.
وحكومياً وفيما لا تلوح في الأفق اي بوادر حلحلة على صعيد التأليف، لفتت مصادر مطلعة لـ”البناء” الى ان المشكلة في انعدام الثقة بالكامل بين الرئيس المكلف سعد الحريري من جهة ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جهة أخرى، أكثر مما هو خلاف على حقيبة من هنا او حقيبة من هناك، معتبرة أن الخلاف منصب على مسألة الصلاحيات التي يحاول فريق العهد تجاوز صلاحيات الرئيس المكلف في التأليف والقفز فوق الدستور. وفيما توقفت المصادر عند موقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي أبدى استعداداً للمساعدة في تأليف الحكومة وتحدث عن أهمية الاتفاق قبل 20 الحالي استغربت المصادر ما طرحه باسيل في مؤتمره الصحافي، وفسّرته في خانة التصعيد في وجه الرئيس المكلّف لا سيما في ما خص عدد الوزراء والحقائب فضلاً عن الإصرار على الثلث المعطل. ومع ذلك رأت المصادر أن المبادرة الفرنسيّة ما زالت قائمة وهي تبقى الخيار الوحيد خاصة أن تشكيل الحكومة سيفتح الباب لمساعدات أوروبية ومن صندوق النقد الدولي.
وكان باسيل اعتبر أن “الحكومة المقبلة عليها أن تدير البلد وتحدّد مستقبله بظروف استثنائية، ولم تعد فقط حكومة “مهِمّة” ونحن لا نأتمن سعد الحريري وحده على الإصلاح بل نحمّل نهجه السياسي مسؤولية السياسة الاقتصادية والمالية”.
وأوضح أنّ “كلّ مرّة يلتقي الرئيس المكلف الرئيس ميشال عون يأخذ معه لائحة توزيع حقائب مختلفة عن قبلها، وهذا دليل عدم جديّة وتقلّب بالموقف”.
وأشار الى أنّ الحريري يسمّي الوزراء السنة “لكننا نعلم – انّو ما بيطلعلو – تسمية الوزراء الشيعة ووزراء الدروز عن الاشتراكي ولا حتّى وزير المردة أو الطاشناق – فكيف طلع معه أنو بيطلعلو يسمّي عن الرئيس والمسيحيين؟”.
ورأى باسيل أنّ قاعدة الاختصاص لم تُكسَر برئيس الحكومة فقط، لكن أيضاً بالوزراء، وسأل: “ماذا يعني جمع وزارتين مع وزير واحد مثل الخارجية والزراعة أو الشؤون الاجتماعية والبيئة؟ فأي إخلاص يكون؟”.
وأضاف: “نحن بالتيار بلغنا قبل التكليف وبعده، أننا غير راغبين لا بالدخول بالحكومة ولا بتسمية وزراء اختصاصيين، ولكن نعطي ثقة للحكومة إذا اقتنعنا بتركيبتها وبرنامجها واحترمت المبادئ الدستورية والميثاقية والتمثيليّة ولا نعطيها الثقة إذا خالفت”.
في المقابل، أعلن تيار المستقبل في بيان أنه يترك للشعب اللبناني “تصديق الوزير باسيل او عدم تصديقه. فنحن كتيار لن ندخل في مهاترات سياسيّة لا تأتي بالبلاد بلقاح ضد الكورونا ولا إعادة العجلة الاقتصادية الى مسارها الصحيح ولا إعادة إعمار بيروت والتعويض على المنكوبين من انفجار المرفأ.
فالحكومة جاهزة تنتظر عند رئيس الجمهورية، لتكون حكومة مهمة تتولى الإصلاحات المطلوبة حسب المبادرة الفرنسية وليس حسب المعايير المذهبية والطائفية والعنصرية الباسيلية. هذا ما يعنينا ولا شيء آخر مهماً، أبدعوا في صناعة العراقيل وانتاج القضايا الخلافية”.
واعتبرت مصادر المستقبل لـ “البناء” أن هناك دستوراً على النائب باسيل أن يعود عليه، مشيرة إلى أن النائب باسيل يكيل الاتهامات للرئيس المكلف لغايات شخصية لباسيل وكل غايته المشاركة في عملية التأليف، بدليل أن كل التشكيلات التي قدمها الحريري كان باسيل يضع فيتو على بعض اسمائها. واستغربت المصادر انقلاب باسيل على الرئيس الحريري أسوة لانقلابه على كل القوى السياسية لغايات سياسية ضيقة، معتبرة أن تجربة تكتل لبنان القوي والعهد أثبتت فشلها بإجماع الكثير من المرجعيات السياسية حتى داخل فريق 8 آذار.
وشدّدت المصادر على أن الرئيس المكلف لن يقدم على الاعتذار، وهذا ما تبلغته بعبدا، مشيرة إلى أن محاولة أخذ البلد من باسيل إلى الانهيار كمقدمة لعقد جديد طرحه بالأمس، يطرح الكثير من الأسئلة؟
وجدّد البطريرك الماروني بشارة الراعي الدعوة الى رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف لعقد اجتماع مصالحة شخصية، يجددان فيه الثقة التي تقتضيها مسؤوليتهما العليا، ولا ينهيانه من دون إعلان حكومة، وفقًا لنص الدستور وروحه. فمن المعيب حقًا، كي لا أقول جريمة أن يبقى الاختلافُ على اسمٍ من هنا وآخرَ من هناك، وعلى حقيبةٍ من هنا وأُخرى من هناك، وعلى نسبةِ الحصصِ ولعبةِ الأثلاث واضافة الاعداد، فيما تكاد الدولة تسقط نهائيًا، ولسنا ندري لصالح من هذا الانتحار.